في الحرب العالمية الثانية , شاركت قوة دفاع السودان في تحرير ليبيا من الاستعمار الايطالي . و كان حال الليبيين بائساً . و انعدمت عندهم المدارس و المستشفيات و ابسط مظاهر المدنية . و كان الصاغ الشاعر محمود ابوبكر من الذين شاركوا في تلك الحرب . و هو شاعر النشيد الوطني صه يا كنار و ضع يمينك في يدي . و هي رد على صديقه عقيل احمد عقيل الذي يلقبه بالكنار . و كان عقيل يعترض على انضمام الشاعر للجيش و ذهابه للحرب في ليبيا . كما ذكر الاخ ميرغني حسن علي في كتابه شخصيات عامة من الموردة , فأن الشاعر محمود ابوبكر كان يسكن في منزل هو من أجمل منازل الموردة ( مشيد بالطوب الاحمر و الحجارة ) و اشجار باسقة من تمرهندي و لبخ و دوم , تطل من فوق السور لتعانق الشارع و هو يطل على خور ابوعنجة . والد الصاغ هو المأمور ابوبكر و الشاعر و والده قد حظوا بالتعليم الجيد . و كان السودان وقتها منارة للتعليم , يأتي الناس من السعودية و اليمن و حضرموت و عدن و الصومال و اريتريا و اثيوبيا و جبوتي للدراسة . كما كان المبعوثون يرسلوا من دول الخليج و من اقاصي الدنيا للتدريب على أعمال البريد و البرق و الاطفائية و التمريض و لمعاهد التعليم و معهد الادارة , الخ ... و أحس محمود ابوبكر بأن هنالك فرق شاسع بين السودان و ليبيا . فرثى لحالهم , و قال في قصيدة عن ليبيا: كأني بالزمان و قد تراءي و انشأ بينهم رجل فتياً ليرفع راية و يعزوا مجداً و تخضر الوهاد به ملياً ليغمر قاحل الصحراء نورا و يروي جدبها خصباً و رياً و قد القيت هذه القصيدة في حفل . و بعد انتهاء الحفل سخر البعض من أن هذا شئ بعيد نسبة لوضع الليبيين . فأرتجل الشاعر محمود ابوبكر بيتا وهو : و من قسمت له الايام حظاً يجد في البئر ان هبط الثريا لقد اتى القذافي مدعوماً بالمخابرات الامريكية . كما اتى عبد الناصر كذلك مدعوما بالمخابرات الامريكية . و لم تكن المخابرات الامريكية تريد أن يواصل الملك السنوسي حكم ليبيا . و كانت شركات النفظ تريد تحديث ليبيا , حتى تسرع النهم الاستهلاكي عند الشعب الليبي . الذين ذهبوا الى ليبيا في السبعينات كانوا يعجبون للتخلف الفكري و التعليمي عند الليبيين . و تدفق السودانيين في ليبيا بحثاً عن عمل , لأن الاغلبية العظمى عند الشعب الليبي كانت امية . الأخوة السني و بشير المتواجدان الان في اسكندنافيا كان لهم مكتب ترجمة في ليبيا . و لأن احدهم لم يكن ملماً باللغة الانجليزية ألماماً كبيراً , فلقد سألت عن نوع الترجمة التي كانا يؤديانها . و عرفت انهم كانا يترجمان من الليبية الى العربية الفصحى . و كان لأحدهم دراية باللهجة الليبية لأنه عاش وسط الليبيين . و كان يشرح للآخر ما هو المطلوب , فيدبجا العرضحالات و يملآن الاستمارات و الطلبات . كما اراد القيصر بيتر الاكبر أن يلحق الروس بركب الحضارة . حاول القذافي و الحق يقال , في ان يلحق الليبيين بركب الحضارة . و القيصر أتى بالمسرح و الاوبرا و الباليه الى الروس , و أتى بالممثلين و المعلمين من فرنسا . و حاول أن يعطى الروس كثيراً من الاباء و العزة , و أن يبعدهم من الخشونة و الجلافة التي كانت طابعهم . و الملاحظ اليوم أن في جاكتات