الحزب الشيوعي يطالب بالعدالة ووقف الحرب    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    برئاسة البرهان .. مجلس الأمن والدفاع يعقد اجتماعه ويطمئن على الوضع الأمني بالبلاد    تجيبها كده تجيبها كده.. هي كدة..!!    كاس العرب بدون حكام سودانيين    تعرف على غرة شهر رمضان فلكياً 1447 ه    ترتيب لانطلاق إعداد المنتخب الرديف بكسلا    الطاهر ساتي يكتب: البيان التاريخي ..!!    الجيش يعلن عن انتصارات جديدة في الفاشر    علماء يكتشفون فوائد جديدة للقهوة    ترامب يهدد باستبعاد بوسطن من استضافة مباريات كأس العالم    عثمان ميرغني يكتب: البرهان في القاهرة..    عناوين الصحف السياسية السودانية الصادرة اليوم الخميس 16 أكتوبر2025    تمديد فترة التقديم لشواغر القبول بمؤسسات التعليم العالي غير الحكومية    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الخميس16 أكتوبر2025    رسمياً.. هلال كوستي يبرم تعاقداته مع حمدتو و"فار"    التعادل يؤجل فرحة البرتغال بالتأهل    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة إيمان الشريف تحيي حفل غنائي بالسودان وتحصل على "نقطة" طائلة من العريس    شاهد بالفيديو.. بعد الوقفة القوية للسودانيين بأوغندا وخارجها.. إستلام جثمان الفنان الراحل علي كايرو من المستشفى بعد سداد مبلغ 6 ألف دولار    محل اتهام!!    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    في مشهد مؤثر.. أحمد الصادق يغني لأول مرة مع شقيقه حسين على مسرح    شاهد بالفيديو.. هتفوا (الجماعة طاروا).. سودانيون بالدوحة يخرجون في مسيرات فرح احتفالاً بفوز "قطر" على "الإمارات" وتأهلها لكأس العالم    السودان يدعو العرب لدعم إعادة تعافي القطاع الزراعي في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بالقاهرة    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    راقبت تعليقاتهم على مواقع التواصل.. إدارة ترامب تفاجئ 6 أجانب    قبل صدام الكونغو الديمقراطية.. تصريحات صادمة لمدرب منتخب السودان    وفاة صحفي سوداني    قرارات مهمة لنادي الهلال السوداني    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    تعيين محافظ جديد لبنك السودان    ترامب: أميركا مع السيسي دائما    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    تقرير الموارد المعدنية: 909 ملايين دولار حصيلة الصادرات    ترامب : أنجزنا المستحيل والدول العربية والإسلامية شركاء في السلام    الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)    قوات الطوف المشترك شرق النيل تدك اوكار الجريمة بدائرة الإختصاص وتوقف (56) أجنبي وعدد من المتهمين    حاج ماجد سوار يكتب: كيف يكتمل تفكيك المليشيا (1)    انا والسياسة الاقتصادية والكورنة    وزير المعادن يترأس اجتماع مناقشة الخطة الاستراتيجية لتأمين المعادن ومكافحة التهريب    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    احبط تهريب أخطر شحنة مخدرات    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفريقيا والتحديات المستقبلية .. بقلم: عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
نشر في سودانيل يوم 20 - 10 - 2010

أصبحت القارة الإفريقية أحد البؤر التى تزداد فيها حدة الصراعات بالرغم من محاولة الأغلبية من قادتها خلق كيان إفريقى قوى يعمل على توحيد القارة سياسيا وإقتصاديا لمواجهة التحديات القادمة إليها في ظل عصر العولمة والأحادية القطبية ،وبينما تسعى القارة الإفريقية نحو الوحدة نجد أن السياسات الدولية للقوى الفاعلة دوليا منذ انهيار نظام القطبية الثنائية تنزع لهزم عوامل الوحدة في معظم مناطق القارة الإفريقية ، لأسباب تتعلق بمصالح هذه الدول الفاعلة دوليا ، نسبة لأهمية موقع القارة الإفريقية الإستراتيجى ، الذي يتحكم فى العديد من نقاط طرق المواصلات والتجارة العالمية ، ووجود البترول والمواد الخام الأولية الأخرى التى تعتبر ضرورية لحل مشكلات الاقتصاد العالمي ، وتنمية التجارة الدولية , إن النظام العالمي الجديد ، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ،أصبح