، فأبوذر لم يكن مخطئاً حين سطر بقلمه ما يؤمن به ويعتقده، وليس ذنبه، إن كان هنالك من ضاق صدره بما كتبه ولم يستطع أن يتحمل قوة رأيه وشجاعة قلمه!!!!. وما أستطيع قوله، هو أن أبوذر دفع ثمن إيمانه بمبادئه التي عاش لها وبها ولم يتخل عنها يوماً، ولم ترده التهديدات والوعيد بل زادته صلابة وقوة، فقد تعرض للاعتقال والتشريد من قبل، واليوم يتعرض للسجن بعد الأخر. ونحن نشد من أزره وندعمه لشجاعة قلمه الذي يأبى المساومة والخذلان!!!!!.فأبوذر لم يعرف يوماً كيف ينكسر أو ينتكس أو يكر خائباً، بل مضى وسيمضي بعزيمة رأيه وقوة مبادئه. بعد أن انقضي عاماً ونصف العام قضاها أبوذر بسجن كوبر، عانينا فيها الكثير وذقنا فيها من الويلات ما لم يخطر بقلب بشر، ورأينا فيها من ألواناً من ظلم وجور بني الإنسان لأخيه الإنسان!!!!!، وعشنا تجربة مرة ومريرة، شاركنا فيها الكثير ممن يتعرضون لنفس المأسأة والظلم!!!!!، وعرفت كيف أن هنالك أخرون تجرعوا مرارة الذل والحرمان والقسوة وعانوا من الظلم ظلمات، عدواناً وانتهاكاً!!!!!، وقصوا عليّ من المرارات، ما تخيلت لوهلة أنها لا توجد إلا في الأساطير والخرافات ولا مجال لها في الحياة الواقعية بيننا!!!!. لم أعرف يوماً معنى أن تُذل وتُهان لمجرد أنك صاحب قضية ومبدأ، ويتخيل لغيرك أنك من تذلهم وتهينهم وتزلزل عروش سلطانهم بما تملك من قوة الفكر والرأي والعزيمة!!!!!، وتعجبت لزمن انقلبت فيه الموازين رأساً على عقب!!!!!!، زمناً ضاع فيه العدل والمنطق وضاعت معه أشياء كثيرة!!!!!. لم تصيبني الحيرة والدهشة التي أصابت أبوذر في مقتل، حين أخبرته إدارة سجن كوبر بأنه لن يطلق سراحه وسيتم تحويله لنيابة أمن الدولة!!!!!!، ولم أتحير بعد أن عرفت أن الأمر الذي صدر لإدارة السجن هو صادر من القاضي مدثر الرشيد ولم يصدر من جهاز الأمن أو من نيابة أمن الدولة!!!!!. والذي أعرفه، أنه لم تكن لأبوذر قضية من الأساس، وأن ما أصاب أبوذر هو محض ظلم وافتراء من جهاز الأمن ابتداءاً، ثم من نيابة أمن الدولة التي اختلقت اتهامات (تقويض النظام الدستوري) وعجزت أن تدعهما بالإثبات والمنطق، وتواصلت المهزلة في محكمة القاضي مدثر الرشيد، ولم نعرف للآن كيف قوضت مقالة أبوذر، النظام الدستوري للسودان!!!!!!!. فقد كانت محاكمة المقال الذي كتبه أبوذر هي ضرب من الخيال والجنون لا يدعمها سوى بطش سلطات الأمن والنيابة والقضاء وسوء استخدام السلطة. ولا عجب أن يصدر القاضي مدثر الرشيد أمراً لإدارة سجن كوبر يقضي فيه بتحويل أبوذر لنيابة أمن الدولة!!!!!!، والذي أعرفه أن مدثر الرشيد هو قاضي يصدر قراراً في حدود محكمته فقط حين تكون أمامه قضية ينظرها، ولا يتعداها، ولا أعرف وظيفة أخرى للقاضي بأن يصدر أمراً لسلطة سجن كوبر!!!!!، ولكن في ظل كل هذه التهويمات وغياب العدالة، ربما تحول القاضي إلى مسئول في سجن كوبر أو فرد من أفراد جهاز الأمن أو تحول إلى عضو من أعضاء نيابة أمن الدولة!!!!!!!، فكل ذلك قد يكون ممكن الحدوث، ولا يمكنني أن أقول، لماذا يحدث ما يحدث؟؟؟ أو كيف حدث ما حدث؟؟؟؟ أو ماذا يمكن أن يحدث مستقبلاً؟؟؟؟؟. فمن الصعب التنبؤ والتكهن بذلك، في ظل الضبابية والسوداوية التي تعشعش وتضرب بأطنابها في كل الأنحاء!!!!!!. ما يحزنني في كل ذلك، هو خيبات الأمل والصدمات المتتالية التي تلقوها أبنائي ووالدة أبوذر فقد عجزت عقولهم أن تصدق ما يحدث!!!!!!، وتعلقوا بقرار المحكمة العليا الذي قضى بأن أبوذر سوف تنتهي فترة سجنه في يوم 3 يوليو 2011، وفرحوا به كثيراً!!!!!!، وأصبحوا يعدوا الدقائق والثواني لرؤية أبوذر!!!!!!، وأستشهدوا بأن هنالك ما يدعم إطلاق سراحه!!!!!!، وأبت نفوسهم إلا أن تتعلق برؤية أبوذر والاحتفاء به، في يوم 3 يوليو، فقد أعدوا كل العدة لذلك!!!!، وتعلقوا بآمال عراض نسجوها من براءة طهرهم ونقاء قلوبهم!!!!!!. حاول أبوذر تهيئتهم، بأن الأمر ليس كما يبدو لهم، وأن هنالك أمراً أخر طرأ، ولكنه باء بالفشل!!!!، وحاولت بدوري مراراً وتكراراً، أن أقول لهم، بعد صدور قرار المحكمة العليا أن هنالك قاضي أخر، أصدر أمراً و..... !!!!!!، أشاحوا عني بوجوههم ولم ينصتوا إلي!!!!، ووجدت نفسي أقول أشياء ليس بها من منطق القول!!!!!!!. فكيف لي أن أقنعهم بأن ما يرونه ليس هو الحقيقة الواضحة وأن هنالك أشياء تدور في الخفاء!!!!، وأننا لا نعرف ما ستؤؤل إليه الأمور!!!!!!، وما .....!!!! ومن........!!!!!!!. وجدت نفسي في دوامة ومتاهة تجعلني لا أستطيع شرح أو تفسير الأمور لأبنائي ووالدة أبوذر!!!!!، إذ أنني لا أعرفها، وتركتهم، يبنون من الأماني قصوراً، آملين في رؤية أبوذر في القريب العاجل!!!!!!!. لم أعرف سوى أن أبث همي وغمي لله تعالى، نعم المولى ونعم النصير!!!!!!.