56 إذا سألني سائل :كم مرة كتبت عن شرطة المرور؟ سأتلكأ في الإجابة. وإذا سألني آخر وقال مالك وهذه الإدارة من إدارات الشرطة؟ سأقول له إنها أكثر وحدات الشرطة التصاقا بالمواطن وهي التي يرى خيرها وخدمتها له عشرات المرات في اليوم ، وقد اختار لها قادتها زياً قريباً من الجلابية - اللباس الشعبي - ومحبب الى النفس واللون الأبيض تشاركهم فيه الممرضات رسل الإنسانية. وهذا لا يمنع ان الكفن ايضاً ابيض ناصع البياض. صراحة ما عدت ألوم حملة مرورية تتصيد المخالفات فهذا ليس عيبهم ولكن العيب في التشريع الذي كفل لهم 20 % من جباياتهم. قلي بربك كيف سيعمل هؤلاء؟ ساعات طوال متجاوزين فيها ساعات العمل الرسمية التي نصت عليها كل لوائحهم ، قل لي بربك من غير حملات المرور الذي يعمل قرابة العشرين ساعة. وإذا قلت معهم حق ألا ترون المولات و(السوبرماركت( الضخمة تعمل 24 ساعة.والعلاقة كبيرة بين الاثنين زيادة الدخل. لا ننكر دورهم الايجابي ولكن الدور السالب أيضا لا نقلل منه, لوائح المرور وضعت قائمة من المخالفات تستوجب الغرامة في أسوا بادرة للخلط بين السلطات فرجل المرور الذي يقف على الشارع يملك سلطة القضاء والتنفيذ.وبدون مرافعة ولا محاماة ولا استئناف. تنص مادة مثلاً على ارتفاع المتاع المشحون ( الشحنة المرتفعة( هكذا وتترك كل التفاصيل ليقدرها الشرطي الذي له 20 % من المخالفة والذي ما عادت تهمه السلامة المرورية بقدر ما يهمه نصيبه من الدخل.( والله رايتهم يخالفون سائق حافلة على شوال فحم مبطوح في سقف الحافلة لا يعلو على (الثيت ( الا ببضع سنتمترات وتأمل! هذا السائق لم يبق له الا البكاء والشرطي متمسك بالمخالفة. من يرد مثل هذا إلى الحميمية بينه وبين الشرطة قاطبة بعد هذا الفعل؟؟ انتهاك النسيج الاجتماعي ليس في دارفور وحدها شرطة المرور بأفعالها هذه شرخت النسيج الاجتماعي بين المواطن والسلطة. مادة أخرى مخالفة الزجاج المكسور ومن شرعها كان في باله السيارة التي تسير بلا زجاج أو بزجاج يمنع الرؤية تماماً ولكنها اليوم تستخدم وكأن هناك اتفاقاً بين تجار زجاج السيارات وشرطة المرور ليروجوا لهم لاستبدال أي زجاج أصابه شق ، شق لو كان في عظم ساق لما ذهب به صاحبه للطبيب. فهم يبحثون لك عن مخالفة تدر عليهم دخلاً ولتذهب الغايات للبحر ما عادت هماً اوحداً ولا هدفاً. ما لم تعدل هذه اللوائح وهذه النسب وهذه المحاكمات التي على الهواء مباشرة (بث مباشر( فخراب كثير وتشوه اقتصادي سيصعب علاجه كلما طال الزمن. هل فكرت قيادة الشرطة في جبايات المرور نفعاً وضرا؟ أليس من حق السلطات القضائية المطالبة بسلطاتها؟؟