أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالي في بالي .. بقلم: شوقى محى الدين أبوالريش
نشر في سودانيل يوم 06 - 05 - 2018

عدد بلدان العالم التى تحظى بالإعتراف الدولى تقدر بحوالى 195 بلدة أو دولة وللمصادفة أحدثها دولة جنوب السودان التى إستقلت وأصبحت دولة وقُبلت عضويتها في الأمم المتحدة عام 2011. الشاهد زرتُ عدداً لا بأس به من تلك البلدان، شىء بِحُر مالي وشىء بمال المؤسسات التى خدمتها، وهناك فرق في مذاق الرحلة في كل من الحالتين. الرحلة الأخيرة، التى كانت في أول مارس الماضى، رافقنا فيها البنات وأزواجهن والأولاد والأحفاد إلى جزيرة بالي وتلك رحلة أخرى بمذاق خاص كمذاق قهوة "لواك" لا يعرفها سوى المزاجيين وسوف أعود لذلك لاحقاً.
كان "آفو" ودولته هي أول دولة من دول آسيا التى عرفها السودانيون حين زاروا "آفو" في عقر داره في الصين وهم تلاميذ في المرحلة الأولية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى ثم تلتها دولة إندونيسيا حين حضر وفد السودان، برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري، "مؤتمر باندونغ" لدول عدم الإنحياز الذي عقد في مدينة "باندونغ" بإندونيسيا عام 1955 والذي ضم الدول الآسيوية والإفريقية حيث تبلورت فيها حركة عدم الإنحياز وأصبحت لها قيادة ومبادىء وأهداف. ونسبة للتغييرات في المنظومة العالمية الجديدة، وعدم وجود قطبين متنافسين، أضحت حركة دول عدم الإنحياز تحتاج إلى إعادة النظر في أهدافها ومبادئها ولذلك تضاءلت أهمية هذا المؤتمر وما عاد يتردد على مسامعنا إسم باندونغ وإندونيسيا كما كنا نردده في أغانينا وأناشيدنا الوطنية حينما غنينا مع الفنان الكابلى "وأغنى لرفاقى في البلاد الآسيوية للملايو ولباندونغ الفتية".
بعد أكثر من 40 عاماً من الصمت والسكون رجعت العلاقات مرة أخرى أقوى شأنا مع إندونيسيا عام 1992 وعادت أجواء باندونغ على السطح ونشطت العلاقات الدبلوماسية والسياسية والإقتصادية مع إندونيسيا وجميع دول آسيا بما فيها ماليزيا والصين وفيتنام كما لم تنشط من قبل. ويرجع الفضل كله لرجل أفنى زهرة شبابه وعافيته في خدمة الدبلوماسية السودانية في صمت. فقد غادر الرجل الخرطوم في بدايات حكم الإنقاذ الحالى، وهو لايملك أدنى الإمكانات ولا أبسط المقومات، ليفتح سفارة للسودان في إندونيسيا وفيتنام لأول مرة قابلاً التحدى من قبِل رئيس الدولة. وكانت أولى بنات أفكاره أن تفتح إندونيسيا بالمقابل سفارة لها في الخرطوم على وجه السرعة. ولأنه رجل عُرف بالإصرار والعزيمة والإنجاز فقد أقنع الخارجية الأندونيسية أن ترسل سفيرها للخرطوم فوراً ونجح في ذلك ورافق السفير إلى مطار جاكارتا ودخل معه كابينة الطائرة وربط له حزام مقعد الطائرة بنفسه حتى لا يتردد وخرج من الطائرة مطمئناً. وكنت شاهد عيان عندما لحق به في الخرطوم في اليوم الثاني إمعاناً فى التأكد، وذهبت معه إلى فندق الهيلتون بالخرطوم حيث كان يقيم السفير الأندونيسىى وبعثته الدبلوماسية. وسرعان ما بحثنا لهم الفلل في أرقى المناطق لمكتب السفارة وسكن البعثة وبعزمه أوجدناها لهم في ذات الأسبوع حتى يستقروا تماماً. ثم عملت مع الرجل على دمج أفراد البعثة في المجتمع السودانى لنحببهم الحياة العامة في السودان ونثبت أقدامهم فيه وقد كان. واذكر أن أول صفقة تجارية بين السودان وإندونيسيا كانت "مضخات المياه" التى عقدها مولانا الحاج الصافي جعفر لمشروع سندس الزراعي المعروف، ذلك المشروع المتعثر إلى هذا اليوم. هذا الجندي المجهول الذي أعني هو السفير والفنان التشكيلي المعروف صالح مشامون طيب الله ثراه.
