[email protected] الشعب السوداني شعب سياسي بطبيعة الحال وهذه خطوة متقدمة لأن السياسة باختصار هي الحياة والشعب الذي يعرف قيمة الحياة هو شعب واعي ومثقف ومعلم، لكن المشكلة تكمن فيمن يتصدى لقيادة العمل السياسي أي النخبة السياسية التي يجب أن تتمتع بمقومات القيادة من ثقافة، طموح، قدرة على قراءة الماضي واستطلاع الحاضر واستشراف المستقبل. على هذه النخبة في أي كتلة وباديء ذي بدء أن تستدعي من الأقربين خبراء استراتيجيين في التنمية والإجتماع والعلوم والفكر والإقتصاد والصناعة والتربية والتعليم والصحة والقانون والديانات وعلم النفس. يجلس هؤلاء الخبراء لوضع رؤية للوطن. ماذا يريدون من هذا الوطن وكيف له ان يكون. ثم بعد ذلك يطرحون رسالتهم وأهدافهم واستراتيجياتهم في هذه المجالات، ثم يقترحون خطة عمل مرحلية وطويلة المدى مع تصور للميزانية الملائمة. قبل تنفيذ خطة العمل يجب مراجعتها من بيوت خبرة عالمية ومؤسسات دولية وخبراء إقليميين وعالميين ثم إقرارها بواسطة أصحاب القرار وهم الأعضاء في هذه الكتلة سواء كانت حركة او حزب أو تجمع. هذا النهج من المفترض أن تنتهجه القوى السياسية ليكون برنامجها المدروس الذي يوافق عليه الشعب بواسطة صناديق الإقتراع لاحقاً لتصبح سياسة واضحة المعالم لا تخضع للأهواء ولا لرغبات الأفراد و أيادي الفساد القبيح. بهذه الطريقة يمكن فهم وحل كل المعضلات السياسية والإجتماعية ومشاكل الفقر والتفرقة والسلطة والتوزيع العادل للثروة وإقامة العدل والحرية والوحدة والمساواة. هذا السلوك الحضاري يعتقد الساذجون وأصحاب المطامع السياسية والجاهلون بمعنى السياسة أنه رومانسي وغير واقعي لأن فهمهم للسياسة هو أنها المكر والحيلة والدهاء ومصادرة الحريات وقهر الآخر وممارسة السقوط في كل المحافل الإنسانية والمادية. للأسف هذا فهم النخبة المفترض بها القيادة والريادة وتحريك الوعي من أجل البناء والتنمية. وعندما طرحنا برنامج الحركة السودانية للتغيير بمنهجية علمية طموحة تقوم على ما ورد أعلاه اعتبر البعض أنه نهج شاعري وأنني كشاعر وكطبيب لا أصلح للسياسة ويجب علي أن أركز في الشعر والطب. أنا اعتبر هذه الدعوات مصادرة لحقي في ممارسة المواطنة وأنهم بهذا التعالي يحجرون على الآخرين المشاركة والمساهمة في بناء الوطن وهناك أمثلة حية لأطباء وشعراء صنعوا حضارات عظيمة بدولهم كالدكتور مهاتير محمد في ماليزيا والشاعر الأديب والمفكر ليبولد سيدار سنقور في السنغال، وأنا أرى نفسي إن وجدت السانحة سأكون أفضل ممن حكموا السودان منذ عهد بعانخي وأفسدوه وجعلوه أتفه دولة في العالم وهو الذي بشعبه العظيم وإمكانياته المهولة كان من المفترض أن يكون أعتى من أي دولة عظمى حالياً. فما الذي ينقصنا بالله عليكم سوى ان نستبعد هؤلاء المفسدون الذي يتعاقبون على حكمنا جيلاً بعد جيل ويورثونا أسوأ أنواع الفساد والقهر وحب الذات وحين نطرح برنامجاً متقدماً يصفونه بالنرجسية وهو أمر آخر مضحك حين يكتب الكاتب ولا يعرف معنى النرجسية. في صحيفة الرأي العام كتب الأخ العزيز كمال الدين بلال مقالاً بعنوان السياسية السودانية وأحلام اليقظة ذكر في جانب منه الآتي: "من ناحية أخرى هنالك من التكنقراط الطامحين لمنصب الرئاسة من اكتفى