بقلم/ عبد العزيز عثمان سام- 08 أغسطس 013 لا يكفي أن تكون مظلوماً فحسب لتُنصَف، ولا يكفي أن تكون لك قضية عادلة وتقدمها بقوة لتكسبها امام محاكم الرأي العام. فإضافة إلي أن تكون مظلوماً وكونك قادر علي تقديم قضية متماسكة وعادلة، يحتاج الأمر إلي مناخ سليم وزخَم مُعِين، وحاضن إجتماعي وثقافي وعرقي داعم ومساند يقف خلفك ويساهم في توفير مطلوبات ضرورية لإدارة العملية، وممارسة ضغوط مُلجِأة لرد المظالم ودفع الصائل وتحقيق السلم وإستدامته. إذاً، تحقيق العدالة ورد الحقوق تكون بدفع العدوان ونصرة المظلوم بوقف نشاط المعتدِي ورده إلي صوابه ووضع حد لنزقِه وغلواءه. لذا تجد أن حكومات السودان المتعاقبة ظلَّت تستغل إمكانيات الدولة في حربها ضد ثوار التحرير في هوامش السودان وتكرسها في عملية طمس الهوية الحقيقية والعدالة والإنصاف والحكم الراشد، وطفقت تستغل موارد الدولة، المالية والبشرية في إعداد الجيوش والمليشات وإستغلال عنصري فاجر لإعلام الدولة وجهازها. وتوظيف علاقات السودان الخارجية مع المنظومة الدولية لنقل رسائل كاذبة بتصورات خيالية في تعريف أصل المشكلة والصراع بين المركز والهامش السوداني، والسعي الجاد لتغبيش وعي المجتمع الإقليمي والدولي لكسب تأييده وفي أسوأ الفروض تحييده في الصراع المحتدم. يقابل هذا التزييف الكبير من الطرف الحكومي لحقيقة الأشياء في المُشكِل السوداني القائم، قصور كبير وضمور وآضح لدور حركات التحرير المختلفة في هوامش السودان تجاه السعي الخارجي الجاد لعرض حقيقة ما يدور في السودان لإستقطاب الدعم والتأييد لقضيتها العادلة وتقديم نفسها كضحية لبطش المركز منذ فجر الإستقلال الذي صار إستغلالاً لإنسان السودان وموارده بواسطة غلاة المركز الذين هُمْ أقلية ورثت المستعمر الأجنبي وتمكنت، بمعاونة جامعة الدول العربية، من تزييف هوية السودان لأجل تعريبه ثم التمكن من مفاصل السلطة والثروة وجهاز الدولة، وتهميش الآخرين. مع العلم والتقدير التام لإختلاف طبيعة طرفي النزاع في السودان، الحكومة وحركات التحرير، من حيث الكيف والشرعية والإمكانيات والمعينات التي تُمكِّن من الحركة والتواصل مع العالم من حولنا لعرض وشرح القضية ووجهة النظر، ونفض الغبار عن ما يثيره الطرف الحكومي من زيف وأراجيف وتشويه بقصد تغييب الحقيقة ودحضها، وتشويش طرح الطرف الآخر لقضيته من وجهة نظره وتبخيس تضحياته وتصوير الضحايا علي أنهم معتدين أو خارجين علي القانون أو عملاء للأجنبي ..إلخ. ولكن التباين في الإمكانيات المتاحة لا يعفي حركات التحرير السودانية وقد إلتأم شملها الآن في الجبهة الثورية السودانية أن تستمر في ذات الدور السالب المُتسِم بالعزوف عن إقتحام الدول والشعوب والمنابر الإقليمية والدولية لطرح القضية وأبعادها ونتائجها الكارثية ومآلاتها وسلوك حكومة السودان تجاه الأفارقة القدماء المنتهي إلي إبادتهم جماعياً وتطهيرهم عرقياً واغتصاب حرائرهم.. وعرض وشرح فصول الحرب الدائرة بين الرئيس المجرم عمر البشير وشيعته الفاسدة الضالة الذين يعانون من أمراض نفسية سببها إهتزاز إنتماءهم للوطن والمجتمع.. فأنظر إلي المعاناة النفسية للرئيس البشير