كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    إلى متى يستمر هذا الوضع (الشاذ)..؟!    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محجوب شريف كاسح الالغام من طريق الثورة والثوار .. بقلم: حسين الزبير
نشر في سودانيل يوم 12 - 11 - 2014

اكتب هذا المقال منفعلا وغاضبا، فقد استفزني الاستاذ هشام آدم بافتتاحه بوستا في سودانيزاونلاين تحت عنوان "سياحة في الغام محجوب شريف"
رغم انني بدأت قراءة ما كتبه الاستاذ بكثير من حسن الظن، بانه ربما سيبرز جوانب خافية على المتلقي العادي لشعر محجوب شريف، الا انه بانتهاء قراءتي لما كتب ازكمت انفي روائح الغرض والاجندة الخفية. ثم تأكد لي ان الكاتب قصد النيل من محجوب شريف وربما آخرين لم يستطع ان يشير إليهم صراحة، والذي لا يعلمه ان محجوب شريف خلد اسمه وارثه في تاريخ السودان ببناء صلب صلد كلفه كل حياته، وما الشعر الا واحد من ادواته، ولا تستطيع الراجمات او الالغام النووية ان تكسر طوبة واحدة في تاريخه المجيد.
قبل ان اقرأ مقالك معك بالتفصيل، اريد ان أقدم مرافعتي في اثبات ان "بوستك" لغرض واجندة خفية، واليك مواد مرافعتي:
1. النقد الادبي كما علمنا الشاعر الراحل محمد محمد علي في مدرسة وادي سيدنا الثانوية، يعتبر من الفروع المتخصصة في الادب، وعندما ينشر الناقد مادته ينشرها في مجلات متخصصة، وبالتالي لا يمكن نشره في مجلة جماهيرية تعني بكل صنوف الثقافة والترفيه وكمان "الشمارات". وانت كتبت نقدك "الموضوعي" هذا في سودانيزاونلاين، وفي هذا الميدان السوداني الفسيح لم تكتب في خانة المقالات، بل فتحت بوست في المنبر العام!! لماذا يا تري؟؟ اترك لك الاجابة حتى تكتمل مرافعتي واعطيك اجابتي.
2. قارنت شعر محجوب شريف باشعار محمد حسن حميد ومحمد القدال، لكن لم تقارنه بشعر اسماعيل حسن، او محمد المكي ابراهيم او مبارك حسن خليفة، او صديق مدثر. لماذا يا تري؟؟ ان اردت اجابتي لان هذا لا يخدم غرضك، اي النيل من محجوب شريف!!
3. لماذا اخترت هذا التوقيت بالذات؟ لماذا اردت ان تنتقد اعمال شاعر الشعب بعد مماته، وعلماء النقد يقولون ان النقد يأتي بعد صدور النص الابداعي مباشرة. واليك الدليل: (النقد عملية وصفية تبدأ بعد عملية الابداع مباشرة، وتستهدف قراءة الاثر الادبي ومقاربته قصد تبيان مواطن الجودة والرداءة) (الدكتور جميل حمداوي) – اما نقد ارث المبدعين الذين رحلوا عن دنيانا، غالبا ما تتم في الجامعات لنيل درجة علمية. ولا اعتقد أنك تسعي لدرجة علمية يمنحك اياه متصفحي موقع سودانيزاونلاين!!
4. ما اردت ان تقوله في محجوب شريف، دسسته في متن مقالك الذي جاهدت كثيرا ان تجعله موضوعيا ومنطقيا ونقدا ادبيا من ناقد (لا يؤمن بالقداسة)، دسسته كدس السم في العسل، وهانذا اوردها لك سما كامل الدسم خاليا من ذاك العسل الذي اردت ان تخدع به القارئ:
أ‌- في البدء وقبل كل شيء، و حتي يكون نقدنا مبنيا علي قواعد ثابتة و راسخة، يتوجب علينا معرفة ان شاعرنا محجوب شريف لم يكن سوي شاعرا غنائيا و لم يكن شاعرا(!) (انقلها بضبانتها لكي يكون الخطأ اللغوي تبع سيادتك)
واليك تعليقي تقسيم الشعراء الي شعراء غنائيين وشعراء بعلامة تعجب هل هو من نجرك الخاص ام تنقله عن مرجع معتمد؟؟!!
