علمنا التاريخ أن لكل ظلم نهاية .. ولكل طاغية يوم أسود !! مهما تجبرت وتكبرت واستعنت بالقوة وليس بالحق أو المنطق والعدل أنك سوف تكسب الجولة إلى النهاية.. هذه حقائق بديهية لا تحتاج إلى درس خاص او توضيح يزيل الغشاوة عمن لا يسمع ولا يرى .. ( ما أريكم إلا ما أرى ) .. هكذا قال فرعون. الدين الذي يتمسح به هؤلاء علمنا كل شيء ورسم لنا مسار حياتنا الذي يجب أن نسير عليه في الكون حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا... الدين الذي سرقه البعض وحاولوا أن يخدعوا بذلك اهلنا الطيبين الذين تعلموا منه الاخلاق والطيبة والسماحة أبا عن اب عبر التاريخ فانطبقت عليهم صفة انبل الشعوب في المنطقة اخلاقا وسماحة وطيبة ، ليأتي من يفسد الصورة باللون الأسود ويستخدم أردا أنواع الريش وأسوأ الالوان فيحيل هذه اللوحة الجميلة إلى مسخ مشوه !! ثلاثون عاماً والشعب يئن تحت وطأة ظلم فادح من نظام فاجر في الخصومة ، سجن هذا وسحل هذا وأعدم هذا وشرد هذا ..وحول المجتمع المترابط إلى مجتمع تنخر فيه الأنانية وتحاصره السلوكيات والجرائم الاخلاقية التي لم يعرفها السودان من قبل ، وحولوا المجتمعات إلى أوكار للتجسس الابن يتجسس على ابيه وامه واخيه بحجة حماية النظام !! أتذكرون في الأيام الأولى لحكم الانقاذ عندما حمسوا شبابهم بحجة حماية الدين والرسالة الالهية التي جاءوا بها ليقحموهم في حرب جهادية في القرن العشرين طلباً للحور العين ، اخذوهم من الشوارع بالدفارات والشاحنات ولم يراعو أسرهم وزجوا بهم في حرب خبيثة ...حصادها .. تبرأوا منه جميعاً الآن حتى كبيرهم الذي علمهم السحر!!! ولكن أين ستذهب دماء هؤلاء الشباب اليفع الصغار ، ستظل عالقة في رقابهم إلى يوم الدين ، يوم لاينفع مال ولابنون إلا من اتى الله بقلب سليم. الطغاة لا يتعلمون من الدروس المجانية التي تأتي في عصر المعلومات والتكنولوجيا والتقنية ووسائل التواصل الحديثة طازجة حية على الهواء مباشرة . بالأمس رأينا كيف اقتيد القذافي الذي هدد وارعد وشتم شعبه الذين خرج بحثا عن الحرية والانعتاق من بؤس الظلم والقهر والقمع ووصفه (بالجرزان ) ذليلاَ مقهوراً يجرجر أذيال الخيبة في مجرى للصرف الصحي وكان يملك من الكنوز الكثير بعد أن حكم 43 عاماً كأنه الرجل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه !!! . درس مجاني ، والصورة حية شاهدناها كلنا ..ولم تكن تعني لنا إلا شيء واحد أن أحد الطغاة انتهى إلى غير رجعة وارتاح منه شعبه فمن يا ترى الدور القادم على من ؟؟؟ رأينا كيف خرج رئيس أكبر دولة عربية بعد أن حكم سنينا عددا ..بخروج شعب أعزل في مواجهة أكبر جيش عربي وقوات أمنية ومخابراتية وقوات طوارئ وقوات أمن مركزية .. لكن عندما يقول التاريخ كلمته فلا مجال لأمر آخر ... يجب أن يذهب لأن الشعب لا يريد !! وشاهدنا الرئيس الأمني الذي جاء من رحم الأجهزة الأمنية التي هندسها الحبيب بورقيبة وجعلها من أقوى الاجهزة الأمنية ، ولكن للظلم نهاية كتبها ووقع عليها الشاب الصغير ( بوعزيزي ) الذي لايملك إلا عربة يجرها بيديه الضعيفتين يسترزق منها وتعتمد أسرته عليها فلا تكترث آلة الظلم في تونس إلا أن تحاول تحطيم ذلك فيحرق نفسه قرباناً للثورة التونسية التي لاتزال ترسم لوحة سريالية يفخر بها الناس جميعا.. أما رئيس اليمن والذي ظن أنه لايوجد في الكون سواه فعبث بشعبه 33 عاماً وانتهى في مكان لايعرف أهله أين جثته !!! ورغم كل هذه الدروس ..