بإعلان تنظيمه السياسي دون الوفاء ببقية المتطلبات السياسية من عقد مؤتمر تأسيسي وتنظيم ندوات سياسية في مختلف الأقاليم وتقديم برنامج انتخابي واقعي وعملي، وأقصد بذلك الدكتور الألمعي «معز عمر بخيت» رئيس الحركة السودانية للتغيير، حيث حدد لحركته أهدافاً مثالية ونرجسية ورفع شعارات براقة بلغة شاعرية جذابة في معركة انتخابية دونكشوتية على شبكة الانترنت بعيداً عن واقع البلاد المتشرذم عرقياً وقبلياً والمهدد بالانقسام. مثل هذه المواقف تشير إلى أن رحم السياسة السودانية أصبح عقيماً لا يفرخ أحزاباً جديدة ذات برامج سياسية واقعية وعملية تستوعب تطلعات أغلب المواطنين الذين ليست لهم انتماءات حزبية. وأحب أن أؤكد لأديبنا وشاعرنا ومقدم البرامج التلفزيونية وبروفيسورنا «معز» أنه ليس من دوافع كتابتي لهذا المقال الحسد الذي أشار إليه في إحدى مداخلاته العنكبوتية على أنه مرض سوداني؟، فقد فرط الدكتور بانسحابه في اللحظة الأخيرة من خوض غمار التجربة وحرم نفسه من أن يكون نصيبه من غنيمة الرئاسة إضافة لقب جديد للائحة ألقابه الكثيرة ألا وهو لقب (المرشح السابق لرئاسة الجمهورية)، وأعترف أني (بغران منه) أي اغبطه لاستطاعته إدارة وقت فراغه وطموحاته الجامحة بكل سلاسة من برجه العاجي في المنامة (أيقظ الله قاطنيها من أحلام اليقظة)، وليعلم الدكتور أنني لا أحسده لسبب بسيط هو أننا (أولاد دفعة) في عدم التأثير المباشر على قواعد اللعبة السياسية في بلادنا". هل يا كمال رحم السياسة صار عقيماً لأننا أوردنا رؤى متقدمة ببرامج علمية ولم نأت بخزعبلات السياسيين وفكرهم العقيم في الإستيلاء على السلطة والثروات؟ يبدو انك لم تكلف خاطرك لقراءة البرنامج الإستراتيجي الذي طرحناه عبر ما سقته من معطيات في مقدمة هذا المقال كما أنك لم تستقصي الحقائق - وأنت في برجك الوردي بعاصمة الزهور الأوروبية - حول لماذا لم نقم المؤتمر التاسيسي بعد؟ أنا يا حبيبي لا أبحث عن لقب مرشح سابق لأنني لن أترشح إلا بعد استقراء الواقع السياسي لأنني أفهم في السياسة اكثر من الذين يستحوذون عليها الآن أو يكتبون عنها وهم لا يعرفون قيمتها ومعناها. أنا أبحث عن لقب رئيس حالي يشطب تاريخ العار في وطننا ويعيد صياغته بالعلم والمعرفة والإستنارة لا باستغلال الدين والبسطاء والحفاة العراة الجائعون في ربوع الوطن، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب لتحقيق رؤيتنا الإستراتيجية التي لا يضعها بيت أو حزب عقائدي أو صاحب توجهات مستوردة لا تصلح حتى للمكان الذي استوردت منه. انا أحلم نعم وحلم يقظة نعم فمن يستطيع ان يحلم يستطيع تحقيق الحلم ومن يحلم بالمستحيل يقدر على تحقيق الواقع طالما لديه الآليات والطموح، وتأكد بأن المنامة التي تسخر منها تفوقكم بآلاف السنوات الضوئية علماً وفكراً وسياسة وثقافة وحضارة وانتم بلا خجل نائمون في العسل والكسل والتفرقة والعنصرية لا تعملون وتكرهون أن يعمل الآخرون. وأخيراً يجب أن تعلم أنني لم أنسحب من سباق رئاسة لأنني لم أترشح أصلاً.. والخيول الكريمة بتجي في اللفة. ونواصل.. مدخل للخروج: أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصمُ .. وجاهل مده في جهله ضحكي حتى أتته يد فراسة وفمُ.. معز – البحرين