بسم الله الرحمن الرحيم ... المتتبع للعلاقات السودانية المصرية ومنذ خمسة عقود مضت يجد أن تلك العلاقة فيها من الضرر الكثير علي السودان والتنازلات والمواقف الغير مبررة لمصر وعدم الإهتمام بموقف سوداني ثابت تجاه كثير من القضايا التي مرت علي بلادنا وكانت فيها بعض المواقف المتهورة وغير المدروسة لجهة لا نجد منها غير الضرر البين وأن تسوقنا مثل الأنعام في أكثر المواقف خطورة ونحن بطيب خاطر نتمسك ونقف معها وفي وسط الطريق تتراجع الدولة المصرية ونكون نحن الخاسر في تلك المواقف . ولو رجعنا قليلا لموقف السودان في زيارة السادات إلي إسرائيل والتي كانت المقاطعة العربية علي أشدها وفي هذا الظرف الدقيق لم تكن للسودان أية مواقف مدروسة تجاه ذلك الموقف وتحدي كل العرب السودان في سبيل أن يقف مع السادات في تلك المرحلة الدقيقة والفاصلة لقد خسر السودان فيها أيما خسارة لهذا الموقف ولكن دارت الأيام ورجعت مصر إلي حضن العرب وتم نعويضها كل تلك السودان ولم يجد السودان غير الغبار والكتاحة والخسارة في هذا الموقف ولم تحفظ له مصر هذا الموقف وأخذته كالأنعام وتركته في وسط الطريق يتلفت وتعوضت مصر وواصلت في إتفاقياتها مع إسرائيل وتنازل العرب لها . أما إذا رجعنا للفترة التي كان فيها حسني مبارك علي قمة القيادة في مصر نجد أن تلك المرحلة كانت من أخطر وأسوأ ما وجده السودان من مصر لأن تلك المرحلة كانت فيها مواقف تخص السودان وبما أن هذا الموقف كان يناقض موقف مصر فكانت تلك الفترة من أسوأ وجوه مصر البشعة تجاه السودان ، عندما تعرض مبارك لمحاولة القتل في إثيوبيا ومباشرة قام بإتهام السودان بتلك المحاولة والتي جرت علي السودان الكثير الكثير من المشاكل للسودان بوجود إعلام ردح وتافه في مصر ومواقف دولية واضحة ومتحيزة ضد السودان ، لقد قادت القيادة المصرية ضد السودان أبشع أنواع الإساءة في كل المحافل الدولية ضد السودان وخربت علاقات السودان مع كل العالم وإحتضنت مصر كل التنظيمات المعادية للسودان بدون أن يكون للسودان أي موقف غير الدفاع عن سمعته وفي ذلك خسرنا سنوات طويلة من عمر الوطن والمواطن حتي تتبين الحقيقة فيمن الذي قاد تلك العملية وكان مبارك من أسوأ روساء مصر الذين لم يكن لهم أي نظرة إستراتيجية تجاه العمق الداخلي لمصر وحجم الضرر الذي سوف يصيب مصر في حالة تمزق وضعف السودان . ولم يتمكن السودان من رتق تلك الفجوة وفجأة برزت أزمة الخليج والتي غيرت كل العالم تلك الأزمة وأوصلت الأمة العربية والإسلامية إلي مستنقع نهايته يوم القيامة ، وكيف كان موقف السودان بالوقوف مع العراق لإعتبارات كان يفهمها السودان في حينه ولم يكن الموقف في حينها بالوقوف مع العراق ولكن كان الموقف في حينها مشحون ومدروس ومبرمج بشكل واضح ولم تكن هنالك مواقف بل كان الذين ليس معنا فهو ضدنا ، وقاد مبارك الأمة العربية في سبيل الحصول علي مكاسب آنية إلي هاوية تتأذي منها كل الأمة العربية بدون أية نهاية في الأفق القريب ، لقد فتحت مصر في حينها مصارفها ودورها للإستفادة أقصي مايمكن وكانت قولته المشهورة ( في سبيل مصر أعمل أية حاجة ) وقاد الأمة العربية إلي المذبح الدولي وفتح المنطقة للتدخلات الخارجية ومحاصرة الوطن العربي من كل الإتجاهات . لقد جر ذلك الموقف للسودان مشاكل كبيرة