فهو كالبغل لا هو "جعلي" من حوش بانقا كما يتمني ويحلم ولا هو "بديري دهمشي" كما يقول أخوته وتظهر جلياً في سيماه، هذا الإهتزاز في شخصية الرئيس هو أس الداء في تلبيسه الأمر العام لباس حالته النفسية المريضة بالعنصرية وتغليب شأن العرق ونوع الجنس واللون علي فضيلة المواطنة المتساوية لجميع السودانيين بما يجعله يفجُر في الخصومة ويُمعِن في الفرز العِرقي الإثني ليؤسس عليه سياسات الدولة وقرارات السيادة الوطنية من شاكلة قولِته التي تم نقلها بحذافيرها إلي ولي نعمته الدكتور الترابي الذي أفرج عنها وذاعها لتكون القاصمة لظهر البشير كفضيحة كافية للقذف به إلي ما وراء الشمس، ولكن الرئيس وشيعته قد نُزِعَ عنهم الحياء، وإن لم تستح فأصنع ما شئت. أقصد قول الرئيس فيما يلي "الجعلي" إذا وطأ "الغرباوية" ويقصد أن إغتصاب حرائر دارفور من أولاد الجعليين شرف لهن وليس جريمة تقود فاعلها والآمر بها إلي جهنم خالداً فيها قبل تقديمه إلي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي/ هولندا. الأسري: نظام البشير معروف ومشهور بإعدام أسري الحرب وخير دليل هو حربها الجهادية ضد الحركة الشعبية بقيادة الشهيد الدكتور/جون قرنق، ورغم أن جيش البشير ومليشياته شيمتهم الفرار من ساحات الوغي وأنهم دوماً يولّون الدُبر، ومُولِي الدُبر بالطبع، مهزوم لا يقوي علي أسر خصمه، إلا أن الحالات البسيطة التي يقع فيها الثوار أسري في أيدي قوات ومليشيا النظام فإنهم يقتلون الأسري جهاراً نهاراً وعلي مرأي ومسمع من كاميرات التصوير الخاصة بهم، وآخر مثل حي وموثق لتصفية الأسري هو الفيديو الذي تم نشره مؤخراً في (يوتيوب) بعد معارك أم كرشولا الذي ظهر فيه قوات البشير من مُخنثِي المؤتمر الوطني، ولا بُدَّ من ذكر أنهم، من سيماهم ينتمون إلي قبائل الولاية الشمالية، تم أعداد الفيديو للتحقير والتمييز ضد الأصول العرقية لشهداء الجبهة الثورية السودانية والتقليل من آدميتهم والتمثيل بجثامينهم، واللقطة الرئيسية في الفيديو عندما تحدَّث أحدهم أنه وجد الشهيد(الذي كان المتحدث يضع قدمه علي صدره)، يعترف بأنه وجده حياً ثم قضي عليه بطلقتين في عينيه وقد عرضت الكاميرا فعلاً أثر الطلقتين علي عيني الشهيد، بينما ذلك القاتل الحقير ومعيته يضعون أقدامهم النجسة علي جثمان الشهيد ويظهِرون نشوة بالغة ويتبادلون عبارات عنصرية للحط من الأصول العرقية لمقاتلي الجبهة الثورية ذات الأصل الإفريقي الزنجي.. هذه الحقائق يجب عرضها ونقلها بالصوت والصورة إلي أغوار أفريقيا ليعلم الأفارقة القدماء Indigenous شكل الصراع في السودان وطبيعته. ثم في أحداث هجليج الدرامية من إحتلال وإسترداد بين دولتي السودان(شمال وجنوب)، خرج الرئيس البشير للناس وقد إستشاط غضباً وأطلق لحلقومه العنان للشتم، والبشير هو الحالة الأولي في الدنيا التي يأتي فيها رئيس دولة في المرتبة الأولي من بين جميع شعب البلد في البذائة والشتم واللعن والحمق إنتهاءً بالرقص وهز الوسط. والرئيس البشير ليس يافعاً في شرخِ الشباب، لكنه كهل يمضي بثبات نحو الهَرَم، إلا أنه لم يُؤتَ الحِكمَة. الرئيس البشير في هجليج عبر فيديوهات عنصرية هي