الرجال توجد بعض الازرار التي ليست عندها دور . و القيصر أمر بوضع الازرار في نهاية اكمام السترات العسكرية , حتى لا يمسح جنرالاتهم فمهم بأكمام ستراتهم بعد الأكل و الشرب , و يحرجونه أمام ضيوفه الاجانب . و تقلص عدد الازرار الى ثلاثة أو اربعة . لقد حاول القذافي ان يطور الليبيين في لحظة . و كثيراً ما كان يوبخ اعضاء حكومته و برلمانه بالمفتوح و حتى امام الأعلام . و كان يظن أن احسن طريقة لتطوير الشعب الليبيي , هو أحساسهم بأنهم شعب مختار . و دغدقة الشعور الوطني هي من أسهل الاشياء , و يمكن اثارة النعرات القومية بسهولة . و صدق الشعب الليبي بأنهم شئ خاص جداً جداً . و بأنهم من المفروض بأن يسيطروا على العالم , ناسين أن أهل السكن العشوائي في القاهرة يزيدون على عدد الليبيين . ما يواجهه القذافي اليوم هو ما يمكن ان يقال عنه و انقلب السحر على الساحر . فليبيا من قديم الزمان تمزقها العنصرية و الشوفينية . فالشعب الليبي في الحقيقة هو شعب امازيقي مثله مثل التوانسة و الجزائريين و المغاربة . و بعضهم قد احتضن الثقافة العربية و بدأ يحسب نفسه خيراً من الآخرين . و المنطقة الجنوبية من ليبيا التي تجاور شاد و النيجر , سكانها من السود . و هؤلاء من وجدوا فرصة للعمل في الجيش الليبي . و الجيش عادةً مجال عمل مناسب للأقليات . و الآن عندما يثور الليبيون ضد القذافي , فالسبب الرئيسي هو ما اقنعهم زعيمهم بانهم خير امة اخرجت للناس , لا يمكن ان ينقادوا كالخراف . و لكن الليبين اندفعوا خلف القذافي في حروب شاد و حاربوا حتى يوغندا بجانب عايدا امين . و تدخلوا في كل كبيرة و صغيرة في العالم , حتى في حروب نيكاراقوا في لاتين اميريكا. لقد وجد السودانيين كثيراً من الاحتقار و الأهانة في ليبيا . و حتى قديماً كانت الشرطة توقف السودانيين و تتحرش بهم , و قد تنزع اموالهم . و كان صاحب التاكسي الذي يمشي طراحة أو مشاركة , يطالب السوداني بدفع دينار كامل و هو قيمة المشوار للجميع . لأن الشرطي قد يوقف السيارة و يؤخر الركاب , للتحقيق مع السوداني . و كان الليبيون يقولون عن السوداني بالمفتوح زغرلو , و تعني الصرصار . و لقد اعتدت الشرطة على السودانيين و لاحقتهم و ضربتهم و قتلتهم حتى امام السفارة السودانية . و لم تحرك سفارة الانقاذ ساكناً . و كانت الشرطة تقول للسودانيين ما معناه ( حكومتكم موافقة ) . تؤام الروح بله رحمة الله عليه , عمل في ليبيا في بنغازي . ذكر لي أن احد الليبيين كان يتكلم مع احد السودانيين و هو من ابناء الشايقية , وهو بناء و بكل بساطة نعته بكلمة ( يا عبد ) . و تصادف وجود احد ابناء النوير , فسأل النويراوي الشايقي ساخراً ( الليبي دا قال ليك شنو ) . و الرد كان ( دا عربي مجنون ساكت ) فضحك النويراوي و قال ساخراً ( في بلد دا كلنا عبيد ) . الاخ احمد القاضي من أروع السودانيين الذين قابلت , و والذي كان يسكن في القاهرة و يكتب في جريدة الخرطوم , ثم انتقل الى كندا . حكى لي , ان احد السودانيين كان يشتري من تاجر ليبي بأستمرار و يدفع ليه كالعادة في نهاية الشهر . فتأخر في الدفع , فذهب معتذراً لصاحب المتجر الذي تقبل الأمر بأريحية . فقال السوداني و