جمهورية إندونيسيا هي دولة تقع في جنوب شرق آسيا وعاصمتها جاكارتا، مكونة من أكبر أرخبيل (مجموعة جزر) في العالم تقدر بحوالى 18000 جزيرة منها 900 جزيرة فقط مأهولة بالسكان. مجموع عدد سكان إندونيسيا الآن حوالي 270 مليون شخص وتضم أكبر عدد من المسلمين في العالم وهناك عدد من الديانات الأخرى مثل الكاثوليكية والبروتستانية والهندوسية والبوذية. السكان هم مجموعات عرقية ولغوية ودينية مختلفة ومنتشرة في العديد من الجزر والجاوية هي أكبر إثنية في البلاد وهي المهيمنة سياسياً لكن شعار إندونيسيا الوطني هو"الوحدة في التنوع"، ويا ليتنا إتخذنا في بلدنا السودان مثل هذا الشعار الوطنى فنحن أحوج ما نكون إليه والعمل به. أما إقتصاد إندونيسيا فهو إقتصاد مختلط فيه كل من القطاع الخاص والحكومة والتى تلعب دوراً كبيراً ويكفي أنها أكبر إقتصاد في جنوب شرق آسيا وعضو في مجموعة العشرين. ويعد قطاع الصناعة أكبر قطاع إقتصادى في إندونيسيا. وتنتج إندونيسيا النفط وتحتل المركز الخامس عشر عالمياً كما وتنتج الغاز الطبيعى وتحتل المركز الخامس عالمياً والبلاد غنية بالفحم والحديد كما وتمتلك إندونيسيا أكبر إحتياطى من القصدير في آسيا. أما الزراعة فهناك الغابات والمطاط الطبيعى وزراعة الأرز والذرة والبن والشاى وقصب السكر. تعتبر إندونيسيا عملاقاً إقتصادىاً وهي سابع قوة إقتصادية في العالم. معدل النمو الحقيقى لإجمالى الناتج المحلي يفوق 6.5% ومتوسط دخل الفرد من إجمالي الناتج المحلي 4800 دولار أمريكى. وكانت إندونيسيا البلد الأكثر تضرراً من الأزمة المالية في عام 1997-1998 حيث إنخفضت الروبية الأندونيسية مقابل الدولار الأمريكى من حوالي 1600 روبية إلى 14000 روبية وما تزال تراوح مكانها رغم الإنتعاش النسبي البطىء.
في هذا البلد المترامي الأطراف والمياه، والتي تتكون من آلاف الجزر، كانت وجهتنا إلى جزيرة بالي وهي تعتبر من أجمل الجزر السياحية الموجودة على وجه الأرض ومدينة "دينباسار" هي عاصمتها وهي جزيرة مكتظة بالسكان ويفوق عدد سكانها أربعة ملايين نسمة وتعد وجهة سياحية رئيسية في إندونيسيا ويقصدها السواح من جميع أنحاء العالم. تتميز الجزيرة بشواطىء رملية بيضاء ومناخ رطب وجفاف إستوائي ورياح موسمية مشبعة بالأمطار خاصة في شهر مارس، وهو الشهر الذي كنا فيه هناك، في حين تكون درجات الحرارة معتدلة تتراوح بين 20 إلى 30 درجة خلال الأشهر الممتدة من أبريل إلى شهر نوفمبر، وهو الموسم الأفضل لزيارة بالي حيث تشرق الشمس الدافئة وتعتدل درجات الحرارة وتحبس الأمطار مما يجعل التجول في الجزيرة عملاً سهلاً وزيارة أماكنها السياحية الكثيرة أمراً يسيراً وممتعاً.
وقبل أن نطوف في هذه الجزيرة أود أن تعرفوا ماهي أسباب المذاق الخاص أو مذاق قهوة لواك لهذه الرحلة الأخيرة. الأسباب كثيرة كثرة ذرات حبيبات البن المطحون في ملعقة شاى لكن سوف أختصر لأترك مجالاً للجولة حول الجزيرة.
أولاً: الرحلة الأسرية في حد ذاتها لها متعة خاصة وفيها جوانب كثيرة من ناحية التفاهم والإنسجام والتناغم والرأى الموحد، زد على ذلك فكل لحظة تجمّع أسرية تكون جزءاً من ذكريات ستظل منقوشة في ذاكرة كل فرد من أفراد الأسرة، خاصة الأطفال، لتجتر بعد عدة سنوات.