يتجه بكل ما يملك من قوة وإمكانيات نحو القارة الإفريقية ، لقد سارع هذا النظام العالمى الجديد بمجرد أن اختفى الإتحاد السوفيتى السابق إلى إختراق القارة السوداء ، وإقامة توازنات ومناطق نفوذ فيها للحفاظ على مصالحه الإستراتيجية فيها , مما أدى إلى خلق توترات وصراعات أشعلت نيران الحروب الأهلية فى جميع أرجاء القارة الإفريقية ، وأصبحت القارة السوداء الآن محاطة بطوق من القواعد البحرية والجوية لخدمة المصالح الأمريكية والغربية فى القارة الإفريقية , لتغيير الخارطة الجيوسياسية فى القارة الإفريقية حسب الخطط والسياسات المرسومة لتحقيق مصالح القوى الكبرى فى إفريقيا , وبالرغم من أن حدة الصراعات في العديد من مناطق العالم أخذت فى التراجع بالتدريج ، وتغيرت أشكالها ومضامينها ، فنجد أن نذرالصراعات في القارة الإفريقية أصبح يلوح فى أفقها بصورة غير مسبوقة ، فالحرب على موارد القارة بين أمريكا والغرب من جهة والصين والدول الصاعدة الأخرى من جهة أخرى قد انتقلت للقارة الإفريقية الغنية بالموارد في شكل حرب شديدة المراس ، فتباينت المصالح الدولية والإقليمية والمحلية ، وتشكلت مراكز قوة وتحالفات أصبحت تخدم مصالح الدول المتدخلة فى الشأن الإفريقى على حساب مصالح الدول الإفريقية وشعوبها المقهورة التى ظلت ولا تزال تعانى من الفقر وتحلم بالتنمية , ولكن قدرها أن تظل أسيرة لما خلفه الإستعمار القديم من إنتشار لبؤر التوتر والصراع والعنف في كل مكان من قارتنا , من منطقة القرن الإفريقى إلى منطقة البحيرات وغرب إفريقا وصولا إلى أنغولا , وبدلا من التنمية وإزاحة الفقر عن كاهل الإنسان الإفريقى يسعى الإستعمار الجديد لتجفيف موارد الدول الإفريقية النقدية عبر بيع السلاح لمكونات دولها ، ومن ثم خلق المشكلات التي تثير الخلافات بين مكونات هذه القارة الإفريقية لتجعل خلافاتهم عصية على الحل ، فظهرت الخلافات المذهبية والإثنية وأضافت إلى ما كان موجودا من صراعات , صراعات أخرى أشد مرارة، توتسى ضد هوتو, عرب ضد أفارقة ,كتلة مسيحية ضد المكونات الإسلامية , وتفاقمت هذه المشاكل المفتعلة بدورها وتحولت إلى ألغام بعضها إنفجر وبعضها يمكن أن ينفجر في أي لحظة ، هكذا تم دفع قارتنا وزج بها فى أتون الصراعات عبر بعض قادتها الذين سلموا إرادتهم وإرادة شعوبهم للطامعين فيها ,فإشتعلت الحرب بين طرفى النزاع فى رواندا فكانت المذابح المروعة من أجل خدمة مصالحهم وإعلا شأن التوتسى على الهوتو، وجعلوا من الصومال دولة فاشلة تتقاتل قبائلها فيما بينها بغرض تدويل البحر الأحمر والسيطرة على القرن الإفريقى وموارده ، وتم التدخل فى منطقة البحيرات ومنابع النيل من أجل تغيير خارطة المنطقة لخدمة مصالح ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وتدويل قضية مياه النيل , فإنفجرت الخلافات بين دول المنبع والمصب لحوض نهر النيل , وتم تدويل قضية دارفور ودفع بعض قيادات جنوب السودان للمطالبة بالإنفصال من أجل تفتيت وحدة السودان وبالتالى إنتقال مرض الإنفصال لبقية الدول الإفريقة لهزم كل الجهود التى تبذل من أجل توحيد القارة الإفريقية , وحوصرت زمبابوى نتيجة لتوجه قائدها روبرت موغابى لسياسة الإصلاح الزراعى وإعادة توزيع الأراضى التى يملك أغلبها البريطانيون لصالح المواطنين الأصليين ,فقامت وسائل الإعلام البريطانية والغربية بحملة شرسة على الرئيس موغابى ونظامه نتيجة لفقدانهم مصالحهم , إنهم يقومون بكل ما هو يعمل على هدم وحدة القارة الإفريقة من أجل السيطرة عليها عبر التدخل بشعارات ظاهرها براق يطالب بحماية الأقليات والإثنيات ومحاربة الإرهاب والأصولية الإسلامية ولكن المضمون الحقيقة الذى يتخفى وراء هذه الشعارات هو الإستعمار الجديد لموارد القارة الإفريقية الطبيعية والبشرية من أجل المحافظة على رفاهية إنسان الغرب وأمريكا على حساب إنسان القارة الإفريقة الذى ظل ولا زال يعانى من الفقر والتهميش , لقد أصبحت أراضى القارة الإفريقية مسرحا للدول المتصارعة على مواردها ، وتنوعت موضوعات الصراعات فى القارة الإفريقية نتيجة لتباين إرادات الدول المتنافسة على مواردها ومصالحها،ونتيجة