بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    «الأولاد يسقطون في فخ العميد».. مصر تهزم جنوب أفريقيا    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر الشهيرة "ماما كوكي" تكشف عن اسم صديقتها "الجاسوسة" التي قامت بنقل أخبار منزلها لعدوها اللدود وتفتح النار عليها: (قبضوك في حضن رجل داخل الترام)    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (3)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    ⛔ قبل أن تحضر الفيديو أريد منك تقرأ هذا الكلام وتفكر فيه    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجولة وما نعتقد وأوهام الفحولة - من سجالات الاسافير أحكي .. بقلم: زهير عثمان حمد
نشر في سودانيل يوم 22 - 03 - 2018

كنت مع مجموعة حوارية في مناصات تبادل الافكار عن الاسافير وأصقاع الدينا وهي عبارة مجموعة صغيرة ضمت أصدقاء وصديقات عددنا تسعة منا خمسة من الجنس اللطيف كما يودن أن يكون التصنيف هكذا والباقي من الرجال دخلنا في سجال نتبادل الاراء والافكار في موضوع أسبوعي عسي أن يكسر جمود الحياة ويحرك الافكار و نعزز من خبرات بعضنا البعض كان هذا الحوار منذ خمسة أشهر جمعت كافة مقاطعه لكي يكون مادة لمقال أو بداية لكتابة جادة في ذات الموضوع وها قد منحت فرصة لكي أحرره من خصوصية المجموعة لكي يصبح ملك للجميع وننقاش الامر بشيء من العمق ونتفاكر علنا نصل الي طرح معقول .
سالت أحدي الاخوات من أعضاء المجموعة عن رؤية الرجال السودانيين في الرجولة بعصرنا هذا بعيدا عن المورث والمقدس وحملت المثقفين وزر مشكلات اليوم وما تعاني المراة السودانية من قمع وتحجيم لدورها في مجتمعنا من نظرة ذكورية عالية النبرة والايقاع وهاجمتني بفهم أني لم أخرج من عباءة القدماء أحمل نفس الفكر والنسق في التعامل والتفكير في هذه المسالة
كنت في غاية الامتعاض لسبب واحد أري سلوكي وطبائعي ليست ذكورية المنحي لهذا الحد وجعل ألانفعال ما أقول شيء ضياع الدرويش وضبابية المتعلم الذي يتدثر وسط لغة محايدة ولكم الحكم !
ولجت الي فكرتي بأني من أصوال سودانية ومقام المرأة في نفس كل رجل له وضع مميز ومحبة الانثي لانها جزء عزيز من النفس والحياة قل حتي في تكوينك الداخلي هنالك شق أنثوي ليس الخلل الحاصل في مجتمعنا والمتمثل في هيمنة الرجال ومحاولات تحجيم دور المرأة ليس أمرا طارئا علينا ولكنها أرث سلوكي تم أرضعنا له مع فكرة أنك الرجل الاقوي وصاحب القرار و هذه ما هي بميزة ننفرد بها عن باقي المجتمعات فحتى اليوم لايمكن النظر لأكثر المجتمعات تحررا سوى بوصفه مجتمعا ذكورياوالاختلاف هو في درجة طغيان الذكورية بالطبع لايمكن
مقارنة مجتمع تتمتع فيه المرأة بحقوق راسخة قانونيةو سياسيةو اجتماعية بمجتمع يفتقد مثل تلك الحقوق لكن المسألة تمتد في إطارها الأوسع إلى درجة تمكين المرأة
من ممارسة حقوقها المكتسبة من جهة واجراء تغييرات بنيوية عميقة في الثقافة والممارسات الاجتماعية الموروثة وهناك مسألة أخرى تتعلق بالصراع الاجتماعي وطبيعة المجتمع وما يفرزه من عنف ومن ثقافة جعل المراة قطعة خارج أطار التعامل الذكوري في كافة مسائل الشأن العام سلعة أو شئيا من الترفية ودورها ينحصر في الخدمة داخل المنزل والطاعة المطلقة للرجل في في منظومتنا الاسرية
أننا نمتلك كل شيء في هذا السهل من الارض وما عليها وكما قال المفكر السودني الدكتور النور حمد أنه العقل الرعوي في كل شيءيرجع للممارسات الامتلاك والسيطرة وفي بعض الاحيان يقول الراعي لأبنه أن لم تستطيع أن تحسن السيطرة علي جوادك لن تكون فارس ولا فحلا ممتع!
