يعتبر العملاء مرتكز رئيس لأي نشاط تجاري، لذلك تسعى مؤسسات الاعمال الي ابتداع سبل مثلى تحقق وتعزز رضا العملاء، لذلك نجد أن أهم اداة لقياس الأداء وهي بطاقة الاداء المتوازن قد اهتمت في احد مقاييسها بمؤشر العملاء من خلال حصة السوق، ولاء العميل، رضا العملاء، الارباح من العميل؛ وهذا الاهتمام يدل على أن العملاء يشكلون مؤشراً مهماً لمدى تميز البنك من حيث تحقق الارباح وبالتالي النجاح والتفوق, والبنوك في عالم اليوم تسعى الى تجاوز توقعات العملاء للحفاظ عليهم وتحقيق الولاء وجذب المزيد منهم من خلال الاعتماد على جودة الخدمة المقدمة كاستراتيجية لمواجهة المنافسة وديمومة التحسن في الوضع التنافسي للبنك. في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وسياسات بنك السودان تضررت سمعة البنوك ضرراً كبيراً لا يمكن التكهن بقدرة البنوك على علاجه؛ فما حدث مؤخراً من نقص السيولة وحرمان الناس من اموالهم شكل مؤشراً سلبياً على مجمل الصناعة المصرفية في السودان، وأضر بثقة الناس في البنوك؛ ورغم ان مسحوبات العملاء كانت طبيعية وضع سقف للسحب داخل البنوك وتم ايقاف تزويد ماكينات الصراف الآلي بالنقود اللازمة التي يعتمد عليها اصحاب الدخل المحدودة وفي وقت كان الناس في امس الحاجة للمال لقضاء حاجيات العيد الذى انقلب الى معاناة اضيفت الى المعاناة الحادثة اصلاً في ارتفاع الاسعار الهائل؛ ومعروف أن على البنوك أن تتصرف بمعقولية بودائع العملاء من خلال استراتيجية عاملي الربحية والسيولة، وذلك لمقابلة المسحوبات النقدية؛ وألزم قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 2004م البنوك بالاحتفاظ بأرصدة نقدية سائلة، وفي ذات القانون (مادة 49-1) جاء ما نصه تلغى رخصة البنك اذا فشل في اي وقت في الالتزام بالشروط الواردة في الترخيص واتضح أن أصوله لا تكفي لتغطية التزاماته نحو المودعين او الدائنين، أو خالف احكام قانون تنظيم العمل المصرفي الذى جاء فيه ايضاً أن اولوية السداد عند التصفية مثلاً تكون لسداد ودائع المودعين في حساباتهم الجارية وتلك الالتزامات تحت الطلب والحسابات الادخارية؛ اذاً ارتكبت البنوك في الفترة الاخيرة مخالفات حظرها القانون وتؤدي الى سحب الرخصة، لكن السؤال المهم هو لماذا لم يحاسب البنك المركزي هذه البنوك؟ ونجيب لأنه هو السبب في شح السيولة التي انكر أنه السبب فيها؛ من جانب آخر بلورة لجنة بازل معيار عالمي للسيولة اعتمد على نسبتين هما نسبة تغطية السيولة لمواجهة وتغطية التدفق النقدي لديها حتى 30 يوماً، ونسبة قياس السيولة المتوسطة وطويلة الاجل التي توفر مصادر تمويل مستقرة لأنشطة البنوك. من خلال قرارات وتوجيهات البنك المركزي غير المعلنة وجدت البنوك نفسها في دائرة الشك وعدم الثقة واللعن بسبب هذه الاجراءات غير المعلنة والتي حسب تقديري بدأت في ديسمبر 2017م عندما تم منع التمويل بصيغة المرابحة التي تعتبر سبباً مهماً في ضمان بقاء كبار تجار الاسواق المحلية، ومصدراً مهماً لتحقيق الأرباح؛ ايضاً اتجاه العملاء الى شركات التأمين لإصدار