ثانياً: مع التشتت الأسري الحاصل الآن، سواء بسبب الدراسة أو الإغتراب أو أى سبب آخر، فحتى تجمّع أفراد الأسرة مع بعضهم في مكان واحد قد لا يكون كافياً مع الإنصراف الذهني بسبب الإنشغال الدائم بوسائل التواصل الإجتماعي في هذ العصر .. لكن مثل هذه اللقاءات الأسرية المكتملة، مكاناً وفكراً وروحاً، هي لقاءات مفرحة ومطلوبة وتشعرك بأنك وُلدت من جديد.
ثالثاً: الترتيبات وبرامج الفسحة تكون جاهزة قبل الرحلة بوقت بل مكتملة تماماً لا تخر منها المياه على قول إخواننا المصريين فلا وقت يضيع سدىً وأسرتي، البنات وأمهم، مع إهتمامهم بإختيار البرامج والمعالم الرئيسية تأتى الأهمية القصوى والتركيز في السكن أو الفنادق بالجهة المقصودة فيختارون أحسنها وأنظفها مهما كلف الأمر وهذه النظرية الجماعية إنتقلت إلى الأحفاد الذين يعرفون إسم الفندق وتصنيفه ومميزاته قبل معرفة إسم البلد الذي يقصدون. وعلى النقيض منا فالبهجة عند الأحفاد تبدأ من حيث تبدأ معاناتنا في الإستعداد للسفر وفي صالات المطار وبصات المطار وركوب الطائرة وتحليق الطائرة ومشاهدة الأفلام في الطائرة وشباك الجوازات وعند حزام الأمتعة ثم وصول الفندق.
رابعاً: بما أنك رب الأسرة والأقل تحملاً، أو هكذا يرون، فأنت محور الإهتمام ليس من الأسرة فحسب بل حتى من عمال الفندق وعاملات الإستقبال والسائقين والمرشدين السياحيين وحتى رجل الشارع فكلهم يحلو لهم أن يصيحون عليك "بابا" فتشعر بالراحة والغبطة ولكن أحياناً بالغيظ من بعض من يكبرونك لكن توهمهم أجسامهم "البتيت" غير ذلك.. ثم هناك معاملات مميزة وبرامج خاصة للبابا ولكن بمفهومهم لا تكون بابا إلا إذا رأوا معك أسرة كبيرة وتمشي على عكاز أو تسير أعرجاً كعربة الباسطة المتجولة في سودان السبعينات.
خامساً: تكون متعتك القصوى عندما ترى الأولاد والأحفاد مستمتعين أمامك وخاصة عندما نعود ليلاً منهكين ونختم اليوم بالسباحة واللعب في حوض السباحة الخاص بالفيلا حتى الطفل "زين"، الذي لم يتجاوز عمره الستة أشهر، عرف لذة المياه وعبر عن فرحته وإندماجه بالضحك والصياح.
سادساً: في أثناء الرحلة الحالية وقرب نهايتها تتناقش المجموعة وتقرر الوجهة الجديدة التالية في العطلة المدرسية القادمة وبذلك يضمن البابا إستمرارية مثل هذه الرحلات مستقبلاً.
سابعاً: ما يفسد بهجة السفر والرحلات هو أن تضع ميزانية وأن ينشغل بالك بالتخطيط لتبقى بنود الصرف في حدود الميزانية لا تتجاوزها .. البابا غير معني بذلك ولا ناقة له فيها ولا جمل. لا أطيل في هذا الجانب فإلى جولاتنا في جزيرة بالي.
وصلنا مطار دينباسار بجزيرة بالي برحلة مباشرة من الدوحة ورغم أنه مطار مزدحم ومشغول بعدد كبير من السواح والزوار من جميع أنحاء العالم إلا أن كافة الإجراءآت سارت بسهولة ويسر. إستقبلنا السائق الاندونيسى ويدعى ماوى، والذي هو أيضاً مرشدنا، في المطار وإتجهنا إلى الفندق. ما لاحظته ونحن في بداية الطريق إلى الفندق، أن هذا الماوى كلما ذكرنا له أى معلومة عامة تخص إندونيسيا أو منطقة جنوب شرق آسيا كان يندهش ويسألنا مذهولاً : "كيف عرفتم ذلك؟!" وكأننا نكشف له الغيب في كل مرة.. وما درى أن السودانيين هم أكثر شعوب العالم إطلاعاً ومعرفة بالجغرافيا والتاريخ منذ أيام آفو في الصين وصديق عبدالرحيم في القولد ومنقو زمبيري في يامبيو. وصلنا الفندق وماوى ما زالت تتملكه الدهشة ووضعنا أغراضنا ثم ركبنا حافلة ماوى المكيفة وقمنا بزيارة المعالم الرئيسية المجدولة الآتية في مدينة "أوبود" ببالى.