الأشهر في الألفية الثالثة وقد نقلتها القنوات الفضائية لكل الدنيا، قال عبارته العنصرية الأشهر في توصيف الإخوة الجنوبيين عندما قال: الحشرة الشعبية بدل الحركة الشعبية، وقال الناس ديل ما بجو إلا "بدِي" (معني بهذه) مشيراً وملوحاً بعصاه التي لا تفارقه، وهي عبارة عنصرية تنسب للعرب أنّ السود هم عبيد لا يخضعون إلا بالعصا، وهي إستعارة من شعر أبو الطيب المتنبي يهجي به كافور الإخشيد النوبي الزنجي السوداني الذي حكم مصر، فعندما يئس المتنبي من نوالٍ يرومه من حاكم مصر كافور هجاه بأسوأ شعر العنصرية لدي العرب، وكأنما العربي لا يفلحُ في غير الشتم والعنصرية، وفي تمجيدٍ زائف للذات والإنكفاء علي العِرق والقبيلة والعشيرة والفخد؟؟ وعمر البشير متنبي عصره تفتقت قريحته لحظة إسترداد هجليج بأبيات ‘قدوته‘ المتنبي ولكنه جَبُنَ عن النطق بها، أو ربما لا يحفظها أو طارت منه في فورة الحمق والغضب، ولكن نحن نوردها نصاً وصراحة لا إشارة ونهديها له طالما أنها تطرِبُه: لا تشتري العَبْدَ إلَّا والعصا معه، إن العبيد لأنجاسُ مناكِيدُ.. ولكن إذا وضع البشير هذا البيت النتِن من الشعر في سياقه يوم أن قِيل، فأي الطرفين أقرب للعبودية والذلة والإستكانة، الملك كافور ملك عموم مصر والسودان الجالس علي أعلي كرسي في حوض النيل والآمر الناهي للكل، أم المتنبي الذي يحمِلُ في جُرابه شعراً بائساً يمدح بها كافوراً يستجديه نوالاً، ولمَّا رد العظيم كافور طلبه عادت إلي المتنبي أصله اللئيم فطفق يهجو كافور ويشتُم بعد أن أطلق ساقيه للريح هارباً من مصر إلي حيث أتي.. هذا مع العلم أنه لا يهمنا المتنبي ومشاكله مع كافور إلا بالقدر الذي نستحي أن يكون قرينه وقدوته "البشير" نذير الشر والشؤم والبؤس والدم والهزائم وليس بشيراً، لأن البشارة لا تكون إلا بالخير، والخير وعمر البشير خطّان متوازيان لا يلتقيان أبداً. عنصرية البشير وزمرته الفاسدة لا يطوِي أطرافها مقال، ولكن المهم هو الآتي: لكي تُفلِح بالسرعة المطلوبة، علي قيادة الجبهة الثورية السودانية أن تسبرَ أغوار إفريقيا غوراً غوراً وفوراُ فوراُ.. وإفريقيا ليست بعيدة منهم ولا غريبة عنهم ولا تكلفهم مالاً ولا عتاد، وليس مُهمَّاً أن تقدم لهم الحكومات الإفريقية رِقاع الدعوة للحضور وإرسال الطائرات الرئاسية لتقِلَّهم، وليس مُهِماً مقابلة الرؤساء والحكومات ولكن المهم مقابلة شعوب إفريقيا ومنظمات مجتمعها المدني والأهلي لعرض ما يجري في السودان من حرب عنصرية للإبادة الجماعية والتطهير العرقي يقودها البشير ونظامه ويسنده حاضته"بالتبنِّي"جامعة الدول العربية وبالأخص بعض الدول العربية الصغيرة الحجم والشعوب، كبيرة الثروات المالية من الذين أتخِموا غنيً بعد فقرٍ مدقع. وشعوب إفريقيا إذا فهمت ووعت ما يجري في السودان من حروب إبادة وتطهير عرقي للأفارقة القدامي ستهُب لنصرتهم وستفرض رأيها علي حكوماتها التي لن تستطيع الوقوف ضد مصلحة شعوبها ومن ثم ستتجه شعوب إفريقيا لإسناد الشعوب السودانية المقهورة والمقموعة والمهددة بالإبادة والفناء في اطراف السودان وهوامشه. إنّ غياب حركات التحرير السودانية عن الساحة الإفريقية من