والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة الشيخ موسى عبد الله بإيجاز -محمد شاع الدين الهوارى

هو موسى عبد الله بن يوسف بن الشيخ شاع الدين الخامس، ولد في ثمانية وعشرين وتسعمائة وألف للميلاد، وكان الشيخ شاع الدين الكبير الملقب بالرائي قد تحدث عنه في القرن السادس عشر الميلادي، وقد تمت ولادته كالآتي:
بعد زواج يوسف شاع الدين من ابنة عمه طيبة فضل الله( 1927) رزق منها بابن كان ابنهما البكر، لكنه توفي بعد ولادته بأيام قليلة ،فحزنت أمه حزناً شديداً علي فقده وحدث أن رأت في الرؤيا إنها قد ذهبت إلي قبر الشيخ شاع الدين الكبير وأخذت تراب من وسط القبر ومسحت به بطنها وقالت له: (يا جدي أعطني ولداً لأن ابني البكر قد مات). وبعد ذلك جاء رجل يحمل قطعة قماش يسمي (الحميمون الأخضر) وهو نوع من الحرير وقال لها: (هذه القطعة فضلة من كفن النبي) فأخذتها منه وكان طولها ذراعاً واحداً ،ثم أمسكها وذهب بها كالبرق إلي البيت الحرام بمكة حيث وجدت رجل أخر داخل الحرم يجلس علي كرسي فأعطاها الرجل سبعة ليمونات مخضرة اللون ،وأخذها الرجل مرة أخري إلي مدينة النبي فوقفت أمام غرفته فقالت له: (سلام عليك يا رسول الله) ،فرد عليها: (السلام عليك يا طيبة فضل الله) ولكنها لم تراه ،ثم ذهب بها الرجل إلي بيت المقدس وهناك وجدت رجلاً أخر أعطاها ماء مذاقه أحلى من العسل وواصل بها طوافه إلي جنوب مصر وشمال السودان فوجدت هناك بيت لرجل يدعي (أبو قنعان) أي رجلاً بلغ حداً من الغناء ،وعلي شرفاته سبع دجاجات من الذهب والرجل ينتظرها خارج البيت ،ثم قادها الرجل إلي شمال السودان ،وفي الصحراء الكبرى وجدت غرفة واحدة لها باب واحد وبداخلها رجل ظهره ناحية الباب ووجهه في الاتجاه المعاكس ،وبالتالي لم تستطيع أن تراه ،فأعطاها كتاباً ذو غلاف أسود وقال لها: (هوذا كنز الكنوز خذيه هذا هو ابنك) وعندها نزل علي كتفها ما هو كالبرق مصحوباً بدوي عظيم وسمعت صوتاً يقول لها: (نزل فيك الرسول) وفي تلك اللحظة رأت الشمس والقمر تحت قدميها.
ثم ذهبت بعد ذلك إلي مقبرة أجدادها بقرية العطاش فرأتهم جميعاً وقد خرجوا من قبورهم ومرحبين بها ومن كل قبر خرجت طاقة كبيرة من حميمون اخضر من نفس النوع الذي أخذته من الرجل في بداية رؤياها ورأت جميع أشجار العطاش وهي مغطاة بنفس القماش متدلياً من جوانب الأشجار . وأخيراً ذهبت إلى بيتها وعندما استيقظت من نومها تفاجأت بالحمل في بطنها وكانت والدتها قابلة فقالت طيبة لامها: انى اشعر بحركة جنين في بطني ،لم تصدق الأم هذا الكلام ولكن عندما لمست بطنها أحست بنفس الحركة ،فأشارت إليها أمها بكتمان السر وقالت لها إن الله قد وهبك جنيناً أخراً وأظنه توأماً لأخيه الذي مات من قبل.فأكملت طيبة مدة حملها ولما جاء وقت ولادتها جاء رجل من الجزيرة يحمل بضائع .فصار يذهب في اتجاهات القرية الأربع وكان ينادي ويقول (الحميمون ، الحميمون) وعندما توقف وجلس أمام المنزل وضعت طيبة مولودها في تلك اللحظة فسأل الرجل عن المولود ،وقال لهم ان كل ما يحمل من بضاعة لوالد الشيخ موسى عبد الله اكراماً للمولود وقال له المال لي أنا ،والصمغ والسمسم والعيش لأم المولود ، وبعد ذلك رجع الرجل إلي الجزيرة، وتفسير الشيخ لهذا الرجل هو انه نبي الله الخضر.
وكانت والدته أمية لا تقرأ ولا تكتب شأنها شأن كل أهل القرية الذين يتخطون المئات ،إلا انها كانت صالحة لدرجة إن أهلها كانوا يتوسلون بها إلي الله وهي مشهود لها عند أهل القرية بهذه الميزة بل كان الناس يلجاون اليها عندما تتيه حيواناتهم فى الغابات فى وقت كانت فيه الذئاب والثعالب تاكلها نهارا ولكن يختلف الامر عندما يلجاون لطيبة بنت فضل الله و التى كانت تقول ان لها عهدا مع الله
النشأة والرؤية
وكما ذكرت من قبل فقد ولد الشيخ موسى عبد الله فى قرية تقع شمال مدينة ام روابة فى سنة 1928م.وهى قرية صغيرة نائية بعيدة ومعزولة تماماً عن المدن والحضر ولا توجد بها مدرسة،او مسجد،او كنيسة،او خلوة لتحفيظ القرآن كما هو الحال فى بقية القرى الاخرى ، وكل سكانها أميون ليست لهم معرفة سابقة بالكتابة والقراءة وكانوا يجهلون أبسط القواعد والأسس التى يقوم عليها الدين ولا نبالغ ان قلنا انهم كانوا يجهلون تماماً اركان الصلاة وشروطها ، ولا يوجد اى مظهر من مظاهر العلم والدين .
فى هذه البيئة الفقيرة للمعرفة والتى تسيطر عليها قوى الفقر والجهل والعادات الضارة التى لا تمت للدين بصلة نشأ وترعرع عبد الله ، كان عبد الله ولا يزال ينادى بمحاربة هذه العادات الضارة منذ نشأته منذ ان كان عمره سبع سنوات مثل ختان الاناث الذى كان يمارس بأبشع الوسائل والطرق وكان يبذل قصارى جهده لإقناع هؤلاء القوم من أهله وغيرهم بان الختان الممارس لا توجد صلة تربطه بالدين ، وان له آثار صحية ونفسية مدمرة،ويؤكد انه انتهاك صارخ لحقوق المرأة وانه تبديل لخلق الله .
وأيضا كان يعارض بشدة الزواج الذى يعقد دون مشيئة المرأة وكفاءة الرجل ، وكان يؤكد ان الزواج الصحيح لابد ان تكتمل شروطه وأركانه على الوجه الذى اذن به الشرع، وإلا أصبح باطلاً ، وحتى الآن نجده ينادى بحقوق المرأة لأنها انسان كامل لها كافة الحقوق والحريات ويحظر اذلالها وضربها وهجرها وطلاقها وعدم ذهابها للتعليم لأنها كما يزعمون بأنها(عورة) فى زمن لا يُعترف فيه للمرأة بأقل الحقوق ، حيث تعتبر المرأة مخلوق من الدرجة الثانية.
وكذلك نجده يمنع ويستقبح زيارة القبور والاستنجاد بالأولياء والقسم بغير اسم الله ، ويؤكد ان القسم يجب ان يكون باسم الله وحده مستنداً فى أقواله على النصوص الشرعية وكان ذا بيان وحجة قوية ، كان يأمر أهله بالمعروف وينهاهم عن المنكر والعادات والتقاليد المنافية للدين. وقد كان أهل القرية يتوسلون بالشيخ شاع الدين ويسألونه شفاء المرضى وإنزال الغيث وإنجاب البنين ويقدمون النذور والذبائح بعد تحقيق رغباتهم ،فنهاهم الشيخ موسى عبد الله عن ذلك ،وكانوا يومذاك يمنعون أولادهم من التعليم في المدارس بدعوى إنها تفسد الأخلاق ،فأمرهم موسى عبد الله بان يعلموا أولادهم في المدارس ويتركوا المزاعم الباطلة جانباً ، والغريب فى الأمر برمته ان الشيخ موسى عبد الله لم يتلقى اى نوع من التعليم سواءً كان اكاديمياً او دينياً او غيره،ولم يذهب الى اى خلوة او كُتاب،ولم يذهب الى المدن،ولم يختلط بطبقة المتعلمين او رجال الدين ، حيث كان معزولاً تماماً فى قريته ، لم يتأثر بأحد ولم يعكف على قراءة الكتب . ومنذ نشأته كان مميزاً مختلفاً عن اقرانه يتعبد لله ليل نهار ، وجميع اهل القرية يثقون فيه لحكمته ودرايته فى معالجة الأمور .
وللحقيقة فان للرجل أفق واسع وعلم غزير ومعرفة تامة بشتى الأمور من الأصول والعقائد والكتاب والسنة والناسخ والمنسوخ وأسس وأصول الديانات الاخرى ، دون ان يكتسبها من كتب او اى شخصاً كان كما جرت العادة عند العلماء حيث كانوا يكتسبون المعرفة بواسطة الشيوخ او العلماء ، بل كانت له معرفة خاصة من الله تكشف له كل الأمور تباعاً وعلى حسب المواقف والأحداث شهد له بها العلماء الذين زاروه من داخل السودان او خارجه من الدول العربية والاوربية والافريقية والاسيوية، ونذكر منهم فقط الاستاذ محمود محمد طه ، والامريكى البروفسور مايكل باركر الذى كتب كتاب عن الشيخ وقبيلته و مندوب بابا الفاتيكان وغيرهم مما لا يسع المجال لذكرهم .
والجدير بالذكر ان الشيخ موسى عبد الله تحدث عنه جده شاع الدين الرائى فى القرن السادس عشر حيث تنبأ بظهور الابن الموعود الذى ينادى بإصلاح العقيدة وتخليصها من الشوائب التى لحقت بها ، وحديث الشيخ شاع الدين الرائى عن الابن الموعود معروف ومحفوظ على ظهر قلب فى وسط أسرة الشيخ شاع الدين .
