من الملاحظ أن الشعبين اليمني والسوري قد تعلما الكثير من الدروس من ثورتي تونس ومصر ومن الانتفاضة الليبية وحتى من الثورة الديمقراطية التي أنهت تمرد لوران باغبو على الشرعية الشعبية والدولية في ساحل العاج. تعلم الشعبان اليمني والسوري الدرس الأول من تونس وهو أنه بإمكان الشعب الأعزل أن يسقط أعتى الحكومات الدكتاتورية عبر اتباع وسائل سلمية بسيطة تتمثل في كسر حاجز الخوف من القهر الأمني ، الخروج إلى الشوارع ورفع الشعارات المطالبة بالإصلاحات الجذرية في بداية الأمر ثم رفع سقف المطالب بسبب القمع الرسمي والمطالبة بإسقاط النظام في نهاية المطاف. وتعلما الدرس الثاني من مصر وهو أن وسائل الاعلام الشعبي الحديثة مثل الهاتف الجوال والانترنت تستطيع أن تنقل صور قمع المتظاهرين للعالم الخارجي وتنتصر في نهاية المطاف على وسائل الاعلام الرسمي التي تحترف التضليل الإعلامي وترويج الأكاذيب. وتعلما الدرس الثالث من ليبيا وهو أن قيام الحكومة بإطلاق النار على شعبها سيعرض الحكومة إلى عواقب دولية وخيمة مثل الاتهام بارتكاب جرائم حرب وربما يؤدي إلى التدخل الدولي المسلح لانقاذ الشعب الثائر وفرض حقه في حرية اختيار نظامه السياسي. وأخيراً تعلم الشعبان اليمني والسوري الدرس الرابع من ساحل العاج وهو أن أكثر ما يخيف الحكومات الاستبدادية في الوقت الراهن هو المظاهرات النسائية التي قد تكون أعمق تأثيراً من المظاهرات الرجالية ، فلوران باغبو قد أعلن الحرب الدولية على حكومته وتسبب في إلقاء القبض على نفسه حينما قتلت قوات أمنه ستة من النساء العاجيات في إحدى المظاهرات النسائية ولعل مظاهرات النساء السوريات في بانياس ومظاهرات نساء اليمن المستمرة ، التي تخشى قوات الأمن من قمعها لأسباب أخلاقية متعددة، هي التي تشكل قوة ناعمة قادرة على تحقيق أكبر قدر من الضغط الشعبي ولعل هذا هو ما دعا رئيس اليمن إلى رفض المظاهرات النسائية بحجة تحريم الاختلاط متناسياً أن قتل المتظاهرين العزل من قبل قوات أمنه هو من أكبر المحرمات في الإسلام! أما حكومتا اليمن وسوريا فيبدو أنهما لم تتعلما شيئاً من دروس الثورات الشعوب العربية في تونس ومصر وليبيا، فلقد دأبت الحكومتان السورية واليمنية على وصف المتظاهرين بالمندسين والعملاء وقطاع الطرق ، على غرار ما قامت به الحكومة الليبية حينما وصفت الثوار بالجرذان ، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الغضب الشعبي ضد الحكومتين، كذلك قلدت الحكومتان اليمنية والسورية سلوك الحكومة المصرية السابقة في منع وسائل الاعلام الأجنبية من تصوير حوادث القمع فتكفلت الجوالات الصغيرة بنقلها للعالم الخارجي عبر شاشات الانترنت! ثم أن الحكومتين اليمنية والسورية لم تتعلما الدرس من الخطأ الرسمي الليبي فقد قامت قوات أمنهما بقتل مئات المتظاهرين ومن ثم تم توثيق عمليات القتل بوصفها جرائم حرب من قبل العديد من المنظمات الدولية، أما الدرس الأكبر الذي لم تتعلمه الحكومتان اليمنية والسورية من ثورات الشعوب العربية فهو أن الشعوب مهما طال صمتها قادرة في أي وقت على فرض الإصلاحات الجذرية بقوة الضغط الشعبي السلمي وقادرة على الإطاحة بالحكومات مهما بلغت قوتها إذا لم يتم إجراء الإصلاحات الجذرية المطلوبة بأعجل ما تيسر. فيصل علي سليمان الدابي/المحامي