موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    نهب أكثر من 45 الف جوال سماد بمشروع الجزيرة    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    ابتسامات البرهان والمبعوث الروسي .. ما القصة؟    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاده الافارقة ما هي مواقفهم بعد نهاية القذافي؟


[email protected]
قد لا يختلف اثنان بالقارة السمراء، في أن الوحدة الأفريقية الشاملة هي احد ابرز الهموم التي يتطلع إلى تحقيقها أي مواطن أفريقي، ويبقى مرسى تطلع هذه الهموم بعيداً جداً، نظراً لاتساع رقعة الآمال والتطلعات السياسية والشعبية بحد ذاتها، إضافة إلى ارتباط هذه التطلعات بالقوى الأجنبية سياسياً وثقافياً واقتصادياً، إذا ما أخذنا في الاعتبار المعوقات التي اعترضت طريق الدعوات المتكررة للقادة الأفارقة الكبارالذين حلموا بالوحدة الشاملة منذ عقود مضت، أمثال كوامي نكروما وجوليوس نيريري وغيرهم من اؤلئك قادة الرعيل الأول من صانعي التاريخ السياسي الأفريقي، حيث أن رسالة(الوحدة الأفريقية)التي بعثوا بها إلى الشعوب كانت تطلعاً شعبياً حقيقياً لارتياد آفاق مستقبل مشرق في أفريقيا، رغم إن القارة في ذاك الوقت لم تكن مستعدة لتحقيق تلك الوحدة، لان مصالح القوى الاستعمارية فيها ظلت متضاربة ومتناقضة لأبعد الحدود، فضلاً عن أن إفريقيا في تلك الحقبة تموج في عُباب متلاطم من المصاعب السياسية والاقتصادية والأمنية، وأن أغلب بلدانها لم تحرربعد من سطوة الاستعمارالغربي، ولكن رغم هذا ظل صدى تلك الرسالة الوحدوية يصل قلوب الشعوب بطريقة سلسة، وقد مهد هذا فيما بعد لقيادات افريقية من أسلاف الوحدويين سياسياً– وبالطبع القذافي حاول - المناداة بالوحدة الأفريقية حينما وجدوا سانحة لإعادة صياغة رسالة الوحدة الشاملة، وهذا ياتي انطلاقاَ من منظورالتحالفات والتحولات السياسية والاقتصادية التي اكتنفت العالم بأثره في مطلع القرن الحادي والعشرين،(من آسيان إلى الاتحاد الاروبي والأمريكتين ونافتا).
قديماً قال احد رواد الوحدة الأفريقية الرئيس التنزاني الأسبق د. جولياس نيريري مقولة شهيرة للدلالة على المعوقات التي تعترض العمل الجماعي الأفريقي لإعلان الكيان الموحد وقتذاك، حيث قال:
(بينما تحاول الولايات المتحدة الوصول إلى القمر، فان تنزانيا لازالت تسعى حثيثاً للوصول إلى أريافها وفيافيها).
ورغم مرورعدة عقود على مقولة نيريري،إلا أن الوضع الأفريقي العام لا يبشر بتلاحم وترابط الجسد الأفريقي الكبير في كيان واحد وقوي، سيما وانه خرج للتو من آهة استعمارية لازمته طويلاً وأنهكت وشائجه شوائب الزمان على مدى تلك القرون.
