بين الأطباء السودانيين الكثير الذي يهمه الوضع العام الذي يؤثر علي حياة وصحة المواطن لا فرق مغترباً أم مستقراً داخل الوطن . يتداولون افكاراً ونقاشات جيدة لكنها للأسف تموت في إرشيف صفحات برامج التواصل الخاصة بهم فلا تري النور وهكذا تموت تلك الأفكار الممتازة. بهذه المناسبة أغتنم الفرصة لإستخدام العنوان أعلاه والتعليق عليه. هو مقال مهم ومتداول عبر وسائل التواصل بقلم دكتور مصطفي محمد مصطفي. وصلنى في شكل قصاصة من غير توضيح مصدر الصحيفة وتاريخ الإصدار. الكاتب يبدوا من أسلوبه الجيد المرتب أنه أحد الزملاء الأطباء وهذه محمدة أن يكون للاطباء صوت مسموع ورأي يعتبر ويؤثر مفعوله في أمور وطنية أو مسائل إجتماعية وأخري غير المسائل الطبية. أشجع زملائي الأطباء ليخرجوا للمجتمع العريض يطرحون أفكارهم وآراءهم النيرة فوسائل النشر بحمد الله قد توفرت لكل إنسان. المقال جميل ومرتب السرد وتسلسل الأفكار والإفتراضات. ملخصه أن المغترب السوداني يعيش في دوامة العيش علي الكفاف في بلاد الغربة ويحاول جمع أكثر ما أمكن من المال علي أمل العودة للوطن. ويبقي ذلك الحلم بتلك العودة التي بمرور السنين لا تتحقق وأماني كثيرة أيضاً علي الوجه الآخر لا تتحقق وحتي الذي يتمكن من بين المغتربين من بناء بيت في السودان ربما لا يكتب له فيه لحظة من العمر للاستمتاع بالسكني فيه لأن عجلة ساقية الإغتراب لا يتوقف دورانها. أيضاً لأن حاجة الأسرة الصغيرة أو الممتدة تتطلب هي مواصلة الإغتراب. أيضاً تعرض المقال إلي إحباطات وجع رجع صدي فشل مشاريع المغترب في الداخل وقد يكون سبب ذلك من أقرب الأقربين أو نتيجة الفساد الذي هدم صرح الخدمة المدنية. يناشد د. مصطفي المغترب السوداني ليكون ظاهراً وأكثر فاعلية فى المجتمع خارج وداخل الوطن وعليه أن يعود قبل أن تداهمه أمراض الشيخوخة لكي يستمتع بقية عمره بمنزله إن كان قد بناه داخل الوطن ويستمتع بسقاية زهور الحديقة والعيش وسط أهله ...... إلخ. المقال طويل وممتع وقد ضرب وتراً حساساً لكن ربما يحس البعض أن فيه روح تشاؤمية وقد علق شخص ما كذلك رغم إيمانه بأن المقال جاء بقول الحق. الشكر للأخ الدكتور محمد وليته عرف نفسه بالطبيب لأن "الدكترة" توسع سوقها في هذا الزمن في عالم إختلط فيها الحابل بالنابل. في رأيي الشخصي عن موضوع العنوان أعلاه أقول الآتي؛ للأسف الشديد أننا ننسي في زحمة الحياة أن المغترب قد إغترب غصباً عنه عندما عجزت الدولة عن توفير التعليم والعلاج و ما يسد رمق الفرد بل واسرته إن كان له أسرة أو أيضاً فشلها أن تمكنه من الإرتقاء بنفسه إلي مستويً يستطيع أن يقف به علي رجليه بعد إكمال تعليمه إن كان التعليم موجوداً ( قيل إن حوالي سبعة مليون سوداني يعاني من الأمية البحتة). بالعكس الدولة بعد أن تضمن خروج مواطنيها غصباً عنهم مهاجرين ، بأي وسيلة لا يهم، يهيمون في الصحاري أو راكبين ظهر المحيطات الهائجة، علهم يجدون مرفأً آمناً رغم الموت الذي يرفرف من فوقهم بأجنحته المخيفة، تجدهم يصطدمون بالواقع المرير حيث تمد الدولة والتي تترقبهم بالمرصاد مخالبها مستنزفة مكتسباتهم لا فرق إن كان الواحد منهم مستشاراً موفور الدخل أم راعياً محدود الدخل ولا تقدم له المقابل من تسهيلات لكي يحقق بدون عناء وإستنزاف مشاريعه التي من أجلها ركب الصعاب وهاجر . مثلاً عندما يعود المغترب لقضاء عطلته السنوية مع أهله يحتاج الي مسكن يأويه هو واسرته ويحتاج إلي وسيلة ترحيل وقد يحتاج إلي إستشفاء في حالة المرض الذي قد يداهمه من غير إنذار أو يحتاج أن يتزوج أو يبدأ مشروعاً صغيراً لكي يستقر عليه باقياً في موطنه وقريته وذويه . فهل وفرت له الدولة أي تسهيلات مباشرة من غير بيروغراطية وطرق ملتوية أو هل وفرت له أن يبني منزلاً بتكلفة معقولة وهل سمحت له بإدخال سيارة ولو مستعملة مرة كل خمس سنوات (مثلاً) لكي يحتفظ بها داخل الوطن فتعينه أثناء قضاء عطلاته داخل الوطن؟.