المتابع للأحداث الجارية فى الساحة السياسية المصرية قد يلاحظ عدة أشياء هى محل التأمل والترقب مقارنة بما يجرى من أحداث سياسية يتضمن صراعات مسلحة فى بعض الدول وعلى الاخص الوضع الراهن فى السودان حيث يدور فيها قتال منذ أكثر من 20عاما مما قاد ذلك الى إنفصال جزء عزيز من ترابها وشعبها وأقسي من ذلك انها خلفت الملايين من الأرواح نتيجة هذا الصراع السياسي الذى لايزال يحتدم ويفتك بالبلاد ويقضي على الاخضر واليابس, هذا وبشكل أخص ما يجرى فى دارفور طوال 10سنوات الماضية وما يجرى حاليا فى جبال النوبة منذ عام مضي. وبالاشارة الى ثورة ال25 يناير المصرية التى بدأت بمظاهرة شعبية وكتعبير عن الرأى فى حدود مطالب مشروعة لم تكن لتتجاوز قضايا معيشية كالغلاء وتوفير بعضا من الخدمات الأساسية، أما نقطة المطالبة برحيل مبارك وحزبه من الحكم لم يكن متداولا حينها, إلا ان تعنت النظام المصرى كما يفعل الحكام كعادتهم فى الاستجابة لمطالب شعوبهم المشروعة دون ان يدركوا قوة الشعب وارادتة الجامحة التى ماشاءت ستنسف بأي امبراطورية مهما يكن قوتها وجبروتها.. فى هذ المرة التى فاق حد التحمل ان تدخل الجيش المصرى الحر, الذى له نظامه ودستوره الخاص تفصله وعمله من النظام اوالحكومة لم تلجأ الجيش المصرى لحماية النظام بل انحاز على غير المتوقع الى جانب الشعب ومطالبه المشروعة.. وهنا يكمن بيت القصيد واذا ما قارنا هذه الحالة مع السودانية والجيش السودانى على سبيل المثال فحتما نحصل على معادلة عكسية كوننا نجد جيشا بكامل مؤسساتها وقواتها وعتادها يخضع الى ارادة الحزب الحاكم ويعمل شأنها شأن الحرس الخاص (Body Guards) لا أكثر ولا أقل الأمر الذى يشعرنا بالخجل والحزن الشديد حين نري ما يدور فى الساحة المصرية بشكل خاص والدور المحورى للمؤسسة العسكرية المصرية الذى عادة ما تقف الى جانب شعبها. اما بالنسبة للشعب المصرى ونسبة مشاركتهم فى الثورة هذا يدفعنا لأن نقف وقفة تقدير ولنقدم التحية والتهنئة لشعب مصر على الروح الثورى الجاد والتعبير عن رأيهم بشكل حضاري وراق والوقوف يدا واحدا وروح واحد شيبا وشبابا , نساءا ورجالا ضد القهر والظلم ومن اجل التغير والحرية وتحقيق الديمقراطية, كل سواء يهتفون ويرفعون شعار اسقاط النظام على قلب رجل واحد. ورغم القوة المفرطة التى استخدمته نظام مبارك ضد المتظاهرين الاوفياء لوطنهم, والذى راح حصيلتة سقوط مئات الشهداء الوطنيين وتوج دمائهم برحيل نظام الرئيس حسنى مبارك والتى كانت تعد من اقوى الانظمة فى الشرق الاوسط بمخابراتها وامنها التى بطشت شعبها بكل قوة وجاءت بحكومة جديد وبارادة حرة عبر صناديق الاقتراع، ذلك على الرغم من وجود هواجس كثير تشير الى قيام الاخوانيين بسرقة الثورة" الا ان صوت الشعب انتصرت على تعنت الحاكم بكل المقاييس وهنا يكمن سر استمرار الثورة المصرية حتى الآن فى اطار الحراك الشعبي غير المنقطع تحت شعار (إنقاذ الثورة). اذا ما قارنا هذا بالسودان التى مرت بعدد من الثورات السلمية والمسلحة, نجد ان الشعب السودانى لا يزال لا يملك ارادة حقيقية لان يتوحد وكى يقف بكلمة واحد امام اكبر دكتاتور ونظام فاسد على الارض, والذى قام بقتل عدد لا يحصى وتشريد الملايين وتدمير البنية التحتية الاقتصادية والثقافية بالبلاد وتقسيم نسيجه الاجتماعي....الخ، كل تلك المخالفات والتجاوزات ارتكبت فى حق الشعب السودانى ولا يزال لا يتوحد حول رؤية وهدف يجتمع حوله كافة القوى السياسية والشعبية من الاحزاب السياسية والحركات الثورية المسلحة والقوى المدنية...الخ، لتقول كلمتها على نحو سواء عنوانه التغيير عبر اسقاط النظام وانهاء الحكم المستبد لانقاذ الوطن. وكما لا بد لنا من وقفة تأمل هنا فيما يتصل بثورة ال30 يونيو لم نرى مشهد كالذى نراه الان فى شوارع القاهرة , خروج هذا الكم الهائل تحت رأى واحد وفى وقت واحد وشعار موحد، يعبرون عنها بهتافات قوية لم نسمعها من قبل , يأتى كل هذا فى وجه نظام له عام واحد ولكنه لم يلبى مطالبهم وبدأت فكرة سحب الثقة من رئيس فشل فى تحقيق ما وعد به امام الثوار فى ميدان التحرير يوم شهدت العالم اجمع تنصيبه بعد نجاح الثورة الأولى فى 25 يناير 2011 . هذا الفشل وحد مجددا صف كافة المصرين تحت راية (تمرد) وجمع توقيعات المواطنين يزيد عن 22مليون توقيع لسحب الثقه من الرئيس المصرى الحالى, وظل دور الجيش كما هو الحال فى السابق. لا نستطيع التنبؤ بنهاية هذا السيناريو ولكن يكفى ان نرى كل الشعب يهتف فى وقت واحد وبصوت واحد وهدف واحد: أرحل أرحل.. يسقط يسقط حكم المرشد. رسالتى الى كل فئات الشعب السودانى علينا ان نقوم بتوحيد صفنا وترتيب انفسنا بكل تجرد واخلاص من اجل الوطن ودماء كل الشهداء الذين سقطوا من اجل الحرية والكرامة وتحقيق الديمقراطية ومن اجل السودان الذى اصبح مرتعا للعابسين والراقصين على دماء الشرفاء فلا بد من العمل خلف راية واحدة موحدة تجمع كل قطاعات وطوائف المجتمع المختلفة من التنظيمات الشبابية ,الطلابية ,السياسية والحركات وفى حينها يمكن لنا اسقاط النظام وتحقيق دولة سودانية مدنية تسع الجميع . سحنون آدم الباحث فى مجال فض النزاعات الدولية \ القاهرة