ما كتبته من مراجعاتٍ فكرية ومقترحاتٍ للإصلاح، مرجعيتها فطرتي وعقلي وتجربتي التنظيمية والسياسية، وقد دفعني لهذه الكتابة المسئولية الوطنية والأخلاقية، فوَجَدت هذه المراجعات قبولاً حسناً عند الأغلبية من السودانيين. كما أنها وجدت من بعض الملتزمين بصف المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية رفضاً مؤسساً وجد مني كل تقدير، وهنالك قلة تناولت ما كتبته تناولاً عاطفياً وسطحياً، ولأن الباطل لجلج وله صولةٌ وصوتٌ عالٍ، وقفت مشدوهاً وأنا أقرأ ما قدموه من دفوعات تلخصت في قولهم أن رابطة الأُخوّة التنظيمية مقدمة علي رابطة الأُخُوّة في الوطن، وفِي تقديري أن هذا القول تسنده فكرة عالمية الإسلام السياسي الذي لا يُؤْمِن بالحدود ولا الدولة القطرية الحديثة، وفِي تقديري أن من يَرَي ذلك عليه مراجعة نفسه. وصفني هؤلاء بعدم الشجاعة والمروة لأني تركت أخوتي في التنظيم وانحزت الي الصف الوطني العريض، بل فقد كان انحيازي الي الإنسانية بمفهومها الشامل، وعزوا ذلك بكل بساطة الي أني أبحث عن النجاة من قاربٍ غارق، وهذا بالطبع إختزال مخل لقضيتي الأساسية، والتي في منتهاها تصحيح لمفاهيم عقدية لها ما بعدها في الدنيا والآخرة، ولا يجوز في حقها هذا الإختزال الساذج، فإذا كان القارب الذي يتحدثون عنه هو الوطن فلماذا نستغله لوحدنا ونعتبره ملك خاص، وإذا كان هو النظام الحاكم فلماذا نحتكره من دون الآخرين؟ وأقول لهولاء أنا لست مع غزية إن غزت أغزو وإن رشدت أرشد، كما أنني لست إمعةً إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولست في حلبة صراع مع بني وطني حتي أجاهدهم وانتصر عليهم أو أموت شهيداً دون دعوة يقول عز من قائل عن منهجها لرسولنا القدوة ( لست عليهم بمسيطر ). تجاوزت مراجعاتي هذه الشعارات الخطأ ( جهاد/ نصر/ شهادة )، ومن الخطل أن أرفع هذا الشعار في وطني من أجل فكرة تقوم أساساً علي مبدأ "ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وبلا شك أن الزود عن الوطن والموت في سبيله غاية سامية عندما يتعين ذلك لسد الثغور، والأسمي من ذلك وأقْوَم أن يعيش الإنسان من أجل وطنه ويجتهد لتأسيس أمنِه ومعاشه. أما موقفي الاجتماعي من أخواني في الحركة الإسلامية فلا أعتقد أن هذا شأنهم ولا أري أن هنالك سبباً يجعلنا نتأثر بتغيير المواقف الفكرية او السياسية، ومن مراجعاتي التي أصبحت أؤمن بها حقاً، أن الانسانية سابقة للعقيدة وجاري بالجنب الذي يخالفني في العقيدة أولي بالمعروف في كتاب الله من المسلم البعيد، وأود أن اطمئن هؤلاء أنني لازلت أحتفظ بقدسية العلاقة التي جمعتني بإخواني في الحركة الاسلامية كما أحتفظ بعلاقاتٍ أخري كثيرة لا علاقة لها لا بالدين ولا بالسياسة. اللهم زدني هدىً وأرني الحق حقاً لاتبعه وأرني الباطل باطلاً لأجتنبه. مبارك الكوده - أمدرمان، الثورة - 1/ يوليو/ 2018 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.