قد تكونوا من المنتمين الي المؤتمر الوطني ولكنكم قد أتيتم من أصلاب رجال ومن أرحام أمهات غلبهم الفقر وهلكهم الجوع والمرض ، وأنتم آباءاً وأخوةً لصغار ضاعوا من تعليم فاشل ومستقبل مجهول فإن آثرتم العطايا علي نخوة الشرف والعزة والكرامة ونجدة الضعيف فلا بارك الله لكم ولا بارك فيكم ولا في ماكسبتم . لقد بلغ السيل الزبي وأنتم أخوان فاطمة تنظرون كأن الامر لا يعنيكم ، لا تخدعكم مؤهلات الوزراء الجامعية فهؤلاء أقعدهم العجز لأنهم تعلموا تعليماً ببغاوياً حفظوا الدرس ولكنهم لم يفهموه ، وصدق من قال ( القلم مازال بلم ) لا تكترثوا لقادة الأحزاب فهؤلاء إنتهازيين خونة هم شركاء في أسباب كل البلاء إن هذا الشعب العظيم الصابر يستحق رجالاً عظماء يعاهدوا الله علي أن يقودوه بكل أمانة وتفاني والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً من حسب أن السودان فقير فهو لا يعلم !! ومن إدعي أن الخروج من هذا البؤس صعب فهو لا يفهم !! والأمر أبسط مما يتصوره هؤلاء الذين جلسوا علي كراسى الوزارة يحسبون أنها مراجيح صغار تدور بهم مع الأيام فيغمرهم فرحاً يدفع سعره الناس من حياتهم وهم في غيهم يعمهون نحن ياإخوتي شعب يمتهن الرعي والزراعة لدينا مقومات هاتين المهنتين حبانا الله بالارض والماء . فالارض تنتج مرتين في العام والحيوان يتضاعف أربعة أضعاف في العام وكل الدنيا تحتاج للغذاء من لحوم بيضاء وحمراء واسماك وخضروات وفواكه ، السوق يلتف حولنا من كل اتجاه بيننا وبينه سويعات لعبور البحر وقطع الأجواً، أنظر ماذا فعل حكامنا العظام؟ جففوا الأرض ، وقد لحق الخراب حتي بالمشاريع ذات البنية التحتية القائمة والتي أعطت عشرات السنين مثل مشروع الجزيرة ، تسلط عليه المتعافي ليحيله الي أرض جرداء فأحال ساكني الجزيرة الي فقراء يهيمون في الارض بحثاً عن لقمة العيش وكانوا بالامس القريب ينتجون قوت كل السودان . أطلق الولاة يد السماسرة في الأسواق حتي إفتقر المنتج فهؤلاء الرعاة الذين يقضون عاماً كاملاً خلف حيواناتهم في بوادي كردفان ودار فور والزراع الذين يكدحون بالشهور في مزارعهم وغاباتهم بين حرث وطق للصمغ لايجدون عائداً يسد حاجتهم ، فجبايات الحكومة شبح يطاردهم في المزارع والطرقات والأسواق والباقي تلتهمه جيوب الوسطاء الذين آثروا الظل وامتهنوا السمسرة ، يقضون أيامهم مستلقين علي الأسرة داخل البيوت وما أن يخرج هؤلاء المساكين بمنتوجهم حتي ينقضوا عليهم فريسة سهلة ضعيفة لا تجد من يحميها فكانت النتيجة الإبتعاد عن الإنتاج الزراعي والحيواني وهاجرت الأيدي القادرة فإفتقر إنسان الريف ونشطت الحركات المسلحة وسط هؤلاء البسطاء وانفلت الامن وسادت لغة الغاب في أرجاء الوطن عراكاً لإيجاد لقمة العيش التي لم يشتكي منها أي سوداني من قبل؟ وانشغل الجيش بملاحقة المتمردين فلم ينجو قوي ولا ضعيف إلا من إنتمي الي الطقمة الحاكمة التي تطاولت في البنيان واكتنزت شحماً ولحماً فصار الكل يخدمها طوعاً أوكرهاً ، يموت الجندي في مواجهة المسلحين الذين يدفعهم الجوع للانفلات كلاهما مظلوم وينعم الحكام الظلمة برغد العيش والأمان ويأكل الآخرين بقايا موائدهم ويهلل الجهلة من النساء والعجزة يناصرون فريق علي فريق إخوتي إن الطريق واضح المعالم والأدوات متوفرة ويقولون "حواء والده" ولا نعرف متي يخرج هذا المنقذ من رحم جيشنا المارد لينصر المظلموم ويسند الضعيف لترتوي الأرض فيخضر الزع ويمتلأ الضرع وترفرف فوق بلادنا رايات الإنتصار ربما تقولوا لماذا أخترت مخاطبة الجيش؟ والإجابة واضحة إن المواطن المغلوب علي أمره يدور في فلك لقمة العيش ولا يأبه بالمظاهرات لأن منتفعي المؤتمر الوطني يرصدون كل من يتحرك فيكون نصيبه السجن قبل أن يرفع قدمه عن الارض ، فتفرق الجمع وامتلك الناس الخوف إلا من انتمي الي الحركات المسلحة وليس بمقدور الكل فعل ذلك إن الحركات المسلحة وحتي الحركات الجماعية التظاهريه الأخري مثل ثورات الربيع تحمل في رحمها الخلاف ولا تولد إلا تفرقاً ، رأيناها وبالاً علي الدول الأخري بدءاً بالعراق ومروراً بتونس وليبيا ومصر وسوريا وكلها كانت عاقبتها الندم وحتي بالسودان لم نجني من حركات ياسر عرمان ومالك عقار ورفاقهما إلا الإنفصال والتناحر القبلي والأحقاد الجهوية ولا أمل في أن يلدوا إلا فاجراً كفارا صحيح ان الإنقاذ كانت إنقلاباً بواسطة الجيش ولكنها انحرفت الي مصالح الفرد وإلي التخفي خلف رايات الضلال وذلك لان قوادها مثل مولانا علي عثمان محمد طه مازال يعتقد أنه رئيساً لإتحاد الطلاب فيخرج علي الناس بأطنان من الكلام الفارغ الذي يعوذه الهدف فلم يفتح عليه الله طيلة هذه المدة برأى سديد ولا تصرف حكيم يقهر به ظالم ولا ينصر به مظلوم ، ضحك عليه أعداء الوطن فبدلاً من أن يحفظ كيان هذه الامة بتنوعها العرقي ليخرج بنتاج متفرد بين الدول وافق علي قطع أطراف البلد ليفتح شهية الآخرين لتشتت أكبر و لتفرق أعم فصار كمن (لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى) أما الدكتور نافع فقد حاول المشاركة في قيادة البلاد غير أنه يعوزه ، مؤهل القائد الذي يحتاج للفطنة والحنكة والدراية والموهبة ليقود الناس فانشغل يحيك الدسائس ويذكي الفتن بين أطراف الوطن حتي اشعله حروباً ودمار فوق هذه الكومة من الخراب جلس رئيسنا يخاطب الجموع من حين لآخرمن علي منصات الإحتفالات بعنتريات وهمية عجزت أن تقنع عاقلاً وإكتفي بزغاريد النساء وتهليل المضلين وكان ذلك هو كل إنجازه لأكثر من عشرين عاماً خلت لوطن ينتظر أهله لقمة العيش الكريم ، يتحدث عن خيانة أمانة المسئولين كأن الأمر لا يعنيه ولم يحاسب في يوم وزير ولا خفير وهو يعلم أنه ليس بصاحب حق ليعفو ولا هو معفي من المسئولية لينجو في يوم الحساب . إخوتي ، إن السودان أمانة في أعناقكم أقسمتم بأن تحموه من الأعداء ولا يوجد عدو أكثر من هؤلاء الذين جلسوا علي أنفاس الناس إن الوطن بحاجة الي تنفيذيين أكثر من حاجته لمنظرين أكادميين ، خذو زمام الأمر بيدكم أرجعوا الإدارة الاهلية فحنكة "مادبو" وامثاله أثبتت الأيام انها أفضل مئات المرات من المعرفة الناقصة التي تلقاها الاكادميين في ردهات التعليم المنظم ولا أقصد بذلك تعميماً مخل ظالم ، أرجعوا التعليم الي ما كان عليه قبل تخريب محي الدين صابر فإن المزج الذي سبق بين الثقافة الغربية والعربية كان السر العظيم في تفرد المتعلم السوداني بين الدول العربية وغيرها فكان السوداني عملة نادرة في سوق العمل العربي والأجنبي ، حتى تآمر عليه محي الدين صابر مع المصريين ليهدم هذا التفوق النوعي ، شيئاً أساسياً قد كان ينقص تعليمنا هو مادة التربية الوطنية ، فما نعانيه اليوم هو سيطرة " الأنا " علي تصرفات الفرد وهذه مصيبة أعمت الأبصار عن المصلحة العامة فكانت سبباً في تفكك المجتمع وعزوف الفرد عن تقديم مصلحة