النائب العام للسودان في سجن الدامر    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    مساعد البرهان يتحدث عن زخم لعمليات عسكرية    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هبت رياح أكتوبر- ابريل ! ... بقلم الفاضل عباس محمد علي-أبو ظبي

هبت رياح أكتوبر/ ابريل ! ... بقلم: الفاضل عباس محمد علي-أبو ظبي
الجمعة, 11 ديسمبر 2009 11:55
fadhil abbas mohammed ali [ [email protected] هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته ]
وجاهلٍ مدّه في جهله ضحكي حتي أتته يد فرّاسة وفم
إذا رأيت نيوب الّليث بارزة فلا تظننّ أن الليث يبتسم
مادت الأرض من تحت أقدام النظام السوداني..... وارتعدت فرائص زبانيته لدرجة أنهم نسوا أن يصادروا الهواتف النقالة من باقان أموم و ياسر عرمان عندما زجَوا بهم في المعتقل يوم الاثنين..... وأخذ باقان وعرمان يخاطبان الرأي العام العالمي طوال النهار عبر الفضائيات الجهابذة.... مثل الجزيرة و العربية و البي بي سي،....وفات على جلاوزة النظام أنهم في لجة القرية الكونية... وأن الحق عزّ وجلّ أقرب إليهم من حبل الوريد... و لم يتعظوا بأطفال العدل و المساواة الذين جلدوهم و عذبوهم فوق رمال أم درمان الساخنة و الشمس في كبد السماء في مايو من العام المنصرم، فإذا بالمشهد يطالعنا بعد سويعات على صحائف الانترنت.... بفضل ثمة هاتف نقال...، وإذا بشريط الفيديو ضمن الأدلة الجنائية المعروضة أمام محكمة الجنايات الدولية، إشهاداً آخر علي انتهاك حقوق الإنسان الدارفوري.
بيد أنهم اكتشفوا الأمر في آخر النهار بالأمس، و انتزعوا التلفونات من يدي عرمان و باقان بعد أن أوسعوهما ضرباً و رفساً و لطماً، نازعين حصانتهم و ضاربين عرض الحائط بكونهما في أعلى مراتب القيادة بحزبهما الشريك في السلطة... و بعد ذلك أطلقوا سراحهما فجأة كأن شيئاً لم يكن و براءة الأطفال في عيون الزبانية، و طفق طبَالوهم أمثال غندور ومندور يتحدثون عن أس القضية، أي التشريعات المطلوبة لزوم التحول الديمقراطي، باعتبارها شيئاً مفروغاً منه، فهي على طاولة المجلس الوطني و ستجاز خلال ثمان و أربعين ساعة.. ترى لماذا انتظرت لثمان و أربعين شهراً؟
ماذا يريد أهلنا في السودان أكثر من ذلك؟ كيف ينطلي عليهم هذا النظام الحربائي الذي يدبّ دبيباً تحت الأرض كالأفعى المسماة ( أب دفَان)، و الذي لا يحترم المواثيق ولا يسلم من غدره رفيق أو صديق أو حليف أو رديف بكرسي الحكم؟ جاء بهم الشيخ حسن الترابي للحكم و علَمهم السحر كله وزكَاهم للحركة الإسلامية العالمية وأوجد لهم صداقات بكل محاور الشر- عراق صدام حسين وإيران.... وهلمجراً، وإذا بهم يقلبون له ظهر المجنّ ويسومونه خسفاً ويلفظونه لفظ النواة كالأسد الهرم الذي يطرده أشباله القادمون من ظهره حتى لا يشارك في أكل الطرائد والغنائم والفطائس، وإذا بهم ينظفون جيوب النظام من رهط الشيخ حسن الأقربين....إلا من أمثال محمد حسن الأمين الذين لم يهن عليهم مفارقة السلطة وجنانها ونعيمها وبريقها.... فأصبح النظام حكراً على الشريحة الأكثر التصاقاً بالمصالح الدنيوية وبالمستثمرين الأجانب والشركات القابضة التي تكاثرت كالخلايا السرطانية.....وبالسي آي إي....، وإذا بالعشر سنوات الأخيرة تحيل السودان إلي واحد من أكثر الدول المشهورة بالسحت والفساد المالي والإداري فى العالم.