للضعف السياسى لبعض الأنظمة الإفريقية تم إختراق القارة الإفريقية عبر هذه الدول الضعفية التى أصبحت هى فى ذاتها أحد أدوات الهيمنة الإستعمارية الجديدة لإضعاف بقية دول القارة الإفريقية ومن ثم إدخالها فى منظومة الإستعمار الحديث , لتفتيت ما كان قائماً من علاقات إفريقية ، ولفرض تراجع على دور الإتحاد الإفريقى ، ولذلك برز الإختلاف بين الأفارقة ، مما أتاح لقوى الهيمنة الإستعمارية الجديدة فرصة للتدخل في شؤونهم ، فعمقت هوة الخلافات والصراعات الإفريقية ، وقامت بالسيطرة على قرارات الدول الإفريقية وإرادتها ، وإدخال القارة في متاهة لا يعرف أحد كيف يتم الخروج من مآزقها ، ولا يعلم إلى أين تتجه بها ، وإن كان هناك إعتقاد عام بأن السير فيها سيكون وخيم العواقب بالنسبة إلى الجميع , لقد إذدادت أعداد القوى الدولية التي تتنافس وتتصارع على القارة الإفريقية ، ودخلت بكل ثقلها إلى مجال القارة الإفريقية خلال العقدين الماضيين ، وإستغل بعضها ضعف بعض مكونات الوحدات السياسية للقارة الإفريقية نتيجة لبعض الإشكاليات والإضطرابات الداخلية فيها أو نتيجة للخلافات بين بعض المكونات السياسية فيما بينها ، فحاولت استغلال هذا الإنقسام الإفريقى والإستفادة من هذه الأوضاع المتأزمة فى سبيل تحقيق مصالحها ، مما أدى لخلق صراعات عديدة قد قد تتحول في أية لحظة إلى حرب مستعرة ، تستنزف كل ما هو موجود من موارد فى القارة الإفريقية , إنه فعلا وضع معقد بكل المقاييس ، يحتم على القادة الأفارقة إستشعار هذه التحديات المستقبلية التى تواجه مصير القارة الإفريقية ، فإما أن يتجهوا بالقارة نحو الوحدة ومن ثم تحقيق التنمية وفرض ثقافة السلام حسب المعايير الإفريقية عبر التعامل بجدية مع هذه التدخلات الخارجية السالبة وكبح جماحها , أو التراخى حيال هذه التدخلات الخارجية فى شؤون القارة الإفريقية فيصبح من الصعب التحكم بأية أزمة تنشب في أي زمان أو مكان فى القارة الإفريقية نظرا إلى كثرة السلاح وانتشاره وكثرة الذين يحملونه وضعف السيطرة عليهم ، فينفرط عقد السيطرة على هذه الأوضاع , مما قد يؤدى إلى إنتشار حرب شاملة تعم أغلب أجزاء القارة الإفريقية , فاليوم تتداخل العوامل المحلية والإقليمية والدولية إلى الحد الذى يلغي الحدود بينها ، ويجعل من الصعب التحكم بأية أزمة تنشب في أي مكان , وأن نشوب أى حرب لم يعد متوقفا على أسباب داخلية فقط،فقد تنشب الحرب لأسباب خارجية أو إقليمية أو دولية ، و تمتد فيما بعد إلى مناطق أخرى قد تكون قريبة أو بعيدة , لذلك لن تكون إفريقيا فى مأمن من الحروب القادمة بسبب مطامع القوى الكبرى وتدخلاتها فى شؤون القارة الإفريقة ، ما لم تتجه القارة الإفريقية نحو تعزيز مؤسسات إتحادها الإفريقى وحلحلة مشكلاتها الداخلية عبر آليات الإتحاد الإفريقى للحد من التدخلات الدولية فى شؤونها الداخلية , لأن تفعيل مؤسسات الإتحاد الإفريقى يعنى سيطرة مؤسساته على مجمل الأوضاع الإفريقية وبالتالى يعكس قوة القارة الإفريقية فى كل تعامالاتها مع القوى الأخرى الخارجية , عليه يجب على قادة دول القارة الإفريقية أن يضعوا فى إعتباراتهم أنهم مسؤوليين أمام شعوبهم وأمام التاريخ , بأنهم إما أن يعملوا من أجل رفاهية وتقدم شعوبهم وتحقيق حياة أفضل لأجيال إفريقيا القادمة , حيث لن يتحقق هذا الهدف إلا بوحدة شعوب القارة الإفريقية , وإما أن يتقاعس هؤلاء القادة عن واجباتهم نحو شعوبهم وأجيالهم القادمة وبالتالى سوف يدفعون شعوب قارتهم وأجيالهم القادمة نحو الفقر والجوع والمرض الخوف والحروب والرعب من هول الدمار الذي سيلحق بجميع مكونات القارة الإفريقية , آن الآوان أن ننهض بقارتنا ونبنى مستقبلا زاهرا لأجيالنا المتعاقبة لنحقق حلم قادة تحرر القارة الإفريقة الذين كان حلمهم بعد القضاء على الإستعمار بناء هذه القارة الإفريقية ولكن تكالبت عليهم قوى الإستعمار وأجهضت مشروعهم , فهل نحن قادرون على تحقيق هذا الحلم أم سوف ننحنى أمام رياح تلك التحديات القادمة إلينا ؟
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى شؤن القارة الإفريقية و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.