تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    الخارجية القطرية: نجدد دعمنا الكامل لوحدة وسيادة استقرار السودان    الاعيسر:استخدمت في الهجوم سبع طائرات مسيرة انتحارية، شكّلت غطاءً لهجوم نفذته طائرة استراتيجية أخرى    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الممارسات فورًا والعمل على محاسبة منسوبيها..!    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    مصطفى تمبور: المرحلة الحالية تتطلب في المقام الأول مجهود عسكري كبير لدحر المليشيا وتحرير دارفور    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    بورتسودان وأهلها والمطار بخير    انتر نواكشوط يخطط لتكرار الفوز على المريخ    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إستراتيجية"إسقاط النظام" أم إستراتيجية "إعادة وحدة السودان"!! الخدع الإسرائيلية والأمريكية المبطنة

عندما كتبت مقالة:..."سعد أحمد سعد يفقد أعصابه..إعادة وحدة السودان"....كان في ذهني شيء محدد، وهو:
استبدال إستراتيجية "إسقاط النظام" اليتيمة بإستراتيجية شاملة وهي "إعادة وحدة السودان".. وهذه الأخيرة تشبع تطلعات المعارضة والشعب السوداني.
ومع الأسف لم يتفاعل ولم يدرك خطورة وقيمة هذه المقالة المذكورة أعلاه سوى الخوارج السلفيين "كلاب النار" كما وصفهم النبي صلى الله عليه وآله، فأكثروا "الهوهوة" بشتمي وسبي كعادتهم، ولم يعلق على المقالة أية سوداني يحسب على المعارضة أو حتى من غير المعارضة، إلا شخصا واحدا زميل دراسة الأستاذ الطاهر عبد الله قمر، وهذا تعليقه بسودانيزاونلاين:
(لقد أعجبني هذا المقال للدكتور شوقي، وذلك لمعرفتي به الشخصية كونه رجل موسوعة منذ أيام الدراسة الجامعية. وبما أن الفكرة المحورية للمقال تدور حول المثل الرائج "أنجو سعد فقد هلك سعيد"، إلا أن الدكتور شوقي قد نجح في تحويل الهجوم على شخصية سعد إلى موسوعة متعددة من العلوم الطبية و النفسية والاجتماعية والتاريخية جاءت كلها في سياق تحليلي مبدع. الأمر الثاني، وأعتقد بأنه لم يتم تناوله قبل ذلك على الأقل بصورة صريحة كما فعل شوقي، هو العمل الفوري لإعادة وحدة السودان وجعل ذلك الهدف هدفا محوريا وإستراتيجيا يمكن أن تتحقق في سياقه الكثير من مطالب الشعب السوداني. فما أحوجنا اليوم لوضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها؟).
هذا الصمت لم يعجبني..وتعليق الأخ الأستاذ الطاهر شجعني كثيرا أنني على رؤية وحق، وأن تحليلي السياسي هو على صواب.
فمعارضة الدولة القائمة وإسقاطها ليست نزهة فهي مسؤولية قبل وبعد إسقاط النظام، فكيف يصمت القراء على شعار مثل "إعادة" وحدة السودان ويتفاعلون مثلا مع مقال "إلا وردي"!! للصحفية فاطمة عثمان بصحيفة الأخبار لمحمد لطيف ويقيمون عليه حفلا؟ أحد حسنات صحيفة الراكوبة تلك الإحصائيات.. فهي أي الإحصائيات تعكس ميول القراء – أي تعكس اهتمامات وأولويات الرأي العام. أناشد الأخ بكري أبو بكر، وشبكة سودانيات، والنيلين أن يدخلوا هذا النظام الإحصائي في صحفهم. عموما، يجب أن نفهم كذلك إن السعي لإسقاط النظام ليس دافعه ذاك النهب المصلح وفساد المؤتمر الوطني وغياب الحريات فقط الخ فهذه قضايا مفروغ منها، بل يجب أن يستند الدافع على رؤية إستراتيجية أشمل تتميز بالمفصلية قبل وبعد إسقاط النظام، تُعزَّز تباعا عبر أهداف واضحة قابلة للتحقيق لا لبس فيها.