غابة أوبود للقرود: غابة أوبود للقرود أو الغابة المقدسة هي من المعالم السياحية في جزيرة بالي وهي موجودة داخل محمية طبيعية على مقربة من معبد أوبود الهندوسى المشهور في الجزيرة ومساحتها تقدر ب 12,5 هكتار ورغم أنها غابة متشابكة الأشجار المتنوعة إلا أنها حديقة جميلة يمكن رؤية 186 نوعاً نادراً من الأشجار وحقول الأرز بالإضافة إلى كثير من أشجار جوز الهند في هذه الغابة. توجد مئات القرود تتجول بحرية تامة بين السواح فقد أصبحت صديقة لهم لأنهم يغذونها بالموز الذي يشترونه من الغابة وأحيانا يخطفون الطعام من السواح والأطفال. وما أحلى منظر القرود عندما تحتضن صغارها وتحملهم ببطنها نزولاً وطلوعاً في الأشجار ومن مكان إلى مكان آخر. الشىء الممتع هنا، وخاصة لدى الأطفال، هو مشاهدة وتأمل الحياة الطبيعية للقردة. فميزة هذه الغابة من حديقة الحيوانات أن القردة تكون غير محبوسة داخل سياج أو أقفاص بل مطلوقة تتحرك بحرية أمامك وجنبك ومن خلفك وأصبحت أليفة وصديقة للإنسان. ولذلك تراها على مقربة منك بل تجلس على كتفك ويديك إذا غازلتها بالموز. وهذه الألفة والقرب المكانى يمكنك من أن تستمتع بالتأمل في القردة وحركاتهم، فهم كالبشر تماماً شكلاً وموضوعاً، يلعبون مع بعضهم ويفرحون ويغضبون ويتشاجرون ويتصالحون.... إلخ ولا ينقصهم غير الكلام المفهوم. المضحك المبكى أن واحد من القردة الصغيرة البيبى إحتقر الطفل إلياس وقفز فوقه وخطف من كيس كان يحمله كمية من البطاطا المحمرة فخاف وبكى إلياس وأصرّ على مغادرة الحديقة فوراً، وحتى اليوم نهدده بذلك القرد البيبى كلما دعت الضرورة لكن صار هو يهددنا به الآن.
الشىء بالشىء يذكر... في منزل قريبنا العم أحمد في الخرطوم تلاتة كنا دائماً نرى قرداً ضالاً كان يأوى ليلاً إلى المبيت فوق شجرة ضخمة ظليلة في وسط منزل عم أحمد الذي كان دائماً وأبداً يعج بالضيوف الدائمين من البلد. وكان ظل هذه الشجرة الممتدة إلى الشارع هو المكان المفضل لأهل البيت والزوار والضيوف. العم قاسم أحد الضيوف وصل لتوه من البلد، ولظروف طارئة حتمت سفره المفاجىء، أتى بالملابس التى على جلده فقط. وبعد عدة أيام إستغل عم قاسم هدوء الليل وسترته وغسل ملابسه كلها وعلقها في حبل الغسيل الممدود بين فرعين من فروع تلك الشجرة الوارفة ونام ليلتها كما ولدته أمه إلا من "العراقى التوتال" الذي لا يستر الحال فإضطر أن يتدثر بغطاء في حر جهنم. ولذلك فاق عم قاسم من النجمة منشداً الستر قبل أن يصحى أهل البيت وضيوفهم ويصبح قصة وأضحوكة العام. لكن كانت المفاجأة حينما لم يعثر حتى على قطعة واحدة من ملابسه على حبل الغسيل. تلفت يميناً وشمالاً وتحير برهة وأيقن أن زائر الليل عيَد وإكتسى منه في تلك الليلة فرجع إلى فراشه ينتظر الفرج أو المسخرة أو الإثنين معاً. وكانت المفاجأة الكبرى أن أدرك أن ذلك القرد الضال نزل ليلاً والناس نيام وإختار من جميع الملابس المنشورة على حبل الغسيل ملابسه كلها تحديداً وحملها معه إلى حيث أتى وعلقها في أعلى فرع من فروع تلك الشجرة. صارت محنة من المحن النادرة وإستعان عم أحمد بعمال التلفونات الذين أنقذوا ما يمكن إنقاذه وإستردوا بعض ملابس عمنا قاسم عند وقت الظهيرة بعد جهد جهيد لكن بعد أن صار أضحوكة من أهل البيت والضيوف والقرد الفاجر. يومها كاد عم قاسم أن ينفجر غضباً.. فحسب فهمه إعتقد جازماً أن أولاد عم أحمد هم من حرضوا القرد ليفعل فعلته، ومن يومها حرم المجىء إلى منزل عم أحمد رغم وفاة القرد في ظروف غامضة.
