عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. الشاهد ان الحراك الشعبي الذي خرج الى الشارع هزم النظام في معركة التعبير عن رفضه له والمطالبة بذهابه لبداية عهد جديد. سلاح الارهاب الذي استعملوه في فيديوهات اشهار الكلاشنكوفات والمسدسات كان مردوده عكسيا، شجع انطلاق الحراك الشعبي. تردَدَ النظام الظالم والباطش في استعمال العنف المفرط الذي تعود عليه لوقف الاحتجاجات.. فكان خلال الايام الماضية يتقدم خطوة نحو ذلك ويتوقف، واذا انطلق في استعماله كما فعل في المرات السابقة تجاه احتجاجات أقل عنفوانا ومساحة، فعندها سنعلم ان كان الحراك الشعبي الواسع ثورة مستمرة لها ارادة، ام تسجل نفسها ضمن انتفاضات غضب لا ترقى تضحياتها لاحداث التغيير المطلوب. النظام كان منقسما في كيفية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية.. كانت الغِلبة داخل النظام لدعاة عدم استعمال العنف الضارب، نأمل ان يستمر الحال لضخ مزيد من الشجاعة في الحراك الشعبي الذي يبدو انه سيدخل اعتبارا من اليوم الاثنين في جولة جديدة وحاسمة مع النظام. في تقديري ان الهجمة العنيفة على التظاهرات الشعبية ستزداد عنفا ويبدأ معها امتحان الشجاعة والتضحيات والارادة والصمود.. وهنالك معلومات ان الجناح الذي يريد استعمال العنف المفرط كسب الجولة في اخر الامر بعد ان خسرها في بدايته، خاصة وان البشير رمى بثقله خلفه ومعه.. واذا نجح في قمع الاحتجاجات وانهائها فعندها سيحدث ايضا تغييرا تطير بموجبه رؤوس ويعود الحرس القديم العنيف للسلطة.. ولوقف هذا التطور المتوقع، هنالك احتمال ان يحدث انقلابا حقيقيا وليس انقلاب قصر او تسليم واستلام ليوقف هذا التوجه. ويبقى السؤال: هل يمتلك الحراك الشعبي، لمقابلة الحالتين، عوامل الصمود فيستمر في تصعيد هبَّته الى ان يسقط النظام فتصبح بالفعل الهَبّة او الانتفاضة ثورة كاملة الدسم؟ في الانتظار حدوث تطورات في اليومين القادمين، انهما يوما الحسم، ينتهيان إما بتغيير في النظام يقدم البشير كبش فداء قربانا لخطوة نحو مصالحة مع الوطن ويوقف المجازر التي كانت سترتكب في شوارع مدن السودان، او عنف مفرط يعمل على اعادة الناس من الشارع الثائر للبيوت يلعقون جراحهم ومع ذلك يحدث ايضا تغييرا في النظام والقيادات القابضة على زمام الامور في اتجاه اعادة تمكين الحرس القديم. غدا الثلاثاء تدخل قوى المهنيين المعركة ومعها الاحزاب السياسية المعارضة بسلاح المذكرات والمسيرات والعصيان السياسي والاضراب. اذن، اما انقلاب في اتجاه من الاتجاهين، او التهاب الشارع التهابا لن يهدأ أو يقف الا بتغيير النظام، لا تلتيقه أو ترقيعه. السودان بعد 19 ديسمبر 2018 لن يكون كما كان قبل ذلك التاريخ. تبقى القول، قدمت الاقاليم ومدن السودان المختلفة، بدء بعطبرة ودنقلا والقضارف، كلما استطاعت من تضحيات وصمود ولم تستبق شيئا لاشعال المقاومة والاحتحاجات وتصعيدهما.. وقدمت الكثير من احياء العاصمة وبالاخص الطرفية، ما كان مطلوبا منها خلال الايام العظيمة الماضية ولم يتبق غير ان تعفر اقدام الثائرين وسط الخرطوم وبالاخص شارع القصر لينطلق الهتاف "الى القصر حتى النصر" وتجد اغصان اشجار النيم من يرفعونها فهي سلاح الشعب المجرب.. سلاح معنوي قوي يفتح ابواب النصر. بدون ذلك ستخمد جذوة التغيير الجذري لاسقاط وهزيمة النظام الذي سيخرج، اي نعم، ضعيفا مجروحا وحتما سيتجه نحو مصالحات ووفاق تفرضه عليه صعوبة استمراره في السلطة بحزب المؤتمر الوطني لوحده، كما ان فكرة التجديد للبشير لا ريب انها ستنتهي. اذن، مَن اراد ذهاب البشير حقق الهدف، والبشير سيصبح جاهزا لذلك ولن تنجح اية محاولة لتجديد رئاسته البلاد، بيد انه لم يكن هذا الهدف يحتاج لكل تلك التضحيات والدماء الزكية التي سالت والارواح الطاهرة التي اهدرت. أمّا مَن أراد ذهاب النظام، فعليه ان يخوض المعركة الحاسمة في شارع القصر حتى النصر.