وهذا لا يعني أن القارة بمناي عن الشأن العالمي اليوم ولم تتجاوز مرارة الماضي الاستعماري البغيض، بل هي في مقدمة القضايا المطروحة على الساحة العالمية(الإمراض، الكوارث، الحروب الأهلية، الديون، الإرهاب والفقر..الخ)، وإذا ما أضفنا إلى ذلك كله الخطورة التي تكمن في السباق الدولي على موارد أفريقيا الطبيعية والتي لم تستغل بعد، فان القضية ستكون أكثرالقضايا الدولية حساسية في العالم، وأكثرها حدة وتعقيدا أكثر من أي وقت مضى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
• البيئة الكونية ومتغيرات المناخ العالمي وتأثيره على حياة سكان القارة الأفريقية بفعل النشاط الجائر للشركات الصناعية الكبرى، وما يتركه من اثر سلبي على التلوث البيئي وانبعاث الغازات السامة واختفاء ملامح بيئية ومعالم طبيعية.[1]
• صراع القوى الكبرى على موارد القارة الأفريقية مجدداً وتنامي الانقسامات الداخلية، واندلاع حركات التمرد واشعال الحروب الأهلية في القارة.[2]
• دوامة أزمة الصراع الأفريقي على السلطة السياسية وما صاحبها من انقلابات عسكرية مستمرة، إضافة إلى أساليب القهرالتي تُمارس لإرهاب الشعوب وإخضاعها، واستشراء عمليات الفساد الواسعة، الإدارية والمالية وتفشي أساليب الغش والمحسوبية.[3]
• سوء تخطيط موارد القارة الاقتصادية والبشرية وتبددها في غير وجهتها المفترضة وبشكل لا يتماشى مع معايير الشفافية الدولية للتنمية المستدامة في العالم، وهذا مما ادى بدوره إلى فقدان التنمية المتوازنة في القارة الأفريقية، وتعريض شعوبها للكثيرمن الأزمات الخانقة.
* بروزصراع الأقليات في القارة وسعيها الدؤوب من اجل نيل حقوق المواطنة المشروعة وفق عدالة اجتماعية تضمن بقائها وإشراكها في قسمة الثروة وتمثيلها في السلطة.[4]
* سوء سجل القارة في مجال حقوق الإنسان، وهومثال حي لانتهاك صارخ لحقوق الإنسان الأفريقي من قبل أخيه الأفريقي، وبطريقة تعود العالم على مشاهدها، وتلك الصورة تكررت لأكثر من مرة، وبعضاً منها تحدث على مسمع ومرآى من أعين العالم دون حسيب ولا رقيب إقليمي أو دولي يقوم بحماية تلك الحقوق وصيانتها بطريقة فعالة.[5]
* قضية الإرهاب في أفريقيا والتي يرى الغرب أنها من اخطر قضايا العصرالمهددة لمصالحه دولياً، وان لم يساهم الأفارقة في صنع الإرهاب، ولكنهم حتماً واقعون تحت تأثيره القوي وفقاً لمعادلات غربية تزعم مساعدة القارة على كبح جماح الارهاب في مناطق متفرقة من القارة(الساحل الأفريقي/ القرن الأفريقي..الخ)، ومن بين تلك الاقتراحات هي مساعدات عسكرية ولوجستية وإنشاء قواعد عسكرية على الأرض الأفريقية لمواجهة المتشددين الإسلاميين بدلاً من المساهمة في تنمية القارة، كما تتجلى الحالة بوضوح في التدخل العسكري الفرنسي في النيجر لملاحقة شبكة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي اختطفت رعايا فرنسيين تابعين للشركة الفرنسية(AREVA)العاملة في منطقة آرليت الغنية باليورانيوم.
هذه صُورنمطية مصغرة ومعبرة عن قضايا افريقية كبرى وذات أهمية قصوى تدخل بها قارتنا الأفريقية عصرالتحولات الكبرى والمتغيرات المتسارعة في الألفية الثالثة، وهي أحوج إلى الوحدة والأمن والاستقرار والتنمية، بعد أن أتضح للعالم جلياً أن جميع الكيانات الصغيرة والمستضعفة في طريقها إلى الانعدام، كما تعارفت عليه مبادئ العلوم السياسية لنشوء الدول وزوالها في مفهوم الدولة بحدودها السياسية(الدولة-الأمة).
