/ عزيز كافى المعروف ان الإنسان كما يقول العلماء هو الكائن الوحيد الذي من المفترض ان يستفيد من كل التاريخ والخبرات والتجارب والأحداث التي تمر به، اما إذا لم يتحل بهذه الخاصية وتخلي عنها ولم يستفد من تاريخه فإنما يتخلي عن آخص ما يميزه عن غيره من المخلوقات،أنظر- مثلا - إلى الفأر, فهو ومنذ آلاف السنين يقع في المصيدة بطريقة واحدة لم تتغير!! . ومع ذلك لم تتعلم الفئران الدرس ولم تستفد مما يمر بها من تاريخ و تجارب!!. والسؤال هو لماذا ؟! لماذا يقع الفار في المصيدة كل يوم بطريقة واحدة منذ مئات السنين ؟! لأن الفار حيوان ليس له تاريخ . وليس له إستعداد أن يستفد من تاريخه وما يمر به من تجارب وهنا يكمن الفرق . التقليل من حق النوبه وإضعاف شأنهم وتصويرهم بالشعوب المهزومة المتقهقرة من قبل اعداء امتنا يعطي رسالة واحدة ولا اكثر، ان قوة امة النوبه في وحدتهم لذا يجب العمل علي تفتيتهم و عدم قيام الوحدة بينهم بزرع سياسة فرق تسد للإستفادة من ضعفهم و تناحرهم مع بعضهم ووضعهم في موقع الإتكال علي غيرهم لحل مشاكلهم وجلب مطالبهم ولقد ساعدهم اكثر ان البعض منا خلع الرداء النوبي رغم التفوق الأكاديمي وإرتموا في أحضان العروبية متاثرين بافكارهم المبنية ضد وحدة النوبه و المساعدة في إيقاعنا دائماً في مصيدة الشماليين، وبالتالي ما زلنا مثل الفار نقع كل مرة في المصيدة بنفس الطريقة منذ الاف السنيين. إنسان جبال النوبه لم يستفد من التجارب والخبرات التاريخية التي مرت به عبر السنين بسبب عدم الترابط والتنسيق فيما بينهم وبناء قاعدة الوحدة النوبيه من اجل مواجهة المخاطر التي تحيط به، وبما اننا في القرن الحادي والعشرين استطيع ان اجزم بأن بعض من امتنا لم تتغير بل بقت علي حالها، نفس العلل نفس الامراض نفس الاخطاء نفس التفكير ونفس العقليات بل وبقيت فيها كل مقومات الامة المهزومة كما كانت الامور عليه من قبل، لو كانت هناك وحدة بين ابناء النوبه لحكموا السودان منذ مئات السنين وتاريخ نضالاتهم الذي تم تزيفه شاهداً . الأن نحن في اللحظات الاخيرة من عمر إتفاقية السلام الشامل وإنطلاق قطار المشورة الشعبية إلي المحطة النهائية لتحديد المصير، مازال هناك البعض متردد في اللحاق بقطار الوحدة السريع الذي يجمع بداخله إتحاد وتضافر جهود اهل النوبه المتمسكين بالقضايا المصيرية وإسترداد الحقوق المسلوبة وكامل أرض الجذور بمعنى أخر إعادة بناء الذات الإنسانية وتجميع الكيان النوبي الشامل الذي يشكل القوة الرادعة لمواجهة أعداء الإنسان النوباوي على أرضه ومواجهة المؤامرات التي تحاك بعناية فائقة ضده، هدفها إقصاء العنصر النوبي من على أرضه وطمس هويته وتأريخيه. التردد في اللحاق بقطار الوحدة من البعض، يعتبر إحدي اسباب إخفاقاتنا فلن نجد إختلاف بين وضعنا الماضي ووضعنا اليوم، بعد مرور كل هذه السنين هل تغير الواقع الاليم هل تجمع ابناء النوبه في وحدة من اي نوع؟ هل تعلمنا الدرس من تلك السنوات بأن في الإتحاد قوة و التفرق ضعف؟ هل تغير النوبه؟ لم نتغير لذلك ستظل الهزائم تلاحقنا ما لم تكن هناك وحدة نوبيه حقيقية وحدة تذوب فيها فوضي القبلية، وحدة تتخلص فيها ثقافة " انا من كذا او من اي جهة كانت " إلي ثقافة " نحن النوبه " وحدة تجعلنا متكاملين وقت المنحه اشداء وقت المحنه. اهلي لا نريد ان نمدح كالضفادع، عندما وضع احد الشعراء يده علي واحدة من اكبر اسباب هزائم الامم وكبوات الشعوب عندما قال : نمدح كالضفادع ونشتم كالضفادع ... ونجعل من الاقزام ابطالاً ... و نجعل من اشرافنا انزالاً، واليوم هل تغير هذا الواقع؟ لم يتغير بسبب هناك قلة من ابناء النوبه يؤيدون في الخفاء القزم " هارون " ليكون والياً رغم ما فعله الرجل في حقهم وهم قلة محسوبة لذلك ستظل الهزائم تلاحقنا ما دمنا مصرين علي ان نجعل من اقزامنا ابطالاً وما دمنا مصرين علي تهميش اشراف امتنا من المخلصين امثال " عبدالعزيز آدم الحلو ". عدم الإعتراف بقياداتنا المناضلين هي اكبر العلل والهزائم آلا وهي ممارسة بعض من امتنا لرذيلة الهمس الخفي، لقد خسرنا وتخلينا مرات ومرات لان شعب النوبه تربي علي الا يتكلم الا يطالب بحقوقه، تربي علي السكوت بحجة ان الشماليين يروا ما لم نري ويعلموا ما لا نعلم بحجة انه لا صوت يعلو فوق صوتهم، وبهذه الحجة وتحت هذه الشعارات والإدعائات استبيح فينا كل شي !!! وخسرنا كل شي.نتج عنه التهميش السياسي والإجتماعي والإقتصادي علي حياة شعب النوبه. حقا ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان؟ وما قيمة ان نعيش حياتنا محاصرين كالنمل والجرذان؟!. ان كل الدلائل التاريخيه تؤكد لنا ان اي شعب إن لم يستفد من خبراته وتجاربه السابقة ويتغير ستظل تتنزل عليه لعنات الهزائم والنكبات ما لم يتعلم من تاريخه وما لم يقرر بنفسه في حسم القضايا المصيرية.