عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ونحن ندرس في الخرطوم الأميرية المتوسطة طالبتنا إدارة المدرسة بدفع جنيه لإعادة اعمار المدرسة بطلاء جدران فصولها ، تكاسلنا في دفع ما علينا أنا وطالب أخر اسمه محمود ، مشرف الفصل حينما طلب من الذين لم يدفعوا أن يقفوا ، وقفنا أنا وصاحبي محمود ، قال لي المدرِّس : ( صلاح اقعد لو سألناك قلنا ليك ما عايز تدفع مالك حاتقول لينا أبوي سواق قطر ومسافر ، ونحنا حاننتظرو لمن يجي وكل يوم حأسالك ) ، ثم توجه بالحديث إلى محمود : ( محمود انت ما عايز تدفع مالك ؟ رد محمود : ابوي قال لي : جنيه في60 طالب في 12 فصل انتو عايزين تضربوا الحيطان دي شنو ؟ رد عليهو الأستاذ : قول ليهو عايزين نضربها ايسكريم لولي )، وكان ما يسمى ( ايسكريم لولي ) جديدا ذلك الحين بعضنا أكله والبعض رأى من يأكله والأغلبية لم تسمع به، لاأشك في نوايا إدارة المدرسة حينها ولا أتهمها بالفساد ، وقد دفعت جنيهي بعد تغير شكل المدرسة بعد الطلاء ، ولكن أشير إلى ما يمكن أن ينجزه العون الشعبي في تعمير المدارس الحكومية ، وجعلها بيئة صالحة للتعليم وجاذبة لأطفال توسعت مداركهم وصاروا يعرفون جيدا ما يدور في مدارس العالم بفضل تطبيقات ومواقع التواصل التي جعلت العالم بيتا واحدا وليس قرية كما كنا نظن إلى وقت قريب . حال المدارس الحكومية هذه الأيام لا يسر صاحب ولا عدو ، فكم رأينا صورا لطلاب يجلسون على الأرض ويدرسون تحت ظلال الأشجار ، وكم سمعنا وطالعنا انهيارات مرافق المدارس واستشهاد من كانوا بداخلها من مدرسين ، وما أوصل هذه المدارس إلى هذا الحال إلا عجز القادرين على التمام . لا نطالب ولاة الولايات ومعتمدي محلياتها ومجالسها التشريعية بالاهتمام بصيانة واعمار هذه المدارس وإن كان من حقنا مطالبتهم ، ولكني أناشد إدارات المدارس والخيرين من أبناء كل منطقة وأولياء الأمور بتبني هذا المشروع وسيجدون من يدعمهم من الخيرين من رجال الأعمال وأصحاب الشركات ، وهنا يجدر التذكير بما كان يقوم به صديقي الفنان طارق الأمين في برنامجه الناجح جدا ( عديل المدارس ) ، وما استطاع أن ينجزه هو وفريق عمله وهم يجوبون قرى السودان وبنادره . لا نطالب إلا بأساسيات هي فصول جيدة التهوية والإضاءة ومكتبة ومسرح وغرفة نشاط ومرافق نظيفة تليق بإنسانية الطلاب والمدرسين . تفوق كوريا الجنوبيةواليابان وسنغافورة وفنلندا في مجال التعليم واحتلالها المراكز المتقدمة من حيث نوعية التعليم لم يأت من باب الصدفة ، ولم يكن ليتحقق لولا اهتمام هذه الدول بأضلاع التعليم من مدرِّس وطالب ومنهج وبيئة تعليمية ، ومن رؤية واضحة الأهداف تخضع للتقويم المستمر ، اليابان مثلا ألغت امتحانات النقل من الفصول في مراحل التعليم واكتفت بالاختبارات الشهرية ودرجات أعمال السنة وذلك عندما أيقنت إدارات التعليم أن الامتحان النهائي للانتقال من فصل إلى فصل ليس هو الخيار الأفضل لتحديد مستويات الطلاب . وفنلندا تفوقت على أمريكا في نوعية التعليم وفق أسباب منها التشديد في اختيار المدرسين فشهادة البكلاريوس او الليسانس لا تكفي لكي تكون مدرسا حتى في المرحلة الابتدائية ولا بد من شهادة بعد الجامعية. معظم هذه الدول التي تبوأت المراكز المتقدمة نظم التعليم فيها توافق ما كنا نسميه ( السلم التعليمي ) أو ( نظام محي الدين صابر ) رحمه الله رحمة واسعة، والذي يتم توزيع سنواته كما كان عندنا ست سنوات المرحلة الإبتدائية وثلاث سنوات المتوسطة وثلاث الثانوية هل لنا أن نطمع في أن تنشر لنا دوائر البحث في وزارة التربية والتعليم نتائج تقويمهم للنظام التعليمي الحالي تلك النتائج التي جعلتهم يفضلونه على النظام القديم . لا تصدقوا بأن الدول المتقدمة في مجال التعليم تزود الطلاب بأجهزة الحاسوب المحمول و ( الايباد ) تصدقا عليهم ، هي توفرها مزودة بالمناهج الاليكترونية والأنظمة التعليمية ولكن أولياء الأمور هم من يدفعون فاتورتها . التعليم الجيد يحتاج لاهتمام وصرف الدولة وأولياء الأمور ، هيأوا المدارس الحكومية، أعيدوا للمدرس هيبته لنسمع مرة أخرى ( شرطا يكون لبيس من هيئة التدريس ) ولن يبخل عليكم أولياء الأمور بما يدفعونه للمدارس الخاصة .