ثروت قاسم [email protected] 1 – المزايدات ؟ يعرف الناس ، وحق المعرفة ، أن باب المزايدات العشوائية والحسد المرضي والكراهية غير المسببة ضد السيد الإمام مفتوح على مصراعيه منذ أن ولج ( ولم يبلغ العقد الثالث بعد ) أبواب الفضاء العام ، بكتابته لمانفستو ثورة أكتوبر 1964 ، وقيادته ، مع أخرين ، المفاوضات السلمية التي إنتهت بمغادرة الرئيس عبود القصر الجمهوري الي منزله الخاص في العمارات ! ولكن الأمر الذي حير الناس هو : + عدم مشاركة قادة قوي الإجماع الوطني في حفل تدشين حملة ( تذكرة التحرير ) ... التوقيعات المليونية لإقامة نظام جديد ... في دار حزب الأمة في أمدرمان في يوم الأحد 7 يوليو 2013 .
+ ضراوة الهجوم الغاشم من بعض رماة الحدق من المعارضة المدنية ضد وسائل مقاومة السيد الإمام لنظام البشير ، مع إنها في جوهرها وأهدافها النهائية مطابقة تمام التطابق ومتكاملة مع الأهداف والوسائل السلمية التي تدعو لها باقي مكونات المعارضة المدنية . الفرق فرق درجة وسرعة إيقاع وشئ من إستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ؟ المعارضة تؤمن بأن طريقها هو الأقرب والأقصر لبلوغ الهدف ، ولا يوجد طريق غيره . السيد الأمام يدعو الى السير في طريق مختلف ، ربما يكون أطول من طريق المعارضة ولكنه أسلم وأضمن ، وكما كان يقول الزعيم الأزهري : Slow but sure . نركز في هذه المقالة على هجوم بعض قادة المعارضة المدنية ( وليس المسلحة ) على السيد الإمام لأن وسائلها سلمية كما السيد الإمام ، بعكس المعارضة المسلحة التي لا تستبعد الخيار العسكري . يمكن أن نفهم وإن كنا لا نتفهم هجوم المعارضة المسلحة على السيد الإمام ، لإختلاف وسائل بلوغ الهدف المشترك . في الإسلام السني أربعة مذاهب ، كل مذهب إجتهاد شخصي في فهم قطعيات الوحي وصحيح الحديث . مسارات وإجتهادات مختلفة تؤدي الي نهايات وأهداف مشتركة ... وهي الفهم الصحيح للدين . لم نسمع في أبائنا الأولين أن أماماً ( أو صحبه ) شتم وبخس أشياء غيره من الأئمة الأخرين ، دعك من تخوينه . ولكن بعض رماة الحدق يبخسون السيد الإمام أشياءه ، بل يخونونه مع إن الهدف واحد مشترك ؛ والفرق في المسارات لبلوغ الهدف المشترك لا يسوغ التخوين والتخذيل والإقصاء وإغتيال الشخصية . الأمر الذي جعل السيد الإمام يردد الأية 14 في سورة الحديد مقابل رماة الحدق : (... وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ، وَتَرَبَّصْتُمْ ، وَارْتَبْتُمْ ، وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ ... وغركم بالله الغرور ) ! دعنا نستعرض أدناه الفروقات بين إجتهادات السيد الإمام وإجتهادات قادة باقي مكونات المعارضة المدنية ( بخلاف حزب الأمة ) لبلوغ هدف واحد مشترك ... إقامة نظام جديد بسياسات جديدة وقيادات جديدة ؟ 2- الفرق بين إجتهاد السيد الإمام وإجتهاد قادة باقي مكونات المعارضة المدنية ؟
يدعو السيد الإمام لرحيل نظام البشير ، ولإقامة نظام جديد بسياسات جديدة وقيادات جديدة بالوسائل السلمية مستبعداً الخيار العسكري والإستنصار بالأجنبي ، تماماً كما يدعو قادة باقي مكونات المعارضة المدنية . دعنا نستعرض أوجه الإختلاف ، وربما الخلاف ، في الوسائل لبلوغ الهدف النهائي المشترك ، في عدة نقاط أدناه . أولاً : يدعو السيد الإمام إلى التدرج في بلوغ الهدف النهائي حقناً للدماء السودانية الغالية ، ولعل نظام البشير يتذكر أو يخشى ، قبل الوقوع في بحور من دماء السودانيين . يطلب السيد الإمام من الشعب السوداني الضغط علي نظام البشير ليرحل من خلال: • التوقيع على ( تذكرة التحرير _ التوقيعات المليونية ) المطالبة برحيل نظام البشير ، حركة ( تذكرة التحرير ) التي أثبتت فاعليتها في حركة ( تمرد ) المصرية ؛ • ومن خلال الإعتصامات المليونية المستدامة في السوح العامة وأمام سفارات السودان في الخارج ، الإعتصامات المليونية المستدامة التي أطاحت بالرئيس مرسي ؛ في المقابل ، تطالب باقي مكونات المعارضة المدنية بعدم التدرج وتفجير إنتفاضة شعبية فورية ومن قولة تيت ضد نظام الإنقاذ للإطاحة به في خلال 100 يوم ، تنتهي في يوم الجمعة 6 سبتمبر 2013 . أستفزت باقي مكونات المعارضة المدنية نظام البشير بكشفها لمخطط ال ( 100 ) يوم للإطاحة به ، فكان أن شمر عن ساعديه ، وإستنفر عناصره ، وأجهض في المهد كل محاولات المعارضة لتفعيل خطة ال ( 100 ) يوم . حتي تاريخه ، مر من ال (100 ) يوم أكثر من 40 يوماً ، ولم نر طحيناً ؟ هل هذا التصرف من الحكمة في شئ ؟ وإذا لم تنجح باقي مكونات المعارضة في الإطاحة بنظام الإنقاذ بحلول الجمعة 6 سبتمبر ، تكون مصداقيتهم لوح ثلج وذاب في شمس السودان الحارقة ؟ ثانياً : + في نفس الوقت الذي يضغط فيه السيد الامام بحركة ( تذكرة الحرية – التوقيعات المليونية ) والإعتصامات ، يدعو السيد الإمام نظام البشير المشاركة في مفاوضات جدية حول مائدة الكوديسا المستديرة ، وإلا فسوف تهب رياح الإنتفاضة الشعبية السلمية غير المستنصرة بالأجنبي ، التي تؤسس ( النظام الجديد ) بسياسات جديدة وبقيادات جديدة . لاحظ إن السيد الإمام لا يستبعد بل يدعو للإنتفاضة الشعبية في حال فشل حركة ( تذكرة الحرية ) والإعتصامات في إقناع نظام الإنقاذ الوصول إلى تسوية سياسية . ولكن الفرق بين إجتهاده ، وإجتهاد باقي المعارضة ، أنه يصل إلي خيار ( الإنتفاضة الشعبية ) بعد فشل حركة ( تذكرة الحرية ) والإعتصامات في الضغط على وتليين موقف نظام البشير . ثالثاً : يصر السيد الإمام على محاولة إقناع والضغط على حكومة الخرطوم للوصول الي تسوية سياسية لأنه يؤمن بدولة المواطنة التي لا تقصي حتى أباطرة الإنقاذ ، إلا المفسدين والمجرمين منهم الذين سوف تتم محاكمتهم قضائياً. ألم يُكون الأباطرة حوالي 20% من أخر برلمان ديمقراطي في عام 1986 ؟ لا يسعى السيد الإمام لإقصاء أي مواطن سوداني ، حتي لو كان من الأباطرة . ولكن تصر باقي مكونات المعارضة على إقصاء الأباطرة من التداول السلمي للسلطة والثروة والفكر والثقافة ، ومعاملتهم كما يُعامل الصحيح الأجرب ؟ ترفض باقي مكونات المعارضة مد اليد للأباطرة ، كما يقترح السيد الإمام . وتستنكر وتدين بل تخون إجتهاد السيد الإمام في محاولة التفاوض معهم للوصول إلي تسوية سلمية . وفي نفس الوقت ترحب باقي مكونات المعارضة المدنية بل تطلب من حكومة الخرطوم التفاوض مع الحركة الشعبية الشمالية ؟ هل هذه إزدواجية أم شئ اَخر لا نعرفه ؟ ونزيدكم كيل بعير ، ونذكر بأن قادة باقي مكونات المعارضة المدنية يدعون في أدبياتهم إلى دولة المواطنة ... مع أقصاء تام للأباطرة ؟ ولا نعرف كيف تكون دولة مواطنة وتقصئ 20% من المواطنين الأباطرة ؟ رابعاً : نجحت حكومة الخرطوم في جعل المعارضة المدنية والمسلحة فى حالة اقتتال داخلى ، وإضعاف ذاتى ، وانقسام تخويني . إنشغلت المعارضة بنفسها ومشاكلها الصغيرة بين مكوناتها ، بحيث لا تستطيع أن تفكر فى الدخول فى معارك خارج محيط المعارضة ، وضد حكومة الخرطوم . لوسألت القائد ياسر عرمان أو الدكتور عمر القراي او القائد ابوالقاسم إمام ليحدد لك العدو نمرة 1 ، فسوف لن يتردد لحظة قبل أن يقول ( أبو الكلام ؟ ) ! نعم ... نجحت حكومة الخرطوم في تفتيت المعارضة بشقيها المدني والعسكري لدرجة أن يطالب حزب البعث بطرد حزب الأمة من تحالف قوى الإجماع الوطني ... حزب الأمة الذى نال 44% من مقاعد أخر برلمان ديمقراطي ( 1986 ) ، بينما لم تنل احزاب البعث مجتمعة على أي مقعد ؟ ألم يأتيك حديث البطل علي محمود حسنين وهو يدمغ مبادرة ( تذكرة التحرير ) بالساذجة ، وهي التي أطاحت بالرئيس مرسي ، رغم تباين المواقف بين مصر والسودان ؟ خامساً : هل لاحظت كيف يتقبل قادة باقي مكونات المعارضة بصدر رحب نفس إجتهادات السيد الإمام عندما ينطق بها غيره ؟ مثلاً فكرة المائدة المستديرة التي أقتبسها مركز الدوحة العربي للأبحاث ودراسة السياسات من السيد الإمام ؟ وفكرة التعامل مع الرئيس البشير التي إقتبسها الدكتور الواثق كمير من السيد الإمام ؟ وفكرة التوقيعات المليونية التي بادر بها السيد الأمام في خطبة عيد الإستقلال 2012 ، قبل أن تتبناها حركة ( تمرد ) المصرية في أبريل 2013 ( 16 شهراً بعد أن نطق بها السيد الأمام ) وتفعلها خلال فترة زمنية لم تتجاوز ثلاثة أشهر قصيرة ؟ لا بأس من قبول الفكرة حتي لو جاءت من الشيطان الرجيم ... إلا من السيد الإمام فلا والف الف لا ؟ وقديماً كان في الناس الحسد ؟
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ... ) . ( 54 - النساء ) سادساً : صلح الحديبية الحديبية مكان بالقرب من مكة شمالاً . وتم عقد ( صلح الحديبية ) بها في مارس 628 ، بين المسلمين القادمين للعمرة من المدينة ، وقريش حاكمة مكة . قدم الرسول ( صلعم ) تنازلات كثيرة لقريش في هذا الصلح ، الأمر الذي أغضب أصحابه لدرجة رفضهم لبعض طلباته لهم . قدر الرسول ( صلعم ) بأن واقع الأحوال على الأرض يملي عليه نهجاً تصالحياً ناعماً يبعده من المواجهة الخشنة ، فمن مقاصد الشريعة قبول أخف الضررين . السيد الإمام يحاكي الرسول ( صلعم ) في صلح الحديبية ، ويدعو للتفاوض مع نظام البشير ، والضغط عليه بوسائل ناعمة ( تذكرة التحرير والإعتصامات ) وصولاً الى الإنتفاضة الشعبية السلمية في أسوأ الحالات ، بدلاً من الدعوة للأنتفاضة السلمية الفورية في ظرف 100 يوم كما تدعو باقي مكونات المعارضة المدنية ! ذلك إن نظام البشير له وجوداً عسكرياً وأمنياً ً وسياسياً لا يجدي إغفاله ، خشية التهلكة لأبناء السودان من الطرفين ؛ تماما كما قدم الرسول ( صلعم ) من تنازلات بطعم الحنظل لقريش في صلح الحديبية ، فكان نصيبه غضب وحنق وتمرد صحابته عليه ( تماما مثل غضب بعض المعارضة المدنية ضد السيد الإمام لدرجة تخوينه ) ، حتي نزلت الأية 18 في سورة الفتح : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم ، فأنزل السكينة عليهم ، وأثابهم فتحا قريبا ) .
العبرة من صلح الحديبية وكلمة الحكمة في الموقف الماثل في بلاد السودان ، هي اقبال كافة أطراف المعارضة والحكومة على مصالحة وطنية جامعة ترسم خريطة مستقبل جامع مانع يحقق أهداف ميثاق ( النظام الجديد ) ، ويجمع كلمة الشعب السوداني على خطة محكمة لبناء الوطن. سابعاً : نجح الشباب وعناصر المعارضة المدنية في مصر في إزاحة الرئيس مرسي وقبله الرئيس مبارك بدون قيادة سياسية ملهمة ! لماذا لا يفعلها الشباب وعناصر المعارضة المدنية في السودان ، بدون تخوين السيد الإمام وتجريمه ، وهو الذي لم يحوش أحداً من الإنتفاضة ، بل دعى اليها بوسائله الخاصة ، وأكد مساندته لمن يبادر بالقيام بها ؟ ثامناً : تهز باقي مكونات المعارضة المدنية سيوفها الحنجورية فى مواجهة كلاشات نظام الإنقاذ ، رغم تحذير السيد الأمام لها بأن السياسة لاتكون الا مع الحرفنة ، والا كانت تهوراً غبياً يؤدي بالكل إلى التهلكة ... وما كل ما يُعرف ويُخطط له يُقال في الأسافير ... والحرب خدعة ؟