ومع اعتقادنا التام أن هذا النظام القائم يجب أن يذهب غير مأسوف عليه، وأن الأكثر سوأ فيه إنه يرتكز ليس على الشعب بل على سلفية متخلفة، وهي ضرب من ضروب الخوارج التكفيريين، ومع ذلك فنحن لا نعفي المعارضة من النقد والمحاسبة السياسية. ومن يرفض النقد والمحاسبة للمعارضة السياسية فهو ببقرة في قطيع من البقر يساق في مسارات مرسومة مسبقا نحو تلك السكينة في آخر الخط التي تسمى الجيلوتين guillotine، ولا نعني بالسكين النظام القائم، بل السكين الإسرائيلي والأمريكي!!
يجب للمعارضة أن يكون لها "عقل"..أين هذا العقل؟ وبالطبع لا نقصد عقل أحد الأفراد أو احد الزعامات، بل نقصد ذلك العقل الجمعي للشعب السوداني الذي تعبر عنه قلة من القيادات الموهوبة وتتماهى معه.
لنأخذ الصحفي المحترم الدكتور زهير السراج مثلا، لقد ركب سنام المعارضة السياسية مبكرا لقناعاته الفكرية، ومن حقه ذلك، ولكنه تمادى في المعارضة ذاتيا لسوء "مسابيره" probes أو "مستقبلاته" receptors فسبق المعارضة وأصبحت خلفه بمراحل!! اليوم لا توجد صحيفة مطبوعة ترغب في مقالاته، ولم يدرك الدكتور أن السودان وحال الصحافة المطبوعة الآن وقبل عشرة سنوات ليسوا شيئا واحدا!! ولو كان هنالك "عقل مركزي" للمعارضة السياسية لما سبقها أو تخلف عنها شخص، عبر هذا "العقل المركزي" يتم التنسيق والتصعيد وبواسطته يصبح الزخم الوظيفي للمعارضة أكثر تركيزا وفي صعيد واحد بدلا من التشتت.
وقبل الاستطراد، نشير إلى مقالات ثلاثة كتبتها بعنوان: "هل الدكتور جون قرنق كان وحدويا؟" هذه المقالات الثلاثة كانت ستنشر في صحيفة التيار، ووافق عثمان ميرغني على نشرها لفظا صريحا في وجهي، فليس لديه حجة كأن يكون حاسوبه لا يعمل أو غيره كما فعل مع الدكتور زهير..ثم لست طالب عمود...بل ضيف بمقالة - فالأعمدة لمن يدفع حصة من أسهم الصحيفة في الصحيفة – ورغم ذلك لم ينشرها عثمان ميرغني بأسلوب مبتكر، وحين كنت أزنقه "وين" المقالات لم تنشر؟ كان يقول لي: مدير التحرير هو الذي يُوقِّت ترتيب نزول المقالات!! رمى عثمان الكرة لدى مدير التحرير!! هذه المقالات منشورة بسودانايل وربما بسودانيزاونلاين أيضا. بعد دراستي لحال الصحف المطبوعة في الخرطوم، وأن السودانيين لا يشترونها مطلقا بل يتفرجون عليها وهي على الأرض، وإن جميعها أصبح حكوميا، توجهت بقلمي للصحافة الاليكترونية، واكتشفت أنها أهم من الصحف المطبوعة!!
مقالات "هل الدكتور جون قرنق كان وحدويا؟" تثبت ليس فقط أن الراحل الدكتور جون قرنق لم يكن وحدويا فحسب، بل تثبت إنه خدع علي عثمان محمد طه والمؤتمر الوطني بجدارة – قطعا عبر التحليل وليس الوثائق!! لذلك لم ينشر عثمان ميرغني المقالات لأنه ليس فقط مثل "الهندي" يتعبد بالبقر المقدس، بل أيضا لأنه يعتبر نفسه المحلل رقم واحد في السودان، هذه النقطة الأخيرة أهداني إياها صحفيو الوفاق حين ذكروا بفخر أن عثمان ميرغني "محلل كبير" – وبلعتها لهم!! وبالمثل لم يتفاعل مع هذه المقالات أي شخص ولا حتى معيز السودان، واستغربت..صمت كصمت القبور!! إلا شخصية واحدة واعتبرها شخصية خطيرة وسأخفي معالمها تماما احتراما له ولحقه الأدبي، استغفر الله، لقد راسلني أيضا أحد الأخوة السودانيين الجنوبيين ودافع عن د. جون قرنق بحرارة أنه كان وحدويا، وكان مخلصا بحق في اعتقاده، وراسلته ودافعت عن فكرتي أيضا بحرارة: الراحل جون قرنق لم يكن وحدويا!! ثم توقفت المراسلة بيننا. أحيّ هذا الأخ السوداني الجنوبي من هذه المقالة، وأعتقد أن سيقرأ هذه المقالة، وأشجعه أن يكتب مقالة في هذا الموضوع وسنتفاعل معه. أما الشخصية الخطيرة (أعني الشخصية المهمة ولا أعني أنه يحمل متفجرات) فقد أيدت افتراضي التحليلي بشكل مطلق، وقالت أن ما بيدها من معطيات وما استخلصتها من تجربتها مع الراحل قرابة 25 عاما واجتماعها به كثيرا تؤيد مقالتي، وقال الرجل أنه سيتكلم عن (عدم) وحدوية د. جون قرنق في الوقت المناسب. هذا هو إيميله الذي أرسله لي، بعد أن غيرت عنوانه وأسمه بعلامات x:
