المتمعن فى الأحداث الدائرة فى ذلك الجزء المتبقى من سودان الأمس يتيقن أن أولئك القوم الذين يتحكمون فى رقاب العباد قد تبلد إحساسهم . أو أنه كان أصلا متبلدا طوال العقدين الماضيين وبدون أن ندرى كان لدينا إحساس بأن هناك فكر وراء مايحدث فى السودان! وأن القصور كان من جانبنا نحن الذين لم نتمكن من الوصول إلى كنه ماتقوم به العصبة المتحكمة !ماذا يعنى لكل ذى عقل أن تعتمد العصبة الحاكمة على القتل والدمار كى تستمر فى السلطة؟! . بدأت بتعبئة الشارع ضد أبناء الجنوب وحشدت الشباب الذىن راحوا ضحية خداعهم من الذين زجوا فى حرب جهادية لاناقة لهم فيها ولاجمل ! ثم بث الأساطير حول حربهم بأن الطيور والقردة والأشجار كانت تحارب بجانبهم ! والفرية الكبرى هى عرس الشهيد الذى أقاموه فى الأحياء لبعض الشهداء تلهية لأسرهم الذين فيما بعد أنفطرت قلوبهم على فلذلت أكبادهم الذين راحوا " فطيس " كما لخص ذاك الضياع شيخهم الأكبر بعد أن كادوا له وخلعوا عنة عباءة الخلافة ! لم يكتفوا بالدماء التى سالت فى الجنوب ولا فى دارفور فنراهم سالكين نفس الدرب فى جنوب كردفان وقريبا فى النيل الأزرق ! هل هى سادية تخرج كل العفن الذى فى نفوسهم ؟! أم لأنهم شعروا أن الشارع قد مات وماتت معه نخوة الرجال وعزة النساء اللاتى بتن يجلدن فى وضح النهار وأمام أعين "الرجال " وياحليل زمن الحارة ، وأنا أخوك يافاطنة ، وفارس القبيلة !!! أذاك زمن مضى وحمل معه ماحمل ؟! أم نحن فى زمن الإنبطاح ؟! نحن لاننادى بروح أكتوبر فمعظم الشباب لم يحضرها ولم يستشعر طعم وحلاوة " البمبان " ولن يهتز مع " أصبح الصبح " ولا " أكتوبر الأخضر " و .. و .. من حداء تلك الأيام التى يحملها أبناء ذلك الجيل فى الحنايا ولازال مأخوذا بها ! طالبنا بتوحيد الصفوف والوقوف فى وجه الطغمة الحاكمة وإلا الطوفان . فهؤلاء لايعرفون قيمة الإنسان ولا وجدان المواطن السودانى الذى شردوه فى المنافى أو فى خيام النزوح بدون أن يطرف لهم جفن ! هؤلاء قوم تجمدت مشاعرهم وبات نهب المال العام هو الذى يدفعهم للتكالب على السلطة وبدون مراعاة لحق المواطن فى العيش الكريم . جميعهم يقول " نفسى .. نفسى " يا أبناء سودان الأمس واليوم ، الوطن يناديكم أن تهبوا لنجدته وتخليصه من عصابة تضع عصابة على الأعين ولاترى إلا الذات . هبوا قبل أن ينطبق عليكم قول شاعر بنى جشم دريد بن الصمة: أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد هبوا فأنا أرى مارأته زرقاء اليمامة عندما قالت لقومها" إنى أرى أشجارا تتحرك " فإذا إشتعلت النيل الأزرق سيعم الحريق والطغمة الحاكمة ستصبح "نيرون " السودان ! إن تهبوا اليوم أفضل من الغد ، فما الغد عند هؤلاء إلا مزيد من الدمار والقتل والحريق ! أمامكم الخيار بين بقايا وطن أو لاوطن فأيهما نختار با أبناء وطنى السودان " أعز مكان "؟!