ولعل شعورالتطلعات والآمال الشعبية العامة في القارة بضرورة الوحدة المنشودة هي تكمن في الانتماء إلى فضاء أوسع وكيانا اكبرإقليميا أو قارياً، وتامين هذا الكيان من أي مخاطرخارجية تهدد مسيرته وبقائه الذي يُفترض أن يتأسس من اجلها، فقد ينتاب الكثيرون في القارة شعورا بالانتماء إلى العالمية الأكبرمساحة ومتسعاً للإنسانية(الثقافة العالمية)، ونجد هذا الانطباع يتجسد في تدفق المعلومات المتواترة وتبسيط الاتصال الأثيري، والذي قرب الإنسانية من بعضها البعض بشكل فعال أكثرمن ذي قبل، وهذه(القرية الكونية)بكل تعقيداتها كما وصفها المارشال الأمريكي ماكلوهان، ستجعل الدنيا مكشوفة على مصراعيها دون حجاب فاصل بين الناس، وذلك بفضل أطردولية مؤثرة في العالم تجعل الحدود الجغرافية مفتوحة يصعب السيطرة عليها، وبعض أطرهذه التحولات ومتغيراتها تتجدد يوماً بعد يوم في سعيها لكسرالحواجز الإنسانية، حيث اعتاد العالم في القرن الماضي التكتم على إظهاربعض الحقائق الحساسة إلا بعد مرورخمسين عاما عليها من الكتمان والسرية، ولكن اليوم أضحت أجهزة الكمبيوتر المحمولة الصغيرة والمتصلة بشبكة(الانترنت)ضخ كمية متواترة من المعلومات المثيرة إلى المواقع الالكترونية الدولية التي يتصفحها الناس حول العالم، وبعضاً منها معلومات سرية للغاية، كما دار السجال كثيرا حول عملية الكشف التي قام بها موقع ويكليس الالكتروني وإماط اللثام عن الوجه الخفي للحرب في العراق وأفغانستان واسرار مختلفة للولايات المتحدة، وجعل الناس وببضع ضغطة على أزرار الحاسوب اطلعت الانسانية في العالم على جٌل إسرارالحرب في تلك المنطقة وبكافة تفاصيلها الدقيقة.[6]
يا ترى أين سيكون موقع أفريقيا من كل هذه التحولات والمتغيرات العالمية، وهي تريد حماية نفسها بالوحدة الأفريقية الشاملة؟.
أن فهم ملامح مستقبل الوحدة الأفريقية يكمن في إدراك متطلباتها والتكيف مع تحولاتها الآنية واللاحقة، واستكناه مغذى ودلالات هذه التطورات السريعة والمتلاحقة إقليميا ودوليا، فالوحدة الأفريقية مثلما نادى بها قادة كبارفي القرن الماضي وسمع صداها كل شعوب القارة، فهي أيضاً بذات القدراستجابة طبيعية لشروط عالم متغير ومتجدد باضطراد، ونداء تاريخي لعوامل الجغرافيا والتاريخ، وهوبالتأكيد نداء قوي وأصيل نابع من ضميرالشعوب ويتردد صداه في آفاق بعيدة وممتدة في مساحات أفريقية شاسعة، وهذا بالطبع نداء غريزي لكل كائن حي يحمل في دواخله حب الحياة والبقاء على وجه هذه البسيطة.
فلذلك، فإن الوحدة الأفريقية في وقتنا الراهن ليست ضرباً من الخيال أو شيئاً من قبيل التطلعات الزائفة، أو نوعاً من التفكيرالإنساني المثالي، ولكنها في واقع الحال دعوة صميمة تستجيب تماماً لتطلعات وآمال شعوب مزقتها ممارسات استعمارية بلا رحمة.[7] وعبرهذه الآمال تحاول النهوض مجدداً كي تلتئم جروح قديمة وتندمل، وتبقى حرة كباقي شعوب وأمم العالم، ورغم التوقعات المخيبة لتلك الآمال والتطلعات، خاصة تلك التي تتحدث عن أن القارة في المستقبل المنظورستكون أكثرقارات العالم عرضة للتسابق الدولي المحموم للتحكم على مصيرها، وذلك بحسب اتساع وتيرة الاصطراع الدولي فيها، ويرى المراقبون على أنها – أي القارة- سيكون الصراع الدولي فيها أكثرضراوة من سابقه ابان عهود الهجمة الاستعمارية في القرن السادس عشرالميلادي، حيث أنها تختزن في باطنها موارد طبيعية ومواد أولية ومعادن نفيسة، ولا تزال القارة تمثل وجهة العالم، وستظل كنوزها المتعددة تشغل باله وقلبه.