سادتنا وكبراءنا لا يفهمون العظة ولا يستفيدون من الدروس المجانية.. يقولون أن الربيع العربي مر بالسودان منذ وقت طويل بمعنى أن انقلابهم الذي دبروه بليل غشيم هو ثورة الربيع !! بئس القول الفطير !! وتباروا بالقول أنهم جاءوا بالقوة ومن يريد السلطة فعليه أن يقلعها بالقوة ، ومادروا أن القوة ليست بالسلاح ولكن القوة بالإيمان بالحق ، وبعدالة القضية تنزع الحقوق انتزاعاً شاء من شاء وأبى من أبى ! هل نحتاج بعد كل ذلك إلى درس آخر ؟؟ كتاب التاريخ السوداني المعاصر جاهز كتبه وسطره بقلمه ودمه الطاهرة الشهيد ( القرشي ) في عام 1964م فكانت أول ثورة شعبية ضد الظلم والقهر العسكرى. الدرس الثاني الذي سجله التاريخ السوداني المعاصر هي ثورة ابريل 1985م ، وأحداثها حاضرة في الذهن ، عندما خرج الشعب أعزل من السلاح إلا من إيمانه بعدالة قضيته ولم تستطع كل قوى الجبروت التي تسلح بها طاغية ذلك الزمان في ايقافهم. ولكن من يقنع الطغاة الجدد الذين جاءوا الى السلطة ( بكذبة ) .. والمؤمن لا يكذب كما قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: ( عن عبد الله بن جراد، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال : يا رسول الله، هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون من ذلك، قال: يا نبي الله هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم أتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه الكلمة: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون. وقد روى مالك حديثا مرسلا عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا؟ فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن كذابا؟ فقال لا.) لقد جاءوا إلى الحكم وهم يكذبون على شعبهم ..فكيف يثق بهم ؟ فشلوا في الحكم لأنهم ظلموا الناس وقهروهم وفسدوا في الأرض ، ولأنهم ولوا اقربائهم وحاشيتهم وازلامهم الأمور ، وتاجروا بالدين ، ولم يستمعوا للنصيحة ، ولم يراعوا في الشعب الطيب أي أخلاق في التعامل فأذلوا الشعب في معيشته وحياته وكل شيء !! لهذا خرج الشعب في كل مدن وقرى السودان لا يجمعهم إلا شيء واحد هو اقتلاع هذا النظام الجائر من جذوره. لا حل وسط ، تكفى ثلاثون عاماً من الذل والهوان ، ولن يرجع الشعب مهما حاولوا من حيل والاعيب فقد انتهى الدرس الأخير ، ورفعت الستارة عن المسرح. ونروى هنا قصة فرعون حتى يتعظ هؤلاء الناس من كتب السير والتاريخ كما علمنا هدى القرآن الكريم : ( لقد كان فرعون موسى تجسيدا لآبائه ومقدمة لمن جاءوا بعده في عالم الظلم، أمره يتجاوز القول والفعل، حيث أصبح مصدرا للتشريع والهوى، ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد غافر 29، فيكذبه الله تعالى وما أمر فرعون برشيد هود 97. فالرشيد لا يمكن أن يكون ظالما ولا سفاكا ولا سجانا بغير حق، لقد كان فرعون زعيم ظلال فاتبعوا أمر فرعون هود 97. هكذا تم الجمع بين السلطة والفتوى والمال، لقد حطم السحرة قاعدة (ما أريكم إلا ما أرى) وانتقلوا من عزة فرعون الظالمة إلى عزة العزيز الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما. ) غداً تختفي بإذن الله هذه الصورة المشوه من تاريخ السودان ...يحكيها الشباب الذين تصدروا هذه المظاهرات رفضاً للظلم للأجيال القادمة ويؤكدون أن التجربة السودانية المتفردة في الانتفاضة الشعبية هي ماركة مسجلة للشعب السوداني يقدمها مجاناً لكل الشعوب المقهورة !!! علي عثمان المبارك / صحفي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.