الخرطوم – حسام بدوي بدا مدهشاً للمراقبين أن تسعى المعارضة لتصديق ما كان حتى وقت قريب اتهاماً لها من قبل الحكومة. فقبل 3 أيام قال نافع إن المعارضة تخطط لإسقاط الحكومة خلال مائة يوم، بالتعاون مع الجبهة الثورية، وجاءت المعارضة، لتأكد صحةالاتهام. بعد عدوانها الأخير على مدينتي (أبو كرشولا، و أمروابة)، تحولت الجبهة الثورية من حركة سلحت نفسها، لتقويم نظام قالت إنه نشاء معوجاً منذ عقدين من الزمان، وساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تقسيم البلاد، و أوصل نظامها الاقتصادي، ونسيجها الاجتماعي إلى هاوية تقف البلاد الآن على اعتابها، لذلك رأت – الجبهة الثورية – أن الحال لا ينصلح إلا بأقتلاع النظام من جذوره، وطالما أن الحل السلمي لم يؤتي أكله، فأن البديل الفعلي لذلك يأتي عبر السلاح. انتفت الأطروحة السابقة للجبهة الثورية – حسب الحكومة – بعد الأحداث الأخيرة على المدينتين، انتفت ولم تعد مقنعه للبعض، وتحولت من حركة إصلاح مسلحة إلى فصيل عسكري؛ هدفه ترويع الآمن، ونشر الخراب. مساعد رئيس الجمهورية؛ نافع علي نافع اتهم المعارضة السياسية وقادتها؛ الخميس الماضي، بالانقياد واتباع تعليمات الجبهة الثورية، ومضى نافع في توصيف المعارضة السلمية ودمغها بصفات العمالة والانقياد لأصحاب الأجندات والمصالح الشخصية، وأكدت المعارضة ذلك – حسب نافع - بتبنيها لما عرفه مساعد الرئيس بعملية (التسخين) لتهئية المناخ للعملاء – حسب وصفه - للبدأ بتنظيم معارك عسكرية في مختلف مدن البلاد تمتد لمئة يوم منذ تاريخ التصريح. المعارضة بدورها لم تنفي نيتها في الترتيب لعمل تكون ثمرة ختامه اسقاط الحكومة الحالية، لتجنيب البلاد الوقوع في الهاوية. وقال رئيس هيئة قوى الإجماع الوطني فاروق أبوعيسى أمس: ( إن الجبهة الثورية الحليف الأول للقوى السياسية، نتفق معها في ضرورة تغير النظام، ونختلف معها في الآليات التي تتبعها للتغير، وذلك الخلاف لا يعني عدم وجود علاقة استراتيجية بيننا، ونعمل سويا لايقاف الحرب للحفاظ على ماتبقى من وحدة البلاد). أبوعيسى أشار إلى إن برنامج المائة يوم، حركته مجموعات كبيرة من المواطنين، في الداخل والخارج، توافقوا على شعار اسقاط الحكومة، نافياً ما ذهب إليه مساعد رئيس الجمهورية، وإن العمل من بنات أفكار الحادبين على الوطن. دائما ما تشير المعارضة في تصريحاتها المختلفة، إلى أن الحكومة لا تمتلك القدرة على توجيه نقد للمعارضة، وتخفي عجزها وراء وصف مخالفيها في الرأي بالعملاء وأصحاب الأجندة الخارجية، وأشار رئيس قوى الاجماع الوطني فاروق أبو عيسى أمس : ( وصف الحكومة لنا بالعمالة أمر معتاد، ومثل تلك الأوصاف تأتي منهم لوضع غشاوة على عين المواطن، نحن لا ننادي إلا بنظام ديموقراطي يضمن نظام تعليمي جيد ومجانية العلاج، وإصلاح سياسي واقتصادي)، وأضاف : ( لولا وجود المعارضة ومماسكتها للجبهة الداخلية، لذهبت دارفور مثلما ذهب الجنوب). أعلان قوى الإجماع الوطني عن محالفتها للجبهة الثورية، التي صنفتها الحكومة الحالية على أنها العدو الأول للدولة والمواطن، يشير إلى نيه جادة تبيتها معارضة النظام السلمية، في تبني برامج سياسية تم الاعداد لها فعليا عبر لجان التحالف المختلفة بتنظيماته مجتمعه بما في ذلك حزب الأمة الذي راجت في الأونة الآخيرة قل نشاطه وفاعليته عبر تحالف قوى الاجماع الوطني. وكشف ممثلي التحالف خلال مؤتمر صحفي، عقد أمس بدار حزب المؤتمر الشعبي التفاصيل الدقيقة لخطة المائة يوم التي أجازتها الأحزاب بالاجماع لاسقاط النظام الحالي في المدة التي حددتها، والتي بدأت مرحلتها الأولى من مطلع الشهر الحالي وحتى نهايته، وعزمها عقد