حسب علمي ( عله صحيحاً) أن إدخال السيارة إعفاءاً جمركياً لكل مغترب مرهوناً بالعودة النهائية وهذا ظلم وغلو أن تكون تلك الفرصة مجردة ومرة واحدة في العمر. المشكلة الأساسية هي مشكلة الدولة التي تجبر المواطنين للخروج وتحمل مرارات الإغتراب ثم تفرض عليهم الإتاوات لكي ينعم مسؤلوها في الداخل علي أكتاف من يعانون من كبد الإغتراب والبعد عن الأهل وتراب الوطن التي يهيمون بحبها ويتغنون بألحان تجسد لوعة الفراق ، لا فرق إن كانوا رعاة شياه أو جمال في الصحراء الحارقة أو مستشارين ينعمون بطراوة المكيفات المركزية الحديثة. وإن ظل حب الوطن إيمان تبقي حقيقة المثل عند كل مغترب قائمة " العين بصيرة واليد قصيرة" . هكذا كتب علي المغترب فرض عين أن يكافح عمره كله جندياً مجهولاً حتي يلقي ربه. وهكذا وقف السودان كله صامداً كل تلك السنين العجاف علي "الدِرِبْ" الذي ينقط قطرات الإنعاش من سوائل وفيتامينات وعناصر حيوية منشطة تضخها قنوات المغتربين بكل أريحية . عليه أري من العيب ان نظلم المغترب ونغمطه حق كفاحه وحق ما يقدمه من دعم متواصل وافراً العطاء ليس لأسرته فقط صغيرة كانت أم ممتدة بل للوطن كله. ولا يفوتني أن أشيد بمجهود كل الأطباء السودانيين العاملين فى الخارج بما يقدمونه من دعم متواصل لقطاع الخدمات الطبية في الخرطوم والأقاليم من تعليم وتدريب وإمداد الأجهزة الطيبة الهامة. كل ذلك يتم في صمت فيؤثرون علي أنفسهم من غير من ولا أذي ودعاية لا تفيد. وعن نفس الموضوع يشاركني مشكوراً أخي وصديقي د. أحمد علي سالم إستشاري طب الاطفال من الإمارات العربية المتحدة بما يلي عن ذكر بعض إشراقات الإغتراب التي لا بد من التوثيق لها بكل شفافية وشجاعة: صباح الخير الكاتب مشكوراً قد شخص حال المغترب السوداني من منظور الواقع المعاش بس شوية بشحنة سالبة ولذلك لا اتفق معه في الشعور السالب بان المغترب مجرد آلة لجمع المال. انا من واقع تجربتي ومن منظور إيجابي ورضا بما فضلنا الله به على كثير من خلقه أقول الحمد لله انا سعيد بما قدمته لأهلي في السودان سواء على مستوى العائلة الصغيرة او الممتدة بلا من ولا اذى سواء منهم من قدر وشكر أو حتي من جحد. الاغتراب وفر لي على المستوى الشخصي خبرات كبيرة في عدة مناحي خاصة في مجال المهنة والتعامل الذكي. مكنني من زيارة عدة دول الحمد لله وفر لي الاغتراب على المستوى الشخصي الاستقرار الاسري و توفير فرص جيدة لتعليم الأولاد الى ما فوق الجامعي وكذلك مساعدتهم على الاستقرار وتكوين اسرهم الخاصة. تحدث الدكتور عن أهمية الدور الاجتماعي الذي يجب علي المغترب أن يقوم به في السودان، انا أحسب أنني وكثيرون مثلي لم ننس دورنا في المساهمة الفاعلة في دعم المشروعات الثقافية وإصلاح وصيانة المدارس في قرانا واريافنا هنالك الكثير الذي فعله المغترب السوداني ومازال وهو المهموم بقضايا بلده ويحسب له ان ماله من كسب حلال. واعرف كثيرا من زملائنا من الدفعة الذين ساهموا إسهاما مقدرا في دعم كلية الطب جامعة الخرطوم و مستشفى ابن سينا وسوبا صدق صاحب المقال في ان كثيرا من المغتربين قد لدغ من قريب او غريب وخدع او نصب عليه في قطعة ارض او مشروع استثماري. هذا لا يعني ابدا ان نحقد او نكره حياتنا بل بالعكس نحمد الله كثيرا ان خلف علينا بما هو أفضل. ولو هنالك بقية من عمر سنعود للوطن ونسكن بيوتنا التي انشاناها من تعبنا وأخيرا وليس آخراً المغترب السوداني ظل الداعم الرئيسي لاقتصاد السودان على مدى أربعين عاما او نيف. أيها المغترب السوداني ارفع رأسك ليس هنالك ما يدعو للندم يكفيك فخرا سواء كنت راعيا للإبل او مستشارا خبيرا انك السفير المشرف لبلدك تحياتي دكتور وأختم بالصلاة والسلام على سيدنا محمد وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. إنتهت مشاركتنا للأخ د مصطفي محمد وله مرة أخري كل الشكر والتقدير علي دق الجرس ورفع "البيرق" الأصفر علي موضوع مهم أري من واجب المغتربين أن يهتموا بما جاء في مقاله هذا وأقترح عليهم قيام ورش لدراسة كيف نستفيد من الإغتراب في أقصر فترة زمنية وكيف تتفهم الدولة وضع المغتربين حتي تشجعهم علي سرعة العودة الرابحة للوطن للاستمتاع بجمع شمل المجتمع السوداني الأصيل فالبلاد في أمس الحاجة إليه خاصة في هذه الأيام والوطن قد غزته ملايين الأغراب ومعها عاداتها وأمراضها ولهجتها وكلماتها المتداولة يومياً التي لا تتناسب معنا. للاسف أخشي علي صمود صورة المجتمع السوداني المشرقة التي تجمل كل خارطة الوطن . أخشي لها من الذوبان والإندثار . في الخرطوم تحس أنك غريب يتحسس وجوه أهله وصحابه يسأل نفسه حسرة "أين هم "! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.