إفريقيا سوداء.. ناصعة السواد، لكنها بقدرة مصاب بعقدة لون ، أو مصاب بعمى الالوان جميعا، صارت تعرف على نطاق واسع بأنها القارة السمراء! السواد هو الأصل.. والسمار،خاطف لونين.. لون بين بين.. لا هو يقترب كثيرا من الأسود العتيد، ولا هو أكثر قربا من الأبيض.. الأبيض الذي ( يجنن) طائفة من السوداوات، حد الهوس .. حد الجنون بتبييض البشرة! تفتيح البشرة، أصبح صناعة.. تجارة رابحة، وفي هذا العالم- من النساء والرجال- من هو مصاب- في الأصل- بدرجة من كراهية الذات.. وفيه من يظن أن اللون الأبيض، هو اللون الذي يثير الإنتباه، ويثير الإهتمام.. وهو - من هنا- هو اللون الذي يقربك من الآخرين زلفا، ويفتح أمامك أبواب القبول.. وأبوب الدخول إلى قلوب الناس! هوليوود، بممثثلاتها اللآئي بشرتهن في لون الحليب، كرسن في أذهان هذه الطائفة من السوداوات- في كل مكان- كل هذه الكراهية للذات، وكل هذا الظن الفاسد! الهوس بتفتيح البشرة، طال الرجال أيضا، وأشهر من طاله هذا الهوس- من بين كل رجالات العالم- مايكل جاكسون- ملك البوب- الذي فاجأ العالم كله، ببشرة بيضاء، في العام 1991 فيما كان عشاق فنه يتخطفون البومه الشهير( بلاك أور وايت)1 كان مايكل- كما قيل- يعاني من عقدة السواد.. وكان – كما قيل أيضا- يعاني من مرض البهاق الذي يبيض مناطق من البشرة، فآثر أن يتحايل على هذا التبييض المرضي، بتفتيح لونه! مهما يكن، غيّر المغني الشهير جلده- بالإستحمام بالحليب، والإستعمال الكثيف لمستحضرات التفتيح من صابون، وكريمات.. والإستعمال الكثيف للعقاقير، والأعشاب. مايكل، في لونه الطبيعي، كان أكثر جاذبية، ولو أن كل اللآتي وقعن فريسة للتفتيح، قد انتبهن إلى ذلك، ماكن قد وقعن في ماوقعن فيه من ( وقعة بيضاء) ! أسوأ ما في التفتيح، أنه فيه اعتراض على ما أراد البديع.. خالق الليل والنهار.. الأبيض والأسود.... الأخضر واليابس..الحلو والمر.. البارد والساخن.. ولو كان هذا البديع، أراد الألوان كلها لونا واحدا لكان قد أراد، وكذا لو كان قد أراد الطعوم، والروائح، والأشكال.. ولو شاء لكان قد جعل الناس أمة واحدة، لكنها نعمة الإختلاف .. ومن نعم الإختلاف، إختلاف الأجنة في الأرحام، والبصمات، وإختلاف الجينات! الإعتراض بالتفتيح- على صنع البديع- فيه جهل.. وفيه نوع من الإعتراض الخفي ، والجهل والإعتراض- معا- يورثان المرء نوعا من المصاعب.. وفي حالة التفتيح، فإنه يسبب- كما يقول الاطباء- نوعا من السرطانات، وفشلا في وظائف الأعضاء، وخللا بالجهاز العصبي، وإضرارا بينا بالكليتين.. والأهم-أيضا- تسبيب الأذى لعيون الآخرين! التفتيح يفعل كل ذلك.. وإلى جانب كل ذلك هو (يُقبّح الشكل) ومابين القوسين إعتراف من نساء، كن قد وقعن في فخ إعلانات التفتيح، فتشوهت جلودهن إلى حد التنفير، تماما مثل كل أولئك اللآتي أردن تغيير شكل أنوفهن أو ثغورهن أو أثدائهن، فتشوّهت أشكالهن، جملة وتفصيلا! ماهو مؤسف ان إعلانات التفتيح، تنتشر في الشاشات الصغيرة، دون رقيب أو حسيب من كافة الاجهزة المعنية بالصحة.. بل ماهو أكثر إثارة للأسف، أننا نجد من بين المعلنين عن ( تقشير البشرة) أطباء، يفترض فيهم أن يكونوا هم، أول المحذرين من مخاطر هذا الهوس، والذي هو – في جملة واحدة- ضد الخلقة الطبيعية، وضد طبيعة الأشياء! الأرقام تتحدث: أكثر من ثمانين بالمائة من النساء في القارة السوداء مهووسات بتفتيح البشرة! ما أبشع المرء- من ذكر أو أنثى- ذلك الذي يحاول أن يغيّر جلده! بالطبع هذا الرقم مخيف.. وهو يؤشر إلى كارثة.. كارثة( قارية) و(كارثة وطنية) في كل دولة. إنني لأعجب ، كيف لدولة تعتد بأصلها وفصلها.. لونها وهويتها.. جيناتها وخريطتها الوراثية- أن تقف –هكذا- لامبالية، إزاء هذ العقدة الكريهة .. إزاء كل هذه الكراهية للذات.. إزاء كل هذا التشويه، والمسخ، إزاء كل هذا الطعن طعنا في الأصل .. إزاء كل هذا الكفر الخفي بخالق الأشياء طرا.. خالق كل الألوان، خالق الناس في أحسن تقويم؟