منذ سطو الحركة الإسلامية على النظام الديمقراطي في السودان بدأت تظهر بعض السلوكيات الغريبة والدخيلة على المجتمع السوداني وبدأت تنتشر بصورة مقننة ومقصودة وذلكبغرض تدمير الحس الوطني ؛وخلق نظام طبقي قائم على الولاء الحزبي والمادي ؛ ومن ضمن هذه السلوكيات المريبة إشاعة سياسة التمكين المادي لدى عناصرها مما أفرزت فيما بعد ظاهرة الحصول على المال بكل السبل سوى كانت مشروعة أو غير مشروعة وأصبحت أموال الشعب السوداني كلها غنيمة لهم بما فيه المواطن نفسه الذي يدفع الجزية 0 بعد أن فعل المفسدون فعلتهم في حق شعبنا من الضرائب الباهظة والجبايات وارتفاع في المستوى المعيشة وتشريدهم من وظائفهم ابتدروا وسائل جديدة لابتزاز المواطن ومنالظواهر العجيبة التي طرأت في دارفور هي ظاهرة اختطاف الأجانب الذين يعملون في مجال العون الإنساني والتجار المحليين وأصحاب رؤوس الأموال بغرض الحصول على المال (فدية) ؛ قبل شهرين بالتقريب قامت مجموعة مدججة بالسلاح وعلى عربات رباعية الدفع باختطاف طبيب أطفال إيطالي الجنسية يعمل بمستشفى حي النهضة بنيالا واقتيد إلى منطقة مجهولة ؛ علماً بان هذه المستشفي تمت بناءها من قبل منظمة إيطالية لمعالجة أطفال الولاية ؛ وبعد فترة اتصل الخاطفون يطلبون فدية قدرها مليون دولار ؛ يا للمصيبة ! يخطفون إنسانا أتى من خلف البحار لكي يقدم لنا خدمة إنسانية نحن في أمس الحاجة إليها في هذه الظروف الصعبة؛ انه طبيب جاء ليعالج طفلي وطفلك أيها الخاطف ؛ بالله عليكم أين الأجهزة الأمنية ؟ مع أن هذه العملية تمت في عز النهار وأمام أعين الأطفال المرضى وفي وسط المدينة وبين ثلاث مراكز شرطية تبعد كل واحد منها سبعمائة متر تقريباً ؛ ومعروف لدى الجميع أن المدينة محاط بحفرة عميقة لا يمكن لأي دابة أن يدخلها إلا عبر البوابات المحددة ؛ إذن كيف خرج هؤلاء المجرمون ووصلوا الى كهوف جبل مرة مع أن هناك ثلاث مدن بين نيالا وجبل مرة ( مدينة كاس – جرتته – زالنجي (كان التعاون واضح بين هؤلاء المجرمين والأجهزة الأمنية ؛ وعلى نفس المنوال قامت شبكة المافيا في شهر رمضان الكريم باختطاف التاجر إسماعيل جمعة من جوار بيته القريبة من مستشفى الأطفال في حي النهضة أي بقرب من المكان الذي اختطف منه الطبيب الإيطالي ؛ بعد أن خرجً الرجل من بيته في تمام الساعة التاسعة مساءا لإحضار دواء لوالدته المريضة اقترب منه ثلاث عربات لاندكروزر وعلى متنها اثنا عشر شخص ملثم ؛ ويبدو أن نتيجة المقاومة من قبل التاجر أسفر عن وقوع مستند رسمي لواحد من الجناة ؛ نعم الحظ لم يحالفهم هذه المرة ؛ صدق من قال انه يمهل ولا يهمل ؛ أراد الله أن يكشف أمرهم ؛ وبنفس السيناريو أوصلوه إلي )كراكير( جبل مرة دون أن يعترض طريقهم احد مع إن السيارة تعطلت على بعد خمسة وأربعين كيلومتر من مدينة نيالا في اتجاه مدينة كاس ؛ حكي المجني عليه : أن الجناة بعد أن تعطلت سيارتهم طلبوا سيارة من داخل المدينة وفي اقل من ساعة وصلت سيارة واقلنا إلي بغيتهم ؛الم يكن الأجهزة الأمنية على دراية تامة بهذه العملية ؟ الم يكن هم المخططون لهذه العملية ؟ لماذا حاول الأجهزة الأمنية أخفى المستند الذي وقع من احد الجناة أثناء العراك مع المجني عليه ؟ وهنا احي جماهير نيالا الذي وقف بصلابة أمام شرطة نيالا شمال عندما حاولت طمسمعالم الجريمة ؟ وأيضا اثمن دور الوالي الذي جاء إلي المركز ليتأكد من هوية الجناة وتوبيخة للأجهزة الأمنية لقصورهم ؛ ثم أمر بحبس أقارب احد الجناة الذي تم التعرف على هويته ؛ علماً بأن الجاني الذي وقع منه بطاقته الشخصية يقطن في حي الرياض وهو من منتسبي الدفاع الشعبي وعائلته معروفة لدى الكل والرجل له سوابق وفتحت ضده عدة بلاغات ؛ وهنا أريد أن اعبر انطباعي عن شخصية الوالي حيال هذه المشكلة : كان الرجل منزعج جداً من هذه الظاهرة ومما زاده غضباً كان الجناة من نفس قبيلته ؛ وكان يشعر بان أبناء عمومته يريدون له الفشل ؛ فتردد الوالي إلي بيت المجني عليه حيث الجمع الغفير ثلاث مرات ؛ في المرة الأولى جاء ليستنكر الجريمة وتأكيده على معاقبة الجناة ؛ وجاء في المرة الثانية لتهنئة الرجل على إطلاق سراحه ؛ أما في المرة الثالثة حضر مأدبة غداء أقيم على شرف المختطف الذي أطلق سراحه ؛ وهنا ألقى الوالي كلمة وتحدث الرجل بكل صراحة قال : انه اشرف على متابعة هذه العملية منذ بدايتها حتى تحرير الأخ اسماعيل ؛ وانه ذهب إلي كراكير جبل مرة وعلى بعد أربع كيلومترات من مكان حبس الأخ إسماعيل ؛ وكان بامكانه أن يسحق المجرمين والقبض على ما يتبقى منهم ولكنه خاف على سلامة الأخ إسماعيل ؛ وقال أيضا أن الله سبحانه وتعالى ولاه أمر هذه الولاية ولذلك لا يتوانى في تطبيق العدل حتى مع اقرب الاقربين ؛ ثم هاجم جريدة الانتباه ووصف منسوبيها من الصحفيين بأنهم يجلسون في مكاتب فاخرة وعلى الأرائك تحت مكيفات باردة ويتحدثون عن امن دارفور دون أن يعرفوا ما هي الأوضاع الأمنية في الولاية ؛ فغضب الوالي من جريدة الانتباه ربما يعود إلي وصفها للوالي بأنه رجل متهور 0 لماذا اهتم الوالي بهذا الأمر وأعطاه اهتمام بالغا من سابقاتها ؟ يعود السبب إلي تجمهر اكبر عدد من الجمهور أمام بيت المختطف والتنديد بالأجهزة الأمنية لعدة أيام واستياء تجار سوق نيالا من ظاهرة الاختطاف وسوء الأوضاع الأمنية وبالفعل شرع بعض التجارة لمغادرة سوق نيالا حفاظاً على أموالهم وممتلكاتهم ؛والسبب الثاني شعور الوالي بان هناك سلطة أعلى من سلطته في داخل الولاية وأتضح ذلك من موقف الجناة في تفاوضهم مع الوالي من مركز قوه؛ كانوا يطلبون من الوالي إطلاق سراح أهليهم والابتعاد عن هذه القضية ؛ وكان الضغوط على الوالي واضحاً من قبل الأجهزة الأمنية ليست على المستوى الولاية فقط بل على المستوى المركزي أيضا 0 أما السبب الثالث ؛ إحساس الوالي بالتهميش من المركز كسائر أبناء دارفور ولذلك هو في حاجة لمثل هذه التجمعات لتوصيل رسالة إلي المركز بان لديه قاعدة جماهيرية عريضة في الولاية ؛ إذن نظرية التآمر على أبناء الهامش موجودة ؛ فالنظام لا يريد لأهلنا في الهامش أن يستقر وينعم بالراحة حتى لو انتهت الحرب وجاء السلام 0الحكومة تكون مجموعة من العصابات من حين لآخر في كل ولاية بهدف القيام بعمليات اختطاف ونهب وسلب وترهيب المواطنين 0 هذه العصابات ترتكب جرائمها بإشارة من الأجهزة الأمنية وبعد تنفيذ المهمة يقومون بتقسيم الفدية ؛ بالله عليكم هل تستقيم هذه الدولة بوجود هؤلاء على راس الشعب المستضعف ؟!0