شهدت منطقة حوض النيل تغيرات على مستوى دولها وفى نظمها السياسية الداخلية وسياستها الخارجية تجاه القضايا الاقليمية والخارجية فمنطقة حوض النيل شهدت تغيرات سياسية من بينها انفصال ارتريا عن الدولة الاثيوبية وانفصال دولة جنوب السودان من دولة السودان بعد استفتاء شعبى لسكان الجنوب افضى بتكوين دولة مستقلة وتنصيب سلفاكير ميارديد رئيسا لدولة الجنوب. تاريخيا تعاني دول الحوض من الفقر وعدم وجود المشاريع التنموية والمشاريع الزراعية والكهربائية التي ترفد معدلات الناتج القومي لشعوبها كما ان تطور نظمها السياسية كانت قاصرة في التفكير في مثل هذه المشروعات التنموية. كما أن الجفاف الذي ضرب اراضيها في ثمانيات القرن السابق والذي استمر إلى تسع سنوات والتغلب في معدلات الامطار اعاق التفكير فى المشاريع التنموية وادى الى هلاك الانسان والزرع وعطل مشاريع التنمية واحتاجت دول المنطقة الى المعونات والاغاثات الدولية. فى الالفية الجديدة وبعد انتهاء الحرب الباردة والاستقطاب الدولى واستقلال الدول بقيلم القطبية الواحدة والنظام الدولى الجديد شهدت منطقة حوض النيل استقرار فى انظمتها السياسية وبدات التفكير في العمل على مصلحة شعوبها واصبح التفكير في كيفية الاستفادة من مصادرها الطبيعية فالمنطقة تمتاز بوفرة الموارد المائية وكثرة البحيرات والمساقط المائية كما تمتاز بمساحات شاسعة من الاراضي المسطحة الخصبة فضلا عن الموقع الاستراتيجي فهي تطل على ممرات مائية مهمة شمالا البحر الابيض المتوسط وقناة السويس وفي الشرق البحر الاحمر والمحيط الهندي وغربا المحيط الاطلسي. فدول المنبع تزايد عدد سكانها وأصبحت تحتاج للمياه لإقامة مشاريع زراعية عن طريق الري الانسيابي وإلى الطاقة الكهربائية لاستخدامها في اقامة المصانع والصناعات الثقيلة لاستقرار ناتجها القومي وتكون في مصاف الدول المصدرة والخروج من نفق الاستيراد والذي اعاق تطورها سابقاً. تلك المعطيات ادت إلى تفكير دول حوض النيل في الاستفادة من المصادر الطبيعية والماء يمثل أحد هذه المصادر في المنطقة فسعت إلى دراسات اقامة السدود والاستفادة منها في تنمية شعوبها وفقا للانتفاع المنصف والمعقول لدول الحوض وفقا للمبادرات والتعاون بين دوله خاصة اثيوبيا بعد الاستقرار السياسي والاقتصادي في نظمها السياسية مستفيدة من تجاربها السابقة وماضيها والتي عانت فيه من موجات الفقر والجفاف الذي ضرب سكانها. مؤخراً تناقلت وسائل الاعلام خاصة وسائل الاعلام الاثيوبية زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دولة أثيوبيا ومطالبته الحكومة الاثيوبية ابعاد السودان من اللجنة الثلاثية لمباحثات سد النهضة والاقتراح بإدخال البنك الدولي كمحائد وهو الطلب التي اعتبرته أثيوبيا غير مقبول اطلاقا وأثار سخرية الحكومة الاثيوبية ووسائل الاعلام المحلية الاثيوبية باعتبار السودان لاعبا اساسيا ليس فقط في مباحثات اللجنة الثلاثية لسد النهضة بل لاعب اساسي في جميع المبادرات التي تسعى إلى التعاون والتنسيق للاستفادة من المورد المائي وفقاً للحق المنصف والمعقول لدول الحوض مجتمعة. فبالنظر الى الطلب المصري باستبعاد السودان من اللجنة الثلاثية لمباحثات سد النهضة نجد أن السودان لاعب اساسي ومحوري في المباحثات التي تمت بين الدول الثلاث السودان وأثيوبيا ومصر ولعب دورا اساسيا وليس لاعب ثانويا في المباحثات لتقريب وجهات النظر بين المفاوض الاثيوبي والمفاوض المصري فالمفاوض السوداني لعب دورا فنيا ودبلوماسيا في المفاوضات التي تمت باعتبار ان السودان يضم مجموعة من الخبراء فى مجال المياه والعلاقات والقوانين الدولية تشكلت تاريخيا منذ قيام السدود على مجرى النيل في الروصيرص وسنار ومروي واخيرا اعالي عطبرة وسيتيت فضلا عن المشاريع المائية الاخرى مثل مشاريع حصاد المياه ومشاريع زيرو عطش والتي انتظمت جميع الولايات خاصة التي تعاني من مشكلات الشرب والسقيا للانسان والحيوان وفقا لخطة الالف يوم. فالسودان معني في المقام الاول بالحفاظ على حصصه المائية وفقا للاتفاقيات السابقة خاصة اتفاقية مياه النيل لعام 1959م والتي رفعت نصيب السودان من مياه النيل الى 18.5 مليار متر مكعب من المياه والبحث عن مبادرات ومشروعات عبر التعاون والتنسيق مع دول الحوض خاصة دول حوض النيل الشرقي لزيادة المياه واستغلالها فى المشاريع الزراعية والكهربائية لرفد معدلات التنمية في البلاد. فالطلب المصري وفقا لمرشح على لسان اديس فورشن الاثيوبية من استبعاد السودان من مباحثات سد النهضة ينطوي على قدر من عدم اللامعقولية وعرضا على مسرح اللامعقول في الاتفاقيات التي تمت بحضور روساء الدول الثلاث للسودان و اثيوبيا ومصر بتاريخ 23 مارس 2015م وتضمن عدد من المبادئ والتي من بينها بناء الثقة للدول الثلاث ومبدأ التسوية السلمية للمنازعات الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض ويعني عدم احترام مصداقية المباحثات والمفاوضات السابقة والتي بذلت فيه الجهود من جانب المفاوضون من الدول الثلاث واستغرقت من الزمن وعبرت كثير من المطبات والمعوقات فى ظل التفاؤل بتعاون وتنسيق دول الحوض فى المشاريع المائية في دول الحوض وفقا للحق المنصف والمعقول ومثلت تلك المباحثات ثمرة من ثمرات التعاون لدول الحوض وبادرة للمضي قدما في حل الاشكالات مثل اشكالات وخلافات اتفاقية عنتبي والمضي قدماً في المشاريع المشتركة لفائدة شعوب دول حوض النيل. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.