الشيئ العفن، اتضح أنه لم يكن في دولة الدنمارك، بل في كندا! وأغلب العروض الحديثة لهاملت حذفت هذه العبارة من مسرحية شكسبير التي تقول: Something is rotten in the state of Denmark والرابط بين الجملتين أعلاه هو دأب ونجاح الامبريالية، حتى الآن، في تجيير واقع الحياة على كوكب الأرض لمصلحة مشروعها الخالد. في الكندا، كما في البلدان المتقدمة اقتصادياً، كلما اقتربت من أحوال سكانها الأصلانيين، تكشف لك مدى التجاوز لحقوق الانسان الذي أقدمت عليه الرأسمالية تحت مسمى دولة الحقوق والقانون. وأنه وبشكل دستوري موجود على أرض الواقع نوعان من البشر، الأصلانيون ال native وباقي سائر سكان كندا ومنهم شخصي المنزعج لهذا الاكتشاف! فوفق ملاحظاتي فإن الانسان الذي عاش على أرض كندا قبل مجيئ الأوربيين ليس هو الانسان، بل هو كائن لا بد من العمل على ابقائه خارج دائرة الحياة العادية وذلك بمعالجات قانونية تعطيه مميزات زائفة ليس أهونها تعريضه لخطر ادمان الكحول والعقاقير وتدوير كل الشرور حوله وتمكينه في الضياع على حساب دافع الضرائب الآخر السعيد مؤقتاً بحصوله على اقامة في الكندا. هكذا فعلوا بدستورهم! في الكندا، وأكتبها كذلك مستلفاً هذا التعريف باللام الذي يستخدمه الأصلانيون أنفسهم، هنالك اماكن يقشعر لها فقر العالم الثالث. هنالك أماكن ليس بها طرق مسفلتة ولايمكن الوصول لها سوى بالطائرات. وليس بها خدمات مجاري تتوقعها في واحدة من دول العالم الأول. أماكن انسانها معذب بين مكتسباته المظنونة وخسائره الضخمة. أماكن لا يعمل فيها البشر ولا ينتجون ومع ذلك يكون كل شيئ أمامهم مجانياً ومتاحاً. وهي الأماكن التي اختارها لهم المواطنون الجدد الذين تخيروا من الأرض أحسنها وأرفعها وتركوا لأهلها ذات الهوام والخشاش. وعلى مستوى الروح فإن أنضر أجيالهم لهي نهب للمخدرات. فمهما كان فهم المرء للتكييف الدستوري الذي أجاز استثناء الأصلانيين من مجمل أشكال تنظيم الحياة التي ينصاع لها الآخرون كأقدار معلومة في العيش العادي في أي دولة حديثة فإن المرء ليصد عن مذاق هذا الفهم للحياة وليعتبره منافياً لما تتوقعه الفطرة السليمة من معنى للحياة في ظل دولة حقوق وقانون. ولهذا فإن الرائحة المنتنة تأتي بها الريح هذه المرة ليس من دولة الدنمارك وانما من كندا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.