مزارع الأرز في أوبود: مزارع الأرز هي جزء من جمال جزيرة بالي. فأين ما وليت وجهك فثمة مدرجات خضراء تكسو معظم الأماكن أمامك وشتلات الأرز فوق المدرجات تتراءى للناظرين كأنها لوحة فنية رسمت بريشة فنان عالمى فتحتار هل أنت في حلم أم علم.. حقيقةً ترى قدرة الخالق وإبداع الإنسان تتجسد في مزارع الأرز والتى تزرع في مصاطب متدرجة ومنتشرة في كل إتجاه وتغمرها المياه. ماوى دبر لنا زيارة واحدة من مزارع الأرز في أوبود. وبعد الجولة جلست في مقهى في الشرفة الخاصة بالمزرعة للإستمتاع بالمنظر البانورامى لمزرعة الأرز والمعالم المحيطة بها وشراب عصير الأنناس الطازج بينما نزلت بقية أفراد الأسرة إلى أرض المزارع في المنطقة السفلى بالمدرجات وقضوا وقتاً في التجول وسط الحقول الخضراء والتحدث مع المزارعين وإستنشاق الهواء الصحى في هذا المكان الطبيعى الساحر وإستئجار الدراجات والمركبات والتنقل وسط مزارع الأرز كما دخلوا المطاعم الأندونيسية في المزرعة لتجربة طهي الأرز الاندونيسى الذي أعجبهم. وعلمت من المزارعين أن الجزيرة موطن لِ 77 نوعاً من أنواع الأرز الذي يعد الغذاء الرئيسى على الصعيد الوطني. وفي نهاية المطاف تجمعنا كأسرة في شرفة المزرعة وإلتقطنا عدداً من الصور التذكارية على خلفية مزارع الأرز وأشجار جوز الهند الباسقة. هذه المزارع جديرة بالمشاهدة نسبة لأهمية الأرز كغذاء رئيسى لشعوب المنطقة ولمعرفة طريقة زراعته وشكله عند الحصاد ثم نسبة للمنظر الجميل للمَزارع وشكل المدرجات تكسوها الخضرة. وفي هذا الصدد فقد إستخدم الرئيس "سوهارتو" الأرز كأداة سياسية لوقف مد الشيوعية لأنه إعتقد أن الناس لو حصلت على غذاء جيد فسيصعب جذبهم نحو الشيوعية". فهل نجح الرئيس سوهارتو في ذلك؟
قهوة الكوبى لواك: قهوة أندونيسية لكنها معروفة عالمياً وهي قهوة نادرة وتعد أغلى قهوة في العالم وباهظة الثمن حيث يبلغ سعر الرطل الواحد منها بدون مبالغة 700دولار أمريكى وسعر فنجان القهوة الواحد يتراوح ما بين 60 إلى 100 دولار أمريكى حسب الدولة وتقدم هذه القهوة في بعض دول العالم كاليابان وأمريكا وأوربا في مناسبات خاصة جداً وللطبقة المترفة من المجتمع. ولذلك فهي من المعالم الرئيسية التى يتعرف عليها السواح في بالي. ومن ضمن البرامج زرنا قهوة من مقاهي لواك المعروفة في المدينة وإستقبلنا المزارعون في مدخل مزرعة البن ثم صعدنا إلى المقهى القريب لنعرف طريقة التحضير، وهناك سمعنا منهم العجب العجاب الذي يذهلك وليتنا ما سمعنا..حبات البن الخضراء تقطف من الأشجار ثم يتناولها حيوان إسمه "لواك" ويطلق عليه بالعربية "الزباد" وهو حيوان صغير من ذوات الثدي شبيه بالقط أو الراكون وقد رأيناه بلحمه ودمه محبوساً في قفص حديدى في ذات المقهى .. هذا الحيوان يعيش في جنوب شرق آسيا خاصة في إندونيسيا وماليزيا والفلبين ويتغذى على حبوب البن الخضراء التى يبلعها. وبعد الهضم تخرج حبوب البن من جهازه الهضمى كفضلات وتظل سليمة وعليها قشرة حمراء إلا أنها تتخمر وتختلط بإفرازات وإنزيمات وبروتينات عدة موجودة في جهازه الهضمى مما يجعل لها نكهة قهوة مميزة ومذاق قوى ورائحة نفاذة. وأحياناً يجبر المزارعون اللواك على التقيؤ بدلاً من الإنتظار لحين خروجها طبيعياً. وبعد ذلك تٌحمل حبوب القهوة