أعلنت حكومة السودان أن الجيش يسيطر الآن سيطرة تامة على منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها على بين الشمال والجنوب، وأنه يقوم بتطهيرها من جماعات جنوبية مسلحة. وقد أدانت الولاياتالمتحدةوفرنسا الأحد سيطرة الجيش السوداني على مدينة أبيي، وطالبت واشنطن بانسحاب القوات الشمالية من المدينة، فيما نددت باريس ب "انتهاك خطير" لاتفاق السلام بين الشمال والجنوب. ووصفت فرنسا هذه الإجراءات الأحادية بأنها انتهاك فاضح لاتفاق كادوقلي الذي وقع عام 2005 لإنهاء الحرب الأهلية. وأكد وزير الدولة السوداني برئاسة الجمهورية أمين حسن عمر الأحد أن الجيش السوداني سيبقى في أبيي التي دخلها السبت لحين التوصل لترتيبات جديدة، مع تأكيده استعداد حكومة السودان للتفاوض. وقد بادرت حكومة جنوب السودان إلى القول إن احتلال الجيش السوداني لمنطقة أبيي بأنه أمر"غير مشروع". طرفا النزاع يتبادلان الاتهامات وقد تبادل حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية الاتهامات بشأن التطورات الأخيرة في منطقة أبيي. وفي حديث ل"راديو سوا"، قال القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان أتيم غرنغ إن شمال السودان يعاني العديد من المشاكل، إلا أنه يريد صرف أنظار مواطنيه عنها بافتعال خلاف مع الجنوب. ويرى محيي الدين قيتاوي عضو حزب المؤتمر الوطني في حديث ل"راديو سوا" أن عدم قدرة الحركة الشعبية على ضبط الأوضاع في الجنوب دفعها إلى افتعال مشكلة مع الشمال وقال: "أنا في تقديري أن الحركة الشعبية غير قادرة على ترتيب أجندتها السياسية والتنفيذية والإدارية. الآن الأوضاع في الجنوب متفجرة هناك قوات متمردة على الحركة الشعبية، هناك فوضى أمنية في عدد من ولايات الجنوب، في تقديري أن الحركة الشعبية تريد أن تقول للمجتمع الدولي تدخلوا بهذا الأمر ليحكموا لصالحها." الآلاف يفرون من أبيي يذكر أن الآلاف من أبناء منطقة أبيي فروا في الوقت الذي سيطرت فيه القوات الشمالية على كبرى مدنها مساء السبت. وكان الجيش السوداني قد فرض السبت بعد معارك عنيفة سيطرته على مدينة أبيي التي تشهد تصعيدا لأعمال العنف منذ استفتاء يناير/ كانون الثاني الذي اختار فيه غالبية سكان الجنوب الانفصال عن الشمال، تمهيدا لإعلان دولة مستقلة في9 يوليو/تموز المقبل. وقد أكدت مصادر عسكرية شمالية السبت أن "القوات المسلحة السودانية وصلت عند المغرب إلى مدينة أبيي وأحكمت سيطرتها عليها وطردت قوات العدو إلى جنوبها". وقال فيليب اغوير المتحدث باسم الجيش الشعبي الجنوبي إن معارك ضارية دارت في المنطقة، مضيفا أن السكان "فروا من المنطقة بسبب القصف العشوائي من الجو ومن الدبابات على الأرض". وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود، التي تدير عيادات في أبيي وأغوك التي تبعد عنها40 كيلومترا جنوبا، أن "كل سكان مدينة أبيي قد فروا منها". وقد اضطرت المنظمة إلى وقف عملها في أبيي، فيما استقبلت عيادتها في أغوك42 جريحا مساء السبت، وأوضحت في بيان أن "فرق أطباء بلا حدود في أغوك تتهيأ لاستقبال عدد اكبر من الجرحى". فرقة سودانية تدخل أبيي وقال المتحدث باسم الجيش الشعبي الجنوبي إن القوات المسلحة السودانية "دخلت إلى أبيي بفرقة كاملة، في حين لم تكن لدينا قوات قتالية منتشرة فيها". وأكد المتحدث الجنوبي أن قوات الجيش الشعبي كانت قد انسحبت كلها إلى الجنوب تنفيذا لاتفاق ابرم برعاية الأممالمتحدة في ال9 من مايو/أيار، ينص كذلك على انسحاب القوات الشمالية أيضا من المنطقة. وأوضح أنه لا توجد حتى الآن خطة لشن هجوم مضاد. وقال "نحن لا نستطيع كجيش شعبي إعلان الحرب على جيش نظامي. وننتظر ما ستقرره حكومة جنوب السودان في المرحلة القادمة". وكانت الأممالمتحدة قد دعت السبت إلى "وقف فوري للمعارك". وأكد المتحدث باسم بعثة الأممالمتحدة في السودان أن معسكر البعثة في أبيي تعرضت للقصف بقذيفة هاون لم تسفر عن ضحايا. وكان من المقرر إجراء استفتاء في منطقة أبيي، التي يتنازعها الشمال والجنوب، في يناير/كانون الثاني الماضي بالتزامن مع الاستفتاء على حق تقرير المصير في جنوب السودان، وذلك لتمكين سكان هذه المنطقة من الاختيار بين الانضمام إلى الشمال أو إلى الجنوب، إلا أن هذا الاستفتاء أرجئ إلى اجل غير مسمى، بسبب خلاف حول حق أفراد قبيلة المسيرية البدوية العربية في التصويت فيه. وحتى الآن، وبعد أربعة أشهر من الاستفتاء لم تحقق المفاوضات بين الشمال والجنوب بشان مستقبل هذه المنطقة أي تقدم. ويتبادل المعسكران الاتهام بإرسال عدد اكبر من الجنود "غير النظاميين"، ما يشكل انتهاكا للهدنة الموقعة في يناير/كانون الثاني، فيما تزايدت الحوادث المسلحة في المنطقة وخاصة في الأيام الأخيرة مع مواجهات مباشرة بين الجيش السوداني والجيش الشعبي. ولا شك أن سيطرة الجيش السوداني على أبيي تعد اخطر حادث منذ المواجهات الدامية التي جرت بين الجيشين عام 2008 التي تتزامن مع زيارة وفد مهم من سفراء مجلس الأمن وصل مساء السبت إلى الخرطوم سعيا إلى نزع فتيل التوترات الحالية بشان أبيي.