عندما يصنف السودان من ضمن الدول الفاشلة بعد الصومال وتشاد يجب أن نتقبلها بكل أريحية وشجاعة دون هياج ومناطحة ؛ هناك سؤال بسيط يجب أن نطرحه ؛ ما الذي يجعل بلد مثل السودان الغنية بالموارد والكفاءات أن يكون في مقدمة الدول الفاشلة ؟ الجواب في غاية البساطة ؛ إنها أزمة سلطة من قمة الهرم الى القاعدة ؛ سوء إدارة وغياب المراقبة وحماية المفسد والمجرم وتشجيعه على الفساد أي بمعنى الدولة السودانية في يد عصابة مافيا لا يهمهم الخراب أو التعمير ولدا هدا التصنيف نلناه بجدارة دون منازع يعتبر جمارك نيالا من المنافد الجمركية الهامة في السودان ويقوم بدور هام في ربط ولاية جنوب دارفور بالعالم الخارجي وأهميته تزيد عن أهمية جمارك المناطق الحدودية مثل الجنينة والطينة سابقاً وام دخن وام دافوك ؛ وتكمن أهميته في إنه ميناء جوي تربط الولاية بأكبر مركز تجاري في الشرق الأوسط (دبي) ؛ وتقوم بتوفير بعض السلع الضرورية المستوردة لأهلنا في دارفور وأيضا تساهم في الدخل القومي كبقية المناطق الجمركية وفضلاً عن هدا تقوم بمساهمة في خزينة الولاية نسبياً في السابق ؛ ولكن بدلا من القيام بالدور التنموي أضحت هده البوابة بؤرة للفساد وأداة من أدوات التخريب للاقتصاد القومي ؛ هناك بضائع كثيرة تأتي من دبي أسبوعيا عبر الشحن الجوي تدخل السوق من غير جمارك تذكر ؛ وتبين هدا من الأسعار المتفاوتة ؛ هناك بعض التجار في السوق الجنوبيبنيالا يعرضون بضاعتهم المستوردة من دبي بأسعار اقل من أقرانهم بكثير مما أدى إلي ململة السوق وبدات بوادر التذمر من قبل بعض التجار ؛ فسالت مجموعة من التجار عن سبب تفاوت الأسعار ؛ قالوا لي بان هناك مجموعة من التجار الطفيليين بالتعاون مع بعض منسوبي الجمارك والمكافحة يمررون البضائع دون أن تخضع لجمرك ولذلك لا يمكن أن تتساوى الأسعار ؛ ثم أردف احدهم : هناك أدوات كهربائية أسعارها اقل من أسعار العاصمة وأصبح حركة التجارة الداخلية عكسية ؛ تنقل الأدوات الكهربائية والموبايلات من نيالا إلي الخرطوم ؛ واستناداً على كلام التجار الدين حاورتهم قمت بجولة داخل السوق الجنوبي فوجدت كميات كبيرة من أجهزة الموبايل صينية الصنع التي لا تخضع للمواصفات المطلوبة وهناك أيضا كميات كبيرة من ملحقات الأجهزة من بطاريات وشوا حن وسماعات ؛ونفايات لهدة الملحقات ؛ لا شك أن هده النفايات ( البطاريات ) تسبب بعض الأمراض السرطانية في المدى البعيد ؛ اتجهت نحو احد الشباب الذي يقوم ببيع الموبايلات ؛ فوجهت له بعض الأسئلة ؛ هل هده المهنة تدر لهم ببعض الإرباح ؟ وكيف يحصلون على البضاعة ؟ ومن الذي يجلب لهم البضاعة ؛ وهل السلطات تسمح لهم بتجارتها بهده الصورة دون مشاكسة ؟ فرد الشاب مبتسماً ؛ انه يؤمن أيمانا تام بان هده الموبايلات لها ضرر كبير في اقتصاد الدولة وهي تهدر العملة الصعبة الذي كان يمكن أن نوجهه في سلعة ضرورية يمكن للمواطن أن يستفيد منها ؛ ثم أكد بان هده الموبايلات تأتي من دبي مباشرة عبر المطار ؛ أسبوعيا تدخل حوالي أربع ألف قطعة موبايل مع أن هده الأجهزة ممنوع من الدخول ؛ وحتى لو سمح لهم بالدخول على حسب تعريفة الجمارك ؛ سيكون جمارك القطعة الواحدة ب 60 دولار أي أغلى من سعر الموبايل نفسه في السوق ؛ ثم اجزم أن سلطات الجمارك لا تفوت عليهم شارد أو وارد ؛ وان هده الأجهزة تدخل بعلم كل السلطات بعد أن يقبضوا حقهم ؛ فهنا قاطعته ؛ وسألته عن دور أجهزة المكافحة والتهريب ؛ فرد متعجباً !عناصر أجهزة التهريب لا يعرضون عضلاتهم إلا على الضعاف مثلي وصغار البائعين الدين يحملون الأكياس ؛ كان يجب عليهم أن يقوموا بواجبهم في المطار والمداخل بدلاً من مطاردة الضعاف في داخل الأسواق ويعتبر هده مسرحية هزيلة ومعروفة لدى الجميع وهم بدورهم يرتشون للمرة الثانية والثالثة وهكذا السيناريو 0 وهكذا استشرى الفساد في البر والبحر ؛في ربوع السودان من أقصى الشرق إلي الغرب ومن الجنوب إلي الشمال دون استحياء أو خجل وعندما تتحدث الصحافة عن الفساد يقوم المسؤلون بزلزلة الأرض تحت أقدامهم ؛ نيالا مدينة صغيرة وأبوابها محدودة ومطارها واحد ؛ لمادا لا يستطيع ولي الامر منهم أن يضبط الفساد ؛ إنها مهمة بسيطة وسهلة ولكن هيهات من الذي يريد أو يرغب أن يقوم بواجبه ؛ اين دور مدير عام جمارك السودان؟ احقا انه لا يعلم بما يدور في مؤسسته وفروعها