بدأت الثورة التونسية وانتهت ثورة سلمية من جانب الشعب وباء الذين حملوا السلاح وقتلوا الأبريا بدم بارد من أعوان النظام وباء الذين أمروهم بالقتل بذنب عظيم . كذلك الثورة المصرية بدأت سلمية من قِبل الشعب وانتهت سلمية من قبله وحمل وزر الأبرياء النظام وقتلته .. أيضاً تستمر الثورة في اليمن حتى الآن محافظة على سلميتها وعلى نقاء أيديها من دم مسلم يشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله حتى وان كان من ينتمى لنظام غاشم باطش ظالم ، إذن فهي كلها ثورات لا غبار عليها .. أما الثورة في ليبيا فقد اختلف أمرها وباء الطرفان ( الثوار والنظام ) بخسران مبين وبحمل أوزار الموتى من الجانبين فنحن كمسلمين ليس علينا مطلقا أن نتجاهل الشرع وأحكامه في أي جانب من جوانب الحياة حتى وان كنا نسعى لغايات نبيلة او نسعى وراء اهداف سامية ، علينا أن لا ننخدع بشعارات النضال والحرية والكرامة فنرتكب من الجرائم ما لا تقره القوانين الربانية والدساتير المحمدية فقد كان التوجيه النبوي صريحاً وواضحاً في هذا الخصوص : (إنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) وفي حديث آخر ( قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) ، والأثرة كما هو معلوم هي الاختصاص بالحظ الدنيوي فلم يوجه الرسول الكريم صحابته ونحن من بعدهم إلى القتال حينما يقع الظلم وتتفشى المحسوبية وتسوء الأحوال وإنما أوصاهم وأوصانا من بعدهم بالصبر حتى نلقاه . وفي حديث يزيد بن سلمة الجعفي عند الطبراني أنه قال : ( يا رسول الله إن كان علينا أمراء يأخذون بالحق الذي علينا ويمنعونا الحق الذي لنا أنقاتلهم ؟ قال : لا ، عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ) في إشارة واضحة أيضا إلى الصبر عليهم وترك امر ظلهم الى الله العلي الحسيب وفي حديث آخر يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض) (فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، وأبشاركم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلَّغت). قلنا: نعم، قال: (اللهم اشهد، فليبلِّغ الشاهد الغائب، فإنه ربَّ مبلِّغ يبلِّغه من هو أوعى له) . والرسول الكريم أيضا يقول : (ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرَّف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأ، أو معاذاً، فليعذ به) . ويروى عن الحسن انه قال: خرجت بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار). قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: (إنه أراد قتل صاحبه). إن الملك لله يؤتيه من يشاء وينزعه عمّن يشاء وكل ما نفعله في سبيل تغيير حاكم أو إسقاط نظام لا يعدو إن يكون أسبابا ظاهرية أتباعاً للسنن الطبيعية لذا فليس علينا مطلقاً أن نتجاوز الدور المطلوب منا في سبيل تحقيق ذلك ، ليس علينا أن نلقي بأيدينا إلى التهلكة إذا رفض طاغية أو جبار التنحي واحتمى بآخرين ربما غرهم الجهل أو أعوزتهم الحاجة أو أعمامهم الطمع فنقوم بقتل النفس التي حرم الله قتلها والتي قال عنها الصادق المصدوق : لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل أمريء مسلم . وفي أوقات مثل تلك إن أردنا التغيير علينا كشعوب أن نُحسّن من علاقتنا بالله وان نبتهل إليه بالدعاء أن يحكم فينا اخيارنا.. وليس علينا أن نحاصر القرى التي تضم مساكين عجزوا عن الخروج من قراهم ونقوم بقصفها ليل نهار في سبيل أن نصطاد عدد محدوداً من الناس أو في سبيل أن نعتقل مسئولاً كبيرا حتى نشفى غلنا وننفس عن أحقادنا : الله الله الله أيتها الشعوب المسلمة في كل مكان الله الله والدم الحرام . فالمسلم لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما . أو كما قال صلى الله عليه وسلم .