وعندما بلغ السادسة عشر من عمره طلب من والده أن يبنى له خلوة بعيداً عن دارهم لكي يتعبد فيها ، وبعد اكتمال بنائها وضع الشيخ موسى عبد الله أربع علامات على جنباتها موزعة علي الاتجاهات الأربعة ، وكان لون العلامات أبيض ،أحمر،أسود أخضر، وقد تم ذلك بإرشاد خاص من الله وكان يذهب كل سبت إلي مقام جده الشيخ شاع الدين الرائي، واستمر الشيخ موسى عبد الله علي صلاة السبت من السبت الأول والذي يليه حتى السبت الثامن، وفي السبت الثامن رأى رؤية فحواها إن هناك رجلاً قد خرج من بيت المقدس مرتدياً زياً سودانياً ويمشي بالخطوات وعند خطوته الثامنة وصل إلي مدينة مدني والتفت إلي الشيخ عبد الله قائلاً قابلني هنا ، وبعد هذه الرؤية قرر الشيخ عبد الله الذهاب إلى مدني لمقابلة ذلك الرجل بعد ان تكررت له نفس الرؤيا ، وقد شجعته والدته على ذلك مع انه لم يرى مدنى من قبل ، وفى السبت التاسع تقابلا في مدينة ود مدني مع الرجل الذى راه فى الرؤيا وهذه هى مدة السبع وخمسين يوماً(ثمانية أسابيع ويوم سبت واحد) وبعد ان تقابل وجها لوجه مع الرجل الذى راه فى الرؤيا جرت بينهما محادثة وقال له الرجل ارجع الى اهلك فى القرية واخبرهم بانك قابلتنى وفيما بعد سازورك حتما لاؤكد لهم ذلك فرجع الشيخ إلى أهله وواصل صلاته الخاصة في مقام جده الشيخ شاع ، وفى طريق عودته للقرية فى احد الايام مرّ بمزرعة في الطريق فظن صاحب المزرعة إن الشيخ جاء ليغازل زوجته فرفع الرجل شكوى ضد الشيخ موسى عبد الله لدى شيخ القرية ،فأرسل شيخ القرية جماعة من رجاله لمتابعة الشيخ موسى عبد الله والتحري عن أمره ولكن في نهاية الأمر اتضحت براءته ، ولكن زوج المرأة لم يقتنع بذلك وواصل كيده.
وفى ذات اليوم اشتعلت النيران بمنزل زوج المراة ، فاشتكى الرجل لدى مركز شرطة أم روابة ولكن الشيخ موسى عبد الله قال إن غضب الله حمىّ علي الرجل ولا شأن له في الأمر ، وجاء شرطي وأخذ الشيخ إلي المخفر واعتبره درويشاً ولم يعطه أي فرصة للدفاع عن نفسه فاندلعت النيران في القرية مرة أخري بينما كان الشيخ موسى عبد الله محتجزا فى ام روابه كما أتت علي مركز الشرطة بأكمله ، وكان أحد رجال الشرطة ويدعى (ض،ق) يحمل حقداً دفيناً على الشيخ فأرسله إلي سجن الأبيض ، وكان من المقرر اقتياد الشيخ إلي (جبل ترةُ ) بالقرب من الأبيض لتكسير الحجارة كنوع من العقاب والتأديب ولكنه لم يتم له ما أراد ,أما الشيخ عبد الله فلم يكن مذنباً في الأساس ولكن أساءوا إليه وعوقب دونما ذنب ، والغريب في الأمر انه تم عزل رئيس المحكمة التي أدانت الشيخ عبد الله، وأتضح إن (ق) كان متواطئاً معه فحوكم قرينات بالحبس لمدة عامين قضاها في (جبل تُرة) المكان كان يريد ان يرسل اليه الشيخ انتفاما ومات هناك .
وبعد أن أكمل الشيخ موسى عبد الله فترة تسعة اشهر قضاها بسجن مدينة الابيض رجع إلى أم روابة وكان ذلك بين عامي 1949-1950م تقريباً .فدعاه رجال الشرطة وإخوته واستضافوه في ديارهم وكان على رأسهم الشرطي بريمة محمد يوسف الرائي ،الذي كان يعرف الشيخ عبد الله لأكثر من خمسة عشر عاماً من خلال الرؤية(حلم) .وظلت النيران تشتعل في أم روابة من حين لأخر كعلامة وقد كان هناك صوت يأتي محذراً:(ستلتهم النيران غداً القرية كذا الساعة 12 ظهراً فاستعدوا لمقاومة النار) .وفي الواقع لم يكن هناك أي إنسان أستطاع أن يقاوم هذه النيران وظلت علي حالها إلي أن قضي الله أمره ، وقد كان الصوت صادقا في نبؤته وحدث ما تنبأ به، وفي احد الأيام وخلال وجود الشيخ عبد الله بأم روابة جاء صوت الرجل هاتفا:(بكرة النار ستشتعل في حي البوليس الساعة 12ظهراً) فتجمع رجال البوليس ورجال الإطفاء بكل معداتهم في الزمن المحدد تأهباً للنار التي ستندلع عما قريب ،فصاح الصوت قائلاً:(خلاص النار ولعت في الحي) فهرع الناس إلى المكان ولكن لم تندلع النار،فحمد الناس الله على الخلاص.
وبعد ذلك اخذ الشيخ اخوته وذهبوا الي (قرية الجوغان) شرق مدينة أم روابة لكي يقدموا ذبيحة هناك وبعد تقديم الذبيحة أمر الشيخ اخوته بان يرتدوا اللون الأبيض ولا شيء غير الأبيض ويبشروا الناس بخلاص الله لهم ويحذرهم من المعصية وعبادة الأوثان، كما أشار الشيخ علي اخوته بقضاء فترة من الزمن تمتد من 25مايو1951 الي 1سبتمبر1951 وهى دورة من مئة يوم وأمرهم قائلاً:(اذهبوا وعودوا الي مظلومين ولا تدخلوا عليّ وانتم ظالمين). فرجع اخوة الشيخ بعد انتهاء الدورة وقد أوفوا بما عاهدوا ، فاختار الشيخ ثمانية منهم وذهب معهم الي جبل العطشان جنوبي مدينة أم روابة في رحلة تعبدية مدتها أربعون يوما،ً وفي الطريق ظهرت للشيخ رؤيا وهى ان هناك رجل يرتدي ملابس بيضاء وشعره ابيض سيقابلهم وعند وصولهم كان الجبل يتوهج أضواء بيضاء وتصدر منه أصوات أشبه بقرع النحاس فانزعج اخوته من هذا الأمر ،وكان الشيخ يحمل أربعة قطع قماش حمراء وبيضاء وسوداء وخضراء فوزع اخوته على أركان الجبل الأربعة: اثنان في شمال الجبل وأعطاهم قطعة القماش الحمراء واثنان جنوب الجبل وأعطاهم قطعة القماش الخضراء ،واثنان شرق الجبل وأعطاهم قطعة القماش البيضاء ،واثنان غرب الجبل وأعطاهم قطعة القماش السوداء ،وكان هو في الوسط علي الجبل وقال لهم ألاّ يأتوا إليه إلا بحلول الصباح الباكر ،وبالفعل اجتمعوا سوياً في صباح اليوم التالي لتناول الطعام وكان الشيخ جالساً تحت شجرة سدر (تقر نبق) وفعلا ظهر لهم رجل الله كما سبق ورآه فى الرؤيا ، وبعد اكتمال المدة أقام مع أهله بقرية نافع الهوارة شرق الجبل التي يوجد بها قبر جده شاع الدين الخامس ،فأقام برفقة أخوته الثمانية وصحبة دخان أسود ونور أبيض ، وكان النور يضيء لهم القرية ليلاً من الجهات الأربع فيظهر من جهة الشرق ثم يختفي ليظهر من جهة الغرب ثم الشمال والجنوب وقد شهد جميع أهل القرية هذه الحادثة وأصابتهم الحيرة والدهشة الشديدين و لم يفسر الشيخ عبد الله الأمر لكنه دعا الناس إلي تقوى الله ،وحدث ان زاره الرجل الكبير الذى قابله فى مدينة ود مدنى والذى اكد لاهل القرية بانه هو الذى ظهر للشيخ موسى عبد الله من قبل، وفي نفس العام ظهرت أشياء غاية في الغرابة في منطقة جبل أب دوم جنوب نافع حيث كان الجبل علي ضخامته يرتفع من الأرض ويهبط، وعندما سئل الشيخ عبد الله عن تفسير الأمر أجاب بأنها علامة للناس.
وبعد ذلك ذهب الشيخ برفقة بعض اخوته الي جبل كركندي الواقع الي الشمال الشرقي من العباسية تقلي ،وعند قمة الجبل ظهر لهم عدد كبير من الرجال وهم يطوفون حول الجبل طولاً وعرضاً فخاف اخوة الشيخ من ذلك المشهد فهدأ الشيخ من روعهم قائلاً بأن هؤلاء الرجال هم جيش الله .
ومنذ 1951 وحتى 1958 ظل الشيخ في طواف مستمرعلى رجال الدين والفكر ما بين كردفان و الجزيرة والخرطوم يدعوا الناس الي عبادة الله وحده وإخلاص النية له محذراً إياهم من عبادة الأوثان ،وكان الناس يدعونه بالنبي موسى أو عيسى ، ولكنه رفض ذلك مصراً علي ان يدعى باسمه فقط ، وقد نشبت خلافات بينه وبين الشيوخ والعلماء لأنه جاء مخالفاً لهم فهم يدعون الي المذهبية والحزبية ،وهو يدعوا الي توحيد الله ولم الشمل دون خلافات مذهبية .
وعندما كثر الحديث عن الشيخ موسى عبد الله (فى ستينات القرن الماضى)قام بكتابة راية لكل العلماء داخل وخارج السودان فكتب لكل من الشيخ محمود شلتوت بالجامع الازهر والسيد عبد الله غوش بالجماعة الاسلامية بالاردن والى السيد عبد الرحمن الوكيل بجماعة انصار السنة المحمدية بمصر و جمعية الكتاب المقدس، بيروت، لبنان كما ارسل وفد مكون من شخصين وثالثهم الشيخ مصطفى طالب الله من مدينة القطينة للدكتور حسن عبد الله الترابى وكان حينها عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، وحث المتحدث باسم الوفد الدكتور الترابى بان يجهر برايه صراحة باعتباره راس الجماعة الاسلامية فى السودان وان لم يفعل فسيكون هو شاهد عليه و سيحاسب مستقبلا .
ومن المشايخ الشريف نور الله ، والشريف بلة بكركوج ، والشيخ الطيب عبد الجبار بطابت ، والسيد ابن عمر من المغرب و السيد محمد الحافظ من التجانية بمصر.