هذا الشخص السوداني الذي يؤيدني أن د. جون قرنق ليس وحدويا، وكان على مقربة منه، نترجاه أن يكتب كتابا...ويخيل لي هذا ما سيفعله في الوقت المناسب..ولكن متى!! هل بعد أن يتهدم المعبد على رؤوس الجميع؟
نعم، إستراتيجية "إسقاط النظام" المطروحة هي "يتيمة" وليست واضحة المعالم، وليست كافية، فهي في سياق الإستراتيجية الإسرائيلية والأمريكية المبطنة مثل "ربطة البرسيم" للشعب السوداني البسيط (الغبش). ففي لعبة قوانين القوى، يعرف الإستراتيجيون أن للشعب – أية شعب- طاقة جبارة..!! كيف تتحكم في هذه الطاقة وفي أية اتجاه...هو السؤال الأهم!!
الإستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية هي أن تنقسم جغرافية السودان إلى المزيد من الدول الصغيرة، أما التكتيك فهو كالآتي:
1) عدم مساعدة المعارضة (عرمان، الحلو، عقار) وبالطبع عدم مساعدة المعارضة الدارفورية (كل الحركات الدارفورية المسلحة) بالحجم الكمي والنوعي الذي يمكنهم من إسقاط نظام الخرطوم، وفي نفس الوقت (إبقاء) نظام الخرطوم ومحاصرته،
2) منع حكومة جنوب السودان من دعم المعارضة الشمالية سياسيا ولوجستيا وعسكريا، وإجبارها للوقوف على الحياد!!
بهذه الكيفية تتم شروط بقاء واستمرارية الصراع في مستوى معين أو في درجة حرارة معينة..ونتائجها أن الكل يحتاج للولايات المتحدة الأمريكية – معارضة وحكومة. هذه هو الجزء الأساسي من الإستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية!!
أما الجزء الثاني من الإستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية، فهو إدارة الصراع في اتجاه معين – طبقا للدراسات والملاحظات الدقيقة والصبر، وكسب الزمن الخ!! ولقد سبق في هذه الإستراتيجية أن وضعوا أهم نقاطها التفجيرية في وثيقة نيفاشا، وبالتحديد "المشورة الشعبية" في جنوب كردفان، جبال النوبة والنيل الأزرق – وعليه لا تعني إدارة الصراع وتوجيهه سوى دفع الجميع إلى نقطة نفاد الصبر بحيث ليس هنالك غالب أو مغلوب، فتتجه قيادات هذه الأقاليم نحو طلب الانفصال عبر الإحباط النفسي وتسارع الرغبة في التغيير في "أذهانهم" – عكس طبيعة حركة "الواقع" البطيئة، وستعمل أخطاء المؤتمر الوطني من جرائم في هذه الأقاليم –هكذا يحسب الإسرائيليون والأمريكيون- كعامل مساعد catalyst بلغة الكيمياء، وبهذه الكيفية ستحدث الإنشطارات في السودان!!
جلس الأستاذ ياسر عرمان مع الإدارة الأمريكية في واشنطون، وربما هو جالس إلى اليوم، لكي يقنعها بدعم المعارضة لإسقاط النظام في الخرطوم. ولكنه لن يحصل لا دعما ولا وعدا بالدعم...الإجابات كلها ستكون من عينة.."يجب أن تدرس الجهة الفلانية في الإدارة الأمريكية الوضع" أو "يجب أن نحصل على موافقة الكونجرس أولا"..وسيضعونه في دائرة مغلقة أو مفرغة!! نحن لا نخَوِِّن الأستاذ ياسر عرمان ولا نخَوِّن أي سوداني معارض، خاصة بعد أن كشفت ويكيليكس المستور للدولة التي ترقص لسحق أمريكا بالنهار، وتستعطفها بالليل!!
