النائب السابق لرئيس المحكمة الدستورية: الاستقواء بالخارج جريمة تصل لمستوى «الخيانة العظمى» صحيفة الوطن، كتب: محمد يوسف ومجدي أبو الليل، الجمعة 19-07-2013 لا تزال المستشارة تهانى الجبالى تثير الجدل بعد موقفها من حكم الإخوان ومواقفها والتهديدات التي تلقّتها في نهاية فترة حكم محمد مرسى الرئيس المعزول، وصلت إلى الحد الذي أُعدت فيه مادة دستورية لإبعادها من المحكمة الدستورية العليا. تهانى الجبالى قالت في حوارها مع «الوطن» إنها لن تعود إلى «الدستورية» حتى لو كان هذا حقها، لتؤكد أن خصومتها مع الإخوان لم تكن من أجل المنصب، وإنما من أجل الوطن. وأضافت أنها مستعدة لمناظرة القيادي السلفي ياسر برهامى حول المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية في الدستور، بل ومناظرته في كل الأمور الشرعية. وأكدت أن شرعية «مرسى» سقطت قبل 30 يونيو عندما حنث بقسمه. تهاني الجبالي في حوارها ل"الوطن" * هل نحتاج إلى دستور جديد، أم نكتفي بتعديلات على دستور 2012؟ - ما حدث في 30 يونيو ترتبت عليه حالة ثورية جديدة أدت إلى خروج الرئيس من المشهد السياسي، واستحداث سلطة مؤقتة، ممثلة في المستشار عدلي منصور، وبداية مرحلة انتقالية جديدة بمهام أُعلنت في بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، بمعنى أن اللحظة الثورية أسقطت الدستور القائم بكل أركانه، بدليل أن السلطة الفعلية القائمة بعد عزل محمد مرسى من منصبه، حلت مجلس الشورى كسلطة تشريعية، ولا بد من دستور جديد للبلاد يحترم المكونات والهوية والأمن القومي لمصر، فقضية الدستور لا بد أن تكون حاسمة، ولا بد من دستور جديد يحظى بتوافق حقيقي. * ما رأيك في اللجنة التي شُكلت لتعديل الدستور؟ - هذه اللجنة تبدو مقدمة لتشكيل متماثل، ويجب تكامل أطياف المجتمع المصري على قدم المساواة في قضية وضع الدستور الجديد، لأن القضية الحقيقية والأزمة تتمثل في ممارسة الغلبة عند كتابة الدساتير، ولا بد أن نشعر أننا متساوون جميعاً. * هناك تخوّفات لدى حزب النور من المساس بمواد الشريعة الإسلامية في الدستور الجديد؟ - هناك من يريد أن يستقل بكتابة الدستور، وعلى التيار السلفي أن يدرك أن التجربة أمام عينيه، إذا مارس شكلاً من أشكال الاستعلاء و«الفيتو»، فإن الشعب المصري سيُقصيه كما أقصى الإخوان، ونحن ندرك أن خطورة الأمر كانت بعد المرحلة الملتبسة بعد ثورة 25 يناير، حيث دخل عليها وافد على المشهد الوطني المصري هو التيارات التي تتحدث باسم الدين، وهذه التيارات أسست أحزاباً على أساس ديني ومرجعية دينية، وهو أساس خاطئ لبناء الأحزاب التي يجب أن تقوم على أساس وطني ومرجعية من الدستور والقانون. * ما التوصيف الصحيح لما حدث مع الرئيس، عزل أم انقلاب؟ - الشعب أقال الرئيس بالثورة، لأن الشعب هو مصدر الشرعية، وبالتالي الخروج الجماعي للشعب المصري سبق أن أخرج حسنى مبارك الرئيس الأسبق من المشهد السياسي، بغض النظر عن أن الجيش المصري تدخّل لتنفيذ إرادة الشعب المصري، وحالة الاحتشاد الوطني التي حدثت في 30 يونيو هي نفس السياق الذي حدث في 25 يناير، وبالتالي هذا الذي حدث أدى في النهاية إلى إسقاط نظام حكم أعادنا مرة أخرى إلى الشرعية الثورية، والآن نحن نعيش في إطار شرعية ثورية جديدة تنتقل بنا إلى مرحلة انتقالية جديدة فيها إعادة ترتيب لمهام العمل الوطني، وبالتالي فقد سقط النظام بأركانه، وهو يشمل سقوط الدستور. * لكن الحديث كان عن تعطيل العمل بالدستور الحالي وليس إسقاطه؟ - التعطيل هو التعبير الدقيق عن السقوط، لأن الثورة تنشأ شرعيتها الدستورية الجديدة، وهذا حدث في دستور 1971، ولو نذكر أن نفس القوى التي تتحدث الآن عن شرعية، هي التي رفضت عودة دستور 1971 من التعطيل وأصرت على دستور جديد للبلاد أدى في النهاية إلى الانحراف عن التوافق الوطني، وكان بداية النهاية للنظام، لأن بناء الشرعية الدستورية يقوم بالأساس على التوافق الوطني، إذا سقط التوافق الوطني فذلك مقدمة لثورة جديدة، ولم يعِ الإخوان الذين مُنحوا فرصة تاريخية لإدارة البلاد، وقيادة مرحلة جديدة، أن بناء التوافق الوطني هو عنوان استقرار السلطة، لأنهم كانوا أسرى مشروعهم الخاص وخطتهم لتمكين أنفسهم من أدوات الدولة التي يجب أن تقف في كل المراحل على مسافة واحدة من كل الأطياف، فالدولة لا تؤمم، وما يتم الوصول إليه هو السلطة، والدولة شيء والسلطة شيء آخر. * هذا يعنى أن الإخوان سقطوا في المرحلة التي حكموا فيها؟ - نعم، الشعب المصري منح للإخوان فرصة تاريخية للدخول في نسيج الجماعة الوطنية، وأن يصبحوا تنظيماً شرعياً بعد أن كانت تنظيماً سرياً غير شرعي بشروط الوطن، ولكن الإخوان أخفقوا، لأنهم ظلوا أسرى لمشروع آخر، وتحالفات أخرى، وللأسف كان الإعلان في النهاية بأنها كانت رأس الحربة للمشروع الأمريكي في المنطقة، وهذا الإعلان المباشر يأتي من واشنطن الآن، بالاعتراف بصرف 8 مليارات دولار للتنظيم الدولي للإخوان لتبوء السلطة في المنطقة العربية باتفاقات من أجل الوطن البديل في سيناء بديلاً عن فلسطين، الشعب والمصير والدولة. الشيء المر هو أن هذه القيادة القطبية للتنظيم الدولي ما زالت تمارس نفس الأخطاء التاريخية التي مارستها من خلال اعتقادها أنه بامتلاكها أدوات العنف يمكنها أن تُخضع وطناً، وأن تستخدم الدم سبيلاً، وهذه الخطيئة ترقى إلى الخيانة العظمى، لأن الدم الوطني حرام، ولا يمكن لأي إنسان أن يصل إلى مرحلة استحلال الدم من أجل السلطة، وهذه هي الخطيئة التي ستُخرج الجماعة من التاريخ. * البعض يعوّل على إمكانية أن يعود الإخوان من خلال أجيال جديدة وقيادات جديدة، ما رأيك؟ - ربما تستطيع أجيال جديدة لم تلوّث يدها بالدم، ولم تمارس شكلاً من أشكال القيادة، وأن تعيد النقد الذاتي لمسار هذه الحركة، ومسار هذا التنظيم القائم وما حدث، وتنتج الجديد، فقد يحدث هذا، لأنه بالتأكيد مفهوم الإقصاء يجب ألا يشمل هؤلاء، لأن هؤلاء طالما أنهم لم يرتكبوا جريمة، ولم يكونوا قيادات في إطار هذه المرحلة أو طرفاً في الاتفاقات المشبوهة التي يترتب عليها إهدار الأمن القومي المصري بما فيه زراعة الإرهاب في سيناء، وبما فيه بيع نصف سيناء وفق المعلن في واشنطن وليس في مصر، والوصول إلى مرحلة التخابر مع الأجنبي من أجل استجلابه، ولإحداث حالة من الفراغ الأمني في مصر وترويع الشعب المصري وكل ما ستكشف عنه الأيام، فهذه جرائم يجب أن يُحَاكموا عليها وفقاً للقانون، ولا بد أن تكون المحاكمة العادلة هي المعيار. * هل يُحَاكم الإخوان وحدهم، أم كل من ساعدهم على ارتكاب هذه الجرائم؟ - كل من ارتكب جريمة آثمة وفقاً للقانون يجب أن يُحَاكم، وهذا هو عنوان الدولة القانونية، وكل قواعد شعبية انتمت إلى فكرة أو تنظيم، من حقها أن تراجع نفسها، وأن تعيد إنتاج نفسها في إطار سياق وطني، وبالتالي لا يجوز أن يصل الإقصاء إلى هذه القواعد. * وفقاً لذلك، على أي أساس يمكن أن تنطلق فكرة المصالحة الوطنية التي ينادى بها البعض؟ - المحاسبة تكون قبل المصالحة، والشعب أصدر قراراً وخرج بثورة عنوانها سقوط حكم المرشد، وليس سقوط حكم الرئيس مرسى، وبالتالي فهو يعي أن مصر كانت تُحكَم من خلال مكتب الإرشاد، وليس من قصر الرئاسة، ومن يتجاوز حدود واقع ما حدث، يكذب على نفسه ويضيّع الوقت، لأنه من المعلوم أن الشعوب حين تخرج لا يخرجها أحد، وحين تخرج لا تعود إلا منتصرة، وهذا هو درس التاريخ الذي لم يقرأه الإخوان أو قرءوه ونسوه. * ما توصيفك لاستمرار اعتصام رابعة العدوية إذا كان الأمر بلا جدوى؟ - اعتصام رابعة العدوية استغلال للبسطاء، وشكل من أشكال التضليل والتزييف باسم الدين، لأن استقطاب هؤلاء البسطاء من القرى، ومن النجوع، ومن المناطق الشعبية، ونحن نعلم كيف يحدث ذلك وما يحمله في طياته من ابتزاز لهؤلاء البسطاء، لأن هذه القيادات تحرّضهم على أبناء الوطن الواحد وتحرضهم ضد جيش مصر الوطني وعلى الشرطة المصرية، ولم يخجل تنظيم الإخوان في أن ينادى الأجنبي ويفخر بأنه ينادى بأن يأتي من يريد الشرعية، شرعية من وماذا؟ فالشرعية مصدرها الشعوب وليس الأجنبي، وهي خيانة جديدة وجريمة أخرى ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى، والمأساة الحقيقية أن يكون وقود هذا كله مواطنون بسطاء وشباب وأمهات وأبناء وبنات، التضليل باسم الدين دفعهم إلى عبادة المرشد بديلاً عن عبادة الله، وأن يكون في النهاية الطاعة للمرشد أهم من طاعة الله، لأن الدم حرام على كل مسلم، والنفس بالنسبة للمسلم محرّمة حتى إن كانت كافرة، فما بالنا بأبناء الوطن الواحد. * هل حالة الصدمة التي يعيشها الإخوان الآن يمكن أن تخلق منهم جماعة إرهابية؟ - الإخوان يمارسون العنف والإرهاب طوال الوقت، بل إن الجماعات التي خرجت من عباءتهم مارست هذا، وحملت السلاح ضد الدولة المصرية وروّعت الشعب، وتحدثت عن القتال في حضور «مرسى»، خلال مؤتمر نصرة سوريا الذي لم يكن إلا مؤتمر نصرة للعنف والقتل، والفتنة واستمرار الذبح باسم الدين، وهو مشهد يؤكد أن الإخوان لم يتخلوا عن المنهج الذي انتهجوه منذ إنشاء التنظيم الخاص في بداية العشرينات، ومن خلاله مارست عنفاً وقتلاً وفي النهاية كان الناس يتصوّرون أنهم تعلموا الدرس، فهم تاريخ من الصدام مع سلطة الملكية وسلطة يوليو ومع الرئيس السادات، وللأسف لم يستوعبوا هذه الدروس ولم يكونوا إلا تنظيماً إرهابياً مسلحاً، وما تردد على لسان اللواء الراحل عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية الأسبق، الذي قال إن الإخوان يملكون تنظيماً مسلحاً، كان صحيحاً، ولا يمكن لأي فصيل أن يمتلك قوة مسلحة ويصبح جزءاً من العملية السياسية، لأنه بهذا يخرج من دائرة العمل السياسي إلى دائرة المواجهة المسلحة مع الدولة. * كيف سينتهي المشهد الحالي في ظل ممارسة الإخوان للعنف؟ - الشعوب تقدم دائما ثمن الحرية، ونحن لن نقبل إلا أن نعيش أحرارا حتى لو دفعنا الثمن أعمارنا لأننا لسنا أغلى من الوطن وما يحدث الآن من مواجهة جزء منها عنوانه القضاء على الدولة المصرية من خلال زرع الإرهاب في سيناء واستجلاب تنظيم القاعدة وأيمن الظواهري وحماس والآن هناك مواجهة بين الجيش المصري الوطني وبين بؤر الإرهاب التي زرعها هذا النظام في سيناء. * بماذا نصحتم مرسى عندما اجتمعتم به قبل أن يحلف اليمين بالمحكمة الدستورية؟ - قلنا له نريدك رئيسا لكل المصريين لا رئيسا لجماعة الإخوان، ونريدك رئيسا بأدوات الدولة الوطنية المصرية لا بأدوات الجماعة وهو سمع ذلك من رموز القضاء الدستوري ولم نكن نتمنى أن تعيش مصر مرة أخرى حالة الإنهاك التي كنا عليها وبالتأكيد كل ذلك على حساب وطن وشعب ووقت ولكن ربما في هذا مصلحة للوطن لأنه قد يكون استمرار الأوضاع في نفس السياق الذي اختاره تنظيم الإخوان لفرض فيتو وهيمنة على الوطن كان يهدد باستمرار وضع فيه شكل من أشكال الابتزاز أكثر منه مشاركة في الوطن وأراد الله بهذا الوطن خير أن تكشف كل الأوراق وأن يكتشف الناس أن الإخوان يواجهون المجتمع المصري لأن ما كان يحدث في المراحل السابقة دائما كان صراعا بين الجماعة والسلطة سواء السلطة الملكية أو الجمهوريات فيما بعد ولكن هذه المرحلة الجماعة في مواجهة الشعب المصري فالمواجهة مع الشعوب خاسرة. * ما تفسيرك لهذا الاعتداء المتكرر الذي ينتهجه الإخوان على سلطة القضاء؟ - المعركة الحقيقية مع سلطة القانون ودولة القانون، ومع السلطة القضائية لأنها عنوان الدولة الديمقراطية الحديثة، ولأنها يمكنها أن تصحح كل الذي يجرى فكان لا بد من دخولها في بيت الطاعة وهذا يفسر العدوان المتكرر على سلطة القضاء، لكن سقوط مرسى وجماعته، رسالة للشعوب بأن من يحكم الآن مصر هي دولة القانون وقمة دولة القانون وهي التي ترتب مهام المرحلة الانتقالية المقبلة من أجل دولة وطنية ديمقراطية حديثة لأنهم ليسوا أصحاب مصلحة وهم ليسوا فصيلا سياسيا وليسوا طرفا في الصراع أساسا وهم أمناء على المرحلة الانتقالية وما حدث هو من مفارقات القدر ومن الرسائل الربانية، ولا أحد يتصور أن ما حدث في 30 يونيو لا من فعل نخبة سياسية أو قيادات ولا أحزاب سياسية ما حدث كان حماية لهذا البلد من الله عز وجل لأنه كان مهددا فعلا بالتقسيم على أساس جغرافي وعلى أساس سياسي وعلى أساس طائفي وما حدث في سيناء التي كادت أن تعلن إمارة إسلامية من زويد لرفح ثم محاولة اقتطاع منطقة قناة السويس بدعوة التنمية ثم التنازل عن حلايب وشلاتين وكل هذا كان يهدد بتقسيم مصر جغرافياً. * يمكن القول أن حزب النور يمارس الهيمنة باسم الدين ويرفض أي مساس بالمادة الثانية؟ - المادة الثانية كانت مستقرة في وجدان وضمير الدستور المصري والشعب المصري قبل أن يأتي هؤلاء إلى المشهد السياسي، وهي أحد أركان الدولة الوطنية المصرية فلا أحد يزايد علينا في ديننا وإنما لا تزال هناك محاولة لممارسة شكل من أشكال الهيمنة باسم الدين وهذا أسقطه الشعب المصري في ثورة 30 يونيو، ولابد لحزب النور أن يستوعب أن المشهد يستحق أن يرتفع الجميع لمستوى المصلحة الوطنية دون ممارسة مرة أخرى للخطأ الذي مارسته الإخوان والتيارات المتحالفة معها ما أدى إلى خروج الشعب المصري * ما المواد الأخرى التي يجب تعديلها في الدستور؟ - هناك مواد خطيرة تؤسس لدولة دينية لأن هذا الدستور أعطى مرجعية لهيئة كبار العلماء في إطار التشريع وتلك هي ولاية الفقيه ونحن لن نرضى بهذا، والنص الذي يقال إنه تفسير للمادة الثانية هو نص معيب على مستوى الفقه والفهم الحقيقي لقضية الشريعة الإسلامية، وعندما يأتي أحد ليفرض علينا الطائفية باسم تفسير المادة الثانية نقول له توقف نحن سنناقش هذا، وعندما قال ياسر برهامى ذلك في الحديث الذي أذيع، كنت حزينة لأنه إذا كان عالما في الدين فلا يخشى المناقشة ومستعدة لمناظرة ياسر برهامى علنا حول أي قضية فقهية وحول المادة الثانية والمادة المفسرة لها حتى يعرف الشعب المصري أن هذا النص ضد الشريعة وهو نص يؤخذ عليه ولا يستحق كل هذا العناء من التيار السلفي وأننا لن نبقى أسرى الفقه المحدد دون باقي الفقه ولا نخشى حتى مناقشة التيار السلفي برموزهم لكن ممارسة الهيمنة على الوطن أمر مرفوض رفضا كاملا. * هل يلعب حزب النور نفس الدور الذي كان يلعبه الإخوان المسلمون بعد ثورة 25 يناير؟ - هذا ما يبدو في المشهد حتى الآن وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا ولا يستطيع أحد أن يهيمن على الثورة وأنا أوجه ندائي للسلطة القائمة باعتبارها سلطة مؤقتة لمصر كلها وليس لفصيل ولا لجماعة ولا لتيار ولا لحزب معين، أن تكون المصلحة الوطنية العليا هي المرجعية وأن يكون عنوانها مصر الواحدة وليست مصر المنقسمة وأنا أعلم جيدا أن من آلت إليه أمور مصر دون انتظار يفعل ذلك هو قاضٍ جليل ورئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور وعملت معه عشر سنوات. * هل ترين قدرته على أن يعبر بمصر بسلام خلال المرحلة الانتقالية؟ - هو ليس صاحب مصلحة ولم يسع للسلطة، ومنصب القاضي يعلو أي سلطة وبعد منصب القاضي لا يساوى أي منصب الطموح، والمستشار عدلي منصور يفهم جيدا معنى الدولة القانونية ويعرف جيدا مكونات واعتبارات إدارة الدولة ومارس هذا الدور في المحكمة الدستورية ويجب ألا يمارس عليه أي ضغوط وإذا تمت ممارسة أي ضغوط فعليه أن يعلنها للشعب المصري وهو كشعب كفيل بتصحيح أي مسار. * ما رأيك في الإعلان الدستوري؟ - الإعلان فيه استعارات وقضايا مختلف عليها وكان من الممكن أن يصبح أفضل مما جاء عليه كثيرا ولكن بما أنه وثيقة مؤقتة يمكن قبوله لكن لا بد من احترام الإرادة الشعبية بوضع دستور جديد للبلاد لأننا نريد دوله محصنة وليأت من يأت بأغلبية لكن الدستور الجديد يحصن البلاد ضد أي نظام مستبد ويحمى الأمن القومي ويحترم هوية مصر ويضعها بشكل دقيق علميا وأن يكون محكما يكون فيه وضع مصر في الجغرافيا والتاريخ وأن يمكن مصر من تبوء مكانتها الإقليمية، والعربية، والإسلامية ويكون عنوانه التوافق الوطني وليس الانقسام الوطني والفرقة الوطنية هذا هو الحلم لدستور مصر. * البعض يردد أن الرئيس المؤقت لا يحكم وأن القوات المسلحة هي الحاكم الحقيقي؟ - هذا ليس صحيحا وهذه مزايدات في المشهد لأنه من المعلوم أن الجيش المصري حمى الإرادة الشعبية في ثورة 25 يناير وفي ثورة 30 يونيو، ولماذا لم يكن هذا هو رأيهم عندما حكم المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير وشاركوا معه في عملية سياسية بعد مبارك، الاتهامات المغلوطة والمعايير المزدوجة تكذب نفسها بنفسها وهم يعلمون جيدا أن الجيش المصري مجرد حامٍ للإرادة الشعبية غير طامع في السلطة ولا راغب فيها ويريد أن يتفرغ لمهامه الوطنية لكن جزءا من مسئولية ومهمة الجيش هو حماية الأمن القومي في الخارج والداخل، ومصر كانت على شفا حفرة من النار إذا استمرت الأوضاع على ما كانت عليه والسلطة متغيرة والدولة هي الثابت، لكن هناك من يعبد السلطة ويتآمر على الوطن وعلى الجيش المصري، والجيش المصري لا يتدخل في الحكم وهناك حكومة الآن لها ملفات مثل الأمن والاقتصاد ودورها معروف. * ما رأيك في موقف الإخوان المسلمين الآن؟ - الحقيقة عبادة السلطة عبء على أصحابه، وطوق النجاة في استيعاب الدرس وقبول نتائجه ومحاولة النقد الذاتي والتطور للدخول مرة أخرى في المشهد، لكن رفع السلاح في مواجهة الوطن والشعب يعنى أنهم يضعون لأنفسهم حيثيات الإقصاء لأننا لن نقبل أن يحكمنا أحد بالميليشيات ولا بالسلاح ولا بالدم ولا بالتآمر مع الأجنبي. * هل يمكن العمل بقانون الانتخابات الموجود في المحكمة الدستورية خاصة أن بيان خارطة الطريق ناشد المحكمة الدستورية سرعة الانتهاء منه؟ - لا بد أن يعود قانون الانتخاب للحوار الوطني لوضع مشروع قانون عادل فيه مساواة بين المواطنين وتقسيم عادل في الدوائر إضافة لوضع الضمانة الرئيسية لنزاهة الانتخابات من خلال التصويت الإلكتروني لأن هذا يقضى على 90% من أساليب التزوير. * لكن بعض الآراء ترى أن تطبيقه مكلف للدولة؟ - المهندس نجيب ساويرس أعلن عن تمويل المشروع بالكامل ولابد أن تدخل مصر في هذا فورا وهو نظام موضوع من خلال نظام دولي تملكه الأممالمتحدة وترسل الخبراء ضمن إدارة العدالة الانتقالية وهذا حدث في السودان وعملوا لهم مفوضية الانتخابات ويطبق أيضاً في شيلي وجنوب أفريقيا ودول أوروبية عديدة والدولة المصرية يمكن أن تطلب من الأممالمتحدة لأن ساويرس ليس هو من سينفذه بل سيموله فقط. * هناك مطالبة بسرعة انتهاء الدستور وتعديلاته؟ - أعتقد سيكون هناك خلل في إدارة المرحلة الانتقالية إذا مر الدستور بهذا الشكل وسيكون تحديا لإرادة الشعب وأنا كخبير دستوري أرى أن هذا الدستور كارثة يحمل مواد لا تقل عن 10 مطلوب حذفها و10 مطلوب إضافتها وتعديل حوالي 56 مادة. * ما رؤيتك لدعوات حل حزب الحرية والعدالة لتكوينه تشكيلات عسكرية وهو ما يمنعه الدستور والقانون؟ - هناك أكثر من دعوى أمام القضاء بالفعل وهذا يهدد بالفعل أن يصدر حكم قضائي وهذا لا يعد إقصاء وعلى من يرتكب الخطأ أن يدفع ثمنه ورب ضارة نافعة يمكن للعناصر المعتدلة أن تعيد تكوين نفسها والوطن يتسع للجميع. * هل يمكن أن تتم المصالحة في ظل ما يجرى من أحداث؟ - مفهوم المصالحة لدينا خاطئ وتجربتي شخصية لأنني كنت ضمن خبراء الأممالمتحدة الذين شاركوا في المصالحة في جنوب أفريقيا، والمصالحة يجب أن تكون على أساس المحاسبة أولاً، وعنوان المصالحة رأب الصدع بين الجاني والمجني عليه. * وما رؤيتك القانونية للاتهامات الموجهة لقيادات الإخوان؟ - ستكون هناك محاكمات عادلة ولكن هناك تحريضا علنيا على قتل المتظاهرين هل هناك بعد ذلك جريمة؟ * قلت قبل ذلك إن المجلس العسكري في المرحلة الانتقالية الأولى لديه أسرار وملفات يجب الإفصاح عنها فما هي هذه الملفات؟ - نعم هناك ملفات وأنا في انتظار أجهزة الدولة المصرية لتفصح عما لديها من ملفات ومعلومات والشيء المحزن أننا كنا نعيش في ثورة سلمية وهناك من كان يغدر بنا ويدمر ويحرق ويفتح السجون ويروعنا بالقنص، وما حدث في تحقيقات وادي النطرون ينبئ بالكثير وأنا أتمنى من كل الأجهزة الوطنية أن تعلن كل الحقائق حول هذه المرحلة الملتبسة لأن من حقنا أن نعرف. * كيف ترين مطالب عودة الرئيس مرسى؟ - هي غيبوبة لأن سقوط الشرعية كان سابقا على الخروج من المقعد حتى عندما كان ما يزال في قصر الرئاسة، و30 يونيو كانت إعلانا عن السقوط لكن سقوط الشرعية تم منذ اليوم الذي حنث فيه باليمين الدستورية، حين خرج المستشار أحمد مكي وقال إنه «هيصوم 3 أيام» وكأنه يدير «دكانة»، وحين يحنث باليمين يخرج من الشرعية. - هل ستعودين للمحكمة الدستورية مرة أخرى؟ - لن أعود للمحكمة الدستورية ولكن أتمنى أن يُزال العدوان الذي حدث عليها وأن تسترد المحكمة استقلالها وكوادرها التي خرجت ظلما لكنى أعلن أنني لن أعود لمنصبي في المحكمة الدستورية حتى لو كان حقا لي ليعلم الشعب المصري أنه لم يكن بيني وبين هؤلاء خصومة شخصية ولم أكن أدافع عن منصب لكن كان بيني وبينهم مصلحة وطن أريده موحدا ويريدونه منقسما ومنكسرا. تعليق: شوقي إبراهيم تعتبر المستشارة تهاني الجبالي أحد أكبر العقول المصرية في بناء الدولة المدنية الحقوقية الحديثة، راجع النص الأحمر أعلاه وعملها في إعادة بناء دولة جنوب أفريقيا، وكانت ناب رئيس المحكمة الدستورية وإلى حين قسم محمد مرسي الدستوري، وأصرت هي واثنان معا من قضاة المحكمة الدستورية بل أجبروا المحكمة أن يقسم مرسي القسم الدستوري في مبنى المحكمة الدستورية، ثم أصر الثلاثة أيضا أن يقسم في وجود كاميرات الإعلام على الهواء مباشرة – أي إشهار القسم!! وكما شرحت المستشارة تهاني الجبالي.. مرسي كان "يتهرب" من القسم ويستهزئ به إشارة أو تمهيدا على أنه كان يبيت النية للانقضاض على الدستور والدولة المصرية، وفي آخر الأمر.. يمكنه (مرسي أو غيره..) أن يصوم ثلاث أيام كفارة عن الحنث بالقسم!! هذا هو التفكير الإخواني تجاه الدستور!! بعد إزاحة مرسي مباشرة، هدد العاملون المنسوبين