الله انت انسان جيد . ثم حاول ان يعبر عن امتنانه و قال لليبي و الله انت سوداني . فأنتفض الليبي غاضباً و قال انا لست بعبد انا لست بسوداني و اضاف انا ليبي حر . أحد المهندسين السودانيين كان يدير مؤسسة حكومية , و الغفير كان يتغيب كثيراً بالرغم من تحذير المدير السوداني . فقام السوداني بطرده من الخدمة . فأتت قوة من الشرطة و اخذوا المدير السوداني و القو به في السجن . و لم يطلقوا سراحة الا بعد وساطات . و ضابط الشرطة يقول له : كم عدد الليبيين ؟ ان تعدادنا لا يزين عن الاثنين او الثلاثة مليون , فهل تريد أن تطرده لكي توظف سودانيا في مكانه . هذا ليبي و هذه بلده , يأتي و يذهب كما يشاء . الاخ الوجيه معتصم قرشي , الذي استمتع بالتعليم و التربية و الاسرة الرائعة في السودان و الأهل و العشيرة و الاناقة و الوسامة , ذهب الى ليبيا , و حكي لي انه عندما كان يسوق عربة كان احد الليبيين يزعق و يبدوا غاضباً . فلحقة في الاشارة الضوئية و فتح النافذة و سأله ماذا قلت ؟ فقال له الليبي بكل بجاحة ( قلت لك انت عبد يا عبد ) و بصق في اتجاهه . هذا قليل مما كان يواجهه السودانيون من شعب اغلبة غير متعلم , عرضه القذافي لعملية غسيل مخ , و بأنه شئ خاص . عندما اختطف القذافي طائرة الخطوط الجوية البريطانية بتواطؤ مع المخابرات البريطانية والأمريكية , أعدم بابكر النور و فاروق حمدنا , الله بأوامر من السادات . الذي وعد الروس بأنه سيتدخل و يتوسط عند نميري . ألمنا غاية الألم أن يصير مصيرنا في يد القذافي . و كنا مجموعة من الشباب في العشرينات , و أعتبرنا أن الامر حقارة و استحقار . و كنا مجموعة من سبعة من الشباب , و أقتحمنا السفارة الليبية و أخذنا بثأرنا من الليبيين في سفارة كوبنهاجن . و لم يخيفنا بأن السفارات عادةً تكون مسموح لها بحيازة اسلحة نارية . و الشباب هم وداعة عثمان رحمة الله عليه , و الطبيب سري محمد علي , حمزة محمد مالك , شوقي بدري , حسن العريبي , محمد عبد الرحمن ابو القاسم , والريح صديق البلولة رحمة الله عليه . و أذكر بأنني قد استفردت بالسفير الليبي , هذا التصرف من جانبي ادينه انا الآن . و لكن وقتها كنا نعتبر الأمر اساءة قومية و تدخل في شأننا . و لأكثر من نصف ساعة عرضت السفير لكل انواع الضرب و الأهانة , الى ان صار يحبو و يقول بأنه على استعداد ان يبوس جزمتي و أنني سيده . و لكن بعد اعتقالنا و تحويلنا للسجن العمومي في , أتى مصحوباً بالشرطة الدنماركية , و قام بشتمي , فهجمت عليه فأختبأ مذعوراً خلف البوليس الدنماركي الذي كان يضحك . بعد هذه الحادثة , أحس القذافي بأنه قد اشترى العبيد السودانيين . و عندما لم يخضع له النميري خضوعاً كاملاً , ناصبه العداء بالمفتوح . و كطفل سخيف طالب النميري بأن يرد له المال الذي دفعه . و كان ما سمي بمال الكرامة , و دفع الشعب السوداني ذلك المال متبرعاً . القذافي و الليبيون يظنون أنه يمكن شراء كل شئ و كل انسان بالمال . و أذكر في سنة 1985 ايام مؤتمر السلام في كوبنهاجن ان قالت الاخت الاستاذة محاسن كزام , و التي كانت تدرس اطفال القذافي و تسكن معهم ,أن القذافي أتى في احد الايام و هو في حالة اندهاش . و