ما يحدث في ليبيا الآن شيء طبيعي جدا، ولا قلق منه، ما زلنا نسير في الاتجاه الصحيح، إن سألتني هل تؤيد الخروج بالسلاح للشارع، سأقول بكل قولة: لا، إن كنا سنخرج بالحمام الأبيض وأغصان الزيتون قائلين لا نريد من ساهم مختارا وراضيا ووقف مع القذافي أنكم معزولين مؤقتا، فيردوا بأنهم مع القانون وملتزمين بأهداف الثورة، لكن العكس هو الذي يحدث، والإصرار والتعنت بل الاستهزاء والتبجح هو ما يحصل فنحن نرى أن الفساد هو الفساد بل هو أشد ضراوة، إن الأشرار هم الأشرار بل هم اليوم أكثر حنكة وخبرة ودهاء، بالمقابل لا نريد أن نستبدل الفاسدين القدامى بفاسدين جدد بل النظام السابق بنظام جديد. يجب أن تكون هناك مبادرة كاملة تبدأ من العزل وتشمل التفعيل الشامل للجيش والشرطة والقضاء، كما يجب أن تشمل نزع الشرعية الثورية لصالح شرعية القانون، كما هو معلوم إن الثورة هي إبدال القيم الفاسدة بأخرى نبيلة، فلا يمكن أن تكون الثورة ناجحة ما لم تكن كاملة بأهدافها وأن لا تكتفي بإزالة شخص واستبداله بأشخاص. أن أنصار النظام السابق يعيدون إنتاج أنفسهم بخبرة الماضي في الفساد والسرقة والتسلق، إن التخويف من التدخل الأجنبي لن يفيد، لأن الأجنبي بكل بساطة لن يتدخل في ليبيا لأسباب عديدة منها تاريخية وسياسية تتعلق بتوزيع مناطق النفوذ، والثاني استراتيجي، أي أن التدخل الأجنبي سيجعل من ليبيا حلقة نارية ومكان لنمؤ الفكر الجهادي، والشعب الليبي كما هو معلوم لن يقف هكذا وأرضه تسرق وتنهب وتداس من الأجنبي فهي مسألة تتعلق بشرف الوطن والليبيون كلهم برغم اختلافهم يتحدون في هذا الشأن، والسبب الآخر لعدم التدخل هو الانتشار الكبير للسلاح في كل الأراضي الليبية كأكثر دولة ينتشر فيها الأسلحة بين المدنيين، هذا يجعل ليبيا أكثر خطورة من العراق وأفغانستان، قد يقول البعض بالتدخل الجراحي الجوي، طبعا من يقول هذا الكلام لا علم له بالعسكرية لأن توزيع من سيتم استهدافهم وليس مركزي وليسوا مرتبطين بقيادة موحدة حقيقية، ومن ناحية فمصالح الغرب في ليبيا ستكون مهددة، لأن الغرب يعرف ذلك، ولهذا هو لن يتدخل لأجل سواد عيون أحدهم، بل سوف ينحاز بالدعم للطرف النقيض مع فكر القذافي على خلفية معرفته الكبيرة بمزاجية هذا الفكر الإرهابي الفاسد الحالة الوحيدة للتدخل هي حماية مصادر الطاقة فقط. بمجرد إقرار قانون العزل سوف تظهر واضحة الخدمات التي سيقدمها الغرب من أجل بناء الأمن في الشرطة والجيش، لقد كان خطأ رئيس الحكومة جسيما برغم عدم سوء النية عندما استمد القوة من الفصل السابع بدل من أن يستمدها من الشارع، وعدم الوقوف على مسافة واحدة من جميع المختلفين، التخويف من التقسيم ليس له مبرر ومن يقول به ليس لديه الفهم في أبجديات السياسة فالعالم كله سيرفض تقسيم ليبيا، لأنه لا يمكن الاستفادة من ليبيا وهي مقسمة، والثاني سيجعل من ليبيا منطقة ملتهبة على الساحل الجنوبي للمتوسط، والتقسيم من شأنه أيضا أن يقوي النفوذ المصري على برقة، والجزائري على الجنوب، والتونسي على طرابلس. من هنا علينا التخلي عن أفكار التدخل والتقسيم ومواجهة مشاكلنا بالمعادلات الصحيحة عوضا عن الفزاعات الخيالية، والحل هنا إقرار قانون العزل السياسي، وأن تتضمن المبادرة حل كل كتائب الثوار وتفعيل الجيش الوطني والشرطة واستبدال شرعية الثورة بشرعية القانون، يجري على إثر ذلك تعديل وزاري حسب قرارات هيئة النزاهة والوطنية، كما يتضمن كل هذا تعهد صريح من الثوار وقياداتهم المعروفة بعدم تكرار استخدام القوة لأية مطالب وضرورة الانخراط السريع في مؤسسات الدولة، تشمل المبادرة خطوط عريضة للمصالحة والوطنية وتستحدث وزارة باسم وزارة المصالحة الوطنية. أخيرا ليبيا حسب تاريخ الثورات تسير بخطى صحيحة وهي أكثر نجاحا، ولحسن الحظ أنها لا تعتمد على مشاريع انتاجية في مواردها.