بعناية من تحت أو فم اللواك، حسب المخرج، وتغسل ثم تنشف وتحمص وتطحن يدوياً وتعد جاهزة للتحضير. طعم ورائحة فنجان قهوة لواك يعتبر لدى الكثيرين في العالم ثروة طائلة وحلم لن يتحقق ولندرته تباع هذه القهوة في أشهر متاجر لندن مثل"هارودس" و "هارفي نيكولز". والحالة هذه كان لابد لنا أن نجرب طعم هذه القهوة رغم إعتراض الحفيدة "أليسا" بشدة بل قالتها لى ولوالدها بصريح العبارة "دى قهوة معمولة بالبوبو بتاع الحيوان" ولذلك لم يتجرأ جميع الحضور من حولنا على تذوق قهوة لواك ..لكن أنا ووالدها توكلنا على الله وأغمضنا أعيننا وشربناها لآخرها.. وحقيقة كانت أقوى أنواع القهوة التى شربناها وإشترىنا منها كمية قليلة لغلاء ثمنها.. برغم لذة مذاق هذه القهوة صراحةً العملية كلها كانت في حد ذاتها غريبة لى ولمن معى، ولذلك لم يرتاح لنا بال إلا بعد أن عرفنا من المزارعين سر نكهة هذه القهوة النادرة والأهم من ذلك معرفة ما هي فائدة أن تمر وتختلط حبوب القهوة فى معدة اللواك قبل أن تُحضر !! وكانت عندهم الإجابة حاضرة.. هناك عدة فوائد لذلك..
أولها: أن حيوان اللواك هو حيوان ذو حاسة شم قوية فيختار أجود أنواع حبوب البن وأكثرها رائحة ليأكلها.
ثانياً: التخمير في معدة اللواك والإختلاط مع الإنزيمات يكسب البن رائحة قوية نفاذة..
ثالثاً: عملية الهضم داخل معدتها تخرج القهوة كفضلات بمعدل كافيين معتدل ورائع لا يمكن الحصول عليه بالطريقة الطبيعية.
رابعاً: لا تسبب هذه القهوة أى حموضة أو حرقة في البطن نسبة لمعدل الكافيين المناسب طبيعياً.
ثم ماذا بعد؟ هل دخل مزاجك قهوة لواك أم العكس أفسد مزاجك هذا الحيوان حتى في فنجانك المفضل من القهوة؟
حديقة بالي سفاري: هي في منطقة جانينار وتعتبر أهم الأماكن السياحية في إندونيسيا، وهي عبارة عن حديقة ظليلة كبيرة تقدر بأربعين هكتار وموطن لأكثر من 70 فصيلة حيوانية برية يتجولون بحرية تامة في حظائر فسيحة تلائم طبيعتهم وأكثر من 500 حيوان تم جلبها من الهند وأفريقيا وإندونيسيا ودول جنوب شرق آسيا. قضينا يوماً كاملاً وممتعاً في هذه الحديقة التى تكثر فيها البرامج الترفيهية والتى تحكمها قيمة تذكرة الدخول وحتى الوجبات الغذائية تضمّن في سعر التذكرة إذا أردت، وكانت تذكرتنا جامعة لكل البرامج والفعاليات فى الحديقة ولذا كانت مكلفة نسبياً. في البداية إستمتعنا بجولتنا في الحديقة بأكملها بحافلة سفارى مخصصة ومصفحة لرؤية الحيوانات على الطبيعة ومعنا المرشد يشرح لنا عن طبيعة الحيوانات ومن أين جُلبت إلخ..ويجاوب على أسئلتنا.
وأيضاً من البرامج الكثيرة شاهدنا عروض الفِيَلة الموهوبة، ولأول مره أعرف أن الفيل حيوان ذكي ويتعلم سريعاً بالتدريب. فقد رأيت بعضهم يرقصون أمامنا فوق المسرح مع الموسيقى وبعضهم يعملون في فرق الإنقاذ كرجال شرطة والبعض يطيعون بما يؤمرون. كما كانت تجربة ركوب الفِيَلة تجربة ممتعة وفيها مغامرة خاصة بالنسبة للأطفال.
وإستمتعنا أيضاً بعروض الحيوانات الأخرى مثل تغذية التماسيح والثعابين والسمك وركبنا السفينة المائية الدوارة التى دارت بنا حول الحديقة وشاهدنا عروض مسرح بالي وزيارة الملاهي المائية ثم ختمنا جولتنا في بالي سفاري بوجبة شهية في مطعم "تسافو الأسد" الشهير ومن حولنا الأسود والنمور في الحديقة.
