لك المودة والتحية على ما تقومون به في سودانيل من مجهود عظيم في التنوير وبث الوعي والحفز لشعبنا الصابر. أرجو النظر إلى رسالتي الملحقة وإن استحقت النشر فافعل. ولك الشكر محمد طه القدال إن قصيدة زمن الراكشة التي نشرتموها الأول من أمس 9 ديسمبر 2017م، ليست من قصائدي ولم أكتبها ولقد وجدتها منسوبة إلى شخصي في عدة وسائط أخرى ونفيت نسبتها إلىَ في نفس الزمان والحيز الذي وجدتها فيه منسوبة لي. والحق أنني لم أجدها منسوبة لشخص آخر غيري.. وهو ما ينافي الحقيقة آنفة الذكر. ولقد كنت دائماً أنفي هذه النسبة دون إبداء رأيِ في القصيدة أوفي شاعرها المفترض. والآن وبعد مرور أكثر من شهر على هذا النشر في مختلف الوسائط أرجو أن تسمحوا لي بتكرار نفيي لهذه القصيدة. أنفيها أولاً لأنها ليست لي وليس من خلقي نسبة ما لغيري لذاتي ولأنه لا يثنيني مضمون قصائدي عن نسبتها إلي، فلا خوفٌ ولا خجلُ . وثانياً لأن زمن النشر المتطاول والنفي المتكرر من لدني كانا كافيين كي يرى صاحبها الحقيقي هذا النشر وما يتبعه من نفي، فيظهر للناس لتظهر الحقيقة. أنا لا أصفه ولكنه شخص أراد للأمور أن تسير هكذا: قصيدة يشتم فيها الزمن الذي أسماه زمن الركشة ويبخس فيها الوطن (الغشة) وينعى على ناس البلد ذلتهم وخنوعهم ويصفهم بأقذع الصفات، ثم ينسب كل ذلك إلى شخص آخر هو براء من هكذا هطرقة وبوار: زمن الفوضى العَمْيَا وُطَرْشَا وزمن الوَهَم العَسْكَرْ فى البلد الغَشَّه بلاد الناس الغَبْشَا .. الناس الجاريه الدَّاقشه الشُّغُل العاطل الأمل الطَّشَّ؟َ وناس البلد هم: الموهومين العميانين وهُمْ: أكوام أُمْ فِتْفِتْ وعَفْشَه وهُم: ماكلين ألغام وكلام وهم: مغشوشين بالعشرة ومكشوشين أيضاً فلو قلنا أن الشاعر يقابل شعبه ووطنه، (الموضوع)، على طريق الصدمة الشائك والشاق، فهو بشتمه إياه إنما يزرع فيه اليأس قبل أن يباشر صدمته. وليس هذا منحى من يطلب من شعبه الإفاقة ولكنه منحى المدمِّر الذي يريد أن ينهي مهمته قبل اللقاء وحتى لا تقوم للمشتوم قائمة. فمنذا الذي يريد هذا لشعبه ولوطنه غير منزوعٍ من الخير، ممتلئ بالخبث. هذا شاعر سوداوي المنظار والنظرة إذ لا يرى بصيصاً من ضوء ولو في آخر النفق. يعيش في ظلمة وقتام إلى نهاية مشوار ركشته. هذا شاعر يقول لشعبه: لا فكاك .. لا فكاك فالبحر خلفك والعدو أمامك والثعبان فوق الشجرة والنمرُ تحتها وأنت معلقٌ بينهما .. فأنت مأكولٌ لا محالة مأكول. هذه قصيدة أسمية بارعة ومبنية على تعدد الأسماء وتعدادها كأنك تجر حبات مسبحة تردد أسماء مرصوفة على رصيف التكرار وهو أسوأ أنواع الشعر. الشعر الذي يطغى فيه تعدد الأسماء رصاً يتهافت فيه الفعل يكاد يختفي وتبهت فيه الصورة تكاد تنمحي وتضمر فيه الأخيلة والأصوات والموسيقى لأن الفعل أساسُ كل ذلك. لقد قمت بحذف الأفعال وبعض النعوت من جزء من القصيدة الركشة فشكلت الأسماء المتبقية قصيدة بحالها: و الطبلون النَّدْ فتايل ريحه فُرشه "سِيْدِيهات" الغُنا مصرى و سورى و "زَفَّه" و "دَبْشه" "نانسى العجرم" و "سَيِّد طُلْبه القفْشه" "حماده البت!" " الكاشف" و "عَشَّه" و ال"رَيْقِى" و ال"راب" و العجلات و كرسي الركاب بس أودة نوم فَرْشه و "فاطنه" و"عشّه" وطواط المطره قَعُوْنْجَه بالطين و باللعنات .. الشارع مُوْلِد قانون المرور عمود نور عبد الظنبور الفالح "الإيصالات" "البيت السورى" و "مصرى" "بيوت السودان" قبلي و بحرى. عَمَاره و عُشَّه؟ "الكِسره" "بيتزا" و "كُشرى" و "طَقْشَه" "الشرموط" و "الوَيْكَه" .." الكَرْشه"؟ زمن الركشه و زمن "الدُّكَّان" "سنتر" "للعنوان" إسماً أشتر و اليافطات بالصِّينى و باللاتينى حروف العربي الطَّرْشَا "عَوْلَمَه" دي؟ أم عالَم "الديجيتال" "سوداتل" "السوق الليبي" و "سوق الناقه" و زمن الفاقه..زمان الفاقه و "حمَّام السوق" الإبريق و جُمَار الناس و حكومتك ضريبة الظرطه ضريبة اللقمه و رَىَّ العَطْشه زمن الركشه .. ال"موبيتل" و ال"سوداتل" و "أريبا" و الموبايل محجَّبه شاقه الحِسْ و منقَّبه ما بتدِسْ و مكَهْرَبه لابسه الجينز و الموبايل آخر لقطه و رقشه آه يا زمن الركشه .. العِرِس "العُرفي" و عِرْس "المتعه" و "راجل المَرَه دَه" و "بِتْ القلعه" الشِّقَق الفَرْشَه ألف لقيط في الشهر الواحد و ألف فضيحه و كَشَّه "المُوْل" الأجنبي و "الأوزون" زمن "الأفيون" أولادك "العفراء" و بناتك المدرسة البيت اليَد الحِمْشَه ؟ آه يا زمن الركشه سِتَّه جيوشا "القومي" و "دفاعنا الشعبي" "القوات الخاصه" "الشرطه" "الحركه" دارفور "القوات الدوليه" الميليشيات و "شعوب" مَنسِيَّه " قنبله و مليون بُعْبُعو مليون غشَّه أما الشاعر نفسه فهو ذو حصيلة كبيرة في المفردة العامية قام بتوظيفها ببراعة حتى تبدو كأنها من قاموس القدال، بالرغم من تكرار بعض المفردات في القافية، لا للتوكيد ولكن لنقص في الحصيلة اللغوية نفسها. فإن فعل (حتى تبدو) تلك قصداً فقد خانته الموسيقى كثيراً وفضحته الزحافات ومواضع الخَبَن الجلية. فالواضح أنه يعاني خللاً موسيقيياً أساسياً ظاهراً للأذن المطبوعة. وكذلك خانه الأسلوب والتأدب في التعاطي مع شعبه ومع بلده. وخانه الجَلَدُ بالاحتيال على البروز والبيان بالاحتماء وراء ظهر آخر. هذا شاعر، واعترف له بذلك برغم الضعف الذي يمكن أن (يتلافاه) في قصائد لاحقة، شاعرٌ لا يود أن تكون له بصمة على دفتر الشعر فاستغنى عن قصيدته لشاعر آخر. وهو شاعر مصاب بحول مفاهيمي كالذي أرد الفيل فقصد الظل إذ تبدو ملامح حيية من غضبة على (الوضع) وعلى (النظام) وعلى النسق الاجتماعي برمته وبدلاً من أن يوجه جهده ذلك الاتجاه، صب غضبته على ناس البلد وعلى البلد نفسها. ولقد ابتسمت بكثير خبث وأنا أتابع هذا الحوَل في عوينات هذه الركشة حينما جاء ذكر الجيوش الستة وكانت عيناي تلاحقان الكلمات المكتوبة لاهثة تتوقع أن تجد (الدعم السريع) تتصدر قائمة هذه الجيوش فخاب ظني إذ اختفى الدعم في "المليشيات" فلم أذهل لمن أخفى إسمه أن يخفي ما دون ذلك. إن ما أحزنني حقاً، ليست النسبة المتعمدة الخطأ، فقد ابتلي من قبلي شعراءٌ عظام. فكم من قصيدة متهافتة نسبت إلى شاعر الشعب محجوب شريف وكم من كلم هراء مُهِر باسم الشاعر الفذ محمد الحسن حسن سالم حميد، عليهما شآبيب الرحمة، وكم من فحيح متحشرج تمت نسبته إلى الشاعر الفخيم هاشم صديق. ما يحزنني في كل ذلك أن تتهافت المواقع والصفحات الرصينة إلى زفة طبلها الخواء ومزمارها الفراغ دون تثبت فتنشر بذلك الجبن والغش والتزوير بدلاً من الوعي والتنوير. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.