ب‌- من وجهة نظرنا الخاصة؛ فإن محجوب شريف شاعر غنائي دون شك، وهو في ذلك يختلف عن معاصريه من بقية الشعراء، من أمثال الشاعر محمد الحسن سالم حُميِّد، ومحمد طه القدَّال وغيرهما، والحقيقة أنهما من مدرستين مختلفتين تمامًا؛ ففي حين أن ما يقدمه محجوب شريف يعتبر شعرًا غنائيًا، فإن ما يقدمه كل من القدَّال وحُمِّيد يعتبر شعرًا(!) على أن الفارق بين شعر حُميِّد والقدَّال فارق أسلوبي لا أكثر، وهو ما يجعلنا نضعهما تحت تصنيف واحد، ونضع محجوب شريف في تصنيف آخر مغاير ومختلف تمامًا.
(تعليقي لا زلت في حيرة ما الذي يفرق الشاعر الغنائي من شاعر علامة التعجب؟؟ و اسألك لأي الفئتين ينتمي الشاعر خليل فرح، او شاعر "عذبة انت كالطفولة و الاحلام"؟؟ )
ج‌- ويأتي شعر محجوب شريف ليمثل التيار السهل في الشعر، بحيث يكون شعره من النوع البسيط. غير أن البساطة والسهولة في هذا المقام ليستا ميزة؛ بل هو تمايز لا أكثر. بمعنى أن النسق التبسيطي الذي يستخدمه محجوب شريف يجعل شعره متمايزًا ومختلفًا عن شعر غيره، ولكن لا يجعله متميزًا عنه بالضرورة. وإلى هذا الحد فإننا نرى الاختلافات الأساسية التي يمثلها كل شاعر من هؤلاء متنقلًا بين السهل الممتنع الذي يُمثله حُميِّد، ثم الممتنع الذي يمثله القدَّال؛ والسهل الذي يمثله محجوب شريف.
(ما هو تفسيرك او دليلك على ان محجوب شريف لا يكتب الا السهل الذي يستطيع ان ينجر مثله كل من كتب؟)
د‌- والأمر ببساطة يتمثل في أن الشعر الغنائي ليس تابعًا للأدب؛ بل تابع للفن. وسوف يندهش البعض من هذا التفريق، ولكن هذا الاندهاش يزول عندما نعرف أن مصطلح الفن هنا يقصد به حصرًا ما يتعلق بالموسيقى والغناء، وليس الفن كمفهوم عام وقيمة إنسانية ينضوي تحتها الأدب، لأن الأدب بكل أشكاله وأجناسه ليس سوى أحد فروع الفنون، مثله في ذلك مثل الفن الغنائي والفن الموسيقي.
( يا مثبت العقل و الدين ثبت قلوبنا علي طاعتك. من الذي استثني الموسيقي و الغناء من الفن "كمفهوم عام و قيمة إنسانية ينضوي تحتها الادب!! اما الجزء الذي عينته لك بالبولد و الاندرلاين ، انا لم افهمه في سياق فقرتك هذه افدنا افادك الله.)
ه‌- ومن الظلم الكبير أن نقارن بين أشعار القدَّال مثلًا وأشعار محجوب شريف، فشعر الأخير أقل قيمة دون شك. على أن القيمة المقصودة هنا ليست بالضرورة قيمة المعنى والدلالة، ولكننا نعني القيمة الشعرية كبناء فكري وفلسفي، وليس لغوي إيقاعي وحسب؛ إذ أننا لو راجعنا قصيدة (حنبنيهو) التي سبق الإشارة إليها أعلاه، سوف نجدها تنضح بالمعاني الجميلة والراقية جدًا، ولكن هذه المعاني الجيدة تم وضعها في قالب بسيط وساذج للغاية.
(تعليقي: هذه الملاحظة منك تؤكد انك لا تعرف كوعك من بوعك في الشعر! بينما انت تقول هذا انظر ماذا يقول فضيلي جماع ، ليس في هذه القصيدة بالذات و لكن شعر محجوب عموما:
أكثر ما يميز كتابات هذا الشاعر أنّ جملته الشعرية وليدة تجربة الإنسان العادي صانع الحياة. يكتب في السياسة لكنه يعطيها جواز مرور عبر أفراح وأتراح محمد احمد السوداني صاحب القضية ‘فتخرج الكلمات هينة لينة دون تنطع أو حذلقة
فديتك يا مديد القامة
يا شعباً سديد الرايْ
وقلبي عليك يا حجراً حنين دفايْ
أقبّل فين أفوتك..
وفي حماك حمايْ؟!