ثلاث ندوات ساسية لتعرية النظام الحالي، تنظم في دور أحزاب (الأمة القومي، المؤتمر الشعبي والشيوعي). ووصف أبوعيسى في المؤتمر الصحفي النظام الحالي بالجثة الهامدة، التي تحتاج إلى من يدفنها، وزاد أبوعيسى المعارضة تمثل طموحات أهل السودان بوسائلها السلمية والديمقراطية، حديث المعارضة عن الأعمال المزمع عقدها في الفترة المقبلة، والتأكيد على أنها تأتي عبر وسائل سلمية متمثلة في العصيان المدني، يأتي بحسب مراقبون لنفي اتهامات الحكومة لها باستهداف أمن وسلامة المواطن. وقال عضو الهيئة القيادية لتحالف قوي الإجماع القيادي بحزب البعث العربي الإشتراكي؛ محمد ضياء الدين، إن الغرض من خطة المائة يوم إعادة الإعتبار للدور الذي يجب أن تقوم به القوى السياسية المعارضة لاسقاط النظام، و وصفه للمظام الحالي بالعقبة الكبيرة التي تقف أمام وحدة وأمن البلاد. ضياء الدين كشف عن تقسيم الخطة لمائة يوم المعارضة إلى ثلاث مراحل، كل مرحلة تستمر شهراً كاملاً، لافتاً النظر إلى مشاركة كافة أحزاب التحالف بفاعلية في الإعداد التنظيمي للخطة، بما فيها حزب الأمة القومي، وعقد الأحزاب لندوات الأسبوع الحالي بمدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم، بحري، أم درمان). تأكيد المعارضة على مشاركة كافة الأحزاب، وتحديد أماكن نشاطها في الفترة المقبلة، يشير إلى تنظيم مسبق للأحزاب داخل تحالفها، الأمر الذي لم تشهده الساحة السياسية طوال الفترة التي تلت الانتخابات الماضي، والتحرك لتغير النظام بصورة منظمة، قالت المعارضة إنه جاء استجابه لصراخ الموطن وانتقاده الصريح للنظام الحالي – حسب وصف أبوعيسى. نفي المعارضة لاتهامات الحكومة جاء مختلفاً عن السابق، فمساعد رئيس الجمهورية قال إن المعارضة ترتب لعمل منظم يهدف لتغير النظام بإيعاذ من دول خارجية، حيث كانت تنفي المعارضة في السابق تصريحات الحكومة، وتشير إلى أنها منافية للواقع وعارية من الصحة، بيد أن ردها في هذه المرة جاء مختلفاً، فالمعارضة لم تنفي ترتيبها الفعلي لعمل سياسي ترى أنه مشروع، و قالت إنها رتبت للعمل تلبية لرغبة جماهيرها في الداخل والخارج، وليس كما وصفتها الحكومة بالانصياع إلى أوامر وتعليمات صدرت لها من قبل دول معادية للنظام الحالي. ولم تكتفي المعارضة بوضع الخطة والإشارة إلى تغير النظام فقط، بل أشارت إلى أن المرحلة التي ستعقب اسقاط النظام سيتم التعامل معها وفق وثيقة البديل الديموقراطي التي وقعت في يوليو من العام الماضي والتي تنص على إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية – بعد تغير النظام، و التي حددتها الوثيقة بثلاث سنوات تشارك في حكومتها كل القوي السياسية الموقعة على الوثيقة – ثمانية أحزاب – إلى جانب فصائل الجبهة الثورية، مع مراعاة تمثيل النساء والمجتمع المدني والحركات الشبابية والشخصيات الديمقراطية المستقلة، وتعقد الحكومة القومية المؤتمر الدستوري الذي يضع إطار الدستور الدائم ويحدد كيفية صياغته وطريقة إجازته. والتأكيد على التعامل في مرحلة ما بعد اسقاط النظام يدل بوثيقة البديل، يؤكد حديث أبوعيسى الذي أشار إلى أن الجبهة الثورية حليف استراتيجي. إذن المعارضة بتأكيدها على تحركها لاسقاط الحكومة حسب قول مسؤوليها، وتوجيه رسائل تحذيرية للنظام الحالي، ينبئ بمرحلة مقبلة مختلفة، الحكومة التي تواجه الجبهة الثورية في جبهات مختلفة من البلاد، وقيادتها لحملة إعلامية مكثفة قالت إنها بغرض فضح حقيقتها أمام المواطن، ومعارضة تنادي بطرق سلمية لاسقاط الحكومة، والجهر صراحة بتحالفها الاستراتيجي مع الجبهة الثورية، قد يضيف مشهد جديد لم تألفة الساحة السياسية في وقت قريب.