محمد الأمين نافع كم تمنيت أن أكون ممن تنطبق عليهم شروط الأهلية للكتابة عن القامة السامقة والقمة السامية، الراحل المقيم/ زيدان إبراهيم، ظلَّلت قبره شآبيب الرحمة والغفران، لكن بالطبع لا أملك شيئاً من شروط ومؤهلات الكتابة عن زيدان، وكل ما أملكه هنا بضع كلماتٍ سراعٍ عن اللحظات الباقية الخالدة التي أمضاها زيدان في دنيانا وطبعها علي جدران حياتنا وانصرف، فقد كرس سني حياته للفن وترهبن في محرابه حتى نقش اسمه في جدار الطرب السوداني بأحرف من زبرجد وبنفسج وأقاحي ورياحين تتكللها وتتخللها حبيبات الندى المتلألئة وهمسات وهمهمات النسيم العليل وبلغة فنه (حب الندى الرقاش وهمس النسيم الماش). رثاه الرجال شعراً ونثراً، فأوفوا وأفاضوا، وبكته النساء ولولةً ونحيباً وحثواً للتراب علي الرأس، ومحضنه صادق الشعور ونبيل العاطفة، ناحت عليه العصافير وقصفت الفراشات أجنحتها حزناً عليه، ووقف الجمال، كل الجمال، طول قامته يتأمل بحزنٍ عميق لحظات فراقه الأليم ويرهف السمع لحفيف روحه البشوشة الطاهرة وهي تتسرب من بين أصابع مريديه وحوارييه ملتحقةً بالرفيق الأعلى حيث الرحمة التي وسعت كل شيء وقابلت كل ذنوب العباد بالصفح والغفران وعريض الجنان. لذلك لم يتبق لكاتب هذه الأسطر القلائل شيء من مُتَرَدَّم الرثاء لم يتطرق اليه متطرق أو متطرقة، بل لا تزال الكتابات عن زيدان تتوالى وتتبارى حتى هذه اللحظة، ولم تزل المآقي تسح الدموع سحاً، ألا رحم الله فقيدنا بقدر ما أبدع وأمتع، بقدر ما واسى وآسى الجراح ومسح دموع اليتامى وأسكت ضجيج آهاتهم، نسأله تعالى أن يتقبل دعاء الملايين المفجوعة التي شهدت للفقيد بكل ما هو طيب وجميل طيبة وجمال زيدان وما أمتعنا به طوال حياته التي كانت خليطاً من الفرح والشجن، ولا نملك هنا إلا أن ندعوه الي الانطلاق فرحاناً الي طريق الأمل في جنات الخلد والروح والريحان، فانطلق يا زيدان علي درب الأمل فرحان.