أرأيت كيف تخرج المفردة طائعة مختارة ولكنها حادة كنصل السيف. إن القاموس الشعري لمحجوب شريف لصيق جداً بالبيئة السودانية. يستوحي المفردة من لغة الشارع والبيت -لغة الحياة اليومية. لهذا كان قريباً جداً من وجدان الناس لأنه يعبر عن تجربتهم اليومية بشفافية وصدق.
و‌- والواقع أن الناظر في قصائد محجوب شريف قد يلحظ بساطة الخيال الإبداعي فيها، بحيث لا نجد في قصائده ما يسمى بالخيال المركب، أو الخيال التصويري، أو الخيال الفلسفي؛ وعلى العكس من ذلك فإن خياله يكاد يكون فقيرًا. وأنا شخصيًا لا أعتبر ذلك معيبًا في شعر محجوب شريف من حيث أنه شعر غنائي؛ فالشعر الغنائي في الواقع ليس مطلوبًا منه ذلك، فأدوات الخيال والتصوير والعمق الفكري هي أدوات أكبر من وظيفة الشعر الغنائي ولا تتناسب معه. وإن نحن اعتمدنا فقط على النماذج الواردة من شعره هنا فإننا قد نقف على أنيميا الخيال الإبداعي في شعره، كما في قوله: "أيام مطفيَّة مصابيحها زي نجمة بعيدة ومنسية" فهو يحاول أن يقول إنه بدون الشعب ستكون أيامه مظلمة، وسيكون منعزلًا ووحيدًا كنجمة بعيدة ومنسية. في الحقيقة هذا خيال أقرب إلى الخيال الطفولي، لا يختلف عن قوله في قصيدة (حنبنيهو): "وطن غالي. نجومه تلالي في العالي".
(تعليقي: هل تستطيع ان تتصور وطن غالي نجومه تلالي في العالي؟ لولا انيميا الخيال الذي يكبلك لفعلت)
ز‌- ما يهمني التأكيد عليه في الختام، هو أن محجوب شريف لم يكن سوى شاعر غنائي، وليس أكثر من ذلك، وهو في ذلك يحفظ مكانه بين الشعراء الغنائيين، ولكن ليس له مكان في لائحة الشعراء السودانيين، عندما يكون الحديث عن الأدب السوداني بشقيه النثري السردي والشعري. هذا الأمر لا يجب أن يُفهم على أنه تقليل من شأن محجوب شريف؛ فالشعر الغنائي هو جزء أصيل من الثقافة السودانية، والشعراء الغنائيون لهم مكانتهم المميزة في قلوب الجماهير ولا شك، ولكن فقط أقول هذا من باب وضع كل شيء في مكانه، بعيدًا عن التقديس والتضخيم.
(تعليقي: هنا ان هذه واحدة من أغراض و اجندة الكاتب الموهوم : يريد ان يقول لكم ان محجوب شريف الذي تقدسون و تضخمون لا يرقي لمستوي الادباء السودانيين بما فيهم الاديب هشام آدم الكاتب السردي!!)
والآن دعنا نقرأ مقالك معك من جديد لنبين لك ضحالة فكرك وعلمك في النقد الادبي.
عندما تقول ان محجوب شريف لم يكن سوي شاعرا غنائيا ولم يكن شاعرا(!)، من او ما الذي هداك الي هذا التصنيف الساذج للشعراء: شاعر غنائي وشاعر بعلامة تعجب!! وما الذي يدعوك للتحدُث عن شعراء الأغاني كأنهم "انفار" في الشعر بينما حميد والقدال "عمداء او جنرالات". انا اشرح لك الذي اوقعك في هذا المطب. انت أيها الكاتب صاحب قصة الجائزة، مثلك ومثل كثير من "المثقفاتية" السودانية مبهور بالأجنبي، وقرأت لأستاذك هذا "كريس روبلي" فانبهرت "بالخواجة" ولا أدرى لم عجزت ان تقرأ للدكتور طه حسين وتأتينا برأيه، او رأي العقاد أو رأي الدكتور عبد الله الطيب؟ ولماذا، وانت الكاتب والاديب الالمعي، لم تقرأ كتب الدكتور عبد العزيز حمودة: "المرايا المقعرة"، و "المرايا المحدبة" و "الخروج من التيه"؟؟ او لماذا لم تقرأ لأولئك الداعين للاستفادة من المستجد في الساحة النقدية الغربية أمثال: محمد مفتاح ومحمد بنيس وحميد الحمداني وحسين الواد وصلاح فضل. خذها نصيحة مني ليس هنالك تصنيف للشعراء بل هنالك تصنيف للشعر، الا إذا اردت استخدامات التصنيفات المتعلقة بنوعية الشعر، أي المدح، الهجاء، الرثاء، الغزل ...,الخ. فالشاعر الواحد يمدح ويهجو ويتغزل.