إذن كيف يمكن تأمين هذه القارة وحمايتها في ظل ظروف دولية معقدة تحيط بقضاياها على الصعيدين الإقليمي والدولي؟.
ورغم المعضلات التي تقف دائماً حائلا امام تحقيق الوحدة الأفريقية، .
لقد أعلن القذافي دون مبآربة تحريرالقارة من ربقة الهيمنة الأجنبية والتصدي للجهل والتخلف، وذلك بتأسيس كيان(الولايات المتحدة الأفريقية)، رغم أن مسيرة القذافي في هذا الشأن كانت متشعبه، وفي هذا المضمارللقذافي صولات وجولات مع القوى الغربية بسبب مواقفه المناهضة لها ومجابهتها في الساحة الأفريقية والعالم طوال عقود، وترى القوى الغربية في ذاك الوقت، إن اندلاع الثورة الليبية بهذه التوجهات سوف تكون اكبرمصدرللخطرالذي يتهدد مصالحها في أفريقيا، ويتمثل هذا الخطر في استمرارالعقيد القذافي في تعبئة وتحريض الجماهيرالأفريقية ضد الغرب، وقد كانت لتلك الدعوات صدىً واسعاً في كل الساحات الأفريقية، ولكن تلك الخطوات – أي مناهضة القذافي لقوى الغرب في أفريقيا- قد كلفت ليبيا ثمناً باهظاً في العقود الماضية من القرن الماضي، إضافة إلى انعكاساتها ونتائجها على صعيد الساحة الداخلية والخارجية للجماهيرية ماضيا وحاضرا(حمله حلف الناتو ضد نظام القذافي)، وتمثلت تلك في الاعتداء عليها وحصارها عدة سنوات، وبديهي جداً في تلك الظروف أن تصتطدم القوى الغربية بإرادة القذافي بسبب إثارته للقضايا الأفريقية الحساسة(أفريقيا للأفريقيين..السود يسودون العالم..الخ)، وكان طبيعيا جداً ايضاً أن تدفع ليبيا فاتورة تلك المجابهات، وكانت اعتداء عام(1986م) وحاليا ايضا، ثم حصارها لأكثرمن عشرسنوات عجاف تعرض خلالها الشعب الليبي لتجارب قاسية ولكنه حاول الانتصارفي نهاية المطاف(الثوره الليبيه)، ورغم أن ردة الفعل الأفريقي جراء ما تعرضت له ليبيا بسبب قضايا القارة جاءت متأخرة، ولكن القرارالأفريقي بشأن ليبيا جاء متسقاً ومتسماً بكثيرمن المسؤولية والموضوعية في تبنيه لقضية لشعب الليبي في قمة(وغادوغو)الشهيرة، حيث اختارت قمة(واغا9/9/1999)خيارالتحدي لمجابهة المصيرالمحتوم، فقد قالت القمة الأفريقية المنعقدة في(واغا)كلمة(لا)، وأعلنت موفقها صراحة بشان قضية الشعب الليبي في الحصار، وخرجت القمة الأفريقية بإعلان عدم الاعتراف والتقيد بالحصارضد ليبيا وشعبها باعتبارها جزء لا يتجزأ من الأرض الأفريقية رغم ان هذا يتعتبر من اخطا النظام الليبي في مواجهه العالم علي حساب الشعب الليبي، وبحسب عقليه القذافي السياسيه في افريقيا لا يستقيم إذن أن يستعمرالغرب أفريقيا تارة ويحاصرجزءاً من أراضيها تارة أخرى، ولذلك جاءت ردة الفعل الأفريقية تجاه قضية ليبيا ببيع القاده الافارقه قوية لدرجة أن الدول الغربية التي تقف خلف الحصارتحفظت من القرارالأفريقي خشية من أن لا يتسبب ذلك في مشكلة عويصة بين الغرب والقارة الأفريقية مستقبلاً(لان اللعبه معروفه لديهم ببيع ذمم القيادات الافريقيه بالفلوس).