ماذا كان يحمل ياسر عرمان في خياله من أجندة حين ذهب لأمريكا ممثلا الحركة الشعبية – قطاع الشمال، وربما أيضا كل المعارضة الشمالية؟
• حظر طيران على الأقاليم الثلاثة،
• تدفق السلاح بكثافة كما ونوعا لجميع الحركات المسلحة المعارضة،
• نقطة هانوي – وهي الدعم اللوجيستي والعسكري توفرها حكومة جنوب السودان للحركات المسلحة الشمالية بقوس يمتد من الكرمك وقيسان وحتى الجنينية!!
• دعم مالي سخي،
وبالطبع لن يحصل على الثلاثة النقاط الأولى وربما القليل من المال.
وما انتهت المقابلات الرسمية مع الإدارة الأمريكية حتى توجه ياسر عرمان لمخاطبة الجالية السودانية المعارضة في أمريكا..وبالطبع لم يكن حديثه الجماهيري هنالك، رغم أنني لم اسمعه، سوى حول إسقاط نظام الخرطوم.
ماذا لو طرح ياسر عرمان في عقر واشنطون شعاره القديم قبل انفصال الجنوب: (لو أنفصل الجنوب سنعمل على "النضال من أجل إعادة وحدة السودان") بدلا من شعار ("إسقاط نظام الخرطوم")؟ لو فعل ذلك لانقلبت كل الطاولة على رؤوس الإسرائيليين والأمريكيين ولفسدت الإستراتيجية (الطبخة) الإسرائيلية الأمريكية، ولنُِسِخَ ياسر عرمان تماما وثيقة نيفاشا..ولدخل التاريخ من أوسع أبوابه.!!
لو فعل ذلك سيحاربه الأمريكيون وربما يغتالونه..!! فشعار إعادة وحدة السودان ليس يهدد ضياع الثمرة التي اقتطفتها الولايات المتحدة الأمريكية، بل سيفرمل عمليات تشطير الجنوب وبقية الأقاليم الثلاثة الأخرى,,التي هي في الطريق!!
رفع شعار "إعادة وحدة السودان" ليس عملا سياسيا خياليا، أو هو من المستحيلات..لا هذا ولا ذاك، بل العكس هو الصحيح فالسياسة تحتاج على الكثير من الخيال الخلاق!! يجب أن ندرك أن عملية انفصال الجنوب جريمة ارتكبتها النخبة الشمالية (المؤتمر الوطني) والنخبة الجنوبية (الحركة الشعبية) بمعزل عن إرادة الشعب السوداني – شمالا أو جنوبا!! وحتى ولو افترضنا بصحة أن 90% من السودانيين الجنوبيين صوتوا للانفصال، فهي ليست سوى إندفاعة عاطفية لها مبرراتها التاريخية، ولكن الانفصال في عمق عمق أعماقنا جنوبا وشمالا هو ضد العقلانية السياسية التي تستوعب وتتمسك بحرفية الصراع الدولي والإقليمي!!
ولا أستثني بشكل خاص، علي عثمان محمد طه..فهو كارثة السودان شمالا وجنوبا بلا شك!!
ودعونا ألا نتوقف عند هذا الرجل – فشعار "إعادة وحدة السودان" لا يعني أن نرجع إلى المربع الأول كأن نحل حكومة الجنوب التي يسمونها الآن جمهورية جنوب السودان، يكفي أن يقوم إتحاد فيدرالي ما بين جمهورية جنوب السودان وما بين جمهورية شمال السودان!!