وفى مدينة ام روابة اثار بعض ذوى الغرض من المستفيدين من جهل المجتمع بان الشيخ اخو مسلم وبعضهم نسبه للشيوعية فكان ان ذهب البعض للقاضى الشرعى فى ام روابة مطالبا بمحاسبة الشيخ .
اليوم الموعود
بتاريخ 11/9/1963م يوم الأربعاء، كتب عبد الله إلى جميع المسيحيين والمسلمين على السواء عن طريق القضاء وذكر لهم في خطابه كثير من التوجيهات الدينية والعرفية، وعندما أطلع القاضي ومن معه على مذكرات عبد الله قال له: هل أنت مرسل إلينا؟ فأجابه عبد الله: أنا مرسل إلى جميع الناس . فقال له أيضاً: من أنت حتى تدعوا الكل لله؟ فقال له عبد الله: أنا فقط عبد من عباد الله وأبى أطلق على اسم موسى ، وأنا اخترت لنفسي اسم عبد الله فيمكن أن تدعوني بإحدهما دون تكليف . فقال له القاضي: نحن قبلنا اسم عبد الله، ومن تلك اللحظة كان القاضي يقول أخونا عبد الله قال كذا وكذا، وأنا قلت كذا وكذا، حتى أنكر بعض الناس هذه اللهجة ، وما زال القاضي مستمراً في هذه الكلمة ( أخونا عبد الله) وبصوت مرتفع حتى سمعه كل المجتمعين وكان عددهم أكثر من عشرين ألف.
فقال القاضي لعبد الله مرة أخرى: أنت قلت لنا قبل قليل انك لا تدعى النبوءة. فقال عبد الله: نعم، لان النبوءة في القرآن ورثة من الآباء إلى الأبناء، وان محمداً ليس له ابن يرثه من اجل ذلك ختمت النبوءة في القرآن ، فقال القاضي لعبد الله أيضاً : أنى علمت برأيك في النبوءة وأنا لا أؤمن ولا اعترض عليك ، وناقش القاضي عبد الله في تلك المذكرات أكثر من ست ساعات ، وفيها يسأل وعبد الله يجيب وكان القاضي قد سمح لعبد الله بحرية الكلام ، وعندما اشتد النقاش بين القاضي وعبد الله ؛ قال الجنود المكلفون بحراسة عبد الله وعددهم أربعة عشر جندي وشاويش: النبي غلب القاضي ، وعندما سمع الناس المجتمعين كلام الجنود هتفوا قائلين: لا نبي بعد محمد، فقال القاضي أوقفوا الهتاف وكان غاضباً ، فقال لهم إن الحديث الذي جرى بيني وبين عبد الله لن أقوله لكم الآن، فاجتمعوا لي بعد صلاة المغرب في الجامع لاقوله لكم بالتفصيل.
فذهب القاضي إلى الجامع بالمساء وكان المجتمعين أكثر من خمسة وعشرون ألف، وبعد ما تلي عليهم الكلام الذي جرى بينه وبين عبد الله قال للناس آمنا بقول هذا الرجل، وكفرنا بشخصيته، وكان من بين الحاضرين الشريف محمد الحبيب الكبير (الشنقيطى) والذى جاء خصيصاً من مدينة القضارف لهذا الأمر ، وجمع علماء الشناقيط وعلماء الفلاتة من خلفه وقال للقاضي: هل انتم تعرفون أسماء كل الرسل والأنبياء وصحفهم وأمكنتهم وأزمنتهم في القرآن. ؟ وقال ذلك بكل شدة للقاضى والعلماء من خلفه صامتين فدخل الجنود بين القاضي والشريف ، فقال القاضي اتركوه يتكلم وفى النهاية قال القاضي وصلتني تعليمات من جهات عليا على أن أؤمن على الرجل وأسرته في بيته وألاّ يتصل به احد الا أقربائه ، لان هذا الرجل صادق في قوله فعندما سمع الناس هذا قالوا إن القاضي آمن بالشيخ .
وظل عبد الله في بيته تسع سنوات وتضرر كثيراً من هذه العزلة هو وإخوته فتركوا كل ما يمتلكون وكتبت عنه الصحف السودانية يومذاك كجريدة الصحافة لمحررها عبد الرحمن مختار ، وجريدة السودان الجديد ، وجريدة كردفان لمحررها الأستاذ الفاتح النور وكثير من الصحف فى الفترة من 11 إلى 30 سبتمبر من نفس العام ، منها من كان مهتم بهذا الموضوع ومنها من كان متهكم ، وقد قرأ الناس كل تلك الأخبار وظلوا صامتين طيلة هذه المدة، والقليل منهم اتصل بالشيخ عبد الله وناقشوه حول هذه الموضوع بغض النظر عن أسمائهم ومكانتهم بالسودان.
وبعد كل هذا ضُرب حصار على الشيخ موسى عبد الله في بيته بواسطة أولياء السودان لان السودان شركات مؤممة لهم ولأبنائهم من دون منازع ، ولان السودان هو مملكة الأولياء لا يلحقها طارد ولا يفلت منها هارب إلا ما شاء الله.
وفى نفس اليوم الذى مثل الشيخ امام القضاء اى يوم 11/9/1963 وضع دورة صلاة تتكون من سبعة وخمسون يوم وفى اول يوم فيها يوافق الاربعاء 11/9/63 بدا الشيخ يصلى مع اخوته ووضع امامه قطعة قماش حمراء ترمز للشمس ، وفى اليوم الاربعون الموافق 21/10 رفع الشيخ قطعة القماش الحمراء ووضع بدلا منها قطعة بيضاء ترمز للنجمة ، وفى اليوم الخمسون للصلاة الموافق 30/10/63 رفع الشيخ قطعة القماش البيضاء ووضع مكانها قطعة سوداء ترمز للهلال ، وواصل الشيخ صلاته مع اخوته ، وفى اليوم السابع والخمسون للصلاة والذى يوافق 6/11/1963 وهو الاخير رفع الشيخ القطعة السوداء ووضع بدلا عنها قطعة قماش خضراء ترمز لكرسى المسيح فى السودان واخبر الشيخ اخوته بان هناك احداث عظيمة ستحدث فى العام القادم ومستقبلا وفق هذه التواريخ ، وقد حدث ان جاءت ثورة اكتوبر فى فى اليوم الربعين لدورة الصلاة اى 21/10/64 ، وفى اليوم الخمسين الموافق 30/10/64 شكلت الحكومة المرتقبة على يد اللجنة القومية وكان فيها الصادق المهدى وحسن الترابى والامين محمد الامين الخ . وفى اليوم الاخير للدورة الموافق الجمعة 6/11/64 ذهب وفد اللجنة المذكور اعلاه الى الجزيرة للزيارة والتهنئة ولمناسبة تخص الشهيد حسن يابس .
ووضع الشيخ دورة صلاة كانت بدايتها يوم الاثنين 14/4/69 ، واليوم الاربعون هو يوم 25/5/64 ، و اليوم الخمسون يوافق 2/6/69 ، واليوم السابع والخمسون يوافق 9/6/69
كما صاغ الشيخ عبد الله كلمات تتحدث عن نفس الرجل يقول فيها ( فى العدد التاسع والثلاثون من مجلة الاذاعة و التلفزيون جاء ابن الجزيرة الخضراء والثمانية هكذا * * * * * * * * ) وكان يرمز لعدد رجاله الذين يرافقونه بثورة بيضاء بغير سوء ( جاء العبد فى اليمين وفى الصفحة الاولى لكن العيون عميانة ، ها هنا الاشارة لكن الدواب غبيانة ، يا مجلة الاذاعة يا مجلة الانسان العاقل و الناطق ما بالك فى النخلة و العرجونة شاهدوها فى ام درمان فى حى ودنوباوى و هنا الاشارة ) و فى هذه الفقرة يشير الى مكان ميلاد ذلك الرجل الذى سيظهر فى المستقبل ( مدنى يا مدنى الجزيرة فيك بيت عظيم وامره عجيب يا اخوانا ساعدونا ، هدية للاخ حسان سعد الدين المشرف على مجلة الاذاعة و التلفزيون ) وقد كتبت هذه الكلمات فى ذات المجلة بتاريخ 9/9/ 1964 تقريبا ، كما تم ارسالها لاذاعة صوت الانجيل ببيروت لبنان و ارسلت ايضا الى كثير من القادة داخل وخارج السودان واتخذهم الشيخ شهودا على تلك النبوة التى تخبر عن قدوم ذلك الرجل الذى عين الشيخ مكان ميلاده ( ود نوباوى ) بام درمان وحدد عمره ب 39 سنة و مكان تعليمه و منهجه اليمينى وعدد رجاله الثمانية .
وفى وفى يوم الاحد الموافق 5/9/65 اغرق عمدا الطفل احمد ابن الشيخ عبد الله وكان معه ايضا ابن الشيخ حمدان صديق عبد الله ، ويبلغ عمر كليهما سبعة سنوات ، واغرقا معا فى بركة ماء لم يتجاوز عمقها المتر دون ذنب جنوه وقد اخطر شخص مجهول الهوية ناظر محطة القطار بمدينة ام روابة التى كانت قريبة من موقع الحدث بان هناك طفلين غريقين فى بركة الماء ، فاتصل ناظر الحطة تلفونيا بالشرطة وعندما التفت الى الرجل الذى كان يقف بجواره فلم يجده وكأن الارض قد ابتلعته ، واخذت الشرطة الطفلين الى المستشفى وتعرفت عليهما الاسرة ووجدناهما مغطيان بقطعة بشكير بيضاء و بعد ثلاثة ايام حضر لمنزل الشيخ رجل قال بانه صاحب البشكير الذى وجد مع الطفلين وعرف هذا الرجل العجيب المهاب عن نفسه بانه نبى الله الخضر وهو الرجل الذى تحدث الى الحكومة السودانية طالبا اياها بحل نفسها والاجتماع به فى ميدان ابو جنزير ليحل مشكلة السودان وهذا الخبر نشرته الصحف السودانية الصادرة بتاريخ 31/8/65، وقد اخذ الرجل البشكير وقال بان الولدان معه وهما احياء .
