الأزمة الحالية للمواصلات لها عدة أسباب ، بدأت مع بداية الأزمة الإقتصادية مثلها مثل باقي أزمات البلد ، من غلاء في أسعار السلع الغذائية ، والأدوية ، والسيارات ، وكل شىء له علاقة ب ( الدولار ) ، فالسودان اليوم يستورد من الإبرة حتى الصاروخ ، وكل شىء مستورد يخضع لرسوم وجمارك وجبايات باهظة ، يزيد سعرها فوق سعر الزيادة الحاصلة أساساً بسبب إرتفاع سعر الدولار ، فمثلاً سعر السيارة خارج السودان 50 مليون ، فتضع عليها حكومة السودان 50 مليوناً كجمارك ، وهناك رسوم ترحيل ومواني فيصبح سعر التكلفة 105 مليون ، وتباع في السوق بواقع 115 إلى 120 مليون ، وبنفس هذه القاعدة ، يمكننا قياس أسعار الأدوية ، والمواد الغذائية الأخرى ، فيتضاعف السعر مع ملاحظة أن معظم الدولارات المستخدمة للإستيراد يتم شراؤها من السوق الموازي ( الأسود ) ، وبذلك تتضاعف الأسعار مرة بزيادة الجمارك ومرة أخرى بزيادة سعر الدولار .. هذه المقدمة البسيطة هي مدخل مبسط لنعرف الأزمة الحقيقية للمواصلات ، والتى بدأت ( الأزمة الاولى ) ، عندما قررت وزارة المالية رفع الدعم عن المحروقات تحت تصفيق ومباركة البرلمان ، وحينها بدأت المشكلة تتفاقم وبدأ أصحاب البصات والحافلات المطالبة برفع أسعار التذاكر .. بدأت الأزمة الثانية ، عندما قررت الدولة ، إيقاف إستيراد الإسبيرات المستعملة ، والتي تباع بسعر أقل من سعر الجديدة منها ، وهنا ، بدأ يخرج بعض المستثمرون من سوق المواصلات ، نسبة لإرتفاع تكاليف تشغيل الحافلات والبصات تحت ظل هذه الظروف ، وهنا رضخت الحكومة لزيادة أسعار التذاكر ، ولكن ظلت المشكلة قائمة .. بدأت الأزمة الثالثة ، عندما بدأت شركة مواصلات ولاية الخرطوم تزاحم الحافلات والبصات الخاصة في الخطوط ، وبأسعار تذاكر أقل من السعر المحدد لها ، وهنا خرجت أعداد كبيرة من البصات والحافلات الخاصة من السوق ، وخلفت فجوة لم تستطع شركة مواصلات ولاية الخرطوم تغطيتها ، مع العلم أن بصات الدفعة الأولى بدأت تظهر عليها أعراض الشيخوخة المبكرة وهي ظاهرة للعيان ، مع ملاحظة أيضاً أن بصات الولاية لا تعمل بعد العاشرة مساء ، فنراها تسير خالية ، فى الوقت الذي نرى فيه المواقف مكتظة بالمواطنين .. وبدأت الأزمة الرابعة ، بتجاهل - الجهات المسؤولة عن تنظيم الخطوط - الحافلات والبصات وتركها تعمل بمزاجها ، دون ضوابط معينة ، فنلاحظ أن معظم الحافلات والبصات تمتنع عن العمل في أوقات الذروة ، وهو وقت عودة الموظفين والعمال والطلاب لمنازلهم ، فنرى العربات مرصوصة وهي خالية ، والمواطنون يقفون في الإنتظار ، ولا تتدخل الجهات المسؤولة ، والمفروض هنا ، هو أن تعمل هذه البصات والحافلات إجبارياً في هذا الوقت تحديداً .. والأزمة الخامسة ، بدأت بحكاية ، الخط الدائري الغير مفهومة حتى اللحظة ، وتغير المواقف ، وتحويل بعضها لموقف ( شروني ) الجديد ، دون أي توجيهات إعلامية للمواطن ، عبر الصحف والإذاعات والتلفزيون ، وتركوا الأمر لإجتهاد المواطن ، دون مراعاة لأي ظروف لكبار السن والمرضى والمعاقين والأطفال .. هي خمس أزمات تراكمت لتشكل لنا الأزمة الحالية للمواصلات ، والحل يكمن في : دعم الوقود التجاري على الأقل ، وفتح إستيراد الإسبيرات المستعملة مع فتح إعتمادات لها وإعفاءها من الجمارك ، وضبط حركة المواصلات أوقات الذروة ، حينها فقط يمكن أن تبدأ الأزمة في الإنفراج . ولكن هل ياترى ، سيستمع المسؤولون لنا ، ولو لمرة واحدة فقط من أجل هؤلاء الغلابة .. ولكم ودي ..