وحتى لو رفضت الحركة الشعبية الأم – باقان أموم، سلفا كير الخ شعار إعادة التوحيد (الكونفيدرالي) وإستراتيجية التوحيد (الكونفيدرالي)، أو بالطبع لو رفض المؤتمر الوطني هذا الشعارين – وقطعا سيرفضهما، فليكن...وربما هذا الرفض متوقعا منهم. فهما أصلا بمجموعهم النخبتان اللتان قادا إلى الانفصال!! فمن جانب المؤتمر الوطني علي عثمان محمد طه ولوبياته الاقتصادية ومن جانب الحركة الشعبية هذه النخبة باقان أموم وسلفا كير الخ هي التي طبقت الكيفية الملتوية نحو الانفصال أي عبر الخدعة السياسية التي رسمها د. جون قرنق وطبقها بعد رحيله تلامذته بدعم أمريكي غربي!! وإذا رفض هؤلاء الذين قسموا البلاد إستراتيجية التوحيد، يجب تجاهلهم تماما والتوجه لمخاطبة الشعب السوداني. وعليه، يجب أن يكون العمل السياسي مستقبلا جنوبا وشمالا شعبيا، ونكرر شعبيا، هذه النقطة يجب أن يفهمها ياسر عرمان، والحلو، وعقار، ومني أركوي مناوي، وعبد الواحد محمد نور، وأبو القاسم، ودكتور خليل إبراهيم، وعلي محمود حسنين، ونقد، والصادق المهدي، والشيخ الترابي، والسيد محمد عثمان الميرغني، وكافة القوى الحديثة والشعب السوداني قاطبة بدون فرز!!
فبدلا من التوجه لأمريكا والعواصم الغربية والجلوس مع موظفي إدارات وزارات الخارجية الأجنبية والرجوع بلا طائل، على كل من عرمان ومقار والحلو الجلوس مع الحركة الشعبية الأم وأن أن يقنعوها بالوحدة الكونفيدرالية مع الشمال، وإذا نجحوا في ذلك يكونوا قد ضربوا أكثر من عصفور بحجر واحد!! سيكون أول الخاسرين هم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والمؤتمر الوطني وكتيبته السلفية!! فبينما سيستمر الصراع مع دولة المؤتمر الوطني وحتى إسقاطها، يمكن للقيادات السودانية ياسر عرمان وبقية القيادات الشمالية جميعها بدون استثناء، وحتى القيادات الجنوبية، ابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي وحتى النخاع!! سينقلب الحال، فبدلا من اللهث خلف واشنطون ولندن وباريس، سيكتشف السودانيون أن واشنطون ولندن وباريس ستلهث خلفهم!!
وإذا استلفنا بعض العبارات من مقالتي السابقة:
(ومن أهم مزايا إستراتيجية وشعار "إعادة وحدة البلاد" أن تصنع المعارضة ليست أدبياتها السياسية النضالية من أجل إعادة وحدة البلاد فحسب، بل عليها أن تصنع أيضا أدبيات (معززة) لإعادة الوحدة كأن تنفخ في هدف أكبر كأن يصبح السودان دولة عظمى في القرن الأفريقي والشرق الأوسط، فالسودان هو الوحيد في العالم قاطبة الذي له تسعة حدود جيوبوليتيكية مع تسعة من الجيران، وإذا أضيفت إليهم الصومال، وجيبوتي وجزر القمر يصبح المجموع 13 دولة – وهي كافية لكي تصنع قوة إقليمية!!).
فوائد رفع شعار "إعادة توحيد السودان" استراتيجيا وتكتيكيا:
• ستنسف هذه الإستراتيجية أي إستراتيجية غربية مبطنة (الشراك الغربية) كأن يقسم الجنوب إلى المزيد من الدويلات، أو غرب أو شرق السودان،
• يجب تذكر أحد قوانين القوة: ركز كل قواك، فحين تبحث عن موارد القوة التي ترفعك، فتش عن النموذج الوحيد المفصلي، البقرة السمينة التي ستعطيك لبنا في مقبل الأيام لزمن طويل!!
• Concentrate your Forces: When looking for sources of power to elevate you, find the one key patron, the fat cow who will give you milk for a long time to come.
• بلا شك كلنا يعرف فوائد الوحدة بديهيا ومضار التشتت، فالبقرة السمينة ليست سوى إعادة وحدة السودان كونفيدراليا. وينقصنا أن نمارس مبدأ الوحدة بوعي مدروس، وقطعا إذا أستمر حال السودانيين كما هو الآن من التشتت توقعوا المزيد من الخراب، والموت، والجوع والدمار!!
• هدف إستراتيجي أكبر: أن يكون السودان دولة إقليمية عظمى – وكل العوامل الموضوعية متوفرة!! الأمم التي ترغب في الترقي يجب أن يكون لها هدف واضح وكبير..وأن تضعه في عينها، وأن تتجنب التأرجح ما بين الشك واليقين في تحقيقه!!