ورغم تلك المآسى التى حلت بالاسرة الا ان الشيخ لم تلين له عزيمة مع العلم بانه مسجون بمنزله بامر القضاء وظل على اتصال بالعلماء ورجال الدين داخل وخارج السودان وزاره بمنزله فى ام روابه الاستاذ محمود محمد طه ثلاثة مرات وقال للشيخ ماهى رسالتك..؟ فرد الشيخ ان رسالته هى القرآن ، وقال محمود للشيخ ان القرآن ليس رسالتك ، وعندما ذكر الشيخ للاستاذ محمود امر الدابة رد الاستاذ محمود بقوله نحن لم نسالك عن الدابة لان الدابة عندنا هى المسيح وقد اتفق كل من الشيخ عبدالله والاستاذ محمود على ان رجل اخر الزمان سيخرج من السودان ولكن اختلفا فى التفاصيل .
وفى يوم 6/11/65 ظهرت للاسرة صورة رجل يشبه المسيح فى مظهره وفى عام 66 اهتزت الارض وتصدعت ونزلت نار من السماء مصحوبة ببروق ورعود وهذه التصدعات ما زالت آثارها باقية حتى اليوم فى المنطقة حول جبل دمبير بكردفان فى دائرة قطرها خمسون ميلا تقريبا ، ثم ظهرت لنا صورة الرجل الذى يشبه المسيح فى مظهره فى السماء للمرة الثانية وكتبت مجلة الاذاعة والتلفزيون عن ذلك الموضوع فى عددها الثامن صفحة 41 بتاريخ 25/11/1965 .
وفى يوم 14/5/69 جمع الشيخ عبد الله اخوته وقال لهم هاانذا ساطلب الرجل الذى تكلمت عنه فى العام 64 و انتم شهود على ذلك ، وفى يوم 25/5/69 و هو اليوم الاربعين لدورة الصلاة التى رسمت فى العام 64 جاء النميرى ، وقال الشيخ عندها لاخوته ها نحن مع النور التقينا وفى اليوم الخمسين للدورة الموافق 2/6/69 تم اجماع الشعب السودانى على تاييد النميرى ، و فى اليوم الخمسين للدورة الموافق 9/6/69 تم الصلح بين الشمال و الجنوب و هو يوم معلوم للجميع وفيه قال الشيخ لاخوته الحمد لله الذى صدق الرؤيا وجاء بالرجل الذى تكلمت عنه وعينت مكان ميلاده وعمره ومكان تعليمه ومنهجه اليمينى .
وعندما ضاقت الارض بما رحبت بالشيخ و اسرته خاصة بعد فقد الاسرة لاثنين من فلذات اكبادها ظلما وغدرا اصبح الاطفال يعيشون فى وضع نفسى لا يحتمل نتاج الضغوط بسبب رؤية الشيخ كما فقدوا التعليم ايضا وغيره ، وعندما راى الشيخ كل ذلك قرر ان يهاجر للجزيرة مدنى لان معظم اخوته سبقوه الى هناك اذ توجد فرص اكبر للعمل والاهم من ذلك الانفتاح النسبى فى مجتمع ود مدنى ، لذلك عندما علم بعض اعيان مدينة ام روابة ومنهم السيد ميرغنى عبد الرحمن الحاج سليمان والسيد ابكر مزمل عميد اسرة الهوارة بام روابة زارا الشيخ فى منزله وقالا له ان كان سبب هجرتك للجزيرة بسبب الظروف المعيشية فنحن على استعداد لتذليلها ، ولكن الشيخ شكرهما على مبادرتهما الكريمة وقال لهما بانه يريد فقط ان يلحق باخوته فى مدنى .
وفى عام 1970 ترك الشيخ مدينة ام روابة وهاجر الى ود مدنى واستقر فى منزل بحى الهوارة ، وقام بتكوين وفد مهمته الاتصال باعيان البلد بغية الحصول على منزل بالايجار يسع الشيخ واسرته الكبيرة ويتكفل الشيخ و اخوته بدفع الايجار المتفق عليه ، وباءت كل المحاولات بالفشل ، وفى تلك الاثناء سمعت الكنيسة الكاثوليكية باخباره بعد ان ارسل لها وفدا مكون من ثلاثة للاستفسار عن بعض النقاط وطلب نسخة من الكتاب المقدس الذى يضم التوراة والمزامير والاناجيل وكانت تلك اول مرة ترى الاسرة فيها الكتاب المقدس وكل معرفتنا السابقة للمسيحية و المسيح كانت من خلال القرآن . فارسلت الكنيسة وفدا كبيرا للشيخ وظل يتباحث معهم منذ1970 و حتى 1974 وقال له رئيس الكهنة بانهم اصدقاء فقط والشيخ رئيس فى شعبه كما عرضوا على الشيخ المساعدة فى تعليم الاطفال ووافق اولياء الامور على ذلك على ان يتركوا لهم حرية العقيدة .
شهادة الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة مرتبطة بتاريخ عريق، وامتد هذا التاريخ حتى أصبح مرجعاً تقاس عليه الشعوب لكل الازمنة في العالم وهذا ما تستند عليه الكنيسة من أدلة وبراهين وشهادات حية دونتها الوثائق والمخطوطات القديمة وأكده من قبل الباحثون وعلماء الآثار السابقين والحاليين ،وعليه نهجت الكنيسة الحالية نهج سابقاتها بحيث أصبحت تجري كل إجراءاتها مثل إعطاء شهادة ، أو إقامة مراسم زواج ، أو تعيين كاهن للعمل داخلها بعدة مراحل ، مثلاً في حالة أعطاء الشهادة فلا بد أن تكون هناك لجنة مختصة مفوضة للقيام بمثل هذا العمل ومشهود لها من قبل الكنيسة ، وتعيّن هذه اللجنة من قبل لجنة الكنيسة الأم وتدرس هذه اللجنة كل ما يختص بالشخص المراد منحه الشهادة الكاملة من الكنيسة ، منذ تاريخ ولادته ونشأته وحتى يوم وقوفه أمام اللجنة المعينة من قبل الكنيسة لإعطائه الشهادة ، ثم تعرض هذه الترتيبات أمام الكنيسة التي تقوم بدورها بتحديد يوم يحضره الأعضاء والقسس الذين يكونون بمثابة الشهود لإجراء مراسم الشهادة والتكليف المناط بهذا الشخص ، وبمرأى من الناس يتم إقرار أن الشخص الموضوع عليه الأيادي أصبح ممسوحاً من قبل الله ، وهكذا تعتبر شهادة الكنيسة شهادة قانونية ورسمية وسارية حتى وفاة حاملها ، وهذا ما يميزها من الشهادات الأخرى التي تنقصها الإجراءات القانونية والأدلة والبراهين ، والشهادة هى حضور عدد من الشهود لمنح شخص معين الشهادة القانونية التى تسمح لحاملها مزاولة العمل المكلف به دون أن يعترض عليه شخص ، حتى يصبح الشخص مؤهلاً لنشر تعليمهم اللاهوتي والأكاديمي ، ولا تمنح الشهادة إلا بعد الحصول على التعليم من الكنيسة.
وهذا ما جرى للشيخ عبد الله يوسف شاع الدين ،إذ قامت الكنيسة بعمل كل الإجراءات اللازمة بإعطائه الشهادة ، ومنحته الشهادة كهدية له ولأسرته بعد أن وجدته مستحق لها ، حيث قدمت له الكنيسة بواسطة رجال الدين المرسلين من البابا وبأذن من السلطات المختصة فى 24 فبراير 1974م الشهادة الكاملة فى منزله بمدينة مدني ، مع العلم إن الشيخ لم يتلق أي تعليم من الكنيسة أو غيرها ولم يدخل الكنيسة قط ، وهكذا أصبح مرسوم من قبل الله بشهادة الكنيسة الكاثوليكية فى السودان وهى الاكنيسة الام .
وفى مدينة ودمدنى بدات المشاكل تطل على هذه الاسرة ، فلمجرد دخول المسيحيين البيت اصبحنا نعيش فى عزلة وتطاردنا الشائعات بالكفر رغم اننا مؤمنين و موحدين نشهد ان لا اله الا الله ونتقيد بشرعه ونحمل كل صفات مجتمع شمال السودان الطيبة ، وما يؤسف له حقا ان بعض الناس يحكمون على الانجيل بافعال بعض القبائل الوثنية دون روية او تمحيص بالرجوع للانجيل لمعرفة ما به و من ثم الحكم عليه على بينة من الامر ، كما ان المسيحيين يمكنهم قراءة كل كتب الديانات الاسيوية او الوثنية ولكن لمجرد ان نذكر القرآن فالامر يختلف ، لذلك فلمجرد دفاعنا عن الكتب السماوية كالتوراة والانجيل جعل منا كفارا فى نظر البعض ، كما ان غيرتنا لبنى جنسنا ودفاعنا عن الاسلام ومبادئه وشهادته العظيمة للسيد المسيح ووالدته جعل بعض قصيرى النظر من المسيحيين لا يرون فينا الا عربا مسلمين يحملون افكار تنافى القانون الكنسى فاصبحنا بين بحرين ، وبمعنى آخر فان ايماننا الراسخ بكل الكتب السماوية وتقديرنا لكل الرسل دون ان نفرق بين احد منهم جعلنا ندافع عن كل الكتب دون تحيز او مراعاة لمصلحة الا احقاقا للحق بغية الوصول لمجتمع متسامح يقدر ما جاء فى كل الكتب وياخذ بايسرها ، مع العلم بان الشيخ حث كل قادة الكنائس داخل وخارج السودان على قراءة القرآن كما اهدى نسخ منه الى الكثير منهم وقد احدثت افكار الشيخ تغيير كبير اليوم اذ اعادت الكثير من الكنائس النظر فى موقفها من القران والمسلمين.
