مرة أخرى وفي عودة غير مسبوقة للزمن السوداني الجميل، تألقت قناة النيل الأزرق حينما اتحفتنا بالحفل الختامي لتكريم برنامج نجوم الغد في مجال الغناء السوداني الأصيل الجميل الذي يحرك ليس وجدان السودانيين فحسب بل وجدان شعوب شرق أفريقيا بأسرها بسبب جودة موسيقاه وروعة ألحانه وعمق ايقاعاته الآسرة! لقد استمعنا واستمتعنا كثيراً بأغنيات الزمن الجميل مثل "سميري الفي ضميري" ، "أرض الحبايب" ، "من أرض المحنة" ، "الوافر ضراعو" ، "أوعديني"، "فات الأوان" ،"الذكريات" ، "بلادي يا سنا الفجر" وأنا سوداني أنا " وغيرها من الاغاني الجميلة التي سقطت سهواً من الذاكرة وتجلى الانفعال الشعبي بالموسيقى السودانية حينما اجتاحت حمى الرقص الصغار والكبار وحتى الخواجات ذوي العيون الخضراء وحقاً فإن الموسيقى وحدها هي التي تصنع الفرح وقديماً قيل من لا يحركه العود ولا اوتاره فهو فاسد المزاج ليس له علاج! أما حديثاً فقد قيل إن البشرية كلها تشهد أن أي عازف جيتار في العالم لم يقم بقتل أي انسان عبر أي عمل إرهابي! ولعل أروع لقطة في حفل الختام كانت تكريم العازفين عبر منحهم ميداليات ذهبية ، هذا التكريم الصغير هو مجرد اعتراف ضمني بمجهودهم الفني الكبير الذي ساهم بالقدر الأكبر في صنع الابداع الفني فالعازفون هم صناع الخلفيات الموسيقية الجميلة التي يستحيل الغناء الحديث بدونها ولهذا فلا يجوز تجاهل أسمائهم أو عدم الاشادة بهم كما تجري العادة الفنية غير اللائقة ، ولعل الذي يحز في النفس أن فريق المساندة الصوتية أو الشيالين لم يتم تكريمهم ولو بإذاعة أسمائهم رغم أنهم هم صناع الخلفيات الصوتية التي تسند ضعف أصوات المغنين وتمنحهم فرصة التقاط الأنفاس بين كل مقطع وآخر! ثم حانت لحظة تكريم لجنة التحكيم المكونة من د. سيف ود. الدرديري والاستاذ /محمد سليمان ، هذا التكريم الجميل جاء في محله تماماً فهؤلاء الثلاثة العظام قد أسهموا في نشر الثقافة الموسيقية والغنائية عبر نقدهم الفني الممتاز ليس وسط المتنافسين من شباب نجوم الغد بل وسط الجمهور فلهم منا كل التحية والتقدير! في الفقرة قبل الأخيرة ، تم تكريم العشرة الأوائل عبر منحهم ميداليات ذهبية ، وأخيراً حانت لحظة الصفر ، وكانت النتيجة الفنية المدهشة وهي أن انتخابات الشمال الغنائية قد انتهت بفوز الجنوبي شول مانوت بالمركز الأول ، تلته شموس من غرب السودان في المركز الثاني ثم فهيمة من النيل الأبيض في المركز الثالث ولعل مصدر الدهشة الممتدة هو أن الجنوبي شول مانوت قد نافس الشماليين بأغانيهم الشمالية القحة وتفوق بها عليهم وانتزع أصوات الشماليين وأوصلته نتيجة تصويت الديمقراطية الفنية إلى منصب رئيس جمهورية الغناء الشبابي في السودان وهي ظاهرة تستحق التأمل فقد فاز الجنوبي الذي غنى نشيد "أنا سوداني أنا" الذي يمثل كل السودان وانهزم من غنى لمناطق بعينها في الشرق أو الوسط أو الغرب، ولعل النتيجة المدهشة لهذه الانتخابات الفنية السودانية ترسل إشارة راقية للمتنافسين في الانتخابات السياسية القادمة وهي أن أغلبية الشعب السوداني سوف تصوت لمن يغني سياسياً لكل السودان وليس لمن يغني ويرقص لحزبه فقط لا غير! أخيراً يمكننا القول إن نجاح برنامج نجوم الغد الساحق هو الذي دفع تلفزيون الشروق وتلفزيون السوداني القومي إلى تقديم برامج مسابقات غنائية مماثلة ولكن يبقى تلفزيون النيل الأزرق هو صاحب العلامة الفنية الفارقة المسجلة ويبقى بابكر صديق القليل الكلام هو صانع النجوم السودانية بلا منازع! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر