www.streetkids-sudan.org مشاهدي برامج تلفزيون السودان يجدون أن المادة الرمضانية تفوق بعشرات المرات، مضموناً وكمّاً، تلك التي تقدم خلال أيام السنة. يجب علينا ومن باب نزاهة العمل النقدي والصحفي أن نشيد بجدارة وروعة العاملين بالتلفزيون لما بزلوه من جهد ولما أنتجوه من ثمار يانعة رغم ضيق الوقت وقلة الامكانيات التي مازالوا يلجؤون إليها مقارنة لما يتاح لرفاقهم من فضائيات الدول العربية الأخرى. من جهة أخرى يجب الإشادة ببعض العيون الباحثة عن جمال النفس وجمال الكون في سودانيته الحالمة. تلك الأعين الصائبة تضع جمال بلدنا وحلاوة الأنوثة به في تويج وباقة من ورد الياسمين عبر لفتات سريعة من خلال برامج الإشهار والدعاية. جمال حقيقي يعجز المرء عن وصفه. فمن هؤلاء الذين يعملون خلف الكواليس نفر وجدت أعمالهم الدعائية نجاحا مرموقا في شهر رمضان. من هو هذا الرجل المبدع المجهول الذي صنع دعاية شاي الغزالتين؟ هل رأيتم هذه الدعاية وهل تذوقتم مزج الحداثة والتراث في آنية سلسة؟ دون اختلال لموازين الدمج بينهما ودون تأثر نسبة التداخل الأسلوبي والثقافي بين الأطر التي اتخذها الفنان لوضع لوحاته. لعمري تلك بصمات تبقى منقوشة بحجر الذاكرة، إذ أنها بدت لنا في قالبها الجمالي الجذاب، الذي شدّ المشاهد للمادة التي يشهر عنها بصورة غير تجارية مباشرة. هذا هو السهل الممتنع! عندما ترى لوحة المرأة السودانية الساحرة وهي جالسة في رونق سوداني بحت يحفها جمالها النوبي وخصالها البدوية وتبر سمرتها الدارفورية فتشرق من وجوهها ابتسامة يعجز بنات مصر، في دعاياتهم التي يمتلأ بها التلفزيون، في تقليدها. أما فاللوحة الثانية في دعاية شاي الغزالتين هي عندما ينزل أحد الأبناء من سيارته ويجتمع وشمل الأسرة في حلبة رمضانية تلخص كرم السودان وحلاوة الصوم بين الأهل والعشيرة. لكنها تعكس أيضا صورا جمالية بديعة عن تراثنا السوداني العمل الثاني الذي يجب أن يشاد بتفوقه، هو دعاية أو قل دعايات لشركة زين الرائدة في مجال الثقافة. حاول مصمم الدعاية الرئيسية أثناء شهر رمضان وضع لوحات عربية شرقية في غاية الروعة لكنها تبدو في بعض الأحيان نائية عن تراثنا السوداني وقريبة عن وجداننا الشرقي الإسلامي. فمما يلفت الانتباه أن المنتج قد لجأ لعوامل تداخل أسلوبية عبر إدخاله لبعض أهل السودان في قالبه الدرامي للدعاية. لقد زاد هذا التمازج، رغم سرعته وبساطته، القالب العالم لدعايته الرمضانية حلاوة على حلاوة. من النادر رؤية دعايات بهذا المستوى الفني والدرامي الفائق. يا ليت أهل الدعاية والإشهار يأخذون هذه الأعمال كأمثلة يبنى عليها في الأعمال التلفزيونية والبرامجية بتلفزيونات السودان لأنها بلا شك أعمال جديدة بالإشادة. برافو للغزالتين وبرافو لزين. هكذا الإبداع والتجديد انطلاقا من اساسيات حفظ التراث السوداني العريق عراقة التاريخ ومن الترويج لثقافتنا المتباينة في كل بقاع أرض النيلين.