وما بين 1970 و1982 طرد الشيخ واسرته من ثمانية بيوت فى مدينة ودمدنى والبيت التاسع هو الوحيد الذى استقر فيه اذ كان هدية من رجل فاعل خير قدمه هدية للشيخ واسرته بواسطة الكنيسة ، ورغم ذلك وغيره الكثير من المآسى والظلم الذى اصاب هذا الشيخ الا انه ظل يتأمل في ملكوت السماوات والأرض وينتظر من الله إشارة نبوية تخبره بمستقبل الأيام ، وفى أخر يوم من شهر يونيو 1980 رأى الشيخ عبد الله رؤية في اليوم الذي ذهب فيه الرئيس جعفر نميرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإجراء فحوصات طبية فرأى الشيخ ان الرئيس جاء في منزله يحمل معه قرآن ينقص منه الجزء الأول ، فقال نميرى للشيخ عبد الله فسر لي هذه الآية ، فقال له الشيخ عبد الله كيف أفسر لك شيء وهو غير موجود عندك ، فذهب عنه الرئيس . كتب الشيخ هذه الرؤية ووضعها في مكان معين وهو ينتظر تأويلها الذي هو عند الله . وفي أغسطس عام 1988 وقع كتاب "من جدة إلي كوبر" لصاحبه سيد أحمد خليفة في يد الشيخ عبد الله ، فوجد في صفحة 76 تعليمات لنميرى من نبي الله الخضر ، فأرسل الشيخ عبد الله ابنه بالرؤية التي حدثت له في عام 1980 في أخر يوم من شهر يونيو كما ذكرت سابقاً ، فقال الشيخ لابنه اذهب إلي السيد أحمد خليفة كاتب الخبر وقل له اخبر الرجل الغائب عن السودان رجل 1969 ان يعود إلى السودان ويصحح خطأه ويكمل المشوار مع الشيخ عبد الله بطريقة مباشرة وكان ذلك في الرابع من ابريل .
كان الشيخ عبد الله ينتظر حضور الرجل إلى السودان بفارق الصبر، وفى يوم 30/6/1989 اليوم الذي عينه الشيخ عبد الله، جاء الرئيس عمر حسن أحمد البشير الذي اكتملت به الدورة الأخيرة وفى هذا الأمر سر.
وفى يوم الخميس 14/7/1994 أُعتقل الشيخ عبد الله وإخوته بمدينة مدني ، وبدون سبب أو بلاغ مدون ضدهم أُخذوا إلى السجن وجُلدوا وعوملوا معاملة لا تليق بمكانتهم الاجتماعية والدينية ، ووضعوا في الحبس مع المخمورين والمجرمين دون ادنى اعتبار لمكانة الشيخ الدينية او حتى كبر سنه ، فذهب المحامون إلى ديوان النائب العام ولم يجدوا اى بلاغ موجه ضدهم فجاءوا إلى القاضي وطالبوه بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين لأنهم لم يجدوا اى بلاغ ضدهم ، فقال لهم القاضي بأنه مأمور من جهات عليا لم يعينها لهم .
وفى اليوم الخامس يوم الاثنين تم إطلاق سراح الشيخ عبد الله وأخوته وأبنائه من السجن، فعادوا لبيوتهم ليجدوها خراباً وخالية من الأثاث، علاوة على ذلك تم حرق كتبهم الدينية الإسلامية والمسيحية والصوفية والتاريخية، والمستندات المهمة جداً لمعظم الاحداث المذكورة منذ الستينات ، فهرب الأولاد والبنات إلى الخرطوم وهم في حالة نفسية حادة خوفاً على أنفسهم و أبنائهم ، لان القاضي شَهَرَ بهم واعتقل بعضهم من دون بلاغ ضدهم أو جناية وهددهم بالقتل ولأنهم شاهدوا آبائهم القدوة الحسنة لهم في الحياة يتعرضون لمثل تلك المواقف التي يعف اللسان عن ذكرها ، فنجدهم قد تركوا بيوتهم وتوقفت دراستهم ، وكذلك الآباء طردوا من أعمالهم وانقطع حبل مصالحهم وتكررت عليهم مأساة كان وقعها أكثر من المأساة الأولى في مدينة أم روابة ومن حولها .
ثم هاجر الشيخ عبد الله إلى مدينة الخرطوم ومعه ثمانية عشر أسرة وتكدسوا جميعاً بمنزل واحد ، وكان لعبد الله بنت تسكن في هذا البيت مع زوجها وعندما انتهى عقد الإيجار جاء صاحب البيت وقال للشيخ عبد الله اسكن في هذا البيت أنت ومن معك دون إيجار حتى تجدوا لكم سكن، وكان المنزل غير صالح للسكن.
وبعد ذلك ذهب بعض المنتفعين إلى صاحب المنزل وقالوا له ان الشيخ رجل مسلم فأخرجه من منزلك ، وكانت هناك دعايات تطارد الشيخ وأسرته من مكان لآخر وكان عندما يأتي احد المحسنين ليمد يد العون للشيخ في السكن أو العمل أو التعليم يصده أصحاب النفوس الدنيئة عن فعل ذلك حسداً ، ولم يعرف الشيخ سبب ذلك الحسد مع انه رجل مسالم وليس له أعداء بل هو صديق للكل يحب الخير للجميع ، وأخيراً جاء صاحب المنزل وطلب من الشيخ إخلاء المنزل، وفى هذه المدينة لم يجدوا لهم أعمال تكفيهم وتسد حاجتهم عدا الأعمال الهامشية التي كانت بالكاد تكفى لمأكلهم.
ثم توزع بعض أبناء الأسرة داخل الخرطوم ، وبعض منهم لجأوا إلى الكنائس مستنجدين فصاروا بذلك تجارة رابحة لضعاف النفوس ، وهناك عدد كبير من الناس سمعوا بالمأساة التي حدثت للشيخ وإخوته فلم تعجبهم معاملة المسيحيين للشيخ وإخوته ، فقام بعض المنافقين بعمل دعاية ضد الرجال قائلين ان هذه الجماعة من المسلمين جاءت لتسلم الشيخ ، مع أنهم فاعلي خير دون اعتبار للمعتقد أو العرق واللون .
وختاماً إن حادثة مدني هي السبب في تفكك هذه الأسرة المتماسكة وتشريدها بين المسيحيين والمسلمين بعد أن كانوا جسداً واحداً يصلون سوياً ويتشاركون سوياً في الصغيرة والكبيرة و رغم ذلك رفض الشيخ ان يقاضى احد ، كما رفض الادلاء باى تصريح لاى من مناديب السفارات ومنظمات حقوق الانسان الذين زاروه فى منزله و كانت تعج بهم العاصمة بل فضل ترك امره الى حكم الله وتدبيره لأنه رجل مؤمن و مسامح للجميع ، ومن ضمن الذين زاروه و كتبوا عنه البروفسور الامريكى مايكل باركر فى كتاب بعنوان نحو مجتمع مفتوح وقد قال عن الشيخ عبد الله بانه الشخص الوحيد الذى دعا المسلم الى اتباع القرآن والمسيحى الى الانجيل دون تحيز .
معتقدات الشيخ
• نجد ان الشيخ ينادى بحرية العقيدة والاعتقاد لان اصل الدين واحد فى نظره،وكل الاديان تدعو الى عبادة الله الواحد ولا خلاف فى ذلك،وان جوهر العقائد واحد وهو الايمان بالله
• ويرى ان الكتب السماوية -التوراة والإنجيل- ليست محرفة كما يدعى معظم المسلمين وان لم نقل كلهم ؛ لأن هذا الاتهام لا دليل له ولا اثبات له ، وانه مجرد افتراء على الحقيقة وانه كلام لا يقوم على اى اساس من الصحة من الناحية الدينية او التاريخية.والآيات الوحيدة الواردة بهذا الشأن تؤكد تأكيداً قاطعاً بما لا يدع مجالاً للشك بان التحريف ليس فى النص المكتوب(التنزيل) وإنما فى التأويل والتفسير(القول). جاء فى الآية القرآنية [من الذين هادوا (اليهود) يحرفون الكلم عن مواضعه] وبالإشارة الى هذا التحريف الوارد فى الاية القرآنية اعلاه فانه يخص فريقاً من اليهود والنصارى اتباع المسيح عيسى ، كما انه تحريف فى القول لا أكثر ولا أقل ، وهذه الآية التالية تحمل نفس المعنى للآية السابقة [ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم اخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه] المائدة 41. وإذا سلمنا ان هناك تحريف حصل قبل نزول القرآن فكيف يصدق القرآن على كتب محرفة أصلاً..؟ مع ان القرآن جاء مصدقاً وحافظاً ومهيمناً على الكتب السماوية الاخرى...؟ وإذا حرفت بعد نزول القرآن فكيف يصدق القرآن على كتب ستحرف مستقبلاً.. ؟ والسؤال هنا متى حُرِفت النصوص وأين وقع التحريف بالضبط وأين النص الصحيح..؟
• كما ينادى بحرية الفكر وان الانسان يجب ان يكون حراً فيما يفكر او يعتقد ، وليس لأحد وصاية على أحد ، وإذا لم ندع الانسان يفكر بحرية دون اى قيود تفرض فكيف يبدع الانسان..؟ ان الله خلق الانسان حراً بالعقل ليفكر فكيف يستعبد الانسان اخيه الانسان لمجرد ان هناك خلافاً عقائدياً او فكرياً او سياسياً بينهم ولمجرد ان هناك خطوط حمراء لا يجب تخطيها، وكذلك يرى الشيخ عبد الله ان الدين لم يكن فى يوماً من الايام عقبة أمام التطور والفكر والحرية ، والدين أعطى الانسان مساحة كبيرة للحرية والاجتهاد فى الدين بما لا يعارض النصوص الشرعية ، وانه لابد للناس-مسلمون ومسيحيون- ان يعملوا بالمصلحة العامة ، ولولا العمل بالمصالح العامة لوقف الدين حائراً امام المتغيرات والتطورات الحديثة حيث لابد من افكار جديدة لمواكبة التطورات العصرية.
• ويرى ايضاً ان باب الاجتهاد لم يقفل بعد ، كما انه ليس مقتصراً على شخص بعينه ، ولكل انسان حق الاجتهاد فى حالة عدم وجود نص ، لأن الحياة متغيرة وفى كل عصر توجد مصادر شرعية تضاف للمصادر السابقة ، ويذكر بان الايمان الكامل يجب ان يكون بالله والكتب والرسل والملائكة..الخ ، وعدم التفريق بين الرسل لقوله تعالى(لا نفرق بين أحدٍ منهم).فمن أمن بمحمد (ص) ولم يؤمن بالمسيح عيسى فهو كافر وان الدين انزل ليدعوا الناس الى عبادة الله ولتحقيق العدالة والسلام بين الناس وليس للفرقة والفتنة ، ولا يجوز لشخص ان يكفر شخصاً اخر لمجرد ان هنالك خلافاً بينهم كما جرت العادة فى كثير من الطوائف التى تدعوا للإسلام وهم مختلفون فيما بينهم وكثير منهم يلعن الاخر ويبيح بعضهم دم بعض ويكفر بعضهم الاخر، ويؤكد تماماً بان الذين يعطون الحق لأنفسهم بتكفير الناس وإهدار دمائهم ...الخ بأنهم مرضى مصابون بأمراض خَلقية وخُلقية ومصابون بمرض جنون العظمة والكبرياء والحقد ويفعلون ذلك تحت غطاء الدين ليس لشيء بل لتحقيق مكاسب فى الدنيا مهما تنوعت تلك المصالح ولتصفية الحسابات الشخصية ، وهذه الفئات المنحرفة تهدد السلام والأمن والطمأنينة ويجب وقفهم حتى لا تسود الفوضى العالم ، ان الدين علاقة خاصة بين العبد وربه وسلوك قويم ورحمة وتكافل ومحبة بين جميع البشر.