الوطن . أوصيكم بالعدل-العدل-العدل فإن الغبن بين شرائح البلد في جميع المناطق مصدرها الظلم وليس شح الموارد فإن "المساواة في الظلم عدل" ، تحتاجون لفرض المراقبة والمتابعة الواعية والصرامة العادلة مع العامل في مصنعه والمزارع في مزرعته والقاضي في محكمته والطبيب في عيادته فقد اصبح التسيب سمة بين الناس فضاعت الحقوق وإنفلت النظام وضاعت هيبة الرئيس عند مرؤسيه وهذه قمة البلاء ، أنصفوا المنتج ولا تجعلوا بينه وبين المستهلك فئة منتفعة تأخذ من المجتمع ولا تعطي فتكون وبالاً علي المنتج والمستهلك وهذه هي فئة الوسطاء التي لابد من القضاء عليها الناس خلقهم الخالق سواء فلا تفرقوا بينهم ، كل إنسان مهم في موقعه له حقوق وعليه واجبات لا تتركوا مجالاً للإستقواء المهني أو الجهوي أوالتسلط النقابي. العالم اليوم وامس وسيظل غداً لا شيئ سوي غابة يأكل فيها القوي الضعيف ولا مجال للطيبة والمسكنة التي لم نجني منها سوى الظلم والإستحقار فأنظروا كم أعطينا للمصرين الذين يذدادوا نهما وإستعلاءاً كلما اُعطوا ، أعطيناهم ارض حلفا مساعدة فإقتطعوا حلايب عنوة أعطيناهم الماء طيبة فطالبوا بأن لا يستثمر الخليجيين في أرضنا لنوفر لهم من باقي نصيبنا ، وقفنا لمصلحتنا في سد النهضة فشتمونا بأقذع الشتائم إستضفناهم ليلعبوا في ارضنا فشتمونا عندما هزموا ، حرضوا علينا العالم أيام حرب الخليج ليكسبوا مواقع عمالتنا هناك وهذا قليل من كثير إحرصوا علي كامل حقوقكم فالكل عدو في ثوب صديق. إلزموا تقوية أنفسكم فإن أول أساسيات القوة هي وحدتكم الداخلية علينا أن نجعل من ساكني الوسط أن يشعروا بما يؤرق ساكنى الشرق والغرب والشمال والجنوب أن يهموا بهموهم وليفرحوا لما يفرحهم ويتألموا لما يؤلمهم وهكذا دواليك ، وعندها يكون هنالك وطن تتآلف فيه الأرواح وتتشابك فيه المصالح في قوة تسند الضعيف وترهب العدو لاتستمعوا الي اصوات الذين ينادون بالتعجيل بتطبيق الديمقراطية الغربية ، هذا النغم الجميل الخداع الذي نجح في الغرب بسبب أن قرارات الدولة تتأرجح في هامش ضيق أما ثوابت الأمور فتقوم علي مرتكزات بنيت عبر مئات السنين لا يؤثر فيها رأي الحزب الواحد ولا حتي رأي رئيس الدولة خلافاً للوضع في البلدان النامية التي تفتقر الي المرجعيات فاليكن الوصول الي هذا المبتغي عندما يحين الوقت في المستقبل البعيد ركزوا الجهود علي الزراعة بتوفير الري الكافي والبزور المحسنة والآلة اللازمة ثم التوجيه الصحيح والمتابعة الصارمة وفوق كل ذلك تحفيز المنتج وليكن الحيوان المحسن ملازماً للزراعة فلا توجد منطقة من مناطق السودان عاجزة عن إنتاج قوتها إذا توفرت المستلزمات ، إحرصوا علي الحفاظ علي الغطاء النباتي بمنع التحطيب الجائر فهو المحفز للجو الصالح للأمطار والرعي الصحي المنتج للحوم والالبان استقطبوا الزراعيين والبياطرة من الخبرات المحلية والاجنبية لزيادة الإنتاج إبتعدوا عن الأكادميين وعليكم بولاة من الضباط العسكريين المشهود لهم بالكفائة والنزاهة فهم وأقدر علي القيام بالمهام التنفيذية والمتابعة الميدانية وبذلك يتكامل الهرم الإداري ويكتمل الإنضباط العملي وفق قانون العسكرية بلا تململ ولا إنفلات عندها سوف يجنح الجميع الي السلم ويعم الخير وتستقر الأمور فنحن شعب إحتياجاته بسيطة وتطلعاته محدودة سمح الخصال يحب الخير للجميع ويكره الظلم اللهم أرفعه عنه يا أجواد يا كريم "آمين"