مشغل الباتيك للملابس: بدأنا ذلك اليوم بزيارة مشغل الباتيك وهي إحدى طرق الصباغة الفنية التقليدية و تحديداً فهى تقنية تزيين الملابس بإستخدام مواد الشمع التى تشتهر بها إندونيسيا للحصول على التصميمات الملونة على الأقمشة القطنية. ويُغطى القماش بطبقة من الشمع وبعد جفاف الشمع على القماش يشرخ إلى الدرجات المطلوبة، ثم يصبغ القماش فيظهر اللون في الأماكن غير المغطاة بالشمع فتظهر أقمشة ذات زُخُرف ورسومات معقدة. وهي تقنية اندونيسية قديمة وتختلف زخارف الباتيك بإختلاف المنطقة التى يُصنع فيها. زرنا هذا المكان ورأينا عدداً كبيراً من الفتية والفتيات جالسون على المشاغل الخشبية يعملون بأيديهم وشاهدنا طباعة الباتيك خطوة بخطوة والأدوات والريش والمواد والخامات المستخدمة في التصميم والتلوين والصباغة. وفي نهاية الجولة دخلنا المتجر الذي يعرض تلك المنتوجات والمشغولات اليدوية الجميلة وإشترينا منه بعض المعلقات واللوحات والبراويز كما إشترينا القمصان الأفرنجية الأندونيسية ذات الزخارف والرسومات والألوان الزاهية. ثم توجهنا إلى مصنع الفضة القريب.
مصنع الفضة: إضافة إلى جمال مدينة بالي فإنها تشتهر بالعديد من مصانع الدهب والفضة بأشكال وأنواع مختلفة وجميلة تصنع بأيدى فنيين اندونيسين مهرة. وبعد زيارتنا لباتيك الملابس عرجنا على مصنع الفضة. تجولنا داخل المصنع وعرفنا خطوات تصنيع الفضة وكيفية صقلها بالمكائن التى يشتغل عليها الفتية والفتيات ثم صعدنا إلى الطابق الأعلى حيث هناك معرض كبير للصناعات الفضية المختلفة. تجولنا في المعرض الذي شدنا إليه بكثرة المشغولات الفضية والحلى المرصعة بالأحجار الكريمة، وإشترينا بعض الحلى والأوانى الفضية للذكرى وقد أقنعتنى المرشدة، التى كانت تشرح لنا في الجولة، أن أتملك خاتم فضة لأول مرة وما زلت أحشر فيه أصبعى البنصر الأيمن قرابة الشهر حتى الآن.
متحف الأحلام بكوتا: كما أن هناك متحف الشمع في بعض دول أوربا كبريطانيا وهولندا فهناك متحف الأحلام والخدع التصويرية في منطقة كوتا ببالي وهو عبارة عن معرض فني مرح يضم مجموعة من اللوحات الجدارية ثلاثية الأبعاد وبالحجم الطبيعى موزعة في عدد من الغرف التى تدخلها بدون حذاء حسب التعليمات. هناك حوالى 120 لوحة فنية رسمت بواسطة فنانين عالميين من كوريا.. وأثناء تجوالك في الغرف والقالرى تنتقل من فينيسيا إلى مصر ثم إلى إندونيسيا ثم إلى الأمازون. وفي غرف أخرى في المعرض تجد أيضاً لوحات "مونا ليزا" و"فان كوخ". ويشتهر هذ المعرض أيضاً بوضع اللوحات على الجدار بطريقة تلتقط بها الكاميرا أو الموبايل الصور الخادعة بصرياً. ولذلك فهو يعد من أشهر وأروع معارض فن الخدعة في العالم. وقد إلتقطنا عدداً كبيراً من الصور الخادعة بمساعدة المرشدين وأرسلناها لبعض من الأصدقاء الذين خُدعوا وتساءلوا.
دهن العود أو القهروت: ماوى نبه "أم محمد" على دهن العود الأزرق الاندونيسي - أو القهروت كما يسمونه – وجودته ومكانه، وعندما شعر بشدة رغبتها فى دهن العود ظن أنها "رتش وومان" كما قال، وأصبح هو أكثر رغبة منها لزيارة المكان. ولذلك كان يصرُّ أن يضع زيارة محلات القهروت في برنامجنا السياحى يومياً إلا أن رغبات الأطفال والأغلبية أجلت الزيارة أكثر من مرة. وفي اليوم قبل الأخير أخذنا ماوى، وهو أكثر فرحاً من أم محمد، إلى سوق دهن العود والبخور الأصلى في جزيرة بالي. وهناك وجدنا دهن العود الهندى والأندونيسى والكمبودى والماليزى والإريان.. وعلمنا أن أجودها الهندى والكمبودى إلا أن الأسعار كانت أغلى بكثير هنا من الهند وكمبوديا فإستكفت أم محمد بشراء كمية من خشب الصندل وزيت الصندل الذي نعرفه ويعرفنا.