• وينوه الشيخ عبد الله اصحاب الديانات السماوية الثلاث ان يبحثوا عن القواسم المشتركة بينهم والنقاط المتفق عليها ، وذلك احتراساً من ان يصبح الدين مصدر فتنة وشقاق وخلاف عقيم ، اذ لا مناص من الخروج بأحكام توافق كل الناس المسلم والمسيحى واليهودى وغيرهم لتفادى هذه الفتنة والمأزق الحرج .
وفى وقفته الشهيرة امام القضاء بمدينة ام روابة سنة 1963م، سأله القاضى من انت؟ وهل انت مرسل كما يدعى هؤلاء القوم؟ وهل انت مدعي للنبوءة مع انك تعلم جيداً ان النبوءة ختمت وان محمد هو خاتم النبيين ؟
فأجابه الشيخ وبكل هدوء،نعم النبوءة ختمت فى القرآن لأنها وراثة من الاباء الى الابناء وبالتالى ختمت ، اما بالنسبة لبنى اسرائيل فان النبوءة عندهم لم تختم بعد على حسب كتبهم ، اذ يؤكد القرآن ذلك بقوله ( ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب ) العنكبوت 27) ولا يمكن القول بختم النبوءة بالنسبة لبنى اسرائيل وهم قوم لهم شريعتهم الخاصة بهم، والقرآن نفسه دعا بنى اسرائيل للتمسك بما عندهم وذلك فى قوله تعالى(وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله) و (انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا).المائدة 44
وكذلك جاء فى التوراة (اذ قال موسى لبنى اسرائيل يقيم لك الرب الهك نبياً من وسطك من اخوتك مثلى له تسمعون).سفر التثنية18.
وجاء القرآن مصدقاً على ذلك بقوله( ان هذا القرآن يقص على بنى اسرائيل اكثر الذى هم فيه يختلفون ) . الى ان قال ( واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهد دابة من الارض تكلمهم) النمل 76،82 ، وكلمة دابة فى النص السابق اختلف حولها العلماء ، والرأى الراجح عندهم انها حيوان يدب على سطح الارض ، ويرى الشيخ عبد الله ان الدابة هنا تعنى الانسان فقط وليس حيوان لا عقل له ، والإنسان وحده هو الذى حباه الله بالعقل وسخر له كل ما فى الارض وجعله خليفة له ، وإذا افترضنا ان الله يريد مخاطبة هذا المخلوق المميز فمن البديهى ان يخاطبه بواسطة انسان عاقل ناطق مكلف مثله تتوفر فيه الاهلية الكاملة للتصرف.
والحيوان لا عقل له ولا نطق له ولا اختيار، فكيف يتم التخاطب بين حيوان فاقد للعقل وإنسان!وما هى اللغة التى يتم بها التخاطب ..؟ وندلل هذا الكلام بالآية القرآنية(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) ابراهيم 4.
ويكرر الشيخ عبد الله ان كلمة الدابة مقصود بها الانسان لأنه هو الوحيد الوارث للنبوءة والمكلف بالأحكام الشرعية وهو الوحيد المحاسب على تصرفاته ولا مسئولية إلا على الانسان ،
وبما ان الانسان هو المميز لدى الله والخليفة على الارض فكيف يقيم له الله اماماً ونبياً فى الحياة الدنيا يوم الحساب حيوانا...ً؟ وقد سبق ان تم عرض الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وحملها الانسان والامانة هى كلمة الله التى يريد البعض ان يحملها حيوان يفتقد اهم شروط المسئولية رغم ان الاية تقول تكلمهم فالمتكلم من طبيعة المتكلم اليهم .
ونذكر ان كل النبوءات والأحداث عبر مر العصور لم تتطرق او تشير لا من قريب او بعيد بان هناك حيوان أُرسل نبي ورسول الى امة من الامم لمخاطبتها.
ومخاطبة الحيوان للإنسان شيء خارق للعادة وبالتالى لا يتقبله العقل والمنطق ، مع التسليم بان الله قادر على كل شيء.
وجاء قى القرآن (يوم ندعوا كل اناس بإمامهم) الاسراء 71 . والمقصود بإمامهم (بمن كانوا يقتدون بهم او بأنبيائهم). وهذا يدل دلالة قاطعة بان النبوءة والإمامة للإنسان دون سواه من المخلوقات .
ويعتقد الشيخ بان هناك نبي موعود به ويخص بنى اسرائيل ومتفق عليه فى التوراة والإنجيل والقرآن على حسب ما ورد فى النصوص أدناه:
• فى التوراة (يقيم لك الرب الهك نبياً من وسطك من اخوتك مثلى له تسمعون) التثنية
• وفى الانجيل ( واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم عن نفسه ، بل كل ما يسمع يتكلم به ، ويخبركم بأمور اتية ) يوحنا 16
• فى القرآن ( واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم) النمل 82
ماذا يحدث بعد...؟
فى يوم الاثنين 13/6/2005 زار الشيخ فى منزله صديق عزيز و من اسرة شمالية عريقة يشغل مكانة مرموقة ومن احد صناع القرار فى الدولة ، وبعد انتهاء اللقاء اخرج المسئول مبلغ خمسمائة الف جنيه سودانى وسلمها للشيخ فى حضورى ( وكانت ورق من فئة الخمسة الف جنيه) وبعد مغادرة المسئول لا حظت بان ملامح الشيخ قد تغيرت واشار لى بيده فوقفت امامه فقال لى ياابنى الايام قد انتهت فاستغربت من لهجته تلك وادرك الشيخ حيرتى وقال لى وهو يرفع مبلغ الخمسمائة جنيه اتدرى ما هذا ..؟ فلم استطيع ان اجيبه بالطبع وبينما انا صامت قال لى الخمسمائة جنيه هذه ترمز للخمسمائة سنة التى تخصنى فقلت له كيف ..؟ فقال لى ان صديقى هذا كان بامكانه ان يعطينى خمسة ملايين او قل خمسون مليون ولكنها جاءت خمسمائة الف فقط وهذه علامة رجل الله وهى ترمز لخمسائة سنة وفهمت الامر تماما وصمت . وماهى الا خمسة ايام حتى انتقل الشيخ للدار الاخرة .
من يوم رحيل الشيخ عبد الله ابن السلسلة الذهبية تعاقبت الأحداث المثيرة التي تحدّث عن نفسها ، فقد انتقل الشيخ عبد الله يوم السبت الموافق 18/6/2005 لا نقول انه مات، بل استراح في اليوم المبارك الذي خصصه الله يوماً مقدساً، ففى ذلك اليوم كانت اتفاقية الوفاق أي الصلح بين التجمع والحكومة في القاهرة في 18/6/2005. تتالت الأحداث بعد السبت الأول لرحيل الشيخ عبد الله إلي إعلان التقاء الكواكب الثلاث زحل، عطارد والزهرة من يوم الخميس إلي يوم السبت حيث الظهور الحقيقي لهذا الحدث العجيب الذي أُعلن بواسطة علماء الفلك كما جاء في الصحف السودانية وغيرها، وكان ذلك الحدث في يوم الخميس والجمعة 23و24/6/2005 فالسبت 25/6/2005 وفي ذلك اليوم حجبت الشمس ضوئها والقمر نوره، فصار غمام عجيب غطى وجه الأرض فلم يفطن له سوى العارفين ومرت ثلاثة أيام مظلمة أغلقت فيها حركة الطيران في الخرطوم ، وفي يوم الخميس 30/6/2005 كان يوم عيد ثورة الإنقاذ الوطني وهي تودع عامها الأخير فكان من المفترض ان يكون في ذلك اليوم عطلة عامة لكل الشعب السوداني، إلا انه حيل دون ذلك فاتخذ يوم السبت 2/7/2005 عطلة رسمية لجميع أنحاء السودان بدلاً من يوم الخميس. فتتابعت هذه الأحداث المرتبة لا بإرادة بشر، بل بمشيئة الله صانع السلام المتوج بأهازيج الفرح الذي عم ربوع السودان الحبيب.
وفي يوم السبت 9/7/2005 في ذلك اليوم جاء الدكتور جون قرنق حاملاً رايات السلام للتوقيع على الدستور الانتقالي بقيادة فخامة الرئيس الموقر المشير عمر حسن احمد البشير ونائبه المخضرم على عثمان محمد طه الذي تنازل من عليائه عن منصبه للدكتور جون قرنق لأجل إنفاذ السلام على ارض الواقع، فيالها من تضحية سامية وياله من قطب مثالي بذل محبته من اجل سلام السودان الذي كان يحلم به الشعب السوداني منذ عشرات السنين إلي ان صار حقيقة ماثلة أمام أعين الجميع ، فمنذ ان حطت الحرب أوزارها في ارض السودان شماله و جنوبه منذ أكثر من عشرين عاماً مضت قضت على الأخضر واليابس ، فسبحان الله الذي وعد فأوفي، وكان يوماً جميلاً سطر طياته في تاريخ السودان وأمطرت فيه السماء مطرا فانسكب على الأرض واختلط مع دموع الجموع الحاشدة المبتهجة بالسلام .
وفي يوم الأربعاء الموافق 14/7/2005 أمطرت السماء مطراً غزيراً على ارض السودان لم نرى مثله من قبل وكان علامة، لان هذه الأمطار التي هطلت لها أزيزها ورعيدها فعمّت العاصمة المثلثة بفيضانها المهيب ، فكان يوم فرحة ويوم خوف في الوقت نفسه من شدة الأزيز الذي كان يصحبها.
