قد يراهن الكثيريين على إمكانية استمرار اى صحيفة تنتهج المهنية كمبدأ فى بلد تنعدم فيه الحريات العامة ..وتتوهج فيه نيران المراقبة القبلية والبعدية للاجهزة الامنية .فى وضع عام يتسم بعدم الاستقرار السياسى مع سيطرة تامة لمافصل الدولة من قبل حزب واحد احادى النظرة والتفكير والممارسة ..ويزيد هذا الرهان عندما نضيف الى كل هذا جور زملاء المهنة واستغلالهم لصاحبة الجلالة بنظرة استثمارية بحتة بعيدة كل البعد عن المهنية وميثاق شرف مهنة الصحافة مع عدم رضا لقاعدة كبيرة من الصحفيين لقانون الصحافة والمطبوعات الذى من المفترض ان ينظم المهنة ويطورها ..وتحت ظل اتحاد للصحفيين غير مؤهل لقيادة ركب الصحفيين والصحافة .....عندها قطع شك لا توجد فرصة ولو قليلة لبقاء صحيفة مهنية تحاول ان تخدش جدار الحقيقة واستمرارية نبضها الصحفى ..وكثيرة هى الصحف المستهدفة من قبل النظام لكونها مصنفة كصحف معارضة او صحف حزبية او صحف غير موالية للنظام او ربما حتى مستقلة ..واليوم وبمناسبة مرور عام على فكرة صحيفة (الجريدة )..ورفعها لشعار .المهنية- الموضوعية -المتعة..داخل هذا الزخم الغير مرتب والغير مستقر والذى يصعب فيه فهم الاشياء على حقيقتها ..هل ستصمد فكرة (الجريدة)..امام هذا التيار وهل سيتقبل الراى العام هذه الفكرة الجميلة ويستوعبها وهل ياترى ستثبت لنا الايام قوة وجراءة الطرح رغم تنوع الوان الطيف الصحفى بين موالى ومعارض ومستقل ..وستقبع فى قمة اهرام الصحافة السودانية ...ام ستنهار الفكرة فى اخر لحظة وسيتم استهدافها بطريقة مستمرة من قبل الاجهزة الامنية ..هذا ماعلى هذه الصحيفة الشابة ان تثبته فى مقبل الايام ..كثيرة هى الاغراءات وكثيرة هى المهددات ولكن ..الصدق والامانة داخل بلاط مهنة الصحافة هى الضمانة الوحيدة لكسب ثقة الشعب واحساس المواطن البسيط بان هذا الصوت هو صوته ولسان حاله ..فمهما تدثرت الصحف بشعارات الاستقلالية وشعارات المهنية والحياد ومهما حاولت ان تظهر انحيازها للمواطن وهى تخدم فى مصالح طبقية معينة محسوبة على النظام ستبقى كمثيلاتها ببغاء يردد ما تمليه عليها السلطة .. فتهنئتنا لصحيفة الجريدة فى عامها الاول ..ان نقول لها وبصوت جهور عليك بالمهنية والموضوعية عليك بالحق ..عليك بعدم الانزلاق فى مجاراة الموالاه للحكام ..حتى تبقى فكرة الجريدة متقدة ..هذه الفكرة التى يقودها الشباب ..بحب وإخلاص ومن خلفهم كنوز من اصحاب الخبرة الطويلة فى الحقل الصحفى عانوا ومايزالون من هجير ظهيرتها ..لا ينعمون براحة البال لأنهم يحملون هم هذا الوطن فى قلوبهم ..هنيئا لشباب (الجريدة)..بهذه الكنوز التى ستضئ لهم الطريق ..عليكم بمواصلة مشوار الحقيقة ودعوا من آثر مصالحه الشخصية ولا تلتفتوا اليه والتفوا حول بعضكم ..من صحفييي وكتاب وفنيي تماسكوا وانطلقوا ..واتركوا من سيسقط ..فالصحافة هى مهنة المتاعب ..فمن لا يملك نفسا طويلا حتما سيسقط من ركبكم ..فانطلقوا وانتم تحملون هم هذا السودان فى حدقات عيونكم ..انطلقوا ولا تتوقفوا فنحن اليوم فى زمن السرعة والتقنية والمعلومة ..لا تترددوا فى فضح المفسدين ..لا تترددوا فى تقويم كل معوج رغم انفه لا تترددوا فى نقل الخبر اليقين لا تترددوا فى المشاركة بالنصح والرأى فى كل مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية وانتم تتحرون الصدق والموضوعية ..هذه هى تهنئتنا لكم فى عيدكم الاول ..فطالما الحق حليفكم ..ستبقى الفكرة متقدة ..رغم صعوبة الاستمرار ..ولكن سنراهن نحن على الجريدة ..رغم.. الاستهداف ..والقوانيين المقيدة للحريات ..على بقاءها نبراسا يضئ لنا درب الحقيقة ...