المقاومة المدنية الشعبية الرائعة, التي ابانت عنها شرائح واسعة من الشعب المغربي ضد العفو الملكي- الفضيحة -عن المجرم الاسباني دنيال مغتصب الطفولة المغربية, اكدت الحقائق التالية _العجز البنيوي للاطارات التقليدية, الجمعوية منها والسياسية ,عن مواكبة دينامية النضال الشعبي السلمي الواعي و الحر. _السرعة في اتخاد المبادرة النضالية, و درجة الوعي الشعبي العالي خلقت ارتباكا واضحا ومضحكا للاجهزة المخابراتية ,و الادارية للدولة في التعامل مع رد الفعل الشعبي, و المقاومة المجتمعية السلمية ضد قرار سيادي. ومن حسنات هذه التعبئة الواسعة أنها عرت "الطهرانية" المزعومة ,وكشفت زيف خطاب العفة الكاذبة ,و نفاق " الاخلاق الفاضلة" للتيارات السياسية الاسلاموية , وأظهرت, مرة اخرى ,و بجلاء ارتباطها العضوي و تقاطعها الفكري مع الطغمة الحاكمة ضد المطالب المشروعة للشعب المغربي في الحرية, الكرامة و العيش الكريم. ومن أجل استثمار عقلاني لهذه اللحظة السياسية, و لمواكبة زحف النضال المدني الجماهيري, يلزم في نظرنا ابداع اساليب جديدة في التأطير وادوات نظرية رافعة لبديل مجتمعي مبني على قيم التضامن, و الحرية, ولذلك, يتعين من الناحية التأطيرية إنشاء و تعميم لجان المواطنة, و اليقظة المحلية, في كل المدن و القرى للتصدي السلمي و المدني, لبؤر الاستبداد المخزني في شقيه الاقتصادي و السياسي, وتعرية حجم الماسي و الظلم ,الذي يلحقه بالشعب. و تفكيك تناقضاته, و لن يتأتى ذلك إلا بتعبئة واسعة للمواطنين حول قضايا محددة و دقيقة , كحماية الطفولة ,غلاء الاسعار, و نهب الاراضي... لانتزاع مكاسب عملية ملموسة للمواطنين والاعتماد في إدارة تلك اللجان على التسيير الذاتي, التطوعي الحر, المرن, وسرعة المبادرة . بعيدا عن بيروقراطية مملة قاتلة للابداع النضالي الشعبي. و بعيدا كذلك عن كل نزعة أنانية او نجومية فردية .وفي هذه الحالة الطبقة الحاكمة ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الشعب و ليست في مواجهة نخبة قيادية قابلة " للتمخزن" تستطيع بالتالي شراءها ,و استقطابها من الناحية النظرية يجب على القوى التقدمية و العقلانية التواقة لبديل مجتمعي جذري مبني على القيم الانسانية, أن تنتج بدائل حقيقية تقطع مع الانماط السائدة للمجتمع الاستهلاكي الرأسمالي- التبعي المتخلف في حالة المغرب -الذي يقدس المال , والربح السريع ويضحي بالانسان بل و يحوله إلى سلعة استهلاكية, بعد أن نهب الارض, و خرب الطبيعة .المجتمع البديل ترافقه قيم بديلة تعيد للا نسان انسانيته. و تجارب ملموسة تعيد الاعتبار للعمل التعاوني والتضامني, بين افراد المجتمع, لدرء مخاطر "تسليع" الانسان و الطفل على الخصوص.