الادب الشعبي في بوادي السودان عندما تجود قريحة اولئك البدو الفصاح بالشعر العميق الذي يمجد البطولة ويحتفي بسيرة البواسل الشجعان والمبادرين لرد الحقوق وردع المعتدين كما تجسدة احد الملاحم الشعرية الخالدة وقصيدة عيال اب جويلي المعروفة التي تتطابق مفرداتها مع سيرة ابرار اخرين سلكوا نفس الدرب والطريق وجادوا بالمهج والارواح في سبيل الاوطان : "عيال اب جويلي الكمبلوا وعرضوا في دار كردفان اتغربوا وسدروا " غني و شكري يا خدرة الورتاب فوق ود الفحل الليله جبتا جواب حقيت الاسم ياسالم الارباب قيدومة العيال ... ركازة للمرهاب. ستظل حركة شهداء رمضان مطلع العام 1990 في السودان تحتل مكانها في ذاكرة التاريخ ووجدان الملايين من الناس باعتبارها الحركة الوحيدة الاستثناء في تاريخ العسكرية السودانية المعاصر التي لاتنطبق عليها صفة الحركة الانقلابية ومحاولات الانقلابات العسكرية التقليدية اثناء عمليات الصراع علي السلطة التي جرت في فترات مختلفة من تاريخ البلاد. كانت حركة رمضان المجيدة مبادرة فرضها مناخ الصدمة الذي ترتب علي اول انقلاب حزبي وعقائدي من نوعة استهدف الدولة السودانية ومؤسساتها ومن ضمنها الجيش القومي للبلاد علي خلاف العادة عندما ينقلب العسكريين علي مؤسسات الحكم الحزبية والمدنية وذلك بعد ان تكشفت هوية الانقلاب الذي فتح الباب امام عصر الخمينية الاخوانية بكل النتائج الكارثية المترتبة عليه بعد يقارب الثلاثين عام من ذلك اليوم المشؤوم من تاريخ السودان. استشعر بعض العقلاء خطورة ما يمكن ان يترتب علي الانقلاب و تلك المغامرة الاخوانية الانتقامية والتي كانت بدورها ردة فعل علي اجماع الشارع السوداني علي تحقيق السلام وصيانة ووحدة التراب السوداني خصوصا بعد مذكرة الجيش السوداني التي انهت تردد رئاسة مجلس الوزراء التي كانت تعاني من الاختراق العميق الذي صور لها كل السودانيين كاعداء مفترضين واشياء من هذا القبيل. كانت حركة رمضان المجيدة حصيلة مشارورات قلقة ومتعجلة فرضها الواقع المترتب علي الانقلاب الاخواني والشروع الفوري في تفكيك مؤسسات الدولة القومية عبر اكبر حملة احالة للصالح العام ليس لها مثيل في تاريخ العالم المعاصر سوي الواقع الذي فرضته الطغمة الخمينية علي الشعب الايراني في العام 1979 مع اختلافات نسبية في التفاصيل. الشعب السوداني لايعرف الكثير عما جري في كواليس ذلك الحدث الكبير والزلزال العظيم وعن بسالة اولئك النفر من الكرام الميامين الذين تفاوتت اعمارهم ولكنهم كانوا متساوين في اقوالهم التي ادلوا والطريقة التي واجهوا بها المحاكم المتعجلة لاولئك الراجفين من الخمينين الجدد ولكن ستدور الايام دورتها وستتكشف الحقائق عن محاولة استباق الواقع الراهن الذي يعيشه السودان والسودانيين والمصير المجهول والخطر العظيم المحدق بالبلاد.