أتاحت لنا وزارة الصناعة أمس فرصة ذهبية للوقوف عن قرب على تجربة سودانية خالصة في تصنيع المصانع التي تشبه بيئتنا، وتشبه اقتصادنا، تتلاءم مع الريف الذي هو مصدر الموارد، وتتوفر فيه المواد الخام، وأظن أن أسعارها أيضاً تتناسب مع إنسان الريف الذي لا يعرف التثاؤب، وأنه يعمل بمعنى الآية الكريمة (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)) سورة الضحى، وإنني من حيث المبدأ من غير معرفة للتفاصيل، أسند وأدعم هذه التجربة الصناعية السودانية المبتكرة، إنها تجربة مصنع لامدا الهندسية، التي تنتج مصانع صغيرة لتقشير الفول والقنقليس، وعصر المانجو وقصب السكر والطماطم، وفرز حب البطيخ، ومعاصر صغيرة لاستخلاص الزيوت من الفول والنيم واللالوب، ومصنع لفرز الرمل، ورافعات وناقلات صغيرة، وتصنيع سكاكين المسالخ، وغيرها من المصانع الصغيرة التي تمكن من زيادة دخل مواطن الريف والحضري، والذي هو أولى بالاهتمام في هذه المرحلة على ما اعتقد. لا يختصر تصنيع لامدا الهندسية التي يديرها المهندس الصبور الهميم د. مضوي إبراهيم آدم على تصنيع هذه المصانع والمعاصر فقط بل تعداها إلى صناعة كل المعدات الزراعية، وصناعة تنقية المياه، وقطع الغيار، وغيرها من الصناعات ذات العلاقة والارتباط، في مساحة تقل عن ألفي متر مربع، وهذا يؤكد أن عزيمة الرجال والأفكار الكبيرة لا تهزمها الإمكانات، بل تصقلها، وتجعلها تظهر بقوة. وكل تمنياتنا أن تدعم الدولة مثل هذه الصناعات التي تحرك قطاعات الشعب بأكمله وليس جزءاً منه، وأن لا تدعها تموت كما ماتت صناعات كثيرة سادت في هذه البلد. لم يخذل وزير الصناعة د.عوض الجاز المصنعين المجتهدين المبتكرين، ومن بينهم صاحب لامدا.. الماركة السودانية الخالصة، حيث أنه زاره في مصنعه المرة الأولى، وفهم منه أن هناك عزيمة وإصرارا لتطوير هذه الصناعة، فحشد إليه في زيارته الثانية التي رافقناه فيها، كلا من عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم، فيصل إبراهيم وزير الثروة الحيوانية والسمكية، الصادق محمد علي الشيخ وزير الدولة بالكهرباء والسدود، مساعد محمد أحمد رئيس اتحاد المصارف السوداني، ومعتمد محلية بحري التي يقع المصنع فيها (المنطقة الصناعية بحري) ثم انتزع لصاحب المصنع ما يستحقه من دعم ومؤازرة، فقبل الوالي بتخصيص أرض له، ووزير الكهرباء بخفض الكهرباء له، ورئيس المصارف بتوفير التمويل لأنشطته وغيرها من الالتزامات كانت حصيلة الزيارة.