والآن يتنكرون للحركة الشعبية التى ظلت شريكة في الحكم بموجب إتفاقية نيفاشا منذ يناير 2005.... ويتوجهون بالقمع والإهانة والإضطهاد لمتنفذيها ووزرائها، دون أن يكلفوا أنفسهم إجراءات فصلهم وإلغاء حصاناتهم---وهي إجراءات لا يملك صلاحيتها إلا رأس الدولة---، وحتماً سيكون هذا ديدنهم فيما تبقي من المرحلة الإنتقالية التى من المفترض أن تستمر حتى إستفتاء عام 2011 ، على طريقة (الإضينة دقّو....واعتذر ليه)؛... وهذا ما يراهن عليه النظام لأنه تعوَد على استقطاب الخصوم بكل أنواع الرشاوى والعطايا والكمّشنات والتسهيلات، وكل من يتفلًت يهدّدونه ويبتزونه بما يمسكون عليه من مخالفات هنا أوهناك، فيصبح أسيراً لديهم كالزومبي. أما في حالة الحركة الشعبية لتحرير السودان....فقد خاب فألهم تماماً، وأُربكت حساباتهم مائة بالمائة....؛ ولعل الحركة الشعبية هي ذلك الأسد الأطرش الذي فتك بالحاوي في آخر الأمر بعد أن ظل يعزف علي مزماره السحري فيذهب كل من لاقاه في سنة من النوم المغناطيسي،... إذ رأينا بالأمس رجالاً من قادة الحركة الشعبية كالأسود الكواسر، لم تخفهم جحافل الأمن المدجّجة بالسلاح... ولم تربكهم غرف التوقيف ولا دهاليز التعذيب ولا زرد السلاسل؛... وفي الحقيقة، الذى كان معتقلاً ومحاصراً يوم الإثنين هو المؤتمر الوطني الحاكم وليس قادة الحركة الشعبية،... وحقاً من يزرع الريح يجني العاصفة.
وما يخشاه الحادبون على أمر السودان هو ألا يقود الحراك الحالي إلى نهاياته المنطقية ....وهي تعرية النظام وخلخلته، قبل أن تحين لحظة إرساله إلى مقبرة التاريخ؛ فالاعتبارات التكتيكية والجيوبوليتيكية والتدخلات الإقليمية والأجنبية كثيراً ما تصب الماء على ثورة الشارع السوداني فتخمدها. وبالفعل رشحت أنباء عن وفود تقاطرت على الخرطوم نهار الأثنين، خاصة من الشقيقة العجيبة التى تفرض وصاية على السودان لا يبررها حق ولا منطق ولا قانون دولي ولا تاريخ مشرف ولا يد سلفت عبر كل مآسي الجنوب ودارفور والمجاعات والكوارث التي مرّ بها الشقيق الأصغر، اللهم إلا قوة العين والاستحقار والإستكبار على أمة البرابرة والبوابين،... وحقاً من يهن يسهل الهوان عليه.