وكثيرة لأن السودان وقف موقف غير الموقف المصري وكان يجب معاقبته وبذلك تفرغت القيادة المصرية حكومة وشعبا في التفنن في إيذاء السودان تحكمها بذلك نزوة مبارك والذي لم يكن يعلم إن إضعاف السودان هو ضربة للأمن القومي والمائي لمصر وساهمت القيادة المصرية في إنفصال الجنوب بشكل كبير وهي تتحمل في ذلك تبعات هذا الإنفصال ، وفي قوة الضغط العربي والعالمي ضد السودان في تلك المرحلة إحتلت مصر حلايب بموافقة كل الدول العربية والغربية نكاية بالسودان وهو في أسوأ مراحل الدفاع عن وحدته وكانت مصر هي المعول في هدم السودان وتفتيته ، وذهب مبارك بكل مساوءة بعد أن فصل الجنوب وإحتل حلايب وفرض علي السودان حصار إقتصادي كبير وتحريش كل العالم ضد السودان . إستبشر السودان خيرا بسقوط القذافي ومبارك وبروز نظام جديد بمصر يعتبر الأب الشرعي للأخوان المسلمين في السودان ولا يختلف في التوجه الديني عن النظام في السودان ، ولكن من المؤسف حقا أن السودان دائما لا يعي الدرس ودائما يقع من حفرة لحفرة ويضع الوطن والمواطن في مواقف المدافع دائما بسبب قصر النظر في التعامل مع مصر ( الشقيقة ) والتي يقولها دائما كل مسئول سوداني عندما تذكر مصر في أي لقاء كان والذي نريد أن يعرفه مسئولينا أن لمصر سياسة واحدة تحكمها النظرة الأمنية تجاه السودان ومهما تغيرت النظم في مصر ، وكذلك تحمكها المصلحة الضيقة والضيقة جدا لمصر والمواطن المصري ، تتحكم فيها الأنانية الشخصية تجاه أية جهة مهما كانت الجهة نظرة المسئول المصري تجاه الغير لا تختلف عن نظرة المواطن العادي في سبيل الإستحواذ علي كل شئ لمصر أو للشخص المصري . عندما قال أيمن نور إن موقف السودان مقرف حيال قيام إثيوبيا ببناء السد هل كان يريد أيمن نور أن يتهور السودان في خلق مشاكل مع إثيوبيا في سبيل إرضاء مصر والمصريين كما كان يحصل سابقا بوقوف السودان بشكل اعمي مع أخطر المواقف التي أضرت بالسودان ، إن الذي لا يعلمه الإعلام والمواطن المصري عن العلاقة بين إثيوبيا والسودان والحدود الطويلة بيننا والتداخل القبلي يمنعانا من أي تهور لتستفيد مصر ويخسر السودان ذلك الجوار والذي بعد جهد كبير بسبب مبارك وصلنا إلي مرحلة الهدوء تلك . أتمني من الحكومة السودانية أن تقوم بعمل منهج ثابت تجاه العلاقة مع مصر موقف لا يتغير بتغير الأنظمة كما تفعل مصر حاليا وأن نفصل مصالح السودان عن مصر وأن نهتم فقط بمواطننا ورفاهيته وأن لا نتهور في دخول أي موقف مع مصر ضد الآخر لأنهم في النهاية مثل مشاكل الأطفال هم يرجعوا لبعض ونصبح نحن الخاسرون ، وسوف تواجه مصر في القريب العاجل كذلك مع جنوب السودان في نفس تلك المسألة وهي المياه عندما تقوم القوي الغربية وإسرائيل بعمل سدود في النيل الأبيض ومصر هي التي ساهمت في فصل الجنوب وعليها تحمل وزر فعلتها وأي شئ في النيل لا يسبب لنا ضرر فعلي مصر تحمل مسئوليتها بنفسها لعدم فهمها منذ خمسة عقود في إضعاف ويذاء السودان في كل المحافل وإحتلالها لحلايب وضرب السودان في كل موقع ، فمصر اليوم هي نفس مصر الأمس ولكن يجب أن يكون سودان اليوم غير سودان الأمس لأن مصر لم يكن لها ذلك الفهم الإسترتيجي في إضعاف السودان لمثل هذا اليوم وأتمني من أيمن نور أن يبحث له عن موقف آخر بدل أن يحرض السودان علي إثيوبيا .