عمري ما سمعت أن رجلاً أسكن إبنه قصراً ثم خرج مع الآخرين لهدمه ! الإمام الصادق ؛ هاله أن أفلت الحلو و عقار من ربقة الأنصارية و أخافه أن خرجا ببنيهما لتعديل حال معوّج ؛ بدلاً من مسك الإبريق لغسل يديه و رجليه و الوقوف بتلك الحربة الأنصارية ذات الخمسة أمتار لحراسة الأمام أو مسك رسن خيل الإمام و خليفته في الإنصار , ولية العهد مريم ! محزن أن يروّج السيد الصادق المهدي لمصطلح "الحرب الإثنية" حال نجاح الجبهة الثورية في التغيير في وقت ينفي فيه قادة النظام السودان مثل هذا الوصف على حروب السودان المستعرة الآن . الآن , التغيير أصبح أقرب من أي وقت مضى و بسواعد جيوش الجبهة الثورية و يا للغرابة ! إنها من أصلاب الذين أهلكهم الإمام في ما عرف بأحداث "المرتزقة" و الفرق الوحيد أن من يقودهم هذه المرةليس الإمام و لكن أبناء "المرتزقة" ! و هنا مصدر القلق و العداوة من الإمام . بشوق و لهفة , إنتظرت جماهير الشعب السوداني عموماً و جماهير حزب الأمة خصوصاً خطاب الإمام الصادق المهدي الذي جاء قبل يوم واحد من إحتفالات الإنقاذ بعيدها و تراوحت التطلعات ما بين مستبشر بالإعتصام و بين من منى النفس بخروج مظاهرة تقضي على الإنقاذ قبل بلوج فجر الثلاثين من يونيو , و لكني كنت من ضمن الذين ينتظرون تردي الإمام إلى هاوية أسحق من الهاويات التي تردى إليها جراء وقوفه اللا مبرر في وجه التغيير في البلاد ! لقد صدق الإمام ظني و ظن كثيرين من الذين كانوا ينتظرون سقطات الرجل . لقد صدّق بعض الأنصار الصادق و خرجوا في كامل حلتهم و زينتهم الحربية بالحراب و السيوف بعد ما قام بعضهم بتطليق زوجاتهم ظناً منهم أن الليلة هي الليلة التي تطلق فيها صافرة الجهاد و لكنهم لما سمعوا الإمام يقدم لهم خيارين سلميين لإسقاط النظام كادوا أن يموتون غيظاً و حسرة . الأمام , و في كل مرة تدور فيها ساقية التداول في السودان ينتظر ثورة تحمله على أكتافها و تتوجه رئيساً بناءً على الحالة النفسية التي وطّن عليها نفسه و هو أنه مخدوم في بلاد السودان إلى الأبد حباً في البركة التي يشيعها بين الناس و الشرف الموروث من جده الإمام المهدي ! , بإختصار موقف الإمام هو "أنا السريف , إما فيها أو نفسيها " ! إن الإمام الآن يروج للحرب البينية و الإستقطاب على أساس العرق لو وصلت الجبهة الثورية إلى تخوم الخرطوم و نسى الإمام نفسه أن عرقه لم يحمله إلى هذه الحالة المقدسة التي أحاط بها نفسه و التي جعلت منه رجلاً مقبولاً لكل أعراق السودان المختلفة . لقد ذهب الإمام في تفكيره إلى إتجاه واحد و يكاد أن يقول إما أن يستمر هذا النظام "العربي" المبين و إما فلا للأميين الذين يريدون إلى حكم البلاد سبيلاً و لا يستطيعون ! السيد الإمام الصادق أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه عدو الشعب الأول بوقوفه في وجه التغيير و بتوفيره الغطاء للنظام الذي ولغ في دماء الأنصار و أبنائهم خاصة في دارفور التي زارها الإمام و دخل معسكراتها بدأً من أردمتا بالجنينة و التي زرف فيها دموعاً ربما على الذين لم يقض نظام الإنقاذ عليهم و عاد الإمام قافلاً إلى الخرطوم و في مخيلته هذاالتهديد الجديد لنظام التداول المعروف من إنقلاب وثورة شعبية ثم ديمقراطية ما تلبس أن يلتف عليها العسكر من جديد . و لأول مرة خاف الإمام على أن لا تؤول الأمور إليه حال ما تخطفت النظام المجرم القوى الدولية و المحاكم كيف و لا و في الساحة طرف ثالث ؛ متمردون مسلمون شماليون !. لقد كان بإمكان الإمام أن يقول ما قال ليلة أمس لرئيس الجمهورية عبر التلفون و ليس لهذه الحشود الغفيرة التي ظنت أن إمامها سوف يتمخض فيلد ثورة تعصف بكل شيئ و التي تكفلت عناء الإعتصام و التي أصيبت بالإحباط من فراغ كلمة الإمام من أي مضمون يمكن أن يبنى عليه و صراحة ربما قام الإمام بما أملاه عليه رئيس الجمهورية يإحتواء أي مظاهر ربما تؤدي إلى فوران الشارع السوداني في ليلة هي الأكثر ترقباً و الأقرب للمفاجأة من كل ليال الإنقاذ الحالكات . لقد أثبت الإمام أن "كيسه فاضي " و أنه فارغ "كجركانة" فارغة تحدث ضجيجاً كتلك "الجركانات" التي يربطها جنجويد "أم باغة" على الخيل و الجمال و يغيرون بها فإذا أصبح الصبح إتضح للناس حيلة "الأمباغة"! فقط بقى لي أن أسأل الإمام : في حال وصول الجبهة الثورية إلى الخرطوم , كيف تستقطب "عرقياً" من يدافع عن النظام الهالك من مثل هذه الجموع السودانية بكل أطيافها و ألوانها ؟