السيطرة هنا علي كل شيء بما في ذلك المرأة ذاتها أنت زوجة أو أخت حتي الغيرة علي الام يكون من أجل الاستحواز علي أهتمامها
حينما يتجه المجتمع نحو العسكرة والحروب تشتد نزعة طغيان الذكورية وتغييب المرأة تماما عن المشهد العام لقد كانت الحروب باستمرار عبر التاريخ أداة مثالية لتأكيد سيادة الرجل واستعباد المرأة وسيادته علي المجتمع أما في عصر العوالمة فنظرت الكل للمرأة على الدوام كسلعة بجسدها و ذاتها وفي عصر العولمة حدثت قفزة كبرى في الصناعة والتجارة الاباحية بفضل النظرة الرأسمالية وبلغت الاستثمارات في ذلك الحقل مرتبة متقدمة بعد الأسلحة والمخدرات
تعالوا نتكلم عن تجربة أهل السودان مع المراة ومشكلاتها من خلال منظور ذكوري في حالتنا نحن أمام خصوصية تاريخية اجتماعية ساهمت في طغيان النزعة الذكورية الى حدود مفرطة
المسألة التي تستحق الاهتمام هي السياق التاريخ الاجتماعي الذي تم فيه وبواسطته تطور الثقافة الذكورية وطغيانها الى حد أفقد المجتمع توازنه الاجتماعي وجعل ما يكون فيه شيء أشبه بالعاهة المستدامة لقد استمرت تترسخ دون مقاومة حتى الأمس القريب حين بدأ استفزاز التحدي الحضاري لنا كأمة بدفع اعادة النظر في موروثاتنا ومسلماتنا وأعادة النظر في قيمنا الاجتماعية ليس بالجديد الصراع المكبوت مابين جماعات الجندر والتقليديين في المجتمع وعند ما ننظر لثقافتنا الشعبية ومفهموم العيب والشرف والأحاجي وقاع النفس التي ترعرعت علي ضفاف النيل وعلي النسق الافريقي الذي ترسب فيها مع أعتمال الرؤية للمقدس والقيمة الاجتماعية للمراة كلها بما ذلك مكانة الاسطورة التاريخية ومغزاها الاجتماعي فاطمة السمحة وتور شين صاحب القرار وتظل فاطمة السمحة هي غواية الجنس والمتعة والقطعة الثمينة في المنزل وتمثل العار والشرف في نفس الوقت والمراد المحبب لا الاداء الانساني لها من منطلق أن للمراة دور محدد هو الخدمة والانجاب
لننظر الى الرجل العادي في مجتمع تقليدي محافظ فهو لايعرف المرأة سوى في الليل أما في النهار فهو حين يكون في عمله يعيش حياته الاجتماعية مع أصدقائه وعقله الباطن مشبع بالنظرة الدونية للمرأة مع تسليم بأنها كائن محل شبهة وشك ومصدر للفتنة والشر وتقول العرب اذا رأيت أمورا منها الفؤاد تفتت فتش عليها تجدها من النساء تأتت !
وقول الشيخ فرح ود تكتوك ( بوالات قريب لابد يعيبن فيك نكرات جميل للفارس الجياب)
قد لا يعرفها شباب اليوم ولكنها أعتقاد راسخ في عقل الكثيريين
منا وكذلك الام تقول لاولادها لا تشتري ذهب لزوجتك التي لم تنجب لكي لا يذهب المال بعيدا والاصرار علي سترة عرض العائلة والزواج من بنات العم وغيرها من سلوك قهر الناس داخل البيوت لكي تظل سيطرة وسطوة الرجل قائمة حتي عندما تتزوج وتترك بيت العائلة نجد أن الاخ الكبر أو الاب وتمسي سلطة الاولياء
واغتراب الرجل عن المرأة أصبح ظاهرة أجتماعية تحملت بعده بعض الادوار الذكورية من رعايةالعائلة الي القيام بدور الاب في غيابه وأيضا أضفي علي المشهد الاجتماعي بعض من الاستقلال للمراة التي تعمل بالخارج وهذه حالات محددة وبعد هذه الظاهرة كان شعور الرجل بالحوجة لنوع محدد من النساء وكتعويض عن هذا الاغتراب ظهرت شهرزاد المرأة التي تحمل التسلية وتكسر حدة الغربة وهي في الغربة مباحة للرجال خارج أطار العلاقات الشرعية وغير مباحة العلاقات خارج أطار الزواج للمراة و شهرزاد الداء والدواء فهي وحدها القادرة على كسر غربة الرجل وحل عقدته لكن المفارقة