ستسعى هذه الوفود للملمة الموضوع بغرض المحافظة علي الوضع الراهن في السودان وفى المنطقة بأسرها، فلا داعى لاستيقاظ العفاريت التى ظلت مدجّنة وفى سبات عميق منذ عشرات السنين. هناك ثمة أنظمة بالمنطقة لا ترتاح للشعارات التى قفزت للسطح فى السودان بالآونة الأخيرة مثل: إنتخابات حرة نزيهة برقابة دولية جادة غير قابلة للرشوة....حرية تعبير وتظاهر....حل مشكلة دارفور كشرط سابق للإنتخابات.......إجراء الانتخابات في كل السودان بدون استثناء لأي إقليم مهما كان السبب.......تشكيل حكومة إجماع وطني تكون مأمونة علي الانتخابات.......؛ وهكذا، مما يسير بالسودان نحو الديمقراطية الحقيقية.... وهناك من يتمنى ألا ينهض السودان من كبوته الحالية، لأنه لو فعل فسيلتفت لحقوقه المهدرة وأراضيه المحتلة بالقوة وميزان تجارته مع تلك الشقيقة الذى شبع تطفيفاً.....ونصيبه فى مياه النيل الذى ربما ذهب جزء منه لإسرائيل: (ماذا تفعل تلك القناة باهظة الكلفة التى شقت من تحت قناة السويس لتروى صحراء سيناء من مياه النيل السلسبيل؟ هل ارتوت كل الصحارى المصرية القريبة من النيل؟ هل رأيتم صورة لأي خضرة في سيناء...غيرالمستعمرات اليهودية بصحراء النجف؟ هل ذقتم أي أوطة أو بطيخ قادم من سيناء؟ أم هل من الممكن طمر خراطيم لتوصيل مياه تلك القناة للأراضي الإسرائيلية المجاورة وفاءاً بالوعد الذي قطعه السادات لمناحيم بيقن في كامب ديفيد كما جاء فى مذكرات بطرس غالي؟ أم هل فى رؤوسنا ذؤابات، أي قنابير؟)
تلك الأنظمة التى تمارس ربوبيتها علي السودان المسكين هى نفسها محاصرة من شعوبها، وينتابها حراك مماثل هذه الأيام رافعاً نفس الشعارات السودانية: انتخابات حرة نزيهة.....حقوق الإنسان....الي آخر ما جاء فى شروط البروفيسور محمد البرادعي لخوض الإنتخابات الرئاسية المصرية؛... وبالتالي فهي لا تريد أي عدوي ثورية قادمة من الجنوب تكون ضغثاً علي إبالة، ,ولا تريد للسودان أن يتعافى من الأخونجية القابضين بخناقه، رغم أنها في نفس الوقت تبطش بالإخونجية المصريين؛ هل هذا عمى ألوان أم سذاجة أم فهلوة؟ مهما كان، فهى جميعها أنظمة ديناصورية مترهلة ومتآكلة، ولن يطيل أعمارها البطش والتنكيل بشعوبها، أو رؤوسها المطأطأة أمام الصهيونية والمخابرات الأمريكية التى لو غضبت عليها لمدة خمس دقائق فستختفى من الوجود كما اختفى الشاهنشاه وهيلاسلاىسي ومبوتو وعيدى أمين.....الخ. إنها حكومات جلست علي أنفاس شعوبها لعشرات السنين ولم تحقق التقدم الإقتصادي والنهضة الصناعية والعمرانية التى حققتها بلدان عربية خليجية وأخرى آسيوية كسنغافورة وملايزيا لاتجيد الطنين والزعيق والمباهاة والكذب، ولكنها تعمل في هدوء وصمت وتواضع لمصلحة شعوبها، بينما دول الطنين والزعيق والزخم الإعلامي والرقص علي طبول الغوازي لم تورث شعوبها سوى الغوغائية والشعارات الجوفاء والفقر المدقع، مثلما فعلت إشتراكية نيكولاي شاوشسكو في رومانيا وشيوعية كيم إل سونق فى كوريا الشمالية .
يجب ألا تسمح الحركة الوطنية السودانية لهذه الفرصة الجهنمية أن تفلت من بين أصابعها....ويجب أن تضيّق الخناق على نظام البشير الذى انكشف ظهره تماماً(وراح ليهو الدرب في الموية)، بل أصبح مثل ذلك الحرامي فى ليالي سنار الخوالي الذى قفز من فوق سور منزل بفريق التجار ليجد نفسه وسط عشرين عنقريباً بها أكثر من عشرين عتّالياٍ وعربجياً..... طار النوم من عيونهم وأخذوا يحدّقون في الحرامي..... الذي لم يجد أمامه إلا أن يصيح بأعلى ما لديه من صوت: (يابولييييييييييييس !).
