تقرير.. حسن بركية مع فجر كل يوم جديد تدخل قضية دارفور في أزمة جديدة وتبدو الحكومة السودانية في كثير من مواقفها تجاه أزمة دارفور كملوك البربون(لم تنس شيئا ولم تتعلم شيئا)،وقبل أن ينتهي الجدل حول وثيقة منبر الدوحة تقبل الحكومة رغم كل التجارب السابقة علي خطوة آحادية بتقسيم إقليم دارفور إلي5 ولايات بدلا عن 3 ولايات وكان مجلس الوزراء قد أقر مسودة قانون يقسم إقليم دارفور ، إلى خمس ولايات، بدلاً من ثلاث، إذ من المفترض أن يوافق المجلس الوطني السوداني «البرلمان» على هذا القانون، في وقت عارضت فيه حركات التمرد في دارفور هذا المشروع، واعتبرته أنه يقوم على أساس «فرّق تسد». وتقول الحكومة أن قرار التقسيم هو إمتثال لرغبة أهالي دارفور ويقول وزير العدل محمد بشارة دوسة إن «مشروع القانون جاء استناداً لدستور السودان الانتقالي لعام 2005، وتنفيذاً لرغبة أهل دارفور التي تبدت منذ إنشاء الولايات عام 1994 وطالبت بخمس ولايات».في كل منعطف من المنعطفات الحادة لأزمة دارفور تقدم الحكومة علي خطوات تثير التساؤلات وتؤجج الخلافات وتدفع القضية بعيدا عن شواطئ الحلول،منذ سنوات ومنبر الدوحة يتقدم خطوة إلي الأمام وخطوتان إلي الوراء وخاصة أن حركات مؤثرة مثل العدل والمساواة وحركة عبد الواحد محمد نور تنظر بعين الريبة والشك لمنبر الدوحة . وفي تطور جديد أعلنت حركة العدل والمساواة تعليق مشاركتها في منبر الدوحة وإشترطت إحضار عدد من مفاوضيها من مناطق مختلفة وكانت حركة العدل والمساواة قد أبدت تحفظات واضحة حول وثيقة الدوحة وقال كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة أحمد تقد لصحيفة (أجراس الحرية) أنهم رفضوا مقترح من الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي يهدف إلي إنقاذ عملية السلام واخراجها من حالة الجمود بسبب صغر ومحدودية وفد الحركة. وكانت حركة العدل والمساواة قد أعلنت رفضها لوثيقة الدوحة وقالت علي لسان المتحدث باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال ان الوثيقة "لا تصلح لان تتخذ كاطار للحوار بيننا وبين الحكومة السودانية وهي مخيبة للآمال ولا تعبر عن مطالب أهل دارفور .. وقد جاءت ملبية لرغبات الحكومة أكثر مما جاءت ملبية لرغبات أهل الاقليم".والمتابع لموقف حركة العدل والمساواة تجاه منبر الدوحة يلحظ بوضوح التغيرات الكثيرة التي تطرأ علي مواقفها فهي تعلن تعليق التفاوض في منبر الدوحة تحت جملة من المبررات ثم تعود قبل مرور فترة غير طويلة وتشترط بعض الأشياء ويتحرك قطار السلام الذي سرعان مايتوقف وحتي بدا للكثيرين أن منبر الدوحة سيعيد إنتاج أبوجا هذا إذا لم يعلن علي الملأ فشل المنبر في الوصول إلي أيه اتفاق .وفي تطور جديد طالبت حركة العدل والمساواة بمنح دارفور منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي سيخلو رسميا في التاسع من يوليو القادم أو العمل بنظام الرئاسة الدورية بمعني أن تكون الرئاسة دورية علي الأقاليم المختلفة.وكانت مواقف حركة العدل والمساواة تحظي بعدم الرضا من قبل الحكومة السودانية وقال أمين حسن عمر في تصريحات صحفية(أن حركة العدل والمساواة تعمل على إطالة أمد التفاوض بالدوحة وإيهام المجتمع الدولي بجديتها من خلال تواجدها في المنبر واصفاً وجود العدل والمساواة بالدوحة بالمضلل لأهل دارفور والمجتمع الدولي مؤكداً أن العدل والمساواة لا تفاوض بإخلاص من أجل الوصول إلى سلام دائم بدارفور). وكانت تقارير صحفية قد ذكرت أن الولاياتالمتحدة أبدت إعتراضها علي توقيع حركة التحرير والعدالة بصورة منفردة علي وثيقة سلام الدوحة وبغض النظر عن تلك التقارير وخاصة أن هناك معلومات عن طلب الولاياتالمتحدة من حركة التحرير والعدالة التوسط لإقناع حركة العدل والمساواة بالتوقيع علي الوثيقة،فإن التجارب الماثلة في مسرح أزمة دارفور تقول عزل أيه طرف في القضية يعني إعادة إنتاج أبوجا آخري وبداية فصل جديد من معاناة أهالي دارفور.والعنصر الأكثر ثباتا في طوال سنوات الأزمة هو الموقف الحكومي الجامد والذي لايتفاعل مع التغيرات الكبيرة في الملف والتعقيدات المحلية والدولية التي علقت بجدار الأزمة ولذلك تأتي المعالجات الحكومية لأزمة دارفور بسلبيات كثيرة وإيجابيات لاتري بالعين المجردة.ويمتد الأثر السلبي للموقف الحكومي في التعاطي مع أزمة دارفور ويظلل كامل التراب السوداني ويدعم تقرير مجموعة الأزمات الدولية هذا التحليل(أن عدم تمكن الحزب الحاكم في شمال السودان من إصلاح ذاته والتحاور مع المعارضة يفاقم الانقسامات ويسهم في نفور المناطق المهمشة مثل دارفور، ما قد يؤدي إلى تفكك شمال البلاد،). ومع التعقيدات الكبيرة التي تحيط بملف أزمة دارفور يتأرجح منبر الدوحة بين الفشل والنجاح رغم كل الإمكانات التي توفرت له والدعم الاقليمي والدولي الذي سند بدايات العملية السلمية في الدوحة.وخلاصة الماراثون التفاوضي في الدوحة حتي الآن تمثلت في الوثيقة المطروحة من قبل الوساطة والتي سلمت لأطراف التفاوض وهي بمثابة مشروع وثيقة السلام النهائي،ويشكل موقف حركة العدل والمساواة الأخير ضربة أخري لمنبر الدوحة الذي يتعرض لتجاذبات دولية واقليمية ومحلية. ينظر البروفيسور صلاح الدومة إلي موقف حركة العدل والمساواة الأخير حول تعليق التفاوض إشتراط العودة بمطلوبات معينة من زاوية الموقف الذي يحمل أبعاد تكتيكية وإستراتيجية آن واحد، وتريد حركة العدل والمساواة أن تظهر بموقف الطرف الغير المتعنت وإظهار الجانب الحكومي كطرف يعمل علي عرقلة الوصول إلي سلام، ولايستبعد الدومة أن تعيد مفاوضات الدوحة إنتاج أبوجا اخري تعمل علي تعقيد الأوضاع علي الأرض، وزيادة عدد ولايات دارفور يؤشر بوضوح علي التوجه الحكومي لصب مزيد من الزيت علي نار الأزمة في دارفور.