أن الرجل حين يصحو من حلم شهرزاد يفعل كل ما في وسعه ليمنعها من تحرير ذاتها وبالتالي تحريره هو أيضا
لكن كيف نشأت وتعمقت أزمة علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع ؟
ذكرنا سابقا كيف أن روح العقل الراعوي تستبطن معها روح العنف والغزو ويترافق ذلك مع طغيان الروح الذكورية في المجتمع وتهميش دور المرأة
وفي حين أن نمط الراعي يعتبر الحامل الاجتماعي التقليدي لروح الذكورة فان انتشار تلك الروح وانبعاثها بين الحين والآخر هو أمر لايرتبط بالضرورة وبصورة حرفية بنمط الرعي وسيادته فالانقسامات القبلية والتعصب القبلي الذي يصل حد الاقتتال ظل يرافق المجتمع السوداني مئات السنين حتى تفككت هذه الروح قيليلا بين قبائل المثقفين بعيدا عن أن يكون نمط الرعي نمط انتاج سائد فيه هكذا فالروح القبلية المرتبطة بالبداوة قد يمتد تأثيرها عبر المدن والأرياف وبعد اندماج القادمين من الريف في المدن والحرف المدنية عبر أجيال متعاقبة لكني أجد نفسي مضطرا لأن أعود لفكرة أن طغيان الروح الذكورية شيء وتدمير العلاقة بين الرجل والمرأة شيء آخر.
أسوأ ما يعانيه هو موروثاتنا المرتبطة بتدمير العلاقة بين الرجل والمرأة، رغم أن المشكلة كثيرا ما تعرض بوصفها مجرد تهميش لدور المرأة وطغيان الذكورة
مع توسع الدولة السنارية وتمركز السكان بسوبا والثروات في عدد من المدن من أهمها مدينة سوبا التي كانت بدون شك احدى أكبر وأغنى مدن السودان تفاقمت ظاهرة العبيد لتشكل مجتمعا موازيا بدأ يضغط بمفاهيمه وطريقة حياته على المجتمع الآخر بحيث شكل التفاعل بين المجتمعين سياقا خاصا أخرج المجتمع الأصلي عن سياق تطوره الذاتي بل أنهارت قيم أن للانسان قيم وسط السيطرة الكاملة للرجال علي المشهد السياسي والاقتصادي وظلت الانثي حبيسة البيت لدورها المعروف في المتعة والانجاب
تختلف الأدوار الاجتماعية التي يقرّرها المجتمع بناء على المرجعية البيولوجية من مجتمع الى آخر ويتوقع المجتمع من الذكر والأنثى التصرف بطريقة معيّنة حسب المعطيات الثقافية والاجتماعية المتحكّمة في تلك المجتمعات فتحدد لهما أدوارا معينة وصفاتٍ لم يولد الإنسان بها وإنما فرضها عليه المهيمن الاجتماعي والديني والعرفي وهو في معظم الأحوال نتاج السلطة الذكورية المتسيّدة والمتمسكة بالقيم الأبوية التي تضع النساء ضمن المراتب الدنيا داخل البيت والمجتمع
توصف الأنوثة التقليدية بصفات عمومية تختلف من مجتمع الى آخر، لكنها تكاد تقترب من بعضها في زمن معين فهي صفات الحنان والحضانة والاحتواء والرقة والرأفة والتضحية من أجل الآخرين والتقوقع في الدور الأمومي والاتجاه إلى الداخل بينما تتجه سمات الذكورة إلى الخارج فالذكر يتحدى ويعمل ويواجه ويكون مسؤولا عن الإنفاق والقوامة والحماية والتحكم بمصائر أسرته، إنما تتغير هذه السمات تبعا للواقع السياسي والاجتماعي الى حد ما فلم تعد الذكورة قيمة ثابتة ولا متماثلة في المجتمعات المعاصرة لذا يمكن الحديث عن (ذكورات) متعددة وقد تستعير بعض مظاهر الأنوثة كتلك التي تمثل الاهتمام بالأناقة والقبول بانتشار مسحة من النعومة على مظهر الرجل الخشن الذي كان محل اعتزاز وتفاخر ولكنها مرفوضة وسط مجتمع الرجال ومباحة للشواذ