و كل هذه الأحداث تعاقبت بعد رحيل الشيخ عبد الله الذى ترك لغزاً غامضاً لا يفك طلاسمه إلا الله القادر على كل شئ ذو العظمة والجلال
من هو......... ؟
عزيزى القارئ الكلمات التى سنسردها لك ليست من خيال الكاتب ولكنها مشاهد من ارض الواقع ونحن متيقنون من صحتها اذ اكتملت اركان الشهادة فيها لاننا راينا باعيننا ولمسنا بايدينا وسمعنا باذاننا، وما يزيدنا ثقة بانها ليست المرة الاولى التى ترى الاسرة فيها هكذا مشاهد فمنذ دخول آباءنا أصحاب السلسلة الذهبية للسودان في القرن السادس عشر الميلادي وكان يسير بجانبهم رجل ظل بجانب هذه الأسرة لمئات السنين إن لم تكن آلاف يقال له رجل الله أو الأمين ففي السودان عمره الآن خمسمائة سنة ويظهر لأفراد الأسرة من وقت لآخر بشخصه ويتخاطب معنا احيانا بالرؤيا(الحلم) ويرشدنا .
نراه أحيانا على التلفزيون ويظهر لنا عند الحوجة كأن يزور مريض فيشفى أو سجين فيطلق سراحه بإعجاز ، وتراه أحيانا يسير برجليه أو راكبا في وسيلة المواصلات أمامك ولا تحده شخصية فقد يكون كهلا أو شيخا موظف أو عسكري أو ... أو ، ويتحدث بكل لغات البشر ويقول بأنه اعلم من أهل الأرض والتقى الكثير من العلماء والمشايخ و رجال الدين فى السودان ، وهناك القليل من رجال ونساء ومشايخ ممن أودع الله فيهم بعض أسراره يعرفون هذا الرجل الأمين جيدا في السودان ، و يجوب شوارع الخرطوم ولكن لا يعرفه العوام ، ولا استطيع أن اعدد كل لقاءاته لنا ولا كيفيتها أيضا وطريقة معرفته شخصية أو روحية لمن يختاره هو.
سلام السودان
الآن وبعد حلول السلام الذى تنبا عنه الشيخ عبد الله في السودان كثيرون يرون بأنه سلام مؤقت اجلاً ام عاجل سينتهي وكاد البعض من ذوي الغرض أن يستغلوا حادثة الدكتور جون قرنق لافشال هذا المجهود الضخم ضاربين بكل القيم والقضاء والقدر والكتب السماوية عرض الحائط فالآية التي تقول الرب قد اعطى والرب قد اخذ فليكن اسم الله مباركاً التى يستشهد بها البعض لكأن قائلها هو احد ابناء الشمال وليس من انبياء الله .
ولكن رغم ذلك فسوف اذكر في مقالي هذا بعض النصوص الكتابية والتي وقف العلماء وبعض انبياء بني اسرائيل كثيراً دون تفسيرها وما ذاد من قوة تلك النبوءة ان قائلها هو اعظم انبياء بني اسرائيل واكثر من تحدث عن العهد المسيحاني حيث يسود السلام ويربض النمر والجدي معاً وصبي صغير يسوقهما ، والاسد يرعى كالبقر ، والصغير يمد يده لجحر الافعى فلا تلدغه وبالمناسبة فقد زار هذا النبي ارض السودان وأمره الله عز وجل أن يسير فيه حافي القدمين وكانت فترة خدمته مابين 740 و701 ق.م يقول النبي اشعياء:
( يا ارض حفيف الأجنحة التي في عبر انهار كوش ، المرسلة رسلا في البحر وفي قوارب من البردي على وجه المياه.اذهبوا أيها الرسل السريعون إلى امة طويلة وجرداء إلى شعب مخوف منذ كان فصاعدا امة قوة وشدة ودوس قد خرقت الأنهار أرضها. يا جميع سكان المسكونة وقاطني الأرض عندما ترتفع الراية على الجبال تنظرون وعندما يضرب بالبوق تسمعون ، لأنه هكذا قال لي الرب إني اهدأ وانظر في مسكني كالحر الصافي على البقل كغيم الندى في حر الحصاد ، فانه قبل الحصاد عند تمام الزهر وعند ما يصير الزهر حصرما نضيجا يقطع القضبان بالمناجل وينزع الأفنان ويطرحها تترك معا لجوارح الجبال ولوحوش الأرض فتصيف عليها الجوارح وتشتي عليها جميع وحوش الأرض، في ذلك اليوم تقدم هدية لرب الجنود من شعب طويل واجرد ومن شعب مخوف منذ كان فصاعدا من امة ذات قوة وشدة ودوس قد خرقت الأنهار أرضها إلى موضع اسم رب الجنود جبل صهيون ) اشعياء 18.
ولا نريد أن نفسر كل كلمة منه، ولكن نقف في آيتين فقط:
يا جميع سكان المسكونة وقاطني الارض عندما ترفع الراية على الجبال تنظرون وعندما يضرب بالبوق تسمعون ،وتفسير ذلك: ياجميع سكان الارض عندما ترفع الراية والراية هى كلمة الله للبشر بحسب التقليد العبري القديم ، اما البوق فهو نداء يوجه من ارض السودان ايضاً والتي يعتبرها بعض الانبياء الارض التي يجمع الله فيها كل البشر للمحاسبة يوم الحشر العظيم ، يقول النبي صفنيا(ع) في الصحاح الثالث من سفره( لذلك فانتظروني يقول الرب إلى يوم أقوم إلى السلب لان حكمي هو بجمع الأمم وحشر الممالك لأصب عليهم سخطي كل حمو غضبي لأنه بنار غيرتي تؤكل كل الأرض لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة ، من عبر انهار كوش المتضرعون إلي متبدديّ يقدمون تقدمتي )
ولو أعدنا قراءة السفر ووقفنا عند كلمة المتضرعون إلي يقدمون تقدمتي اى أن هذا الشعب الذي يصلي إلي الله الواحد الأحد هو الذي يقدم التقدمة والتقدمة بنص التوراة جعلت حكراً على أبناء سيدنا هارون(ع) فقط فكيف ذلك ...؟
2- ونعود لتلك الهدية المذكورة أعلاه والتي تقدم بعد أن تضع الحرب أوزارها، فحرب الجنوب والتي استمرت لأكثر من أربعة عقود اعتبرت أطول حرب في هذا العصر فقد جاء الرئيس السابق نميري باتفاقية أديس أبابا المشهورة ولكن ما قبل أديس أبابا فالحرب لم تبلغ أشدها كما حدث في عهد الإنقاذ ، فأصبح في كل أسرة شهيد أو مفقود ، ولكن بعد نهاية هذه الحرب فستقدم هدية إلي الله من شعب السودان.
ولو قرأنا المقطع المذكور أعلاه بإمعان وروية نجد بلا جدال أو شك أن السودان سيكون قبلة أنظار العالم قريباً، خاصة بعد إجماع علماء العالم بان نهاية الكون قد اقتربت وان شعب السودان سيقدم هدية إلي الله ونخلص إلي أن الله قد خص السودان بشئ لم يخص به الأولين ولا الآخرين إطلاقا ، وعندما نقول السودان فنعني السودان دون غيره لأن النبوءة تحدثت عنه دون سواه موحد دون تجزئة ، كما ذكر السودان كثيراً باسم ارض الأنهار أو الأرض التي تقطع الأنهار أرضها .
والسودان به اكبر نهرين هما الأبيض والأزرق، فالأبيض مياهه بيضاء والأزرق زرقاء ويمكن رؤية ذلك عند ملتقى النيلين أليس في هذا دلالة عظيمة ...؟ فالأبيض يرمز للشمال والأزرق للجنوب ويلتقيان في نهر واحد ، وقد حدثني الشيخ عبد الله وطلب مني ألا احلق لحيتي وان ارتدي الجلابية السودانية لان رجال قادمون إلي السودان ستكون تلك أهم ميزة لهم ،وكان ذلك في ابريل 89 ، وفي نفس هذا العام قام هذا الرجل بإرسال ابنه إلي السيد سيد احمد خليفة صاحب صحيفة الوطن الغني عن التعريف وأرسل ابنه للصحفي المذكور أعلاه بورقة يطلب منه أن يخبر رجل 69 بأن يأتي لإكمال مشواره ،وذلك على اثر معلومة كتبت في كتاب من جدة إلي كوبر صفحة 76 تقول تعليمات إلي النميري من نبي الله الخضر ، وبعد أن جاْءت ثورة الإنقاذ جاءت بكل ما هو عجيب، فالثورة كانت في منتصف السنة الميلادية بالتمام والكمال الجمعة 30/6/1989 وكان يوم السبت هو سبات لكل أهل السودان، وكانت ثورة بيضاء إلا من شهيد هو زميل الإنقاذيين رغم ضخامة المسئولية وهيجان الأحزاب التي كانت سائدة ما قبل 1989 وما لها من مليشيات أرعبت حتى غير السودانيين كما كنا نسمع ونقرأ.
وقد قال لي هذا الشيخ العارف بالله أن الإنقاذ جاءت في الوسط، فقلت له كيف ذلك ؟فقال لي أن الإنقاذ جاءت في الوسط فلو قسمنا شهور السنة الميلادية إلي نصفين فسنجد نصفها ابيض أي ستة شهور مضيئة، والنصف الآخر مظلم أي ستة شهور مظلمة كاليوم فهو 24 ساعة نصفها ظلام والنصف الآخر نور، وقال لي أيضا أن أهل الإنقاذ هم الأقدر على حل مشكلة الجنوب لان السودان مكون من الأبيض والأسود وتجلى ذلك حتى في الأنهار كما ذكرت سابقاً.
وقد حدث أن أكثر من حارب الشمال بشراسة لمدة 21 سنة دخل القصر الجمهوري في الشمال نائباً أول وقضي 21 يوماً في السلطة ، وبمناسبة ال21 يوماً فقد قامت مشكلة أكتوبر من اجل مشكلة الجنوب ، وثورة 21 أكتوبر من أعظم الثورات في السودان قام بها أبناء الشمال ولكن من اجل حل مشكلة الجنوب وليس الشمال ، ولكأن استشهاد الدكتور جون قرنق هو تذكرة لنا بتلك الثورة العظيمة التي قامت لحل مشكلة الجنوب من داخل جامعة الخرطوم ورد لدين الشمال على الجنوب ، ومن ثم حلت مشكلة الجنوب على يديه بعد أن حارب لمدة 21 سنة كاملة وقضي في الحكم 21 يوم كامل تاركاً لنا العبر والدروس في هذا التوقيت العجيب سبحان الله.
