(مطلوب جيل جديد لتولي الحكم) شعار سياسي ثوري جريء وغير مسبوق قاله ونفذه أمير دولة قطر محدثاً دهشة سياسية محلية ، إقليمية وعالمية كبرى، فبتاريخ 25 يونيو 2013 ، وجه سمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ، البالغ من العمر إحدى وستون عاماً ، خطاباً تاريخياً الى القطريين وللعالم أجمع أعلن بموجبه تخليه الطوعي عن السلطة وتسليمها رسمياً لإبنه سمو ولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، الذي كان قد نُصب ولياً للعهد في أغسطس 2003 بموجب المادة 9 من الدستور القطري الصادر في عام 2004 بعد حصوله على تأييد أغلبية مواطني قطر في استفتاء شعبي عام، لقد قال الأمير في الخطاب الذي بثه التلفزيون القطري الرسمي "إنني اليوم أخاطبكم كي أعلن أني أسلم مقاليد الحكم للشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأنا على قناعة تامة أنه أهل للمسؤولية وجدير بالثقة وقادر على حمل الأمانة وتأدية الرسالة". ، واعتبر أمير قطر أنه "حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة وأفكارهم الخلاقة"، كما أعرب الأمير عن ثقته بأن الأمير الجديد ، البالغ من العمر 33 عاماً والذي سبق وأن تولى باقتدار عدة ملفات اقتصادية ، سياسية ، عسكرية ورياضية محلية ودولية حساسة ، "سيضع مصلحة الوطن وخير أهله نصب عينيه وستكون سعادة الإنسان القطري غايته الأولى على الدوام".، وأضاف متوجهاً بخطابه إلى القطريين "ها هو المستقبل أمامكم إذ تنتقلون إلى عهد جديد ترفع الراية فيه قيادة شابة تضع طموحات الأجيال القادمة نصب عينيها وتعمل دون كلل أو ملل من أجل تحقيقها". من المؤكد أن تنازل أمير قطر سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن السلطة بعد التشاور مع العائلة الحاكمة وأهل الحل والعقد في البلاد ، يُعد أول سابقة سياسية في التاريخ السياسي العربي الحديث، إذ لم يحدث قطّ أن تخلى أي حاكم وراثي طوعاً عن الحكم ، ولعل أهم ما يلفت النظر هو اللحظة التاريخية الحاسمة التي اختارها سمو الشيخ حمد للتخلي الطوعي عن الحكم فهو قد تخلى عن الحكم في وقتٍ حقق فيه الاقتصاد القطري انجازات عالمية غير مسبوقة إذ تحولت قطر في عهده الى أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم والى صاحبة أعلى دخل للفرد في العالم وفي وقتٍ حققت فيه الدبلوماسية القطرية انجازات سياسية دولية غير مسبوقة بفضل تمكنها من لعب دور الوسيط الناجح في حلحلة كثير من الملفات الدولية الشائكة والقيام بدور اللاعب الاساسي في دعم ثورات الربيع العربي في تونس، مصر ، ليبيا، اليمن وسوريا. وغني عن القول إن هذه السابقة السياسية القطرية في التخلي الطوعي عن الحكم من قبل حاكم عربي مايزال في أوج عطائه السياسي ، تقدم درساً مجانياً لكل أنظمة الحكم في العالم التي تتبنى نهج الحكم الوراثي أو الرئاسي مفاده أن التخلي عن الحكم ، في قمة لحظات النجاح والاستقرار الإقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني ، هو سلوك سياسي حكيم ولا شك أن هذا المسلك السياسي الجديد سوف يُسبب أكبر حرج سياسي لبعض الحكام العرب ، الفاشلين سياسياً واقتصادياً وأمنياً، والذين ما زالوا يتشبثون بكراسي الحكم بثمانية أرجل أخطبوطية غير آبهين بصيحات شعوبهم المطالبة بالتغيير والتي تردد ليل نهار: (مطلوب حاكم جديد!) ، (مطلوب رئيس جديد.!)