• المؤتمر الوطني قطعا سيقف ضد شعار إعادة وحدة السودان كونفيدراليا، وإن لم يكن علنا فبخفية، على الشعب السوداني ألا ينخدع بهذا النظام الزئبقي، إزالته هي ضرورة لازبة من أجل بناء الأهداف الكبرى للشعب السوداني!!
• إعادة وحدة السودان مجددا تعني إلغاء العنصرية والجهوية في اتجاه بناء الدولة المدنية، دولة القانون والمواطنة وحفظ كرامة الإنسان، وتساوي وتكافؤ الفرص!!
هذه أهم النقاط، ولكن بالطبع ليس هي كل شيء، وأقولها بصريح العبارة، إن لم تعمل بهذه الأفكار الحركات المسلحة الدارفورية، ومثلها الحركة الشعبية قطاع الشمال، أعتقد جازما أنهم يجرون خلفهم الشعب السوداني إلى كارثة، بعلمهم أو بدون علمهم. وتعتبر هذه الأفكار هي المحك لهذه المعارضة المسلحة والسياسية – في مصداقيتها، وإن كانت عاجزة كأن تطبق هذه الأفكار، فليتركوا الشعب السوداني لحاله..!!
أعتقد حان الأوان أن تلتحم هذه الحركات المسلحة بدون استثناء بالشعب السوداني، في أقاليمها أو غير أقاليمها، وأن تثبت أنها غير عنصرية أو جهوية، وأن تقنع سكان معسكرات النزوح للرجوع لمناطقهم الأصلية، إما من أجل الإنتاج أو العمل السياسي المنظم لإسقاط هذا النظام القائم عبر العصيان المدني!! وأن يعطوا ظهرهم لدول الخارج من الدول الغربية..كذلك دول الخليج!! جزء كبير من أزمة السودان الحالية سببها دول الخليج، وهذه النقطة لا تدركها لا المعارضة السياسية والمسلحة، ولا الشعب السوداني – وتستحق مقالة بذاتها!! عموما، الزمن ليس في صالح الحركات المسلحة والسياسية المعارضة، فدول الخليج تبني خلايا سلفية، بل تعمل بشدة لسلفنة دارفور وكردفان، إلحاقا بالسلفية المجاورة في تشاد، والنيجر ومالي والجزائر..وضم معهم ليبيا، وكلها تمهد للتدخل الأمريكي بشكل ذرائعي، وإذا تباطأت الحركات المسلحة والسياسية المعارضة في تنفيذ هذه الاقتراحات الجذرية في هذه المقالة – ستجد نفسها بعد حين خارج عملية التاريخ، سيكبر التدخل الأمريكي والغربي في أقاليم غرب السودان بعدها سيصبح المناضلون عدة أصفار!!
كذلك يجب عدم الركون على العمليات المسلحة الصغيرة التي نفذت سابقا في أقاليم غرب السودان..بلا شك لم تعطي ثمارها السياسية، إذ لم يدرك المواطنون هل كانت عمليات نهب أم عمل سياسي، هذه بخلاف المواجهات العسكرية الشاملة التي نراها الآن في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وعليه، حتى وإن انتصرت الحركة الشعبية قطاع الشمال عسكريا، فليست الانتصارات العسكرية المحدودة هي بديل عن العمل الجماهيري!!
ونهمس في إذن هواة المؤتمر الوطني، لو عطلتم استفتاء الجنوب ودخل الشعب السوداني كله في حرب لكانت حربا مبررة بكل المعاني، أما بعد تزويركم الانتخابات العامة، ثم موافقتكم على استفتاء الجنوب رغم أن الحركة الشعبية جرحت اتفاقية نيفاشا مئات المرات وهي كافية لتعطيلها، ولم تعطلوها، إذن لماذا هذه الحروب الخائبة الحالية؟
الخلاصة:
ليس هنالك حل في الأفق سوى رفع شعار "إعادة وحدة السودان" كونفيدراليا، وأن يصبح هذا الشعار إستراتيجية ثابتة يعمل أو يناضل من أجلها الجميع جنوبا وشمالا وغربا وشرقا، وغير ذلك، ستستمر الخدع الإسرائيلية والأمريكية المبطنة، وسينزلق السودان والسودانيون لمزيد من التقسيم في ظل السذاجة السياسية العامة، وإذا ظلت المعارضة المسلحة والسياسية تعمل بنفس أسلوبها الحلي، وإذا أستمر هواة المؤتمر الوطني في السلطة!!
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محلل سياسي)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.