قال أنه اول مرة رفض شخص ان يستلم منه فلوس بالرغم من الحاح القذافي . و الجميع كانوا يحضرون و يتوقعون العطايا في نهاية الزيارة . الشخص الذي كان رفض هذا المال هو رحمة الله عليه الدكتور عزالدين علي عامر , و حتى عندما قال ليه القذافي هذا المال للحزب الشيوعي , قال له الدكتور عز الدين ( انا ليس لدي تخويل من حزبي بأن استلم فلوس ) . بعد فترة قصيرة من مال الكرامة , تواجد بعض السودانيين في منزل رئيس اليمن الجنوبية علي ناصر . و كان للرئيس على ناصر الذي كان موالياً للمعسكر الاشتراكي فيلا في حي ديفتسي في براغ ,عاصمة تشيلوفاكيا . و هذا ليس بعيداً من شارع لينين الضخم الذي يؤدي الى المطار الجديد . ذكر الرئيس على ناصر على الحضور, بأنه عندما كان يقف مع الرئيس القذافي و مجموعة من الرؤساء و الملوك العرب ظهر النميري على رأس السلم نازلاً في الجامعة العربية . فقال القذافي بكل صفاقة بأنه سيذهب لأنه لا يريد ان يقابل العبد السوداني . كان من الحضور في تلك المناسبة المناضل حسن قسم السيد , الذي قال غاضباً للرئيس على ناصر و بقية الحضور الذين كانوا يضحكون , بأنه لا يقبل أن يوصف أي سوداني بالعبد . فأعتذر الرئيس على ناصر بأنه لا يقصد شيئاً و بأنه يروى الحادثة فقط . أليس من المضحك المبكي أن الرؤساء العرب الذين ساندهم النميري في كل قضاياهم , بل لقد غير علم السودان الذي صممته فنانة سودانية و اختير ديمقراطياً حتى يشابه الأعلام العربية . كما قام بأخراج ياسر عرفات من الاردن بعد مذابح ايلول الاسود , و اصطياد الفلسطينيين في الاردن . و الآن عندما بدأ القذافي في شتم الملوك و الرؤساء العرب , صاروا يتحدثون عنه كمجنون , و لكن عندما يصف رئيس دولة بأنه (عب) لا يحركون ساكناً . الاخ الدكتور محمد خليفة و هو من قريبة الجملاب بالقرب من مدينة نعيمة على النيل الابيض , و هو من الحسانية , ذكر لي ان قريبته في ليبيا و هي طبيبة , قد وجهت لها دعوة بواسطة فراشة في المستشفى لحضور عرس ليبي . فأرادت أن تكرم الفراشة الليبية بمشاركتها و معها طبيبة سودانية اخرى . الا ان سيدة في الستين من عمرها ما ان شاهدتهم على بوابة الدار , حتى قامت بطردهم من الباب و عايرتهم بلونهم ( عبيد ) و أشارت لعطرهم السوداني بأنه غير زين . من أسوأ الاشياء هو عندما تجتمع العنجهية مع الجهل . و خاصة عندما يغذيها زعيم مجنون مثل القذافي . في السبعينات كان اكبر تدفق للسودانيين على اسكندنافيا . و كان 7 الى 8 بالمئة من سكان السويد من أصل فنلدني . هذا قبل أن ينتعش الاقتصاد الفنلندي و يعود الفنلديين الى بلدهم . و الفنلديون بالرغم من انهم اكثر شعوب العالم الذين توجد بينهم كمية كبيرة من الشقر و الشقراوات , الا أن لغتهم و ثقافتهم مختلفة من كل المجموعة الأوربية . و اللغة الوحيدة التي تشابه لغتهم هي اللغة المجرية . الا أن ما بين الفلنديين و السويديين ما صنع الحداد . و السويد قد احتلت فنلندا لفترة طويلة . و لا تزال فنلندا تستخدم لغتين رئيستين هما اللغة الفنلدنية و اللغة السويدية . و الفنلنديون و اليابانيون اكثر بشر تقوعاً وأبتعاداً عن الآخرين . و لهذا كان الفتيات الفنلنديات يفضلن