تقول في فقرة من مقالك الآتي: (وإلى هذا الحد فإننا نرى الاختلافات الأساسية التي يمثلها كل شاعر من هؤلاء متنقلًا بين السهل الممتنع الذي يُمثله حُميِّد، ثم الممتنع الذي يمثله القدَّال؛ والسهل الذي يمثله محجوب شريف.) ما هذا يا هذا أنك حرمت القدال من السهل أولا وحرمت محجوب شريف من الممتنع!! انا اعتقد ان ثلاثتهم "شعراء بعلامة تعجب" وفق تصنيفك وثلاثتهم تجد عندهم السهل الممتنع، والدليل على ذلك انني امنحك فرصة أسبوعين ان تكتب شيئا في المعني الذي عالج فيه محجوب شريف "قضية الجنوب" في "عاشه وميري" بالأدب الذي يناسبك شعرا كان او نثرا.
لا أدرى ان كان من علموك في المتوسطة كيف تصيغ رسالتك سردا او شعرا؟ اول امر يجب ان يكون في خاطرك تحديد المتلقي (audience) و من هنا فان قصيدة عاشة من أصعب القصائد التي عالجها شاعر الشعب وهو يقدم نشيدا للوحدة لأبناء الجنوب فخاطبهم بلغة قريبة للغة عربي جوبا، ولكن في شعر غنائي مبين. واختياره للموسيقي الغنائية هنا لم يكن اعتباطا فأهلنا في الجنوب يحبون الغناء والرقص. ثم اراك تسخر من الصور الشعرية في هذه القصيدة: (الشاعر يدعو في بداية قصيدته إلى ضرورة بناء الوطن، وتكلم عن ضرورة بناء المسارح والنوادي والمصانع ومكاتب البريد وتشييد الكباري والمستشفيات وصالات ونوادي ثقافية، وهذا كله مفهوم ومتسق تمامًا، ولكن ما علاقة الغزالة والزرافة هنا؟ هل يتكلم عن بناء أو إنشاء حدائق للحيوان مثلًا؟ وماذا عن جملة: ركَّ قمري طار؟ وكيف يمكن أن تفهم حركة القمري بين (الرك) الهبوط والطيران؛ لاسيما مع اضطرار الشاعر إلى حذف حرف (الواو) الذي كان من شأنه أن يشير إلى التعاقبية (ركَّ قمري وطار)؟ الحقيقة أن المعنى هنا مضلل جدًا، وليس بينه وبين ما قبله رابط موضوعي يمكن الاعتماد عليه؛ إلا في سياق النسق التبسيطي الساذج ذاته.)
كبرى..استباليه
صاله للثقافه
تسرح الغزاله
جنبها ...الزرافه
ركَ قمرى طار
يا لسذاجتك أيها المثقف الموهوم، شاعر الشعب كان يرسم قصيدته بعشرات الصور، و حاشا لابي مي ان يفكر في حديقة حيوان، الصورة التي انتقل اليها من البناء المادي للاستقرار هي صورة الامن و الطمأنينة، عندما تسرح الغزالة و حنبها الزرافة و ترك القمرية دون ان يفزعهما صوت بارود او انتنوف! وقع ليك يا اخوي. كما ان هذا مثال للخيال المركب الفلسفي الذي تفتقده في شعر محجوب. و اليك مزيدا من الامثلة ، فقط لن استطيع ان اشرح لان مقالي وصل الصفحة الخامسة:
غطى الجبال الليل
لكن هدير السيل
لكن صهيل الخيل
نار الغضب والجوع
تحت الجبل مسموع
يضووا عز الليل
( 2 )
والموج شديد الظلام
غطى الشهيد الهمام
لكن دماهو بتقيد
لكن طريقو المجيد
ابداً شديد الزحام
رايات ترفرف غمام
ينزل رزاز النشيد
والنجمة تلمع هناك
رغم المكان البعيد
( 3 )
والنهر عبر السنين
يزحف بعنف وبلين
في الليل بيلمع يبين
فارس بسيفو السنين
يحمينا حضنو الامين
نطلع بكتفوا الشمال
ننزل بكتفوا اليمين
لكنو مين يقدر يقول
أنا سيدو مين
( 4 )
في منحنى الدرب الطويل
الحبة تفلت من جراب