إن السلاح الذى استخدمته المعارضة في الأسبوع المنصرم أشد مضاءاً وفتكاً من أسلحة النظام حتي لو اجتمع لديه الجن والإنس......فسلاح المعارضة هو الوحدة والتنظيم والمواكب المتعددة والمرنة (أي إنها فى حالة كر وفر مستمر) .....والسلمية التى لا يحمل أفرادها إلا فروع النيم رمزاً لأكتوبر وإبريل.........بتكتيكات ذكية و صبر وإصرار يبعث القنوط فى نفوس العسس ويودى بروحهم المعنوية، حتي يجيء اليوم الذى يتساءل فيه عناصر الأمن: (عشرون عاماً ونحن فى حالة استنفار 24/7 ، ما هي المحصلة النهائية؟ إن الضبط والربط لا يبرر انتهاك حقوق الإنسان ولا يعفى ضابط أوعسكري الأمن من المساءلة كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964 وإبريل 1985 ، فبماذا نتحجّج أمام لجان التحقيق القادمة؟ كيف نسمح لهذا النظام أن يجعلنا ذخيرة لمدافعه المصوّبة إلى صدور أهالينا وبني عمومتنا؟ )
وكما حدث مرتين فى تاريخ السودان الحديث، أكتوبر 1964 وإبريل 1985، فإن القوات النظامية ستنحاز إلى صفوف الشعب عندما تتأكد أنه موحّد ومنظم ويعرف ماذا يريد، في اللحظة المسماة بالأزمة الثورية.....حقاً كما قال أبو الطيب:
ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده تصيّده الضرغام فيما تصيّد
إن حديث باقان وعرمان عبر الفضائيات من سجن أمدرمان يوم الإثنين قلب الموازين رأساً علي عقب، وجعل الرأي العام العربي يتعاطف معهما ومع وجهة نظر المعارضة بما لم يحدث من قبل، وجعل نظام البشير يبدو كالخائن الذى تم اكتشاف هويّته الحقيقية بآخر حلقة فى المسلسل؛ وحتى قناة الجزيرة المتهمة باتجاهاتها الإخونجية مالت نحو باقان وعرمان وبثت تصريحاتهما النارية عشرات المرات وفي كل برنامج حواري، مما أفقد نظام البشير الكثير من الأراضي وسط الناطقين بالعربية في شتّى بقاع الدنيا.....وأصبح كثير من المثقفين يتساءلون عبر الإنترنت وفي الحوارات الإذاعية والتلفازية: ( كيف يدّعي النظام السوداني بأنه حامي حمي العروبة والإسلام وهو علي وشك تفتيت أكبر دولة عربية من حيث المساحة والموارد؟ أليس في ذلك إضعاف للأمة العربية والإسلامية؟ ومن أين أتى هذا النظام بالتخويل لارتكاب هذه الجريمة التاريخية التى ليس لها شبيه إلا خروج المسلمين من الهند عام 1947 ليأسسوا دويلة باكستان بقيادة محمد علي جناج وأبو الأعلي المودودي وبإيعاز من الاستخبارات البريطانية ؟ أما كانت الهند ستصبح أكبر من اندونيسيا... بل أضخم دولة فى العالم من حيث الكثافة السكانية المسلمة... لو بقي فيها أولئك المسلمون؟ )
ويتساءل كثير من المثقفين العرب كذلك: ( أليس هذا النظام كالثور في مستودع الخزف؟ لماذا نجد كل القوى السياسية السودانية فى جانب وهو فى الجانب الآخر: الإسلاميون المؤسسون للحركة، أي الشيخ حسن وجماعته، وحزب الأمة وريث الحركة المهدية الإسلامية التى حكمت السودان في القرن التاسع عشر، والحزب الإتحادي الديمقراطي وريث الحركة الوطنية التى حققت الاستقلال من الاستعمار البريطاني، والشيوعيون، والجنوب كله، ودارفور بقضَها وقضيضها؟....... من تبقّى له؟ )
ولكن، ومثلما تقول الحكمة الدارجة، كل أول له آخر، والكذب عمره قصير مهما بدا....فقد وجد النظام نفسه في وضع لا يحسد عليه: إن هو رفع القوانين المقيدة للحريات وأصدر التشريعات الموعودة الخاصة بالتحول الديمقراطي، فإن الجن الأكبر سيخرج من قمقمه، وستندلق إلي الشوارع والفضائيات نقابات ومجموعات ضغط وأهل ضغائن وشكاوى و منظمات وجماعات وقبائل وشعوب ظلت مكممة الأفواه لعقدين من الزمان، فما هى الحدود التى سيتوقف دونها زخم الشارع؟ وإذا هو لم يرفع القوانين المقيدة للحريات، فإن الإحتقان الحالي سيتفاقم أكثر وأكثر، والشقة بين الشريكين في الحكم ستزداد اتساعاً، ومصداقية النظام ستهوى إلى أسفل سافلين ، وحتماً ستتدخل مجموعة الإيقاد الراعية لاتفاقية نيفاشا.
