تأريخيا كانت إتفاقية 1959م امتدادا لإتفاقية 1929م بين السودان ومصر والتى تمت بين بيرطانيا والدول الاخرى صاحبت النفوذ فى حوض النيل والتى نصت على أن لاتتخذ دول حوض النيل اية اجراءات على النيل وفروعه اوالبحيرات التى ينبع منها سواءاً فى السودان أو فى البلاد الواقعة تحت الادارة البيرطانية يكون من شأنها نقصاناً مقداراً المياه التى تصل الى مصر كما طالبت مصر بعدم تعديل وصول تلك المياه إليها اوتخفيض منسوبها على أى وجه يلحق ضررا بمصالح مصر وطالبت ايضا بمنحها التسهيلات اللازمة المتعلقة بالدراسات المائية والرصد والابحاث. ونصت الاتفاقية ايضا على انه فى حال ان قررت مصر اقامة اعمال فى السودان على النيل وفروعه او اتخاذ اجراءات لزيادة مياه النيل لصالحها , يوجب ذلك أن تتفق مقدما مع السلطات المحلية السودانية ويكون انشاء الاعمال وادارتها وصياتها من شأن الحكومة المصرية وتحت رقابتها مباشرة . بدأت المراحل النهائية لإتفاقية 1959م فى 2 يوليو 1958م عندما بدأ السودان فى التفكير فى التوسع فى الاراضى الزراعية لمشروع الجزيرة ( امتداد المناقل ) والذى يتطلب حجز المياه عند خزان سنار لملء القناة الرئيسية للامتداد الجديد وكان ذلك قبل التاريخ المحدد فى إتفاقية سنة 1929م وهو 16 يوليو من كل عام وفى 9 يوليو بعثت الحكومة المصرية بمذكرة إحتجاج لحكومة السودان على الاجراء الذى قامت به سلطات الرى السودانية وجاء فى المذكرة المصرية أن تغيير مواعيد الحجز عند خزان سنار يعد خرقا لاتفاقية عام 1929م وطالبت بالايقاف الفورى له وجاء فيها ايضا أن التوسع فى امتداد المناقل سيؤدى الى سحب كميات من النهر تؤثر على ملء خزان اسوان مما يؤثر على حرمان ربع مليون فدان من الزراعة الصيفية وتشريد مليون وربع من الانفس . ورَدت حكومة السودان على الحكومة المصرية بمذكرة بتاريخ 15 يوليو 1958م، وجاء في المذكرة السودانية أن رفع مستوى الماء في خزان سنار مسألة فنية كان ينبغي أن تترك لتعالج بين الدوائر الفنية في البلدين بنفس روح التعاون والثقة المتبادلة بين الدولتين وقعت اتفاقية مياه النيل بالقاهرة بعد عدد من المفاوضات والمباحثات بين السودان ومصر استمرت من قبل استقلال السودان مرورا بالديمقراطية الاولى و الحكم العسكرى الاول للفريق ابراهيم عبود وقع عن الجانب السودانى اللواء محمد طلعت فريد ومن الجانب المصرى زكريا محى الدين . تم التوقيع على الاتفاقية فى القاهرة بمقر وزارة الخارجية المصرية بتاريخ8 نوفمبر1959م ونصت على موافقة السودان بأن تقوم مصر ببناء السد العالى ويتم اقتسام وفورات الايراد المائى مقدراً نحو22 مليارم3 سنويًا فيحصل السودان على14.5 مليارمتر3 ومصر على4.5 مليارم3 تضاف الى أنصبة كل دولة حسب اتفاق7/مايو1929م ليصبح أجمالى السودان18.5مليارمتر3 وأجمالى مصر5.5 مليارمتر3 سنويا . ثمة ملحوظات على اتفاقية 1959م المائية بين السودان ومصر والتى وقٌعِت بالقاهرة : 1. القسمة غير العادلة وغير المعقولة فى نصيب السودان الطرف الرئيسى فى الاتفاقية حيث حصل السودان على( 14.5 )مليار متر مكعب ليصبح نصيب السودان بعد إضافة ال( 4) مليار فى إتفاقية (1929م) (18.5) مليار متر مكعب بينما حصلت مصر على( 7.5 ) مليار متر مكعب من المياه ليصبح نصيب مصر بعد اضافة (48) مليار متر مكعب من إتفاقية (1929م) ليبلغ 55.5 مليار متر مكعب . 2. لم تراع إتفاقية 1959م المتغيرات التى ستحدث فى السودان والمتمثلة فى ازدياد السكان والحاجة الى الكهرباء و إقامة مشاريع زراعية تعتمد على المياه فى ظل الجفاف الذى يضرب المنطقة وتقلبات سقوط الامطار والتى كان يتعلل بها المفاوض المصرى من أن السودان وبقية دول حوض النيل تعتمد على الامطار . 3. لم تراع الاتفاقية 1959م حاجة بقية دول حوض النيل للمياه و إستقلالها لصالح شعوبها فى التنمية خاصة وأن معظم المياه تنبع من اراضيها واقتصرت فقط على السودان ومصر ولصالحهما فقط مما حدا لدول الحوض الاخرى بالتعبير صراحة عن عدم اعترافهما باتفاقية مياه النيل لعام 1959م خاصة الدولة الاثيوبية والتى قامت ببناء عدد من السدود وتقوم حاليا فى الخطوات الاخيرة لبناء سد النهضة ومامثله من خلافات بين الدول الثلاثة السودان واثيوبيا ومصر نتيجة لعدم اعتراف الدولة الاثيوبية وبقية دول حوض النيل باتفاقية 1959م . 4.التعويضات الضعيفة للمهجرين من جراء تمدد بحيرة النوبة داخل الحدود السودانية والتى تمتد الى مايقارب ال (150) كيلومتر يقول خبير المياه الدكتور سليمان محمد سليمان( ان السودان نتيجة امتداد بحيرة السد العالي في أراضيه ليس فقدًا لمدينة وادي حلفا و27 قرية جنوبها وشمالها، ولكنه فقدٌ أيضاُ لقرابة 200,000 فدان من الاراضي الزراعية الخصبة، وقرابة مليون شجرة نخيل وحوامض. كذلك فقد السودان شلالات- دال وسِمنه- التي غرقت في بحيرة السد العالي، والتي كان من الممكن أن تُولّد أكثر من 650 ميقاواط من الطاقة الكهربائية، وكذلك الآثار والمعادن في المنطقة. بعد أن غرقت تلك المنطقة في بحيرة السد العالي، ولم يرد ذكرٌ لهذا الموضوع خلال المفاوضات.) 5. اعتبار اتفاقية 1959م غير قابلة للتعديل او الاضافة او الالغاء فى بنودها دونها التهديد بالحرب . 6. عدم استفادة الجانب السودانى من كهرباء السد العالى خاصة الولاية الشمالية القريبة من الدولة المصرية و السد العالى والتى لم تعرف معظمها الكهرباء الا بعد انشاء سد مروى والتى يقال بأنها كانت من البنود التى لم تذكر فى الاتفاقية العلنية . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.