وتلك كانت خطوة مهمة تاريخية لقاده إفريقيا بان تتبنوا قمة(واغا)والتي تعد اخطرقضايا القرن العشرين إثارة للجدل دولياً.
وقد كانت قمة(واغا)امتحاناً عسيراً للسياسة الخارجية لأفريقيا تجاه العالم الخارجي ومخاطبته بكلمة(لا)، وتلك كلمة لم يتعود العالم على سماعها منذ فترة طويلة، وبهذا، فان القارة قد لعبت دورها غريبا للعالم في مسرح السياسة الدولية الشائكة والأكثرتعقيداً.
ومن ناحية أخرى، فقد كانت القمة أيضا فرصة طيبة للقارة لمكافئة شخص العقيد القذافي نظيرمواقفه تجاهه رخا القذافي للقاده، وفي(واغا)شعرالقذافي بفخر، بان قاده الشعوب الأفريقية لن تتوانى في نصرة حلفائها الطبيعيين كما فعل ادريس ديبي في ارسال مرتزقه الي قمع الليبيين، ولن يديرله ظهره اطلاقاً وفي ظروف حالكة، ولا تنسى قيادات افريقيا كذلك فضل وجميل مواقف القذافي المدافعة عن قضاياهم السياسيه، حيث نهضت قيادات أفريقيا لإعادة رجع صدى دعوة القذافي في القارة بالتصدي لمحاولات الهيمنة الامبريالية ضد الشعوب المستضعفة والفقيرة كما يرونه، وفي قمة(واغا)أيضا أحس العقيد القذافي بأن الحصارالغربي لبلاده ليبيا بدأ يتفتت أمام أعينه قطعة تلو الاخرى.[8]
ومن هناك توجه القذافي للشعب الليبي قائلا:-(أن أفريقيا هي الحليف الطبيعي للشعب الليبي، وأن القارة ظهيراً حقيقياً لليبيا)، ومن ثم قام القذافي بإطلاق العنان للعديد من المبادرات الإقليمية والدولية لصالح دعم قيادات أفريقيه اقتصادياً وسياسياً وثقافياُ، وتأتي مبادرة تأسيس تجمع دول الساحل والصحراء خطوة أولى في سبيل مساعيه الرامية إلى توحيد كيانات سياسيه أفريقيه من خلال مؤسساتها الإقليمية، وبذلك أصبح تجمع دول(س-ص)أحد أكبر الأوعية الإقليمية التي يحسب له ألف حساب وسط الهيئات والتجمعات الإقليمية والدولية في المنطقة، وأضحى تجمع(س-ص)ايضاً منبراً أفريقياً يتجمع فيه القادة الأفارقة ومؤسسات المجتمع المدني الأفريقية للذكروالاستذكاروللتباحث حول كافة قضايا القارة الافريقية سياسيا، اقتصاديا وثقافيا، والبحث أيضا في كيفية تحديد رؤى كفيلة بتحقيق حلم القذافي الأفريقي المنشود الممثل في الوحدة والتوحد في كيان أفريقي شامل حفظا لنظامه ونظامه حلفئه.
ومن جهة أخرى، لن يغفل الغرب دورالعقيد القذافي منذ سبعينيات القرن الماضي عندما تبنى المشروع العربي والأفريقي وما تحمله تلك المشاريع في طياتها من تناقضات موضوعية للسياسة الغربية في أفريقيا، ويرى الغرب أن الدورالليبي في المنطقة الافريقية يتجلى في طموحات القذافي السياسية لخلق تكتل إقليمي قوي يكون فيه هوالداعم والأب الروحي والزعيم المُلهم له(ملك ملوك افريقيا)، وذلك بما يمكنه من تحقيق حلم تاريخي ظل يراوده منذ اندلاع ثورة الفاتح من سبتمبر، وبهذا تنظرالقوى الغربية إلى أن السياسة الليبية الإقليمية انتقلت بسرعة مذهلة إلى كل ساحات دول القارة(مرض الثوره القذافيه)، وبصورة أدهشت جميع المراقبين الدوليين والمهتمين بالشأن الأفريقي الليبي.