اليوم المفتوح: حسب البرنامج، كان ذلك اليوم يوماً بلا قيود وبدون إرتباط محدد.. ذهب بعضنا للتسوق مع ماوى في الأسواق الكبيرة والمولات الكثيرة المنتشرة في بالي والبعض إستمتعوا بوجبة شهية في المطاعم الاندونيسية قرب الفندق. وذهب المرهقون منا، وعلى رأسهم البابا، للإستمتاع بجلسات مساج في الأماكن الكثيرة المنتشرة في الجزيرة. وللعلم هناك أماكن مخصصة لمساج الأطفال التى جربها الأحفاد وفرحوا بها فقد كانت أول تجربة بالنسبة لهم. والآخرون بقوا في الفندق على الشاطىء يستمتعون بالسباحة في البحر وبنسمات الهواء الطلق و ركوب المراكب الشراعية والألعاب المائية.
منتزه جارودا وينسو الثقافي: تكثر الحدائق والمنتزهات في جزيرة بالي لكن "جارودا وينسو كينكانا" هي حديقة ثقافية أو دينية تقع على الساحل الجنوبى في منطقة "جيمباران" وأشهر ما فيها التمثال الضخم"فينشو" فى شكل إنسان وهو يركب على ظهر جارودا (كائن خارق يشبه النسر). ويعد واحداً من أطول التماثيل في العالم إذ يبلغ طوله 145 متر ووزنه 4000 طن. وقد بدأ مشروع أضخم تمثال في العالم عام 1997 ولم يكتمل حتى الآن إلا الجزء العلوي من جسد التمثال . وأهمية هذا المكان أو الحديقة هو تماثيل الآلهة التى يزورونها جماعات ووحدانا ليتقربون إليها ثم أنه مكان مخصص لإحتضان الجوانب الفنية والثقافية والروحية للجزيرة. وهو مكان شاهق يقع على إرتفاع 260 متر فوق مستوى سطح البحر ويطل على المياه. وقد زرنا هذه الحديقة في اليوم الأخير وحضرنا فيه فعاليات الرقص الأندونيسى التقليدى وبعض العروض الفنية وعروض الأزياء كما رأينا نبعاً مقدساً يُزعم أنه يحمل قوى الشفاء ويبدو أنها مياه غنية بالمعادن الهامة التى هي عادة بها خاصية لشفاء بعض الأمراض كما عندنا حمامات عكاشة في منطقة السكوت بالشمالية وبئر الفكى أبونافورة في منطقة عد الطين بالقضارف. الحقيقة هذا المكان ممتع بسبب مشاهدة الطقوس المختلفة منها الدينية والثقافية والفنية و شكل التماثيل الضخمة. لكن إذا رغبت في زيارة هذا المكان أوصيك بشدة أن تصله مرتاحاً لأن الدرج القائم عمودياً هو الوسيلة الوحيده لتصل إلى الأرتفاعات الشاهقة. وفي ختام هذه الجولة الممتعة والمرهقة معاً دخلنا دكان الهدايا الخاص بالمنتزهه لشراء الهدايا التذكارية وأخذ قسط من الراحة في المقهى داخله. ولما كان الجوع قد أصابنا أخذنا ماوى إلى مطعم "خليج جيمباران" لوجبة العشاء حسب البرنامج الموضوع لذلك اليوم.
غروب الشمس: وكان اللقاء في الليلة الأخيرة عند غروب الشمس على الشاطىء الرملي في مطعم" خليج جيمباران" مع الأسماك المشوية والأكلات البحرية الشهية على أنغام الفرقة الموسيقية الأندونيسية التى صدحت حول مائدتنا الأغانى الأندونيسية والغربية وإشترك الأحفاد أليسا وكريم وليلى مع الفرقة وعزفوا على آلاتهم الموسيقية وغنوا معهم وتفاعلت الفرقة مع الجو الأسرى والأطفال فكانت هذه الليلة مسك الختام لرحلة لا تُنسَى ... رحلة بالي التى ستظل في بالي.
شوقى محى الدين أبوالريش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.