بلا انحناء لا غرابة في أن تعيش الخرطوم شيئاً من التوتر، وهي تتدثر بثوب القلق حينما تطايرت الأنباء هنا وهناك عن تغيير مسار طائرة الرئيس عمر البشير المتجهة إلى الصّين للمشاركة في مؤتمر مكافحة الإرهاب بالعاصمة الصينية بكين، بسبب رفض دولة "تركمانستان" عبور أراضيها، ولأنّ قضية رحالات البشير إلى خارج السودان أصبحت محفوفة بالكثير من المخاطر بسبب مذكرات الاعتقال الصّادرة من المحكمة الجنائية الدّولية بسبب الكارثة الإنسانية بدارفور إبّان بداية حربها الدائرة. لم يتجه تفكير أهل الإعلام في مسألة تغيير مسار الرحلة إلا نحو المحكمة الجنائية لتفسير أسباب رفض تركمانستان، ولكن محور القضية الآن لا يدور حول رفض تركمانستان بل يدور حول الدّوافع التي جعلتها تقف صداً منعياً أمام الرحلة، كما تدور حول القضية العديد من التساؤلات أولها: هل واجهت تركمانستان ضغوط أمريكية لإرسال إشارات تؤكد فيها موقفها الرافض من زيارة البشير للصين؟، أم أن هناك مصالح كبيرة تتراقص أمام تركمانستان للعب هذا الدور لإحراج الخرطوم؟، أم أن الإدارة الأمريكية تريد أن تلعب دوراً خبيثاً لإحداث ربكة في علاقات السودان الشمالي مع الصّين بعد الانفصال في محاولة لتحييد بكين وإخراجها من بؤرة التضامن مع الشمال في المحافل الدولية؟، أم أن موقف تركمانستان ينطلق من كونها من الدّول المصادقة على قانون المحكمة الجنائية وعلى ضوء المصادقة رفضت العبور بأراضيها؟، هذه التساؤلات جميعها تتحرك بشدة لايجاد اجابات شافية للرأي العام وبعض المراقبين السياسيين الذين اعتبروا أن موقف تركمانستان فيه نوع من الغموض كما قال "جيمي انجرام" وهو محلل لشؤون أفريقيا في اي.اتش.اس جلوبال انسايت ل"رويترز" قال" إنه أمر غامض.. وبطريقة أو بأخرى فإن صلة تركمانستان بالأمر تزيد من الإرباك. لكني أعتقد أنّه من المستبعد بصورة كبيرة أن يكون هذا صداً متعمداً". موقف تركمانستان لا شك في أنّه سيدفع الخرطوم لأن تقرأ جيداً مواقف الدول قبل أن تقلع طائرة البشير، لأنّ مسألة المصادمة مع المجتمع الدّولي لا شك في أنّها تتسبب في دفع فواتير مرهقة، وعليه لا بد أن يكون التعامل مع المجتمع الدّولي ومنظوماته القانونية بنوع من الحكمة والواقعية. عموماً هناك حلقة مفقودة، ونتوقع من الخارجية السودانية أن تفك طلاسم الموقف التركمانستاني عبر تحديدها لموقعها الدبلوماسي في خارطة الخرطوم. الجريدة