غير أن التعبير الذكوري الأساسي عن الذات الذكورية يجد تجلياته في استخدام العنف ضد الآخر أيّ آخر وغالبا ما يكون هذا الآخر هو المرأة وقد يكون العدو في حالة الحرب وهذا ما يدل عليه بقاء بل ازدياد تلك الأنواع من الجرائم التي تسمّى ب(جرائم الشرف) والتي يصدر فيها العنف الذكوري حكمه على مصير الأنثى باعتبارها (شيئا) يقع ضمن ممتلكات الرجل وليست ذاتا حرة وإنسانة لها وجودها المستقل خارج هيمنة الذكور
من جهة أخرى لا يقبل الرجال السودانيون بأيّ ملمح أنوثي ويصرّون على وصف ذاتهم من خلال الذكورة العنيفة المتّسمة بالشجاعة والخشونة والقدرة على القتال والمجاهرة باحتقار الإناث، رغم أن الذكورة التقليدية لم تعد مدعاة للفخر والاعتزاز في المجتمعات الحديثة بل أمست في الغالب مدعاةً لارتكاب الجرائم وأولها جرائم الحرب من اغتصاب وسبي وتعذيب وإهانات تقع على الضحايا من النساء في حين تنطوي السمات الأنثوية عموما على نزوع الى الاستقرار والسلام الضروري لإدامة الحياة البيتية ونمو العائلة وتربية الأبناء وتحقيق السعادة التي تعدّ مطمحا أساسيا للبشر على اختلاف أجناسهم ومجتمعاتهم
مقابل ذلك تفشل الذكورية العنيفة النازعة الى الاستبداد وتأجيج الصراعات السياسية والاجتماعية والطائفية
فتفشل في تحقيق السلام والأمن الاجتماعي بل تفاقم صراعاتها حالة فقدان الأمن ويتأسس على نتائجها توتر اجتماعي وفقدان التوازن النفسي للأفراد وانعدام الثقة بين السلطة والمجتمع واتساع ظاهرة العنف ضد النساء في حين تمثل سياسة الحوار والديبلوماسية التي تتسم بها الرجولة الحقة نجاحا مؤكدا في تحقيق التفاهم بين الآراء المختلفة وتماثل في هدوئها ونعومتها الجانب الأنوثي في نزوعه للسلام والتفاهم والاستقرار
وقد لاحظت تغيرات إيجابية في مفهوم الرجولة والرجولة غير الذكورة إذ تعني فيما تعنيه امتلاك صفات إنسانية رفيعة منها القبول بالمشاركة الإنسانية وامتلاك الشجاعة في الدفاع عن حقوق النساء والتعامل المتحضر مع المرأة فالرجولة صيغة متطورة وإنسانية لذكورة تخطت بدائيتها وترسّخت سماتها المتحضرة السامية والشجعان من الرجال المتحضرين هم الذين يتخطون السائد من التنميط الخاص بالرجال والنساء ويشاركون المرأة لتعزيز مكانتها في المجتمعات الحديثة وشتان ما بين الذكورة الشرسة العدوانية وبين الرجولة السامية المتحضرة
يفاخر الذكر بجنسه إذ لا فضل له في صفته فذاك خلق الله قد خلقه ذكراً ولو شاء لجعله أنثى وهي ليست ميزة وإن كان ا بطبعه السوداني يحب من الذرية الولد ويفضل من نسله الذكر على الأنثى وفي هذا جاهلية ضاربة وإساءة للأنثى إذ لا فضل لذكرٍ على أنثى في الخلق فكلاهما هكذا خلق،ولا دور للإنسان في تحديد جنسه، وإن تطور العلم وتعددت وسائل عزل الجينات وتحديد نوع المولود وإن كان الذكر يفاخر بجنسه ويتيه فإن الأنثى تفاخر بجنسها، وتعتز بخلقها ولا تتمنى أن تكون بغير الهيئة التي خلقت بها الذكورة لا تعني زوائد في الجسد ووظائف مختلفة في الجسم، تمنح صاحبها الحق في التحرش والاعتداء أو التسلط والإيذاء أو المس بكرامات الحرائر وشرف الناس وهي لا تعني تسلطاً على الحقوق وهيمنةً على الميراث وتحكماً في الخلف من الإناث وهي لا تجيز التمييز في المعاملة، ولا تقبل بالمفاضلة، فكلاهما شطر الحياة الأساس