ورغم أن اليتيم لا يحتاج لأن يوصوه علي البكاء، ولكن من باب الذكرى فقط، نرجو أن يستأنس المناضلون المجتمعون بدار حزب الأمة كممثلين للشارع السوداني بهذه النقاط:
• تحويل الزخم الحالي الي إنتفاضة يحتاج إلي إعداد جيد، ولا يكفي أن ننتظر الأحداث لتنسرب كما تشاء ثم نلاحقها لاهثين....فنكلّلها بمقررات وحواشي متعجّلة وفطيرة سرعان ما نندم عليها، مثلما حدث أيام جبهة الهيئات في أكتوبر والتجمع النقابي في إبريل.
• هنالك ثمة (روّاب) في شكل مقررات جوبا التي وافق عليها الحزب الإتحادي كذلك، بالإضافة للميثاق الصادر عن الصادق المهدي الاسبوع الماضي، علي خلفية مقررات مؤتمر القضايا المصيرية 1995 واتفاقية نيفاشا 2005. ويمكن تطوير هذا الروّاب في هذه الأيام الخصبة، والنظام مشغول بإطفاء نيران الشوارع، حتى نخرج بميثاق أكثر تفصيلاً وعمقاً وشمولاً وملامسة لأمهات القضايا: الدستور، الهوية، مشكلة دارفور، تقسيم السلطة والثروة.
• الاتفاق علي مرشح واحد للرئاسة، إذا افترضنا قيام الانتخابات في مواعيدها، وعلي قوائم موحدة لكل الانتخابات الأخرى.
• ضرورة التواصل المستمر مع كل الفصائل الدارفورية الحاملة للسلاح وضمان توقيعها علي الميثاق المزمع.
• تكثيف البروز الإعلامي والتعاطي مع الفضائيات التى تفتّحت شهيتها للشأن السوداني ولديها عشرات الأسئلة عن حقيقة الأوضاع في هذا البلد المستغيث.
وبعد، فهذه أيام حبلى بما قد يخرج أهل السودان من ليل طويل كتم أنفاسهم لعشرين سنة كاملة، والنصر معقود بلواء هذا الشعب المغوار، ولكن الجميع يتمنون ألا تعود الحلقة الشريرة لدورانها: انقلاب عسكري فانتفاضة فديمقراطية مهزوزة فانقلاب جديد........فليكن ميثاقنا هذه المرة أكثر حصافةً وحنكةً وحبكةً ورصانةً وتحوّطاً للكبيرة والصغيرة؛ وشعبنا قمين بذلك....أليس هو الذى تحدث عنه محمد سعيد العباسي حين قال:
ولست أرضى من الدنيا وإن عظمت إلا الذى بجميل الذكر يرضينى
وكيف أقبل أسباب الهوان ولي آباء صدق من الغرّ الميامين
النازلين علي حكم العلا أبداً من زيّنوا الكون منهم أيّ تزيين
من كل أروع فى أكتاده لبد كالليث والليث لا يغضي علي هون
والسلام.
المصدر سودانايل
http://sudanile.com/index.php?option=com_content&view=a...9-17-14-27&Itemid=55


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.