ومن الأنباء العجيبة أيضا فقد ورد في صحيفة الميثاق وبعض الصحف الصادرة بتاريخ 31/8/1965 أن هناك رجل سوداني طلب من الحكومة السودانية أن تجتمع به في ميدان أبو جنزير وسيخبرهم بحل مشكلة السودان بشرط أن يكون مع الحكومة الفنان محمد وردي ويمكن مراجعة الصحيفة والأعجب أن الدكتور جون قرنق عندما عاد للخرطوم كان رئيس لجنة الاستقبال الفنان الكبير محمد وردي ، وفي كل الذي ذكر أعلاه أليس هناك سر عظيم لا يعرفه العامة من الناس ؟
ونعود لموضوع الهدية التي يقدمها شعب شمال السودان ونحن أصبحنا على قاب قوسين أو ادني من ذلك . والمجد القادم هو للسودان وليس غيره، وعلى قادة العالم الآن أن يفكروا ألف مرة في ذلك دون استصغار لهذا الوطن العظيم لأن الكتب التي بين أيديهم تشهد بذلك إن كانوا مؤمنين بها فالسودان هو أرض الوعد وأكرر ارض الوعد وليس ارض الميعاد السابقة حتى لا تختلط الرؤية على البعض ،فارض الميعاد هي جزء من فلسطين بنص الكتب السماوية {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} المائدة 21 و يفسر كتاب الجلالين ذلك بقوله {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} المطهرة {الَّتِي كَتَبَ الله لَكُمْ} أمركم بدخولها وهي الشام {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} تنهزموا خوف العدوّ {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} في سعيكم.
أما الوعد المستقبلي بنص التوراة فهو للسودان دون منازع ومنذ الآن فلننظر ماذا يحدث بعد....؟
قصة تابوت عهد بنى اسرائيل
تابوت العهد عبارة عن صندوق مستطيل مصنوع من خشب السنط صنع لتوضع فيه الواح الشهادة التى سلمت فى الجبل لسيدنا موسى(ع) ، طوله ذراعين ونصف وعرضه ذراع ونصف وارتفاعه ذراع ونصف ، صنعه سيدنا موسى(ع) بمواصفات خاصة تلقاها من الله مباشرة وطلى الصندوق بالذهب الخالص من الداخل والخارج وله غطاء عليه شبه ملاكين مصنوعين من الذهب ولهما اجنحة ويقابل كل منهما الاخر على غطاء الصندوق ، وعلى قوائم الصندوق الاربع وضعت اربعة حلقات مستديرة لتدخل فيها عصاتين يحمل بهما الصندوق .
كان يحمل على عربات تجرها الابقار احيانا ويمنع لمسة وله طقوس خاصة مكلف بها سبط لاوى فقط ومن سبط لاوى نسل سيدنا هارون(ع) وسبق ان غنمه الفلسطينيون فى احدى حروبهم مع بنى اسرائيل ولكن حلت كوارث واوبئة بالفلسطينيين جعلتهم يعيدون التابوت دون حرب وكانت المشكلة كيف يحمل التابوت ويعاد للعبريين لان من يلمسه يحترق فى الحال وهناك عدة حوادث شهدها الجموع احترق فيها حتى من اراد ان يمسك بالصندوق حتى لا يسقط من على سطح العربة التى كانت تحمله ، واخيرا وضع على عربة تجرها الابقار سارت به حتى مكان بنى اسرائيل .
كان العبريين يحملونه امامهم فى كل حروباتهم القديمة عند دخولهم لارض الميعاد ، وكان يوضع فى داخل خيمه الاجتماع التى صنعت خصيصا له ، ولكن بعد استقرار بنى اسرائيل وتقسيمهم الارض المقدسة بين الاسباط لم يعد هناك ترحال لذلك وفى زمن سيدنا داوود الذى قال مقولته الشهيرة متسائلا : كيف اقيم فى قصر بينما تابوت عهد اسرائيل موضوع فى العراء..؟ عندها قرر سيدنا دأوود(ع) بناء الهيكل ليكون بداخله التابوت ، ولكن الله امره ان لا يفعل لانه خاض حروب كثيرة لذا اسند امر البناء لسيدنا سليمان .
بنى سيدنا سليمان(ع) الهيكل وفق مواصفات خاصة ايضا ، واستعمل فى بنائه مواد تم احضارها من سوريا ولبنان واليمن وعدة اماكن اخرى وجئ بالتابوت ووضع بداخله ، وفى يوم الافتتاح اقام سيدنا سليمان صلوات كان وقعها طييب على الشعب ومؤثرة ايضا وغطى الغمام المكان واصابت الجموع رهبة عظيمة وطلب سيدنا سليمان(ع) من الله بان يسمع لصلاة كل من يدعوه من هذا المكان بغض النظر عن عرقه و استجاب الله لطلبه بشرط ان لا يحيد بنى اسرائيل عن عبادة الله الذى اختارهم وفضلهم على غيرهم واظهر ذاته لابائهم واتخذهم شهودا ، وقال الله فان نقضتم عهدى فساهجر هذا المكان واجعلة خرابا ومضحكة للشعوب .
وما حدث بعد ذلك هو ان الهيكل دمر ونهبت محتوياته واختفى تابوت العهد الى غير رجعة لان بنى اسرائيل لم يحافظوا على عهدهم مع الله فزال المجد .
والروايات كثيرة عن ما بعد دمار الهيكل فقيل بان الملك البابلى الذى غزى اورشليم ودمر الهيكل ربما اخذه او انه احترق بداخل الهيكل ، وراى اخر يقول بانه سرق بل وذهب قائلوا هذه الفرضية الى ان الفاعل هو احد القبائل العربية وانتجت افلام سينمائية غربية فى هذا الشان وراى اخر هذه المرة من الاحباش الذين يؤكدون بان التابوت موجود عندهم فى مدينة اكسوم وقد جاء اليهم عن طريق زواج الملكة بلقيس بالملك سليمان(ع) والذى رزقت منه بابن اسمه منليك، وارسل هذا الابن لوالده الملك سليمان بعد ان كبر وعاد لاثيوبيا محملا بالهدايا كما احضر معه تابوت العهد لاثيوبيا كما ورد فى كتاب ( Kebra Nagast ) احد اهم المراجع الاثيوبية القديمة ، والملاحظ ان الفصة تسير بالتوازى مع ما سمعناه من اسلافنا فى ذات الشأن مع اختلاف مكان التابوت .
وقد طلبت رئيسة الوزراء الاسرائيلية قولدا مائير فى الستينات من القرن الماضى من الامبراطور هيلاسلاسى بان يتعاون معهم باظهار تابوت العهد الى العلن ، ورد الامبراطور حينها بناءا على توصية رجال الدين المكلفون بحراسة مكان التابوت الاثيوبى بان الوقت لم يحن بعد .
وقد سال الدكتور مايكل باركر استاذ دراسات العهد القديم سال الشيخ موسى عبدالله من قبل عن كيفية معرفة التابوت الحقيقى فقال الشيخ بان الملك سليمان قد صنع عدة صناديق على مثال التابوت الاصلى وكان الغرض منها التمويه ، ولكن لا يلتقى هذا وذاك فعندما كان بنى اسرائيل يحملون التابوت فى ترحالهم كانت هناك سحابة تظللهم نهارا ، ويختلف ذلك عند الليل اذ تتمثل السحابة نورا ، لذلك وبحسب رواية الشهود فمكان التابوت الاثيوبى لا يشع نورا بينما الامر يختلف فى صندوق الشيخ شاع الدين اذ يترائى النور ليلا منذ مئات السنين فوق مكان الصندوق ويعرف ذلك القاصى والدانى وحتى الرعاة رغم انهم لا يعرفون مصدر الضوء ، لان هذا الامر كان سرا مكتوما ولكنه ليس كذلك الان وذلك لان سيدنا موسى وضع مواد سرية فى هذا الصندوق ربما لا يعرفها حتى من كانوا يحملون هذا الصندوق العجيب الا من خصاهم الله بهذا الامر .
وبهذه المناسبة فقد اراد احد المشايخ ويدعى م.أ.أ زيارة هذا المكان فيما بعد 1950 وكان بصحبته اكثر من عشرة من الحيران وكانوا يحملون الطبول ( النوبة ) وعند مرورهم بالقرية حذرهم الناس من الذهاب لمكان الشيخ بمظاهر الدروشة تلك لان الشيخ شاع الدين منع تلك المظاهر وترك المكان لكل من يريد ان يتعبد فقط بغض النظر عن دينه او عرقه ، ولكن الشيخ م.أ.أ رفض ذلك متعللا بانه ابن الشيخ شاع الدين ، وواصل سيره حيث مكان الصندوق ولكن قبل بلوغه منتصف المسافة وبينما كان الشيخ يركب على حماره والحيران من خلفه هبطت نار من السماء وقضت على الطبول الجلدية ( النوبة ) كما اتت على السرج ايضا والفروة التى يركب عليها الشيخ فتشتت الحيران فى الخلاء وكاد البعض منهم ان يموت من الخوف والعطش ، ولا زال بعض ممن شهدوا تلك الحادثة احياء ، وهناك الكثير مما لا يسع المجال لذكره .
وختاماً نذكر بان ما لخص فى هذا البحث لم يكن الدافع له مجرد البحث فى الكتب فقط بل كان الدافع إرث تاريخى تنوء عن حمله الجبال ، وليس بمقدور اى بشر تصديقه ان كتب على اساس انه تراث اثنى ، لذلك كان لزاماً تفتيش الكتب والغوص فى اغوارها لنخرج منها بما يعضد ذلك لأننا نعلم يقيناً ان ما كتب من نبوءات ليس بمقدور كل انسان فك طلاسمها لان معظمها صيغ بطرق رمزية اخطأ فيها الكثيرون لمجاراتهم الحرفية للنص ، وقد ادركها ملك بابل عندما استدعى النبى دانيال ليفسر له رؤيته ، وكذلك الفرعون ورغم انه صاحب الرؤيا إلا انه لم يملك لها تفسيراً وكانت عنده كلمات فقط ، اما المعنى فكان عند سيدنا يوسف (ع)، افلا تعقلون
فلينتهى عهد الحروب ويهنأ السودان بالغد المجيد ويتبوأ مكانة الريادة عالمياً كما جاء فى النبوات
نسال الله التوفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.