الاجانب على الشباب السويدي . كان كثير من الشباب السوداني مرتبط بفنلنديات . الاخ قيلي و هو من رفاعة كان متزوجاً من فنلندية . و قيلي كان من خريجي جامعة الخرطوم . و كان يتكلم عدة لغات . و كان مشهوداً له بالذكاء و التحصيل العلمي . و لم يكن له أي نشاط سياسي . و كان اهتمامه منحصراً حول اسرته و علاقاته الحميمة مع السودانيين , و كان شاباً اجتماعياً مرحاً . و صار قيلي موظفاً في السفارة الليبية . ثم انتقل الى هليسنكي عاصمة فينلنده , لأن زوجته فنلندية . و كعاة الليبيين و العرب في سفاراتهم , فأنهم عندما يوظفون سودانياً يتركون له كل اعباء السفارة . و يكون ( الخيل في القلب و الشكر لي حماد ). في تلك الايام توفى دبلوماسي شاب ليبي في حادث سير . و ترك رفاقه الدبلوماسيون الليبيون كل عبء ارساله الى ليبيا للأخ قيلي . و حتى شحن اغراضه و أرسال زوجته الى ليبيا . و لقد وقف معها قيلي و زوجته و اعطوها كل وقتهم و جهدهم كعادة السودانيين . و لم يهتم الليبيون . و ذهبت الليبية الى ليبيا ثم عادت مرة اخرى الى فنلنده. فأحس الليبيين بأنه من الممكن ان تكون لها علاقة حميمة مع الاخ قيلي . و هذه فضيحة بالنسبة لهم . بالرغم من أن الاخ قيلي كان يعتبر ابيضاني أو حلبي , الا ان الليبيين لم يقبلوا ان السيدة ابنة الشرفاء و الاحرار الليبيين يمكن ان يكون لديها صلة بالعبد السوداني و أسرته . فأوعزوا للأخ قيلي بأنه يمكن ان يشارك في ترجمة الكتاب الاخضر و سيكون له عائد مالي و أدبي . و بعثوا به الى ليبيا . و كانت اسرته في وداعه في المطار . و أنقطعت اخباره الى اليوم . زوجة قيلي حاولت بكل الطرق الممكنة , و كزوجة و أم , اتصلت بالرئيس الفنلندي . و ذهبت الى رئيس الوزراء السويدي اولف بالما و هو شخصية عالمية و له تأثير على مستشار النمساء برونو كرايسكي و مستشار المانيا فيلي براند , الذان كانوا يتكلما السويدية بطلاقة لأنهم قضيا سنين الحرب في السويد و كانوا من تلاميذ الزعيم الاشتراكي تاقا ايرلاندر . و لم تفلح جهود هؤلاء الرؤساء أو المنظمات العالمية . و هذا يذكر الانسان بزعيم الشيعة الامام الصدر الذي اختفى كذلك في ليبيا . يبدو ان العالم قد سمح للقذافي ان يهرج , و ان يسب و يشتم , و يصف الجميع بما يريد . و لكن العالم قد تعب اخيراً و قرر أن يؤدب الطفل المشاغب . و لقد كتبنا و تحدثنا عن المجنون القذافي . و كنا نستغرب كيف يسمح لهذا الشخص بأن يتدخل في الشأن السوداني . و ليكن هذا درساً لنا . حتى لا نلعب دور الانسان الساذج الطيب الذي يسمح للآخرين بأن يتطفلوا على مصيرنا . أو ان نتعامل معهم بأريحية . و لهذا تحتل مصر حلايب و تقتل جنودنا . و يتصرف الاخرون معنا و كأننا مولد و سيده غايب . لماذا يدافع رؤساء أوربيون عن حقوق مواطن سوداني , لم يرتكب أي جرم في ليبيا . و كيف يعدم بابكر النور , و فاروق حمدنا الله بتهمة في بلد كانا على بعد آلاف الكيلومترات و في غارة اخرى . و هذا بعد ان يكون هو ضحية لعملية اختطاف و قرصنة عالمية . و من المؤلم ان من كان على رأس الدولة السودانية صار موظفاً رسمياً و يمثل اللجان الشعبية و الجماهيرية في السودان . التحية ع. س. شوقي بدري