وهي بالضرورة لا تنسجم ولا تكون بالتشبه بالنساء والتصرف مثلهن ولبس ثيابهن والاختلاط بهن والتحدث بنعومةٍ ورقةٍ أنثوية بلينٍ يخضع ونعومةٍ تجذب فمزاحمة الرجال للنساء في طبيعتهن شذوذ وانحراف والتشبه بهن قبحٌ يثير الإشمئزاز ويبعث على النفور والإزدراء وهذه جزء أصيل من قيم الرجولة
ينسى الفخورون بذكورتهم أن الذكورة لا تعني بالضرورة الرجولة فالرجولة موقفٌ قبل أن تكون جنساً وهي سلوكٌ وممارسة وفعلٌ وعمل ودورٌ وواجب وتميزٌ واختلاف فلا يكون الذكر رجلاً بخلقه وشكله ولا بالشعر المرسوم على وجه ولا بعضلاته إن وجدت أو بقوته إن كانت أو بسطوته إن مارسها فالذكورة الجنسية شئ والذكورية الأخلاقية شئ آخر قد تتفق مع الأولى وتؤكدها، وقد تختلف معها وتنفيها
الرجولة صنو الشهامة ورديف النبل ولازمة الشجاعة والكرم والنخوة والحمية والشرف وهي تعني الرأس العالي والكرامة الموفورة والكلمة الحرة الأبية إنها الغيرة الواعية على الأهل والغضب من أجل الوطن والثورة انتصاراً للشعب والحسم وقوفاً مع الضعفاء وتأييداً لأصحاب الحق
الرجولة لدينا نحن أهل السودان وقفة عز وكلمة حق وشهادةُ عدل وحكمٌ فاصل وعدلٌ وهي ضياءٌ وسط الظلماء ونورٌ إذا خيم الظلام، ونصيرٌ يلبي الصرخة ويستجيب للنجدة، وهو فارسٌ في الميدان وعند اللقاء يقاتل بقوة ولو كان فيه حتفه ويستبسل حفاظاً على الشرف وإن كان المنون ينتظره
الرجولة لا يعيبها لونٌ ولا شكل ولا ينقص من قدرها فقرٌ وحاجة، أو ضيقٌ ومعاناة ولا يقلل من شأنها حبسٌ أو اعتقال، أو قيدٌ وأغلال ولا يكسرها سجان ولا يحد منها غاصبٌ أو معتدي ولا يقدر عليها قويٌ أو غاشم، ولا ينال منها حاقد
الرجولة ليست صفة مدحٍ وكلمة إشادة وعلامة ثقافة وميزة تحضر يتمنى أن يتصف بها عقلاء الذكور وأن يحمل صفاتها ويكون أهلاً لها فالرجل لا يظهر ذكوريته على المرأة بالضرب والإهانة أو بالتسلط والافتراء ولا برفع الصوت والصراخ ولا باستباحتها واغتصابها أو التحرش بها والإساءة إليها وإلا فإنه لا يحسب من جنس الرجال أو طائفتهم
نسيئ كثيراً إلى المرأة عندما نصف الرجل أحياناً بها فنتهمه بأنه امرأة وغايتنا بذلك أن نشتمه ونهينه وأن نضع من قدره ونستهين بمقامه وأن نقرعه ونوبخه في حين أن المرأة قد تأتي أحياناً بما لا يأتي به الرجال وقد تقوم بما يعجز عن القيام به الكثير، وهي قلَّ أن تتصف بالرجال خلقاً وشكلاً، إلا أنها تقوم بأفعالٍ بها ونفخر ونسر بها ونسعد
فالمرأة الصابرة عند المصيبة والفاجعة تضاهي أشد الرجال وأقواهم بل تشحذ هممهم وتقوي من عزائمهم، وتشعل نفوسهم حميةً وحماساً والتي تشهد بالحق وتقول الصدق وتبحث عن العدل وترفض الكذب والخيانة وتحارب الزيف والظلم والضلال وتتمسك بالقيم وتحافظ على وطنها وتضحي في سبيله وتقاتل من أجله وتستشهد دفاعاً عنه لهي أعظم بفعلها من كثيرٍ من الرجال وإن لم تكن منهم
كم نحن في حاجةٍ بالسودان الوطن لقيم واضحة في مسائل الرجولة والذكورة وكذلك علي شبابنا أن يدرك أن مسئولية المجتمع اليوم مشاركة أصيله بينهم هم وشقائقهم من النساء في المجتمع
بهذا الطرح نحن نتعامل مع مفهوم الرجولة عساني أوضحت رغم الاطالة التي فرضها الطرح وعلي حواء الفخر بأن هذه القيم موجودة لدي فئات عريضة من أهل السودان لها الاحترام دوما لدورها كأم وشقيقة وزوجة ودوما شركاء بالوطن .
.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.