عابر سبيل مسكين هزيل
عطشان يموت في السكة
ما يتم الرحيل
تكبر تشيل تلبس جميل
تصبح مقيل عابر سبيل
( 5 )
عصفورة من أخر بلاد
في رحلة لي أخر بلاد
تعرف مواعيد الحصاد
وكل دورات الفصول
وأنضر ايام الحقول
وتعادي أسراب الجراد
وتنادي لوكركب زناد
صياد على العش والولاد
( 6 )
أنسانة ابسط ما يقال
لو صاح
اعز من النساوين الرجال
أنثى ولا دستة رجال
تمشي وما بتطأطي
ما بين بير وشاطي
تطلع عالي واطي
نهارها مع السواقي
وليلها مع الطواقي
وعمرها للجهال
( 7 )
والنملة في الصف العجيب
وعلى انفراد
نفس النشاط والأنضباط
نفس الحماس
تسعى وتجيب ولا من رقيب
ولا حتي في الأمر التباس
ولا في اختلاس
أحسن كتير من بعض ناس
ولا في اختلاس
وهيلا .. وهيلا هيلا .. هيلا
تلقى تفسها في سفينة
وهيلا .. وهيلا هيلا .. هيلا
تاني في شارع مدينة
والحكمة بنفس الحماس
تلقاها في الصف العجيب
كم مرة تهرب من مداس
من طفل عابث ومن لهيب
بالحبة تمسك في عناد
الحبة ملك الاتحاد
( 8 )
والحكمة في مر السحاب
والعلاقة البينو ما بين الجذور
واللسة في الباطن بذور
وغنا الطيور
والمعركة الدارت تصلصل
بسيوفها وبالحراب
والعلاقة البينو بين الغابة والهبابة
والربابة والمنديل
ومجرى النيل وضلفة باب
وبكية طفلة في الكتّاب
تفتش عن قلم رصاص
وقع في الباص
وحس رصاص هدر في ناحية
فيها العيش حكر للجيش
بتاكل من زمن مافيش
وتشرب من زمن مافيش
وكان اضراب
( 9 )
والشمس تطلع يبين
ادق ما في الجبال
تبدأ الموانئ العظيمة الهدور
وتصحى المصانه بيهمة وتدور
ووتملأ الشوارع وكل الجسور
وتشفى الصدور
جموع الشغيله خطاها ثقيلة
تخلى القصور تحس بالفتور
وحمى الزوال
( 10 )
تصحى المدينة
تقوم تستحم وتولع سيجارة
تدخن تسخن بشاى الصباح
وحق الملاح وسيد الجزارة
وتقعد تدندن تخيط زرارة
ترتق هدوما وتفتق هموما
وتسب الحكومة وتفن الريال
وتنفض سريعاً غبار النعال
وتنزل تواجه مشاكل عويصه
تشرّط قميصا وتدق العيال
ليه العيال يعيش النضال
يخلى الحكومة تدخن تسخن
بنار الكفاح
وتقعد تطنطن لحدي الصباح
بتطلع بتطلع حزينة وكتومة
تشرّط هدوما وتحش المصحة
يعيش الأصح يعيش النضال
وضروري النضال
هل تعتقد ان كاتب هذا الشعر يعاني من "انيميا الخيال"؟ ان الذي لا يستطيع ان يستوعب هذا الممتنع السهل هو الذي يعاني من انيميا الخيال.
يقول أهلنا في السودان ان "فلان ماخد قلم في نفسه" و لا احد يستطيع ان يعترض علي مثل هذا الاعتقاد ما دام الواحد فينا حر في صدغه يضربه بالكف او يشلخه بموس، لكن عندما تكون مآلات مثل هذا الاعتقاد ان يتعرض لرموزنا الشعبية الوطنية، خصوصا محجوب شريف المتفرد في حياته، سلوكه، نضاله، حبه للوطن و من قبل ذلك في شعره، هذا امر لا يمكن السكوت عليه. ابعد عن محجوب شريف و شوف ليك شاعر من شعراء علامة التعجب، ربما تبلغ المرام و تؤلف شيئا غير القصة.
رب ارفع عنا البلاء والغلاء والكساد الذي أصاب الادب في السودان.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف الخلق والمرسلين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.