وعلى النقيض، يري الغرب ان تلك العلاقة نفسها بتحالفات أخرى قوية وبارزة تجاوزت في كل مراحلها الأطرالتقليدية لكل عداء افريقيا مع ليبيا القذافي وطيه، وكانت أوضح تلك التحالفات الجديدة ممثلة في وقوف(ديبي تشاد)مع القذافي عقب الحصار ليبيا بفعل قضية لوكاربي والحمله الدوليه لحلف الاطلسي، ووصلت تلك التحالفات أيضا إلى قمة ذروتها، وذلك بقيام تلك الدول بتأسيس تجمع دول الساحل والصحراء برعاية ليبية عام 1997م، وكانت تشاد عضو مؤسس فيه، وقد تطورت هذه المنظومة الساحلية إلى أن كادت ان تحلت محل منظمة الوحدة الأفريقية التي أنشئت في عام1960م، بل ساهمت(س-ص)بفاعلية في قيام كيان الاتحاد الأفريقي. ولاشك في إن الغرب بتلك الخطوات لاينظردوماً إلى(قذافي أفريقيا)بعين الرضى والارتياح، نظراً لتوسع نشاطاته وتحالفاته الإقليمية انطلاقا من تشاد التي رفض رئيسها ديبي المساعي الدوليه لللقبض علي الفذافي، ويمكن الإشارة هنا، إلى أن عرقلة الغرب إستراتيجية المشروع القذافي في القارة الأفريقية سيظل واحد من أبرزهموم السياسات الإستراتيجية الغربية في المنطقة في تقويض الطموحات القذافيه في القاره.
ولذا، فان جزءاً من توجهات مشاريع القوى الغربية في القارة تتضمن خططاً من شأنها إفشال مسعى نجاح القذافي في القارة، ويأتي هذا في سياق نمط السباق المحموم للقوي الدولية وأبجديات صراعها الخفي في أفريقيا.[9]
________________________________________
[1] لم يتحمس قادة الدول العشرين(G20) مساعدة أفريقيا في قضايا البيئة في مؤتمر البيئة العام الماضي في (كوبن هاجن).
[2] توجد رابطة قوية بين الأقليات المهشمة والمقهورة والصراعات المعاصرة، يحتاج منع الصراع أن يناقش (غالبا غير
مرئية بصورة كبيرة وأقل "استراتيجيا") قضايا الأقليات:حقوق الأقليات، منع الصراع والتحذير المبكر: دروس من دارفور
المؤلف: شاراس سرينيفاسان

[4] هذا هو هم خاص فى أفريقيا حيث أن التمييز ضد الأقليات في الغالب حاضر بجانب الشروط المسبقة الهيكلية الاخري للصراع. تؤكد جماعة حقوق الأقليات الدولية أنه بينما أن مفهوم أقلية/أقليات هو مثار خلاف فى أفريقيا، فإن تفش وجود جماعات اثنيه وعرقية أو دينية غير مسيطرة ويتعرضون للتهميش والتمييز من قبل الدولة يقدم سبب مقنع للاعتراف بهم وحمايتهم.
[5] أن سجل القارة في مجال حقوق الإنسان في القارة جعلها عرضة للانتقاد العالمي والتدخل العسكري الدولي لاعراض حماية حقوق الإنسان، كما هوالحال في شرق تشاد وشمال أفريقيا الوسطى ودارفور.
[6] نشر موقع ويكليس ملايين الوثائق السرية الحساسة والمثيرة للجدل عن الحرب في العراق وأفغانستان وانشطة دبلوماسية خطيرة لدول كبري من بينها دلولايات المتحدة الامريكية.

[8] دأب المحللون على تسمية العام1999م العام الليبي الأفريقي نظراً للموقف الافريقي القوي المؤيد للجماهيرية ضد الحصار على الرغم من الموقف العربي المخزي تجاه قضية حصار بلد عربي والتزامها به.
[9]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.