خطابات الضمان بسبب سهولة الاجراءات لديها، كما كان قرار بنك السودان بالزام البنوك بإغلاق حسابات الهيئات والمؤسسات والوحدات الحكومية لدى البنوك وايداع جميع ودائعها في البنك المركزي، كل هذه الاجراءات اعاقة تدفق السيولة الى البنوك. وهذه الاجراءات التي سببت نقص السيولة اظهرت سوق لتجارة السيولة النقدية مقابل الشيكات ويقف المتعاملون امام البنوك لشراء المبالغ النقدية؛ ايضا حدث تراجع كبير في ايداعات شركات الاتصالات النقدية واصبحت هناك مبالغ مقدرة من ايداعاتها في شكل شيكات بصورة غير معتادة وهذا يدل على وجود تعامل مع التجار الذين تدفع لهم السيولة مقابل شيكات. وما زاد الطين بِلة في قضية الثقة قرار البنك وتوجيهاته نحو زيادة رسوم السحب من أجهزة الصراف الآلي والخدمات المصرفية الالكترونية، وشعر العملاء بأن هذا القرار خيانة لهم في ظل دفعهم نحو التعامل الالكتروني، ووجدوا أنفسهم محاصرين بين الحؤول بين اموالهم والرسوم الجديدة؛ اذا قضية فقدان الثقة اصبحت قضية جدية وذات خطورة بالغة على البنوك، والسؤال المهم هو كيف يتم بناء واعادة هذه الثقة المفقودة؟، وفي استطلاع اجريته عبر تويتر خلال اسبوع لمعرفة مدى ثقة الناس اولاً في الصناعة المصرفية في السودان، وثانياً مدى ثقة المواطن في البنوك؛ وكانت النتيجة صادمة جداً حيث اشار 85 في المائة من المشاركين في الاستطلاع انه ليس لديهم ثقة في الصناعة المصرفية في السودان، وأشار 91 في المائة انه ليس لديهم ثقة في البنوك، وهذا يعنى أن امام البنوك عمل شاق جداً لاسترداد الثقة من خلال برامج واستراتيجية إسعافيه يفترض أن توضع الآن ولمدى طويل، وعلى المصرفيين أن يفكروا في (الاقتصاد السلوكي) اي دراسة الدور الذى تلعبه العواطف في السوق، وانوه الى أن فقدان الثقة في البنوك اشد خطراً من تراجع الثقة في الصناعة المصرفية بصورة عامة. أيضاً على البنوك ارسال رسائل واضحة الى العملاء بضمان ودائعهم واموالهم، وعلى البنوك التواصل مع الجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لإبراز هوية البنك ودوره وقدراته المالية واضعين في الاعتبار أن العملاء رغم اهتمامهم بأداء البنوك وخدماتها ومنتجاتها المصرفية، لكنهم يهتمون اكثر بحساباتهم الشخصية، وعلى البنوك ادارة حملات اعلامية لإيضاح الحقائق للمواطنين من خلال الصحف الانترنت والمراسلات والاعلان في الصحف من خلال المقالات الاقتصادية، والاهتمام بالنشرات الالكترونية، وانشاء قاعدة تسويق عبر البريد الالكتروني، والاهتمام بقسم خدمة وعلاقات العملاء والتواصل معهم بالسؤال عنهم والاستماع اليهم وانشاء مراكز لخدمة العملاء على مدار الساعة، واتباع سياسة الوصول الى العميل أينما كان من خلال انشاء شبكة واسعة من أجهزة الصراف الآلي ومكاتب الخدمات مع وجود موظفين يتحلون باللباقة والالمام التام. ان النشاط المصرفي يعتبر من العوامل المهمة المؤثرة في الاقتصادي؛ ومن هنا تبرز أهمية هذا القطاع ووجوب المحافظة عليه. الصيحة: 11/10/2018 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.