لمرسي داخل تلفزيون ماسبيرو (التلفزيون القومي) بقطع الكهرباء إذا تم بث الحوار التلفزيوني الذي سجله مع المستشارة تهاني الجبالي!! فاستعان التلفزيون القومي بالحرس الجمهوري لتأمين الكهرباء للمبنى لبث الحوار.. هكذا يخاف إخوان أوباما من هذه المستشارة الخبيرة بالدساتير، فكلماتها فاضحة وتمتلك قوة عقلانية وقانونية وفهم عميق لتاريخ الإخوان المسلمين الأسود. ولمقاربة التكفير عن الحنث باليمين الدستورية في تفكير الإخوان المسلمين الذين يستهزئون بالدين وبالمواثيق، نذكر هنا ما كتبه الصحفي صلاح الدين حسن في مقالة صغيرة معبرة بعنوان "الإخوان فخ الجواسيس" عن جريمة أخرى تشرح هذه النقطة في عقيدة الأخوان المسلمين!! قال: (أن تفعل «الحرام» وأنت ترجو من الله أن يتقبل، أن تأكل لحم أخيك ميتاً ثم تحمد الله على نعمائه، هو بالضبط ما فعلته جماعة الإخوان بواسطة ذراعها الدموية، النظام الخاص. ذات يوم، اقتحم عليهم إمامهم حسن البنا غرفتهم المظلمة بأحد منازل حي الحلمية، وأصدر إليهم أوامره بأن يبدؤوا نهجاً جديداً في عمل الجماعة، ويكلفهم بمهمة تأسيس جهاز مخابرات، للقيام بأعمال التجسس ورصد الشخصيات وجمع المعلومات. عندها اندهش أحد الأعضاء، وتجرأ وقال للشيخ: «لكننا بذلك نكون قد خالفنا أمر ربنا الذي قال (ولا تجسسوا)». ليرد «المؤسس» بكلمتين تحمل حروفهما كل معاني القمع والتسفيه: «أنت عبيط؟». حادثة صغيرة ولكنها كبيرة الدلالة عظيمة التجريح والاستهزاء بكتاب الله الحكيم؛ المؤسس الماسوني حسن البنا يتجسس على الجميع، ويطبق الشعار الصهيوني الماسوني الذي تجد رمزه في الدولار الورقي فئة واحد دولار أي "الختم العظيم"، و تلك العين الواحدة التي في قمة الهرم المكسور والمرتفع قليلا إلى أعلى، ويطلقون عليها: أرى الجميع!! أو بالانجليزية: see-all eye. حتى قناة العربية استخدمت هذا الشعار لصالحها، وقطعا القناة السعودية ترى كل شيء سوى عورة آل سعود!! واستخدم تنظيم حسن الترابي نفس الأسلوب منذ زمن مبكر جدا، أي منذ الستينيات أصبح للحركة الإسلامية السودانية "جهاز مخابرات" قائم بذاته، تفوق وقتها على جهاز مخابرات وزارة الداخلية، وربما حتى عام 1969م لم يكن لدولة السودان جهاز مخابرات بالمعنى التقليدي أو الفاشستي، وكانت التقاليد والأخلاق السودانية تحتقر هذا النوع من العمل. النميري هو من أسس جهازه على طريقة "مباحث أمن الدولة المصرية" وفعلا تدرب أفراده المايويين في مصر السادات، سرعان بعدها ما تبنى انقلاب الإنقاذ هؤلاء "المايويين" ويقابلهم في مصر الآن "فلول مبارك" – الشيء الطريف أن مرسي حضن أيضا بعض "رجال مبارك" في المناصب الحيوية، تماما كما فعل حسن الترابي بحضنه بعض أو كل "رجال مايو"، وهؤلاء في الحالتين مستعدين لتقديم خدماتهم للنظام الجديد وقد "تأسلموا" أيضا لاحقا أو فورا مثل عبد العزيز عثمان رجل سوداتيل. الشعب المصري أكثر وعيا من الشعب السوداني الذي أطاح ليس بمرسي فحسب، بل بظاهرة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي معا. أحرصوا على قراءة تهاني الجبالي ماذا تقول!! تابعوها في النيت.