السنغال إلي جنوب إفريقيا ومن بوتسوانا وملاوي إلي إثيوبيا وإرتريا ومن الكاميرون إلي الجزائر وتونس والمغرب هو الخطل والقصور الأكبر للجبهة الثورية السودانية، وإذا سبرت الجبهة أغوار إفريقيا ستجد السند والعضد والدعم وسوف يأتي أنصار مانديلا للقتال إلي جانب جحافل الجبهة الثورية وسوف يهرع أبناء كوامي نكروما من غانا وباتريس لوممبا من الكنغو وجومو كنياتا من كينيا ورفاق وأبناء يوري موسيفني من يوغندا لنصرة إخوتهم في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق والشرق الحبيب و‘كوش‘الأصل والفصل. وسوف يأتي رفاق العجوز المناضل موقابي ضمن الصفوف الأمامية في معارك تحرير السودان من مجرمي الإنقاذ الكيزان الذين تصدعت قلاعهم الوهمية في مصر الكنانة، مصر الفراعنة والقبط. ومصر دولة عظيمة ركلت البغاة إلي مذبلة التأريخ وننظر إلي دور كبير وفاعل لمصر الحرّة في معركة التحرير السودانية لأن الفئة الباغية التي أضرَّت بمصر وكادت أن تودي بنسيجها العتيق ومجدها التليد هي ذاتها الفئة الضالة التي فتكت بالسودان ربع قرنٍ من الزمان والعرض مستمر. لو أن قيادة الجبهة الثورية تحركت لسبر الغور الإفريقي، سيري الناس في القريب العاجل كتائب من أمازيغ شمال إفريقيا من نسور غرطاج، والجزائر أرض المليون شهيد والمملكة المغربية مهد الطريقة التجانية في أرض فاس، وأبناء الشهيد البطل عمر المختار في ليبيا ضمن جحافل التحرير والتغيير في السودان المجيد. لو إجتهدت قيادة الجبهة الثورية وطافت بإفريقيا طلباً للعون والفزع للبَّي النداء أحفاد النجاشي وهيلاسلاسي من الهضبة الإثيوبية فهم قومٌ عُدول ضد الظلم عبر التأريخ. ولجرَّدَ أبناء سلطنات ودَّاي وكانم ومادُقرِي وكانو المتحركات نُصرةً لصرخة طفلٍ رَوَّعه قنابل النابالم في جبال النوبة، وإمرأة مغتصبة في دارفور، ورجل وقور أهمَّه أن يقضِي علي صغاره الزُغب برميل موتٍ متفجر تُلقِي به كل يوم طائرات أنتنوف حكومية في سهول النيل الأرزق وتلاله البديعة. لو إستنفر قادة الجبهة الثورية الأفارقة القدامي لأحتشدت شعوب السنغال ومالي والنيجر ونيجيريا وساحل العاج والكاميرون والغابون وملاوي وزامبيا وزيمبابوي وبتسوانا. وأبطال رواندا رفاق الرئيس بول كيقامي لم ولن يغيبوا عن نصرة أهلهم في هامش السودان لأنهم آخر من عاني حروب الإبادة والتطهير العرقي في القارة وقواتهم من أكثر الفرق جدية وفاعلية في دارفور ضمن قوات "يوناميد". نقول لقادة الجبهة الثورية السودانية أذهبوا مستغيثين إلي الكاميرون وسوف يسبقكم بسرعته المعروفة البطل القومي كابتن صامويل إيتو إلي السودان علي رأس كتيبة ضاربة من رفاق سونغ وسلفا والعجوز الرائع روجر ميلا.. هل منكم من يعرف علاقة كابتن/صامويل إيتو بالسودان؟. تعالوا معي أيها الرفاق نقرع طبول الحماسة والمجد لقادة الجبهة الثورية السودانية أن يمِمُوا وجوهكم شطر أفريقيا أسبروا أغوارها وسلطوا الضوء علي طبيعة الحروب السودانية العنصرية ضد الأفارقة القدماء، وحتماً غداً سنحرر السودان من مزيفي هويتنا الذين ظلوا يبيدوننا جماعياً وعرقياً لعقود عددا، هؤلاء الكيزان الفاسدين في أنفسهم المفسدين لغيرهم.